- En
- Fr
- عربي
البرنامج النووي الإيراني في موازين الاستراتيجية الأميركية الجديدة
المقدمة:
1- قرع طبول الحرب
يستمر قرع طبول الحرب من مضيق «هرمز» منذ العام 2003، مداورةً بين كل من الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، وكانت آخر هذه التهديدات بالحرب قد صدرت عن القادة العسكريين الإيرانيين الذين أشرفوا على المناورات الإيرانية التي جرت مؤخّرًا، والتي تضمنت تهديدًا وإنذارًا «أخيرًا» لحاملة الطائرات الأميركية التي غادرت الخليج في أثناء هذه المناورات باتجاه خليج عمان وبحر العرب[1]. وكان من الطبيعي أن يرد الأميركيون بلهجة حادة مؤكدين أن واشنطن لن تتسامح مع أي عرقلة إيرانية للشحن البحري عبر مضيق هرمز[2].
وكانت كل من اسرائيل والولايات المتحدة قد شهدت نقاشًا ساخنًا حول إمكان العودة إلى الخيار العسكري من أجل مواجهة النشاطات النووية الإيرانية المستمرة، وذلك بعدما صدر التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2011، والذي اتهم إيران ببذل جهود حثيثة لبناء السلاح النووي.
في اسرائيل توجهت الاتهامات إلى كل من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع ايهود باراك بالإعداد سرًا لتوجيه ضربة جوية وصاروخية ضد المنشآت النووية الإيرانية[3]. وشنّت الصحافة الاسرائيلية ومؤسسات الدراسات في الجامعات وأيضًا بعض المسؤولين الأمنيين الكبار أمثال مائير داغان رئيس الموساد السابق وغابي اشكينازي رئيس الأركان السابق حملة مضادة للخيار العسكري، محذرين من الإنزلاق إلى حرب إقليمية، قد تتسبب بنتائج دراماتيكية بالنسبة إلى إسرائيل. وكان داغان قد حذّر اعتبارًا من مطلع حزيران/ يونيو العام 2011 من نتائج اللجوء إلى الخيار العسكري، في محاضرة ألقاها في جامعة تل أبيب حيث قال: «سيقود الهجوم على إيران إلى حرب إقليمية، وفي هذه الحالة فإن إسرائيل ستفتح الباب أمام إيران لاستكمال برنامجها النووي، وسيشكّل التحدي الذي ستواجهه اسرائيل بعد ذلك مهمة مستحيلة»[4]. وتحدثت التقارير الإعلامية الاسرائيلية عن أن إدارة أوباما قد سعت لإقناع إسرائيل بعدم اللجوء إلى الخيار العسكري وبأنها قد أوفدت وزير دفاعها ليون بانيتا في الأسبوع الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر لإقناع القيادة الاسرائيلية بوجهة نظرها.
في خضم النقاش الساخن الذي جرى في إسرائيل، إنتقد ايهود باراك «معركة الرعب» حول نتائج أي عمل عسكري تقوم به القوات الجوية الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانيّة، مؤكدًا في الوقت ذاته ضرورة الاحتفاظ بكل الخيارات بما فيها الخيار العسكري لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي. وأضاف باراك «الحرب ليست نزهة، إننا لا نريد الحرب»، ولكن يبقى على إسرائيل أن تتحمّل مسؤوليتها الكاملة من أجل تحقيق أمنها[5].
وبعد تراجع مستوى النقاش الحاد في إسرائيل حول الخيار العسكري، إنطلق نقاش مماثل في الولايات المتحدة، حيث تشارك فيه وسائل الإعلام ومؤسسات الدراسات وبعض الشخصيات السياسية والأمنية. والآن مع انطلاق حملات الانتخابات الرئاسية الأولية بات هذا النقاش يحتل نقطة مركزية في مناقشات المرشحين الجمهوريين حول السياسة الخارجية.
