الاقتصاد العربي بين العام والخاص تحدّيات ومعوّقات وفرص

الاقتصاد العربي بين العام والخاص تحدّيات ومعوّقات وفرص
إعداد: العميد الركن د. نزار عبد القادر
ضابط متقاعد في الجيش اللبناني

المقدّمة

اتّسمت سياسات جميع الدول العربية بحالة من الجمود منذ عدّة عقود، أي منذ استقلالها إلى اليوم، وقد انعكس هذا الجمود على حركة التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها. عاندت الأنظمة القائمة كل المطالب والضغوط الداخلية والخارجية الهادفة إلى إدخال تعديلات وإصلاحات جوهرية من أجل اللّحاق بركب حركة التجديد التي عرفها العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحتى العقد الثاني من الألفيّة الثالثة. أثار سعي الأنظمة القائمة في الشرق العربي وشمالي أفريقيا إلى الحفاظ على هيمنتها، ومنع الشعوب من سلوك الطريق نحو عالم الحداثة والنمو، غضب الجماهير في عدد من هذه المجتمعات، والذي اتّخذ شكل الثورات الشعبية المطالبة بتغيير هذه الأنظمة وإسقاطها.

كان القاسم المشترك بين جميع هذه الثورات التي بدأت بثورة "الياسمين" في تونس، وشملت ليبيا ومصر وسوريا واليمن، هو رغبة المواطنين في كسر حالة الجمود وإطلاق حركة إصلاحية واسعة تحقّق العبور نحو استحقاق التنمية بأشكالها الثلاثة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الجماهير التي طالبت بالتغيير في الدول العربية لم تطالب بشكل معيّن من أشكال التنمية، بل اتّخذت شعار التغيير الشامل. للأوضاع السائدة جميعها نحو الأفضل، وتمثّل هذا الشعار في ميدان التحرير في القاهرة بـ"خبز – حرية – كرامة إنسانية". لكن لا بدّ من الإشارة أيضًا إلى أنّ حركة التغيير التي انطلقت مع أحداث الربيع العربي، لم تكن ممنهجة، ولم تملك رؤية استشرافية شاملة لكل نواحي التنمية، وهذا ما دفعها إلى اعتماد مقاربة ارتجاليّة وعاطفية هدفها الأساسي المعلن الإطاحة بالحكام، والانتقال إلى نظام جديد، غير محدّد المعالم.

أدّى غياب التخطيط والقيادة الحكيمة إلى حالة الفوضى التي واجهتها حركات التغيير في المراحل اللاحقة للثورة، ومن المؤسف الاعتراف بأنّ حالة الفوضى والغموض مرشّحة للاستمرار لسنوات أو لعقود مقبلة، في ظل عدم تبلور قيادات واعية ومسؤولة وقادرة على توحيد الشعوب وقيادة مسيرة التغيير، وفق استراتيجية تنموية شاملة [1].

 

القسم الأول: التنمية وارتدادات الربيع العربي

شمولية التغيير والتنمية

تبرز أي مراجعة عامة للأوضاع في الدول العربية أنّ مطلب التغيير والتنمية بأشكالها الثلاثة، يجب أن يكون عامًا وشاملًا لكل هذه الدول، والحاجة تتعدّى "دول الربيع العربي" لتشمل دول الجامعة العربية جميعها، حيث تتأكد الحاجة إلى الانتقال من أوضاعها المتخلّفة الراهنة إلى وضعٍ تنمويّ مستدامٍ قِوامه[2]:

1- تحقيق الاستقرار السياسي من خلال استبدال الأنظمة المستبدة والأوتوقراطية الراهنة بأنظمة حكم تعدّدية وديمقراطية، تؤمن الحريات العامة.

2- تحقيق النمو والرفاه الاقتصادي من خلال تطوير الاقتصاد ودفعه نحو تحقيق معدلات نمو مرتفعة، مترافقة مع مستويات أجور مناسبة، ووجود أنظمة ضمان تؤمن القدر اللازم من العدالة الاجتماعية، إضافة إلى الحفاظ على معدّلات منخفضة من التضخّم.

3- تحقيق الاستقرار الاجتماعي: تطوير مؤسسات المجتمع والتي تؤمن الحقوق الأساسية لمختلف طبقات المجتمع، والتي تساعد في تعميق روابط التعايش بين مختلف المكوّنات، وتحقيق الإنجازات التنموية للطبقات الاجتماعية جميعها.

لا شك أنّ هناك ارتباطًا وثيقًا وأساسيًا بين مختلف أشكال التنمية، من هنا تبدو الحاجة ملحة إلى إجراء عملية شاملة تشمل كل جوانب الحياة في المجتمع من سياسية واقتصادية واجتماعية، وأنّ المطلوب من أي حركة تغييرية التوصل إلى إجراء تحوّلات هيكلية، تهدف في نهاية المطاف إلى تطوير الاقتصاد، والذي يهيئ للارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، وتحسين شروط الاستخدام الأمثل للموارد والإمكانات المادية والبشرية المتاحة.

من المؤكد أنّ الدول العربية ليست مهيأة (دول الربيع العربي ضمنًا) للدخول في مرحلة التغيير المطلوب لتحقيق التنمية الشاملة، وذلك يعود إلى مجموعة من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقّدة التي يبدو أنّها مستعصية وغير قابلة للحل في المستقبل المنظور.

 

أوّلًا: المشكلات المتعلقة بالتنمية السياسية

تحكم الدول العربية جميعها أنظمة تحتكر السلطة، فالدول في غالبيّتها محكومة من قبل نخب سياسية أو عسكرية تحتكر النفوذ والسلطة، كما تسيطر على كل أوجه النشاطات الاقتصادية، بينما تحكم عددًا من الدول الأخرى عائلات تتوارث الحكم ضمن ممالك وإمارات ومشيخات، وتسيطر على السلطة وعلى الثروات الوطنية بشكل كامل، وبالتالي تسخّرها لحاجاتها ومصالحها الداخلية والخارجية. وهكذا نرى أنّ الشعوب العربية هي أبعد ما تكون عن المشاركة الفعلية في الحياة السياسية، وينعكس هذا الأمر سلبًا على مشاركتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية[3].

 

ثانيًا: المشكلات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية وأبرزها

-  المشكلة الأولى: التزايد السكاني المطّرد في الدول العربية، يقابل ذلك انخفاض نسبة المشاركين في النشاطات الاقتصادية بسبب عدم توافر فرص العمل أو الكفاءات والمهارات المطلوبة أو تدني مستوى الأجور والعوائد.

-  المشكلة الثانية: النقص المتنامي في فرص العمل المتوافرة للشباب والمثقّفين وذلك بسبب ضعف الاستثمارات الفعلية في مشاريع اقتصادية وإنتاجية، تؤمن فرص العمل للقوى البشرية القادمة إلى سوق العمل سنويًا، والتي تتسبّب بارتفاع مستوى البطالة سنة بعد سنة، أو بهجرة اليد العاملة بما فيها الكفاءات والمهارات العالية، بحثًا عن فرص مؤاتية في الخارج.

