- En
- Fr
- عربي
عبارة
صحيح أنّه من بين الصّفات العديدة التي يجب أن يدركها الجندي، حسن استعمال السّلاح وإتقان الرماية، ودقّة التصويب وإصابة الهدف، إلاّ أنّ ذلك لا يتمّ خبط عشواء، إنما وفق مبادىء وشروط وتعليمات، فتوجيه الرصاص إلى الإنسان ليس كتوجيهه إلى الخشب والصخر والتراب، وتصويب فوهات المدافع في اتجاه أودية يختبىء فيها المعتدون، ليس كتصويبها في اتجاه حقل رماية، حيث لا نسمح لأنفسنا بإطلاق النار قبل التأكد من خلو المكان ومحيطه من أي كائن حي.
الجيش اللبناني، وهو الجيش المنظّم الحديث، الملتزم القوانين الدولية والأحكام الإنسانية، لا يمكن أن يستخدم السلاح إلا في سبيل الدفاع عن وطنه وحماية مواطنيه، وكلّنا يتذكر أنّ قادة وحداته الأولى في الفترة المتزامنة مع بدايات الحرب العالمية الثانية، قد اشترطوا على القوات المنتدبة التي التحقوا بها، أنه لا يمكن أن يستخدموا أسلحتهم إلا لغاية حماية أبناء بلدهم، وليس في سبيل المشاركة في المهمات الأخرى التي لا دخل لهم بها، والتي ينوي المنتدب تنفيذها من ضمن صراعات دولية خاصة به.
وفي الحرب المعاصرة التي يخوضها جيشنا ضدّ الإرهاب، خصوصًا عند الحدود الشرقية، نعود لنحيي ارتباطنا بمصلحة بلادنا وأمنها من جهة، وإلى حسن التسديد ماديًا ومعنويًا، وجدية التعامل مع الأهداف الخبيثة لهذا الإرهاب من جهة أخرى. والكلمة العسكرية التي كثيرًا ما نسمعها خلال ذلك هي، الاستهداف: استهدفت مدفعية الجيش مراكز المسلّحين... استهدفت دورية عسكرية عددًا من الإرهابيين كانوا في معرض التسلّل ليلًا عبر المحاور الجبلية. الاستهداف هنا لا يتمّ بداعي الرغبة في الرماية بحدّ ذاتها، بل إنّه يحصل متزامنًا مع رصد متواصل للأخطار، وسهر دائم على أمن التراب الوطني، ودراية تامة بالمصلحة العامة.
هذا السلوك، يمثل جزءًا من المناقبية العريقة للجيش اللبناني، والتي طالما ميّزته عن سائر جيوش العالم، ونسجت بينه وبين أهله المواطنين، وشائج المحبة والتعاون والتضامن، وقبل كل شيء الثقة المتبادلة، وهي السلاح الأمضى في مواجهة أيّ استهداف للوطن.