في خضم هذا النقاش السياسي الساخن، سألت محطة «سي.ان.ان.» رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي عن رأيه في اعتماد الخيار العسكري ضد إيران، حيث قال بأن «مثل هذا الخيار قابل للتنفيذ عند الضرورة»، ولكنه حذّر من ركوب الولايات المتحدة مثل هذه المغامرة، والتي «قد تدفع نحو الدخول في حرب طويلة تكون بمنزلة كارثة للمنطقة وللعالم»[6].
وفي السياق ذاته، رأى وزير الدفاع ليون بانيتا أن المخاوف الاسرائيلية هي مشروعة وأن الولايات المتحدة تشاركها هذه المخاوف، وهذا ما يدعوها إلى عدم استبعاد الخيار العسكري. وأضاف بانيتا في مقابلة مع محطة «سي.بي.اس.» أن «الولايات المتحدة لا تريد أن تحصل إيران على سلاح نووي، إنه خط أحمر بالنسبة إلينا وهو خط أحمر من دون شك للإسرائيليين، وعندما تتأكد لنا المعلومات عن تطويرهم لسلاح نووي فإننا سنقوم في حينه باتخاذ كل الخطوات اللازمة لوقف ذلك»[7].
في هذا الموسم الانتخابي، وفي الوقت الذي يدعو فيه مرشحو الحزب الجمهوري لاعتماد الخيار العسكري كسبًا لتصفيق الجمهور، يبدو بالنسبة إلى القيادات العسكرية السابقة أن هذا الخيار لا يشكل خيارًا سهلًا، وأنه سيتسبب بنتائج دراماتيكية، أين منها النتائج التي تسببت بها عملية غزو العراق واحتلاله. ويشارك في هذا التقويم قياديون مشهود لهم بالخبرة والحكمة أمثال: وزير الدفاع الأسبق روبرت غايتس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق الأميرال مايك فولن، وعضو مجلس النواب الأميرال جو ساستك، وقائد القيادة الوسطى الأسبق الجنرال أنطوني زيني[8].
2- تحديات متبادلة: سياسة حافة الهاوية
تخيّم أجواء من التوتر بين إيران والدول الغربية منذ أن نشرت الوكالة الدولية للطاقة النووية تقريرها الأخير حول معاودة إيران أبحاثها الخاصة ببناء سلاح نووي. وتشهد هذه الأجواء مزيدًا من الشحن الإعلامي والمترافق مع تهديدات متبادلة بين طهران والعواصم الغربية على خلفية سلّة العقوبات الجديدة التي وقّعها الرئيس باراك أوباما قبل أسابيع معدودة والتي تمنع التعامل مع البنك المركزي الإيراني، وهو تدبير سيؤثر بعمق على مسار التجارة الخارجية الإيرانية بما فيها العقود الخاصة بشراء النفط الإيراني، والتي تشكل عائداته الشريان الحيوي لميزان المدفوعات الإيراني، بالإضافة إلى المصدر الأساسي للموازنة الإيرانية[9].
ردّت إيران على سياسة تشديد العقوبات الأميركية، بالإضافة إلى استعدادات أوروبية لوقف استيراد النفط الإيراني، بإطلاق مناورات بحرية لمدة عشرة أيام في مضيق هرمز، والتي ترافقت مع تهديدات متكررة بإقفال المضيق المذكور في حال تشديد العقوبات ووقف الدول الأوروبية شراء النفط الإيراني.
ردّت الولايات المتحدة على التهديدات الإيرانية بإقفال المضيق بلسان أكثر من مسؤول، كما حذّرت إيران من مغبة القيام بذلك. وتحدث بعض المصادر الديبلوماسية الغربية عن أن الرئيس أوباما قد أرسل رسالة خاصة إلى مرشد الثورة علي خامنئي بواسطة إحدى القنوات السرية الخاصة، يحذّر فيها إيران من الإقدام على إقفال مضيق هرمز، كون ذلك سيستدعي القيام برد فعل عسكري أميركي حازم. وجاءت رسالة الرئيس أوباما على خلفية المناورات البحرية الإيرانية التي تركزت على موضوع اختبار الأسلحة والوسائل اللازمة لإقفال مضيق «هرمز»، الذي يمر عبره ما يقارب %20 من الاستهلاك العالمي للنفط.