-  المشكلة الثالثة: سيطرة القطاع العام على جزء كبير من القطاعات والمؤسسات الإنتاجية، مع كل ما يرافق ذلك من سوء إدارة وتفشّي آفة الفساد، وهنا تبرز الحاجة، في مختلف الدول العربية، إلى تخلّي القطاع العام عن معظم القطاعات والنشاطات الاقتصادية لصالح القطاع الخاص، والذي بإمكانه ضخ استثمارات جديدة تزيد من فرص العمل وتحسين الإنتاج.

-  المشكلة الرابعة: ضعف البنية الإنتاجية في القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية جميعها، وما يعزّز هذا الضعف عدم توافر البنى الأساسية والخدماتية اللازمة لتنمية مختلف هذه القطاعات، بالإضافة إلى غياب الخطط التطويرية والاستثمارية والتي تساعد في تحقيق القدرة على الإنتاج والمنافسة، محليًا وخارجيًا.

-  المشكلة الخامسة: اعتماد عائدات الثروات الطبيعية وفي مقدّمها النفط والغاز بهدف تأمين الموارد المالية اللازمة لموازنات العديد من الدول العربية، واستعمال الفوائض في استثمارات خارجية، وخصوصًا توظيفها بشراء سندات سيادية في أميركا وأوروبا.

-  المشكلة السادسة: التباين الاقتصادي بين الدول العربية، سواء لأسباب سياسية أو اجتماعية أو لأسباب أخرى متنوعة، وأدّت هذه التباينات إلى عدم توافر الفرص لقيام مشروع اقتصادي عربي، تتكامل من خلاله اقتصاديات الدول العربية، ما يؤمن لها الفرص والقدرات على دخول اقتصاد السوق في زمن العولمة.

-  المشكلة السابعة: تبعيّة التنمية الاقتصادية في معظم الدول العربية لاقتصاديّات الدول الكبرى، والتي لم تدرك في معظم الأحوال أهمية اتّباعها لمسار تنموي مستقل وقادر على التفاعل والتأثير مع المسارات التنموية في الدول العربية الأخرى[4].

 

ثالثًا: المشكلات المتعلّقة بالتنمية الاجتماعية، ومن أبرزها:

-  ضعف المشاركة الجامعة والشاملة في خطط التنمية، ويعود ذلك إلى سيطرة فئة من المدعومين والأقارب على المشاريع الاقتصادية الرئيسية، والتي تتحوّل إلى امتيازات عائلية تستغلّها عائلات قريبة ومدعومة من قبل تلك المسيطرة على النفوذ والسلطة والمال.

-  انتشار الأميّة، والتي تتعدّى في العالم العربي 60 مليون شخص، 66% منهم من النساء.

-  اعتماد أنظمة تعليمية قديمة لا تخدم ثقافيًا وعمليًا ما يتطلّبه الاقتصاد الحديث من معارف ومهارات، كما أنّها غير موجّهة لإنتاج المعارف والمهارات اللازمة لسوق العمل، وخصوصًا للأعمال الصناعية والسياحية أو لقطاع المعرفة والاتصالات.

-  عدم إشراك المرأة في سوق الإنتاج إلّا بنسبةٍ ضئيلةٍ جدًا، وخصوصًا في معظم المجتمعات المتخلّفة ثقافيًا واجتماعيًا أو في المجتمعات الخليجية التقليدية.

-  رغبة جامحة لدى الشباب في الحصول على الوظائف في القطاع العام، وذلك بسبب الضمانات التي يقدّمها للموظف، تقابلها رغبة في استيراد العمّال الأغراب إلى القطاع الخاص وخصوصًا إلى قطاعي الزراعة والخدمات، وذلك بسبب تدني أجور هذه اليد العاملة الوافدة.

-  ضعف الضمانات الاجتماعية والصحية التي يقدّمها القطاعين الخاص والعام للموظّفين والعمّال، وضعف القوانين وقصورها على حماية العاملين في القطاع الخاص، يُضاف إلى ذلك ضعف الاتحادات والنقابات العمالية[5]

يتطلّب التصدّي للمشكلات الاجتماعية التي تعيق التنمية الاقتصادية: أوّلًا، تعديلًا لنظام القيم والأعراف الاجتماعية، وخصوصًا لجهة اعتبار المرأة عضوًا منتِجًا ومشاركًا في النشاطات التنموية جميعها. ثانيًا، اعتماد نظام إلزامية التعليم حتى المستوى التكميلي أو المدرسة المهنية الابتدائية، وتطوير برامج مراحل التعليم وتوجيهها لخدمة مختلف القطاعات الإنتاجية وفرص العمل المتاحة، كما يتطلّب تنمية المجتمع المدني ومؤسساته وإطلاق الحريات العامة، وتأمين مستويات الأجور العادلة والضمانات الاجتماعية والصحية للأفراد والعائلات، أو حماية حقوق المواطنين والعمّال من خلال تشريعات وقوانين وأنظمة تؤمن العدالة الاجتماعية.

في الواقع، لم تنجح أي من ثورات الربيع العربي في إحداث التغيير المطلوب في بنية السلطة العامة وممارستها بعد إسقاط الأنظمة. ففي تونس لم تنجح ثورة الياسمين في تغيير البيئة السياسية القائمة، ولذلك رأينا أنّ الدولة قد عادت على يد القوى السياسية والأحزاب والديناميات التقليدية التي لم تنجح في إحداث أي دينامية جديدة في الاقتصاد أو في العملية الإصلاحية على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. أمّا في مصر، فقد تسبّب وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في التحضير لثورة مضادة في 30حزيران والتي استغلّتها القيادات العسكرية للوصول إلى الحكم من جديد[6].

لم تستطع الحكومات المصرية، بعد ثورة كانون الثاني، تحريك عجلة الاقتصاد، سواء في زمن حكم الإخوان أو في زمن عودة العسكر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتسبّبت السياسات المتّبعة، في زمن الحكومة الراهنة، بانهيار في أسعار النقد المصري في مقابل الدولار، كما جرى رفع أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية، من خلال الإجراءات التي اتُّخذت من أجل الحد من عجز الموازنة.

في ليبيا انتهت الثورة إلى حالة من الانقسامات السياسية الحادة، ولم ينجح المجلس النيابي المنتخب بعد إسقاط حكم القذافي، في إرساء القواعد لقيام حكومة موحدة في البلاد، فتعدّدت الحكومات ومراكز السلطة، وخضعت جميعها لسلطات الأمر الواقع المتمثّلة بالميليشيات المسلّحة، إلى جانب "الجيش الوطني" الذي أنشأه اللواء المتقاعد حفتر، على أنقاض ما تبقّى من الجيش الليبي القديم.

ويبدو أنّ الحياة الاقتصادية والاجتماعية لا تزال تعاني من تراجع الصادرات النفطية بسبب التشرذم السياسي وارتداداته الأمنية التي باتت تهدّد وحدة البلاد والوصول بها إلى نقطة اللاعودة. لا أمل في المستقبل المنظور في استعادة المبادرة السياسية أو الاقتصادية في ليبيا وهي تتّجه نحو مزيد من التشرذم والانقسام، ولا نغالي إذا قلنا إنّها باتت تتجه فعليًا نحو "الصوملة"[7].