في ظل هذه الأجواء المتوترة، والتي زادت من حدتها التهديدات الإيرانية المتكررة والتحذيرات الأميركية من مغبة القيام بأي عمل يهدّد الملاحة في مضيق هرمز، لا بدّ من طرح مجموعة من الاسئلة المحرجة والمهمة: ما هي الأسباب والظروف التي يمكن أن تدفع إيران إلى الإقدام على إقفال المضيق؟ ما هي مفاعيل ذلك على أسواق النفط والاقتصاد العالمي؟ هل تملك إيران القدرات العسكرية اللازمة لإقفال المضيق أو إعاقة النقل البحري في الخليج؟ ما هي ردود الفعل الأميركية على إقفال المضيق أو إعاقة الشحن في الخليج؟ ما هي النتائج التي يمكن أن تترتّب على إقدام إيران على مثل هذه الخطوة على الصعيدين الأمني والاقتصادي؟
يبقى من الصعب جدًا الإجابة عن كل هذه الاسئلة في معرض هذا البحث، لكنني سأحاول أن أجيب بشكل مختصر على معظمها، وذلك نظرًا للترابط الوثيق بينها، بالإضافة الى الحاجة لتحديد الخيارات التي يمكن أن تعتمدها كل من إيران والولايات المتحدة في مواجهة هذه الأزمة.
تؤشر التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق «هرمز» إلى «النتائج الكارثية» التي يمكن أن تحدثها العقوبات الأميركية والأوروبية الجديدة، والتي ستتضمّن حظر التعامل مع البنك المركزي الإيراني ووقف شراء النفط الإيراني من قبل أوروبا، على الاقتصاد الإيراني، والتي سيكون لها مفاعيل سياسية واجتماعية مؤذية للغاية لسمعة النظام وشعبيته. ويبدو أن القيادة الإيرانية قد أدركت أنه لن يكون بمقدورها الإلتفاف على العقوبات الجديدة، على غرار ما فعلته في السنوات الماضية، إذ سيؤدي حظر التعامل مع المصرف المركزي الإيراني إلى منع مختلف الدول (خارج أوروبا) من شراء النفط الإيراني لأن عقود هذه المشتريات يجب أن تمرّ عن طريق المصرف المذكور، وبالتالي فإن على المتعاملين تحمّل نتائج المواجهة مع الولايات المتحدة.
يميل بعض الباحثين الأميركيين الى الاعتقاد بأن إيران لن تقدم على إقفال المضيق بسبب العقوبات، وبأن تهديداتها لا تتعدّى إطار ممارسة الضغط على الغرب كي لا يذهب إلى فرض عزلة إقتصادية كاملة عليها، تتسبب بإضعاف النظام وتصدّعه. وعبّر بعض المسؤولين الأميركيين عن شكوكهم في إقدام إيران على تنفيذ تهديداتها، واعتبر الناطق بإسم الخارجية الأميركية مارك تونر أن التحذيرات الإيرانية هي «شعارات» من دون مضمون فعلي[10].
كان سبق لإيران أن هدّدت بإغلاق المضيق في إطار رد الفعل على هجوم أميركي أو إسرائيلي على منشآتها النووية. ويمكن ربط ارتفاع وتيرة التهديدات الراهنة بشعورها بأن العقوبات الجديدة تستهدف بشكل «غير مباشر» البرنامج النووي وذلك من خلال حرمانها الموارد المالية اللازمة، للإنفاق على هذا البرنامج المكلف.