في سوريا، دخلت البلاد في حرب أهلية، ولكن سرعان ما طلب نظام الأسد تدخّل قوى إقليمية تتقدّمها إيران، وقوى دولية وفي مقدّمها روسيا، لمصلحته ومنع سقوط حكمه. وشجّع هذا الأمر دخول قوى إقليمية ودولية لدعم فصائل المعارضة. ويبدو أنّ الصراع مرشّح للاستمرار لعدّة سنوات مقبلة بعد تفكيك الدولة الإسلامية وبعد أن أعلنت الولايات المتحدة عن نيّتها البقاء في سوريا، واستمرار دعمها لقوات سوريا الديمقراطية. المشكلة الكبرى تتأتى من وحدات حماية الشعب الكردية، لكنّ استقواء الأكراد بالدعم والوجود الأميركي قد أثار مخاوف تركيا، التي قرّرت دخول سوريا عسكريًا لمنع سيطرة الأكراد على حدودها وإنشاء إقليم كردي.

أدّت الحرب في سوريا إلى تفكيك بنيان الدولة السورية، التي فقدت السيطرة على القطاعات المنتجة، بما فيها قطاع النفط والغاز، كما تسبّبت الحرب بتدمير القاعدة الصناعية في معظم الأراضي السورية، وتدمير ما يقارب 60 في المائة من البنى التحتية والعمران في سوريا، وقد بلغت آخر التقديرات لكلفة إعادة بناء ما تهدّم 570 مليار دولار، يُضاف إليها ما يترتّب على النظام من ديون[8]. من الصعب استقراء نهاية الحرب في سوريا، وطبيعة السلطة المرتقب التوصّل إليها في أي عملية بحث جدي عن مخارج سياسية للأزمة. إنّ معالجة نتائج الحرب على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي هي أشبه بالمهمة المستحيلة نظرًا لحجم الدمار الحاصل، والمترافق مع التدمير شبه الكامل للبنية الاقتصادية ونزوح وتهجير ما يزيد عن نصف سكان سوريا. ولا يبدو مستقبل اليمن أفضل من مستقبل سوريا وليبيا، حيث تسبّبت الحرب الحاصلة بكوارث اقتصادية وإنسانية، وليس هناك في الأفق من مؤشرات إلى إمكانية حدوث أي توافق سياسي داخلي أو إقليمي للجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل البحث عن حل سياسي لإنهاء الحرب والمأساة الإنسانية التي يواجهها اليمنيون.

بعد توقّف ثورات "الربيع العربي" وما وصلت إليه من خيبات أمل، يُؤمَل أن تعمل الدول العربية الأخرى على الانخراط في عملية إعادة البناء الداخلي خصوصًا على المستوى الاقتصادي. ويبقى الأمل في أن تعتمد السلطات برامج تطوير لاقتصادياتها من أجل تحسين مستوى المعيشة، وتأمين الحد الأدنى من فرص العمل للقوى العاملة وخصوصًا لجيل الشباب، مستفيدة من البرامج التمويلية والتدريبية التي تقدّمها المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي، ومؤسسات التمويل الأوروبية والعربية، ولا بدّ أن تدرك هذه الدول أهمية تشجيع القطاع الخاص على أخذ المبادرة والانخراط بقوّة في عملية التنمية المستدامة.

وقد تتطلّب هذه العملية من معظم الدول العربية اعتماد سياسة خصخصة بعض القطاعات الأساسية التي تديرها، وعلى رأسها الكهرباء، والاتصالات، وإدارة الموانئ والمطارات وغيرها[9].

في القسم الثاني من البحث سنركّز على التحديات والفرص، ودور القطاع الخاص في التنمية العربية.

 

القسم الثاني: التنمية تحديات وفرص

التنمية الاقتصادية بين دور الدولة والقطاع الخاص

بدأ معظم دول العالم، سواء المتقدمة منها أو النامية، في إعادة تقسيم الأدوار بين الدولة والسوق لجهة إدارة الشؤون الاقتصادية. إنّ الاتجاه السائد عالميًا، في وقتنا الراهن، يتركّز على زيادة الدور الذي تضطلع به السوق في توجيه الموارد وتراجع دور الدولة. ويعود هذا الاتجاه إلى القناعة بأنّ القطاع الخاص هو أكثر كفاءة من القطاع العام في تخصيص الموارد وإدارتها وتحقيق النمو.

يمثّل القطاع الخاص اليوم في الاقتصاد العالمي محور عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك نظرًا لما يتمتع به هذا القطاع من مزايا كثيرة تؤهّله للقيام بدور ريادي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية شتى. وهناك من دون شك، علاقة إيجابية قوية بين أنشطة القطاع الخاص والنمو الاقتصادي، والذي يرتبط بشكل وثيق بالاستثمارات الخاصة.

لقد شجعت جميع الدراسات المُجْراة على اقتصاد سوق الدول المتقدّمة، على اعتماد برامج الخصخصة، وذلك بتحويل العديد من المؤسسات التي كانت تديرها هذه الدول إلى إدارة القطاع الخاص. وقد شهدت القطاعات التي جرى تخصيصها زيادة كبيرة في الاستثمار كما خضعت لآليّات عمل السوق. وأكّدت الدراسات أيضًا أنّ التأثير الإيجابي لاستثمارات القطاع الخاص على النمو يفوق تأثير استثمارات القطاع العام بأكثر من مرة ونصف[10].

لم تعتمد الدول العربية مقاربة الخصخصة في التنمية الاقتصادية، على غرار ما فعلته الدول المتقدّمة وبعض الدول النامية، وذلك لأسباب تتعلّق بطبيعة الأنظمة الحاكمة وطبيعة الاقتصاد القائم على استغلال المواد الأولية، وخصوصًا النفط والغاز، حيث يُفتح الباب إلى زيادة نفوذ الحكام من خلال تقدم الإنفاق الحكومي على الإنفاق الخاص[11].

لم توفّر الأنظمة العربية أيضًا، العوامل والضمانات التي تشجّع على نمو القطاع الخاص، وبالتالي الدخول في عملية تنافسية أو بديلة مع القطاع العام، والتي يمكن إدراجها في بعض العناوين الرئيسية الآتية:

1- الاستقرار السياسي: والذي يشكّل إحدى الضمانات الأساسية للمستثمرين. كما يقال فإنّ رأس المال جبان، وهو لن يُصرف في أوضاع سياسية متقلّبة أو غير ديمقراطية. فالاستقرار والحرية، والحوكمة الصالحة تشجّع على الاستثمار، وهذه الأجواء غير متوافرة في معظم الدول العربية.

2- الاستقرار التشريعي: الأوضاع التشريعية هي أحد أهم العناصر المؤثرة في تكوين المناخ الاستثماري، وبالتالي جذب الاستثمارات الخاصة الداخلية والخارجية، حيث تجد في البيئة القانونية المستقرة، وفي وجود قضاء فاعل، ضمانًا للحفاظ على مصالحها ورفع مستوى ثقتها في جدارة النظام الاقتصادي وقدرته على تأمين الحماية القانونية لها. ولم تعرف الأنظمة العربية بوجود تشريعات واضحة ومرنة تشجع على الاستثمار وتضمنه. لقد ذهب معظم الأنظمة العربية بالاتجاه المعاكس، حيث عمل على تأميم الأراضي والعديد من القطاعات الإنتاجية، من دون دفع أي تعويضات لأصحابها.

3- توافر البنية التحتية والاجتماعية: وتشمل الطرقات والمطارات والموانئ والاتصالات، بالإضافة إلى المنشآت التعليمية والصحية، والقطاعات الأخرى اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية للمجتمع.

في الواقع، لم تعمل معظم الدول العربية -باستثناء الدول النفطية- على تطوير هذه البنى التحتية والاجتماعية بشكل يشجّع المستثمرين الكبار على إقامة مشاريع اقتصادية كبيرة تؤمّن فرص العمل للشباب وتسهم في نمو الناتج العام الوطني، يمكن الإشارة إلى تطوير البنى التحتية بشكل متسارع في معظم الدول الخليجية النفطية خلال العقدين الأخيرين.

من هنا، فإنّ البنى التحتية والاجتماعية في معظم الدول العربية تشكّل معوقات فعلية للنمو الاقتصادي وخصوصًا لجهة اجتذاب رؤوس الأموال الخارجية إليها.

 

أهم التحدّيات الراهنة والمستقبلية

أشارت دراسة حديثة للبنك الدولي إلى أنّه على الدول العربية أن تخلق ستة ملايين فرصة عمل كل عام من أجل استيعاب تدفّق العمال الجدد، وبالتالي الحفاظ على نسب البطالة على مستوياتها الراهنة[12]، وخصوصًا بين جيل الشباب والمتخرجين الجدد من الجامعات والمدارس المهنية. أمّا التحدي الثاني، والمتّصل بالتحدي الأوّل فيتمثل في سعي الاقتصاد العربي إلى تأمين الوظائف وفرص العمل، التي تؤمّن الأجور اللازمة ضمن مستوى مقبول للحفاظ على عنصر الشباب في الوظائف المتوافرة.

وتذكر دراسة البنك الدولي أنّ مستوى البطالة بين الشباب في مصر، نتيجة هذين التحديين، يبلغ 37 في المائة. ويبدو أنّ الظروف الاقتصادية والسياسية السائدة في مصر لا توفر أي فسحة أمل للخروج من أزمة البطالة الراهنة. والسؤال المطروح بإلحاح، من هي الجهة القادرة على تأمين الوظائف الدائمة والمنتِجة للأجيال المقبلة؟[13]

يرى خبراء المؤسسات المالية والاستثمارية الدولية أنّه في ظل الأوضاع الراهنة السائدة في مصر، فإنّ القطاعين العام والخاص غير مؤهلَيْن، ولا يملكان الدينامية والقدرة على التجديد، في الوقت الحاضر أو في المستقبل القريب، لتأمين النمو الاقتصادي المطلوب.

يبقى الجواب المبتغى مرهونًا بإنشاء شركات إنتاج كبرى، والاستثمار برساميل ضخمة تقدّر بـ١٠ مليار دولار سنويًا في سبيل تحقيق هذا العدد الضخم من الوظائف، من أجل خفض نسب البطالة والحد من الهجرة إلى الخارج.

 

أظهرت دراسة أخرى شارك فيها البنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، استندت إلى إحصاء أجرته مؤسسة "انترا برايز للإحصاء" شمل 6000 مؤسسة خاصة ومختلطة موجودة أو عاملة في بقعة جغرافية واسعة، شملت جيبوتي ولبنان وغزة والضفة الغربية واليمن ومصر والأردن والمغرب وتونس، يفيد هذا الإحصاء أنّ العوائق أمام حركة التنمية الاقتصادية هي متعدّدة، وهي تتغيّر لجهة قوة مفاعيلها وارتداداتها، من دون أن تتبدّل بين عام وآخر ومن أبرزها[14]:

1- الفساد، والذي لا يغيب عن المؤسسات الخاصة، ولكن الانطباع العام أنّه شامل وكلّي في القطاع العام وفي مؤسسات الدولة، وجاءت نتيجة الإحصاء لتؤكد أنّ نسبة الفساد في بعض الدول، وفق خبرة وتجربة الشركات المشاركة في الإحصاء بلغت 50 في المائة. وهكذا فإنّ مستوى الفساد الكلي يشكل حافزًا لمختلف شركات القطاع الخاص لعدم المشاركة في أي عمليات مع المؤسسات العامة. من هنا فإنّ الاستنتاج العام ينصبّ على ضرورة مساعدة هذه الدول للحد من آفة الفساد، من خلال وضع تشريعات وتطوير عمل الإدارات العامة أو فتح ورش تدريب لهذه الغاية.

2- تشكو معظم هذه الدول من حالة عدم استقرار سياسي واجتماعي وأمني، ولا تشجّع الأوضاع السائدة رؤوس الأموال الداخلية والخارجية على الاستثمار في مشاريع متوسطة أو طويلة الأجل. وكما هو معروف، فإنّ حالة عدم الاستقرار هذه تسير جنبًا إلى جنب مع آفة الفساد، فإذا استقرّت الأوضاع، عندها يمكن الضغط على هذه الحكومات لاعتماد برامج لمحاربة الفساد، أمّا إذا ساءت الأوضاع السياسية والأمنية على غرار ما هو عليه الأمر في عدد من "دول الربيع العربي" مثل سوريا واليمن وليبيا، والتي باتت مهدّدة جميعها بعامل "الصوملة"، فإنّ الأمل يبقى معدومًا باجتذاب أي رساميل للاستثمار أو لاستعادة القدر الأدنى من الاستقرار العام وضبط آفة الفساد.

3- يشكّل النقص الكبير في التغذية بالتيار الكهربائي في معظم الدول العربية حاجزًا كبيرًا يعيق العملية الإنتاجية في القطاعين العام والخاص، كما يؤخّر ويمنع وجود مشاريع استثمارية وتنموية جديدة[15].

يعود السبب الرئيس لهذه المشكلة الحادة إلى تنامي الطلب الكبير على التيار الكهربائي، وهو أمر طبيعي مع تنامي السكان وتمدّد المدن والعمران. ويترافق هذا السبب مع سيطرة القطاع العام على إنتاج الكهرباء وتوزيعها، وسوء الإدارة للقطاع بالإضافة إلى دعم أسعار الطاقة، إرضاءً للطبقات الفقيرة والمتوسطة. وهكذا فإنّ سوء الإدارة وعدم توفير الاستثمارات الجديدة من قبل القطاع العام قد أدّت إلى الإضرار بالتنمية الاقتصادية وترتيب عجز وخسائر فادحة. وإنّ الخسائر اللاحقة بقطاع الكهرباء الذي تديره الدولة في لبنان قد قُدِّرت خلال العقدين الماضيين بـ44 مليار دولار من الدين العام[16].

تفيد دراسة قامت بها الشركة العربية للاستثمارات البترولية بأنّ الطلب على الكهرباء، والذي ازداد عشرة أضعاف منذ العام 1980 يعود لأسباب كثيرة، منها ازدياد عدد السكان والتحضّر والتصنيع، إضافة إلى انخفاض الأسعار نتيجة الدعم الحكومي. وتتوقّع هذه الدراسة زيادة نسبة الاستهلاك بنسبة 4.7 في المائة سنويًا حتى العام 2021، ما يعني ضرورة زيادة إنتاج 130 غيغاوات، وبالتالي استثمارات جديدة تقدّر بنحو 180 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.

هذا العجز في التيار الكهربائي ليس محصورًا بدول محددة بل يكاد يكون معمّمًا على معظم الدول العربية، حيث تشكو معظم المجتمعات العربية من انقطاع للتيار يتراوح ما بين 6 و 12 ساعة يوميًا...

لا بدّ هنا من الإشارة إلى أنّ العديد من الدول العربية قد خسرت من قدراتها على إنتاج الطاقة أو شبكات توزيعها بسبب التدمير الناتج عن الحروب التي شهدتها، أو بسبب سيطرة المنظمات الإرهابية التي انتشرت في العديد من هذه الدول. في ظل الوضع الدراماتيكي الراهن، بات من الضروري أن تتشارك مع حكومات القطاع الخاص في عملية إنتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها وإدارتها، مع كل ما يستوجب ذلك من شفافية، ومن وجود هيئات ناظمة وضابطة لوقف الفساد المستشري في الوقت الراهن في مؤسسات الطاقة التي تملكها الدولة.

لا بدّ أن تترافق هذه العملية الإصلاحية للقطاع الكهربائي مع تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع الطاقة المستدامة المتأتية من الطاقة الشمسية والرياح، وهي مشاريع بدأتها بعض الدول العربية بشكل محدود، ومن المتوقّع أن تنتج مصر 20 في المائة من الطاقة المستدامة بحلول العام 2022، و21 في المائة في الأردن في العام 2020 و10 في المائة في الجزائر و7 في المائة في أبو ظبي في العام 2020 و30 في المائة في تونس في العام 2030. [17]

يمكن أيضًا تلافي النقص الحاد في بعض الدول من خلال ربط الشبكات في ما بينها، وهذا ما بادر إلى فعله الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية بالعمل على ربط الشبكات في المشرق العربي، ومن ثم العمل على ربط دول شمالي أفريقيا بعضها ببعض، وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد فعلت ذلك منذ العام 2011.

كان بالإمكان تفادي حصول هذا النقص الكبير في التغذية الكهربائية لو توافرت إرادة للتعاون بين الدول العربية، فالخلافات المزمنة قد أجهضت كل فرص التعاون الاقتصادي الثنائي أو الجماعي بين الدول العربية، فبدلًا من التمثّل بدول الاتحاد الأوروبي في تعاونها في استعمال صناعة الفحم والصلب وتجارتها، فقد اتّجهت الدول العربية إلى إقفال كل طرق التعاون في ما بينها، وهذا ما زاد من تخلّفها اقتصاديًا وخصوصًا في قطاع التصنيع. ويشكّل الآن انقطاع التيار الكهربائي لعدّة ساعات يوميًا ظاهرة تؤشر إلى إخفاق الدول في تطوير اقتصادياتها لتأمين فرص العمل اللازمة للشباب والمتعلمين منهم، كما يؤكد على إخفاقها في تأمين الخدمات الأساسية لمواطنيها، وعلى رأسها التيار الكهربائي.

في النهاية يتوقّع بعض الخبراء أن يؤدي تدخّل القطاع الخاص في إنتاج الطاقة المتجدّدة، إلى عملية تحوّل هامة في حياة الشعوب العربية على الصعيدين الاقتصادي والخدماتي[18].

من أبرز الحواجز التي تواجه مشاريع التنمية الاقتصادية في الدول العربية، الصعوبات التي تواجهها المؤسسات الخاصة الصغيرة والمتوسطة للحصول على قروض تمويلية لمشاريعها. في المقابل، لا تواجه المؤسسات الخاصة أو الشركات الكبرى صعوبة في الحصول على القروض المناسبة لمشاريعها، لذلك نجد أنّ الكثير من المؤسسات الصغيرة لا تملك حسابات جارية أو حسابات توفير في المصارف، وخصوصًا تلك المؤسسات التي تتعاطى الصناعات الحرفية أو الخدماتية وحتى التجارية. ويُعيق هذا الأمر من دون شك، نمو الاقتصاد العام[19].

تسيطر البنوك التجارية على القطاع المالي في الدول العربية، وهي تعتمد سياسة حذرة جدًا في منح القروض، ويعود هذا الأمر إلى أنّ معظم هذه البنوك قد تشكّلت من خلفية كونها مكاتب إقراض ائتمانية يملكها أفراد أو عائلات، ولذلك فإن مقاربة الأقراض ما زالت عملية تقليدية محافظة، وتستعمل التقنيات القديمة القائمة على الثقة بين الطرفين: الدائن والمدين.

تحاول بعض المصارف والصناديق الأوروبية والأجنبية كسر هذه القواعد الجامدة وتخطّي الحواجز التي تضعها البنوك المحلية، بتقديم قروض مسهلة وبفوائد معتدلة إلى مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة. وتحاول بعض هذه المؤسسات الأجنبية تشجيع البنوك المحلية على تغيير مقارباتها من خلال إشراكها في عمليات الإقراض التي تقدّمها للمؤسسات الخاصة.

4- لا تشارك النساء، سوى بنسبة ضئيلة جدًا في النشاط الاقتصادي، ونادرًا ما نجد بين النساء سيدات أعمال، يملكن أو يتحكمن بإدارة مؤسسات منتجة. تحاول بعض الدول، بتشجيع من مؤسسات مالية دولية، اعتماد برامج تشجع النساء على المشاركة في القطاع الإنتاجي كسيدات أعمال، وتأتي مصر في رأس هذه الدول. وبالفعل فقد خصّص البنك الأوروبي للإعمار والتنمية مبلغ 140 مليون دولار لاستعمالها كقروض من قبل البنك الأهلي المصري، لتسليفها للمؤسسات المتوسطة والصغيرة وخصوصًا تلك التي تديرها أو تملكها سيدات أعمال.

5- من أبرز التحديات التي تواجهها برامج التطوير والتنمية الاقتصادية، اتساع فجوة المهارات بين القادمين إلى سوق العمل، وما تحتاجه هذه السوق من مهارات ومعارف تقنية. وهذا يؤشر إلى أنّ النظام التعليمي في الدول العربية لم يتطوّر ليقدّم إلى سوق العمل المهارات اللازمة.

أمّا فيما يختص بالتعليم العالي، فإنّ المتخرّجين لا يملكون سوى الثقافة العامة النظرية التي تؤهّلهم للوظيفة العامة، حيث أنّهم غير مؤهلين للانخراط في العمل في المؤسسات الإنتاجية الخاصة. لذلك نرى أنّ الجامعات والكليات لا تبدي الاهتمام الكامل لتعديل برامجها بهدف إعداد الكادرات الفنية والمهنية القادرة على العمل في القطاع الخاص، كما أنّ مؤسسات القطاع الخاص لا تستثمر في مجال التدريب الفني، من أجل تطوير قدرات القادمين إلى سوق العمل. تؤكد الدراسات التي قام بها البنك الدولي وبعض المؤسسات الدولية الأخرى، أنّ النقص الحاصل جرّاء فجوة المهارات في الأيدي العاملة يؤثر سلبًا على آراء بعض المؤسسات الإنتاجية الكبيرة، والتي بات بعضها يلوّح بضرورة الاستثمار في التعليم والتدريب لتطوير قدرات موظفيه وعماله على الإنتاج بما يتناسب مع المهارات المطلوبة لكل مراحل الإنتاج[20].

6- القيود والحواجز التي تحدّ من حركة التجارة والتصدير في مختلف الدول العربية، والتي تحدّ من قدرة الشركات والمؤسسات على دخول الأسواق أو الحصول على القروض الخارجية.

يؤدي تسهيل التبادلات التجارية بين الأسواق العربية والدولية إلى زيادة عمليات الاستيراد والتصدير، ويؤدي ذلك حتمًا إلى زيادة الإنتاج وزيادة مستوى التنافس بين الشركات المنتِجة في البلد نفسه أو على الصعيدين العربي والدولي.

إنّ القيود الموضوعة على عمليات الاستيراد والتصدير تحرم المؤسسات من الحصول على المواد التي تحتاجها في عمليات الإنتاج، كما تحرمها من تصريف البضائع التي تنتجها من خلال تصديرها إلى الأسواق الأخرى. من هنا فإنّ المؤسسات الإنتاجية تجد نفسها مقيدّة في كمية إنتاجها بما يتناسب مع قدراتها على تصدير بضائعها إلى الأسواق العربية والدولية[21].

في هذا الإطار، لم تتبلور الجهود التي بُذِلت بين الدول العربية، سواء عبر الجامعة العربية أو عبر الاتفاقيات الثنائية، عن سياسة لتحرير العمليات التبادلية ورفع القيود الجمركية بين الدول العربية أو مع المجموعات الدولية الأخرى، حتى أنّ التبادلات للمنتوجات الزراعية ما زالت تخضع لروزنامة زمنية من أجل حماية الإنتاج الزراعي المحلي، كالبطاطا والخضار والفواكه. أمّا في موضوع تحرير القروض وعمليات التمويل الخارجي، فإنّ لهذا الأمر حسنات جمّة، حيث يمكن أن تترافق هذه القروض مع استيراد نظم إدارية وتقنيّات إنتاجية متطورة تستفيد منها المؤسسات الخاصة الوطنية في منافستها في الأسواق الدولية.

7- شحّ المياه وندرتها في بعض الدول العربية، مع كل ما يتركه ذلك من قيود على التنمية الشاملة وإنتاجية مختلف القطاعات الاقتصادية من زراعية وصناعية وسياحية. لن أتوسّع في الحديث عن ذلك نظرًا لتعقيدات هذه المعضلة والتي يتطلب بحثها مساحة أكبر من المساحة المتاحة في هذا البحث[22].

 

الاستنتاجات

لا تدعو الأوضاع السائدة في مجمل الدول العربية، سواء في المشرق العربي أو منطقة الخليج أو شمالي أفريقيا، إلى التفاؤل بإمكان حدوث أي تطوّر نحو الأفضل، ولا تلوح في الأفق أي فسحة أمل بإمكانية إخراج الدول التي تعاني أزمات وحروب داخلية من محنتها المتفاقمة.

إنّ أي مراجعة سريعة للنزاعات في الدول العربية تؤكّد عقم كل محاولات البحث عن مخارج لها. ويبدو بوضوح أنّ تدخّل القوى الدولية والإقليمية في هذه النزاعات سيدعم فكرة التقسيم أو تعميم حالة الفوضى، بالإضافة إلى محاولة دعم بقاء الأنظمة الاستبدادية في الحكم لعدّة سنوات مقبلة. فالقوى الدولية والإقليمية تتنافس من أجل تحقيق نفوذها ومصالحها، دون أي اعتبار لتطلّعات الشعوب العربية للحرية والديمقراطية ولتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة. من هنا فإنّ المتوقّع حدوثه في السنوات المقبلة التوجه نحو مزيد من التفكك، وصولًا إلى إفلاس الحكومة وسقوط المؤسسات السياسية وتفشّي آفة الفساد، والدفع نحو حالة من الكساد لا بل الإفلاس الاقتصادي. لقد ذهبت أيام الوفرة المالية الناتجة عن الثروات النفطية، وباتت حتى الدول الخليجية تعاني قصورًا ماليًا وعجزًا كبيرًا في موازناتها السنوية. وهذا ما يفسّر لجوء المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول النفطية إلى البحث عن مصادر تمويل جديدة لسد العجز الحاصل، وأنّ السياسات الضريبية المعتمدة سيكون لها مفاعيل اقتصادية واجتماعية مؤثرة جدًا على حركة النمو ومستوى المعيشة، ومن المرجّح أن يتسبّب ذلك بظهور حركات احتجاجية، تعكّر صفو الاستقرار الذي نعمت به هذه الدول النفطية خلال العقود الماضية.

كذلك فإنّ التدخل الإيراني في عدد من الدول العربية يُشكّل عاملًا آخر يهدد الاستقرار.

في السياق نفسه يبدو أنّ المنطقة مرشحة للعودة إلى زمن الانتداب الخارجي بعد دحر الإرهاب والدولة الإسلامية، حيث تسعى كل من الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية إلى إقامة قواعد عسكرية دائمة لهما، وإلى تحويل المنطقة العربية في شرق البحر المتوسط إلى منطقة تنافس سياسي وعسكري بينهما.

في ظل الأحوال السائدة في معظم أنحاء العالم العربي والتي تتّسم بالنزاعات المسلحة وسيطرة التنظيمات الإرهابية على مناطق واسعة، بالإضافة إلى حالة الفوضى والفلتان الأمني، لا يمكن توقّع حصول أي تطوّرات إيجابية تسهّل حدوث تحوّلات سياسية إيجابية، تقود نحو الاستقرار السياسي والأمني، والذي يهيىء الأرضية اللازمة لعمليات تطوير الاقتصاد والبنى الاجتماعية العربية التي هي بأمسّ الحاجة للتطوير وإخراجها من حالتها الراهنة مع كل ما يحتاج ذلك من تطوير للبرامج التعليمية المهنية والجامعية.

لن تؤدي المعالجات الحاصلة للأوضاع الاقتصادية أو السياسية إلى تحقيق الشعارات (خبز – حرية – كرامة إنسانية) وتجاوز كل التحديات والحواجز التي تعيق حركة التنمية، وبلوغها مستوى يؤمّن فرص العمل اللازمة للأجيال الشبابية.

يتطلّب هذا الأمر أوّلًا تغييرًا في أداء الحكومات، ولا يبدو أنّ هذا الأمر سيكون متاحًا في السنوات المقبلة، سواء في الدول التي تشهد أزمات حادة أو تلك التي تنعم باستقرار جزئي، وذلك لعدم وجود رغبة لدى الحكام والديناميات السياسية والاجتماعية المؤثرة في تطوير بنية السلطة، أو في تجديد العقد الاجتماعي بين المكونات الأساسية للشعوب.

يجب دعم الحركة الإنمائية بمستواها الراهن (سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا) من أجل الحفاظ على الاستقرار العام، وبالتالي تجنّب المزيد من حالات التشظي الداخلي في بعض الدول العربية.

إنّ الحفاظ على "الستاتيكو" الراهن في الدول المستقرة يتطلّب استعمال المؤسسات الدولية المانحة أو المستثمرة نفوذها وبرامجها الإصلاحية الخاصة في اقتصادياتها من أجل تشجيع هذه الحكومات على خصخصة عدّة قطاعات كبرى تسيطر عليها، بالإضافة إلى الدفع باتّجاه إزالة كل العوائق البنيوية ومحاربة الفساد، وذلك لتفعيل عمل مؤسسات القطاع الخاص الإنتاجية. ولا بدّ أن يترافق دعم مؤسسات المجتمع الدولي مع اشتراط حصول إصلاحات اجتماعية وتشريعات قانونية تساعد في تسريع عملية التنمية.

 

جدول رقم (1)

 

                      الدولة

النشاط والنسبة

قطر

عمان

المملكة
العربية السعودية

الكويت

البحرين

دولة الإمارات

نسبة استهلاك القطاع
العام للاستهلاك الخاص

0.88%

0.81%

072%

0.69%

0.38%

0.16%

نسبة توظيف المواطنين
في القطاع العام

83%

77%

63%

76%

53%

84%

عدد المؤسسات
المملوكة من الدولة

77

66

135

51

36

261

المصدر: المعلومات مأخوذة من عدّة دراسات منشورة حول اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها مؤسسة الصناديق السيادية للدراسات، ومن تقارير صندوق النقد الدولي ودراسات مؤسسة الجامعة الأوروبية.

See also: private-sector participation in the GCC (reference number 2)

 

 

جدول رقم (2)

جدول مقارنة بين بعض الدول العربية

والدول الأخرى حول النسب المخصّصة من الناتج المحلي للبحث العالمي (2015)*

الدولة

المبالغ المخصّصة بالدولار

النسبة من الناتج المحلي

المملكة العربية السعودية

1.8 مليار

0.25%

جمهورية مصر العربية

6.2 مليار

0.68%

المملكة المغربية

1.5 مليار

0.73%

تركيا

15.3 مليار

1.007%

سنغافورة

10 مليار

2.186%

كوريا الجنوبية

91.6 مليار

4.292%

 

*Research and development expenditure (% of GDP)

The world Bank Group/ https://data.worldbank.org/indicator/GBXPT.

 

 

 

 

 

 

 

References: Books and Reports

1- “Public-private partnerships in pursuit of risk sharing and value for Money” OECD book, 21 May 2008.

www.oecd-library.org/govermence/public-private-partnerships

2- Private- sector participation in the GCC: Building foundation for success. By Hilal Haloui, Salim Ghazali, Karim Aly, Joe Youssef Malek and Rawla Abdel Samad. Published by Strategy and PWC/ reports 30 January 2017.

http://www.strategyand.pwc.com/reports/private-sector-participation-gcc.

3- “How the public sector CAu Drive successful public- private partnership”.

Report by: Marco Airoldi, Jeffrey Philipps Gerbert, Juau Justus, and Raphad Rilo 26 Feb 2013.

https://www.beg.com/publication/2013/how-the-public-sector.

4-   اقرأ في البوابة العربية للتنمية مجموعة من الدراسات والمقالات، "الدروس المستفادة من شركات القطاعين العام والخاص في البنى التحتية في العالم العربي"، بقلم دوليًا دفلين، 2015.

"تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية من حلم إلى حقيقة: انتهاء جولة بيروت للمفاوضات"، ريما يونس الخطيب: 2017.

"إعادة النظر في التكامل الاقتصادي والتجاري في المنطقة العربية: آفاق جديدة لحصاد الإمكانيات غير المستغلة"، بقلم أحمد غنيم، 2017.

Arabdevelopmentportal.com/ar/blog في العالم العربي قضية تحذيرية.

5-   "الاقتصاد المصري في القرن الحادي والعشرين" لمؤلّفَيْه وائل جمال وسامح نجيب، دار المرايا للإنتاج الثقافي، 2016.

6-   "النظام القوي والدولة الضعيفة" لمؤلفه سامر سليمان، صدر في العام 2013، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، رسالة دكتوراه معرّبة نالها الكاتب من معهد العلوم السياسية في باريس في العام 2004، الطبعة الأولى، العام 2008.

http://www.goodread.com/book/show/18188729.

7-   "مستقبل الاقتصاد العربي بين النفط والاستثمار" مجموعة مؤلفين، مراجعة وتقديم خالد الوزني. مؤسسة عبد الحميد شومان -عمّان الأردن، والمؤسسة العربية، 2008.

https://books.google.com.lb/books?id=WjxCMH.

8-   "آليات العولمة الاقتصادية وآثارها المستقبلية في الاقتصاد"، للكاتبة هيفاء عبد الرحمن ياسين التكريتي، 2010.

https:/books.google.com.lb/books?isbn=9796500012469.

 

[1]-     القاسم فيصل، "هل وصلت الفوضى الهلاكة إلى الخليج؟"،

 www.alquds.w.uk/?p=250436

[2]-     نفس المصدر، يتساءل الدكتور القاسم عن إمكانية أن يكون مصير الدول العربية الأخرى، وخصوصًا الدول الخليجية أفضل من مصير بلاد الثورات العربية حتى لو كانت وصفة الفوضى في الخليج مختلفة عن سابقاتها من الغربيات. راجع أيضًا "لماذا فشل الربيع العربي" مقال لرضوان زيادة في صحيفة الحياة عدد 20 آذار 2015.

[3]-     حمّو جوان فداء الدين، "سبل التغيير في الدول النامية (التنمية الاقتصادية والتنمية السياسية، والتنمية الاجتماعية)

www.ara.yekiti-media.org

[4]-     نفس المصدر السابق، راجع أيضًا كتاب "مشاكل التنمية الاقتصادية" لمؤلفه محمود حسن صوان، مراجعة منشورة في كانون الثاني 1961"، العدد الثالث، الرائد العربي. www.al-hakawati.la.utexas.edu/2011/12128

[5]-     نفس المصدر.

[6]-     عليان خليل "لماذا فشل الربيع العربي في تغيير واقع العالم العربي للأفضل"، السبيل، الثلاثاء 4 نيسان 2017،

www.arsaleel.net/article/2017/041031

[7]- Fasanolti Federica saini “making libya’s economy work again” https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/w/6/10/071

[8]-     TRT world “syria’s post-war recovery may cost up to $ trillion”. https://www.trtworld.com/mea/syria-s-post-war-may-cost

[9]-     محمد الشيوخ،"انعكاسات الثورات العربية على الإصلاح السياسي في الوطن العربي"، "رغم أنّ الأنظار تتّجه على دول الربيع العربي التي غيّرت أنظمة بالكامل إلّا أنّ الحراك السياسي في المنطقة دفع أنظمة إلى تحريك عجلة الإصلاحات المجمدة".

-See also the report of “institute affair international” on “the Arab spring: socio-economic challenges and opportunities” Documenti IAI 11/15E- Dec. 2011.

A detailed description of the economic developments in each of the six countries since 2011 is contained in IMF, “Arab countries in transition: Economic outlook and key challenges”.

www.imf.org/external/np/ll/np/2013/101013.pdf.

[10]-    The private sector and economic development- Economic essay- uni- assignment center

https://www.uniassignment.com/essay-samples/economics 

[11]-    Aliss Amico. “The invisible hand” of the state in MENA economics”

https://www.washingtonpost.com/.../the-limits-of-privalization-in-the-middle-east

[12]-    Suma Chakrabarti. “The role of the private sector as a motor for growth in MENA”

www.ebrd/cs/satellite?=content&cid=1395254898416&d

see also: George Abed and Hamid Davoodi-IMF report- “challenges of growth and globalization in the middle east and north Africa”. http://www.imf-org/external/pales/ft/med/2003/eng/abed.htm

[13]-    The problem of unemployment in the Middle East and North Africa explained in three charts

blogs.worldbank.org/arabvoices/problem-unemployment-middle 

[14]-    Same reference cited in number 12

[15]-    Ibid

[16]-    وليد خدوري، "سبل التعامل مع ازدياد استهلاك الكهرباء عربيًا"، الحياة، النسخة الورقية، 14 كانون الثاني 2018.

[17]-    - وليد خدوري، "تزايد مشاريع انتاج الطاقات المتجددة عربيًا"، الحياة، النسخة الورقية، 24 أيلول 2017.

www.alhayat.com/opinion/walidkhadouri/24234352

[18]-    “Energy policy, reforms, and incentives-Middle East Electricity”

http://www.middleeastelectricity.com/.../energy-policy-reforms-and-incentices

[19]-    “Growth and stability in the Middle East and North Africa IMF report

Http://www.imf.org/external/pules/ft/mena/07/pdf

[20]-    Reference cited in number 12

[21]-    - Ibid

[22]-    - الهادي بن منصور،"شح المياه في الوطن العربي- هل في إعادة استخدام المياه المعالجة يكمن الحلّ؟"، 23 شباط 2015.

www.arsco.org/article-details-534-4-0.

“The Arab economy between the public and private sector”

“Challenges, obstacles and opportunities”

The policies adopted by all the Arab regimes have been stagnant since decades in a way that has negatively affected political, economic and social development.

The common denominator between all the Arab revolutions revolves around the Arab citizens’ desire to break the deadlock and to launch a large-scale reform movement that paves the road toward development in the political, economic and social fields especially that the Arab crowds never asked for a field of development without the other. This comprehensive demand was embodied in the slogan raised at the Liberation Square in Cairo “Freedom, dignity and humanity”.

The movement of the crowds was not systematic and this is what has prompted the masses to resort to an emotional and improvised approach that aimed mainly to overthrow the Arab regimes. What is unfortunate is that this approach has pushed the peoples in the Arab countries into a state of turmoil and chaos that may last for decades to come.

Any overall review of the situation in the Arab countries displays that the demand of change and development is a comprehensive demand and that the need to accomplish this change includes all the Arab countries and it is most certain that the Arab countries are not prepared to launch themselves in an era of inclusive change to reach the objective of comprehensive development due to a series of complicated economic, political, social problems that start with the monopoly of the totalitarian governors in a time where economic problems are numerous and in this regard we can name the most flagrant problems: demographic growth, continuing decrease in work opportunities offered to the youth, domination of the public sector over the productive sectors, weakness of the productive structure in all the industrial, touristic and agricultural sectors and depending on the profits of natural resources and making use of the surplus in foreign investments in addition to the economic dissimilarities between the different Arab countries and the dependence of the Arab economy on the economies of the greater nations.

As for the social field, the main problems are summed up as follows: weakness of the inclusive participation in the plans of economic development, proliferation of illiteracy, timeworn educational systems, absence of women in the economic activity.

The second part of the study tackles economic development and the roles of both the private and public sector following a global trend that distributed economic activities between the State and the market after it has been revealed that the private sector is highly more efficient in privatizing and administering resources with the aim of achieving a comprehensive development.

A new study for the World Bank found that the Arab countries should manage to create 6 million new job opportunities each year and that the rate of unemployment in Egypt for example is 37% and that the Egyptian economy does not possess the capacity nor the dynamics to achieve the needed development.

Another International study showed that some of the most prominent obstacles hindering economic development in the Arab States is represented as follows: a broad corruption in both the private and public sector, the state of political and social turmoil, the huge shortage in electrical power in light of the strong increase for demand due to the demographic rise. Therefore, the Arab countries are asked to raise the level of electrical power production by 130 Gigawatts during the coming years.

Accomplishing the slogans of the Arab Spring and handling the political and economic situation necessitates a change in the performance of governments and this must be made possible in the coming years. Preserving the current status quo necessitates the interference of the International community in a way that enables the donor countries to carry on with their economic intervention and special reform programs.

“L’économie arabe entre le secteur public et le secteur privé”
“Défis, entraves et opportunités”

Les politiques de tous les pays arabes furent marquées par un état de stagnation depuis plusieurs décennies. Cette stagnation a eu des reflets sur le développement politique, économique et social.
Le facteur commun entre toutes les ressources politiques fut la volonté des citoyens de briser la stagnation et lancer un mouvement large de réformes aboutissant vers le développement sous ses trois formes: politique, économique et sociale, vu que le public ne réclamait une forme de développement sans les autres. Cette exigence s’est traduite par le slogan qui fut lancé dans l’avenue el-Tahrir au Caire. Les manifestations du public n’étaient pas programmées, c’est pour cela qu’elles furent improvisées et pleine d’émotions, dont le but n’était que de renverser le régime. Or ce fait les a poussées à passer vers un état d’ambiguïté et de chaos qui pourra durer pour des décennies.
Toute révision au niveau de la situation des pays arabes montre que le changement ou le développement sous ses trois formes est une demande et un besoin. Il est certain que les pays arabes ne sont pas encore prêts à passer vers la phase du changement complet en vue de réaliser le développement global. Cela remonte à plusieurs problèmes économiques, politiques et sociaux compliqués: le maintien exclusif du pouvoir dans les mains de responsables autoritaires, dans le temps où les problèmes économiques sont divers, notamment: l’augmentation de la population, le manque au niveau des opportunités de travail pour les jeunes, le contrôle qu’exerce le secteur public sur les secteurs de production, la faiblesse au niveau de la structure de la productivité dans les secteurs industriel, d’agriculture et touristique, et se baser sur les revenus des ressources naturelles, exploiter le surplus des investissements extérieurs, la différence au niveau de l’économie dans les différents pays arabes, et la dépendance de l’économie arabe sur les économies des grands pays.
Quant au niveau social, les problèmes les plus remarquables se traduisent par la participation faible dans les plans du développement économique, le taux très répandu de l’analphabétisme, des systèmes anciens d’éducation, l’absence de la participation des femmes dans l’activité économique.
La deuxième partie de l’étude évoque le développement économique entre le rôle de l’état et le secteur privé, et ce après l’apparition d’une tendance mondiale dictant la distribution des activités économiques entre l’état et le marché, et ce après qu’il s’est avéré que le secteur privé est plus compétent que le secteur public quant à la gestion des ressources pour aboutir vers le développement total.
Une étude récente de la Banque mondiale signale que les pays arabes devront créer six millions emplois chaque année. Le taux de chômage en Egypte est de 37%; les experts croient que l’économie égyptienne ne détient ni la capacité ni le dynamisme pour assurer le développement requis.
Une étude internationale montre que les entraves les plus notables devant le développement économique dans les pays arabes se traduisent par le suivant: la corruption totale dans les secteurs public et privé, l’instabilité politique et sociale, le grand déficit au niveau du courant électrique avec une augmentation populaire notable. Les pays arabes sont invités à augmenter la production de 130 gigawatt avec un coût de 180 milliard de dollars lors des années prochaines.
La réalisation des slogans du printemps arabe et la fixation de la situation politique et économique nécessitent un changement au niveau de la performance des gouvernements, fait qui ne parait être accessible lors des années prochaines. Préserver le statuquo actuel requiert l’intervention de la communauté internationale.