يرجِّح الخبراء الغربيون أن لا تُقدم إيران على خطوة لإغلاق هذا الممر البحري المهم بشكل مفاجئ في سياق الرد على تطبيق العقوبات الجديدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في منتصف العام الجاري. ويمكن قياسًا على العمليات التي قامت بها في إبان الحرب مع العراق ما بين العامين 1980 و1988 أن تلجأ إلى إعاقة إبحار ناقلات النفط في الخليج، ومهاجمة البعض منها، وخصوصًا إذا ما قررت المملكة العربية السعودية ضخ المزيد من نفطها لتغطية النقص الحاصل في أسواق النفط بسبب العقوبات المفروضة على النفط الإيراني. لكن يبقى من المحتمل أن تصعّد موقفها تدريجًا باتجاه العمل على إقفال «هرمز».
من خلال متابعة المناورات الإيرانية الأخيرة، ومن خلال مراجعة عامة للقوى البحرية والصاروخية التي تملكها إيران يمكن تصوّر السيناريو العسكري الذي يمكن أن تعتمده البحرية التابعة للحرس الثوري مع البحرية الإيرانية في عملية إغلاق المضيق. لقد استثمرت إيران مبالغ مالية كبيرة من أجل تطوير القدرات البحرية للحرس الثوري والبحرية الإيرانية، وذلك انطلاقًا من اعتقاد القيادة الإيرانية بأن البحرية تشكّل الاستثمار الأفضل لمواجهة القوات الأميركية وإلحاق الضرر بها في منطقة الخليج. فسيكون بمقدور هذه القوى البحرية زرع ما يكفي من الألغام لتعطيل الملاحة في ممري الملاحة عبر المضيق (عرض كل منهما كيلومتران وبطول 50 كلم). كما يمتلك الحرس الثوري أسطولًا من المراكب السريعة الحاملة صواريخ من طراز سي 802 والتي يبلغ مداها 120 كلم، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من مراكب الدوريات السريعة المجهّزة بقذائف صاروخية ورشاشات ثقيلة. وتمتلك البحرية الإيرانية ثلاث غواصات هجومية بالإضافة إلى عدد من الغواصات الصغيرة القادرة على إطلاق صواريخ ذكية والمشاركة في عمليات زرع الألغام. ويملك الحرس الثوري قوة صاروخية أرض – بحر، مركّبة على منصات متحرّكة ويبلغ مداها 100 كلم، وتوجّه إلى أهدافها بواسطة الرادار.
يمكن لهذه القدرات البحرية الإيرانية أن تنجح بإقفال الممر المائي بصورة مؤقتة ولأيام معدودة، ولكنها لن تكون قادرة على مواجهة القدرات العسكرية الأميركية وخصوصًا القوى البحرية التابعة للأسطول الخامس، والتي تضم في المرحلة الراهنة حاملتي طائرات مع مجموعة المراكب المرافقة لها. يضاف إلى هذه القوى البحرية الجاهزة للتدخل فورًا قدرات جوية منتشرة في مطارات الدول الخليجية، والتي يمكنها المشاركة في عمليات الهجوم ضد البحرية الإيرانية أو في عمليات «المنع» داخل إيران، بما فيها القوة الصاروخية الإيرانية. يضاف إلى هذه القوة البحرية والجوية وجود خمسة عشر ألف جندي في الكويت. ويتحدث بعض المعلومات عن طلب القيادة المركزية الأميركية المزيد من التعزيزات العسكرية، بما في ذلك إنشاء مطار عائم في الخليج[11].
يرجّح أن تنجح إيران في عملية إغلاق هذا الممر الحيوي لساعات أو أيام معدودة. وستكون هذه العملية آخر رصاصة في جعبتها، حيث أن عليها أن تتوقع ردًا أميركيًا قاسيًا وحاسمًا، وقد لا تكتفي القوات الأميركية بتدمير القوات البحرية الإيرانية، وفتح المضيق بل من المحتمل جدًا أن تتوسع العملية العسكرية لتشمل المنشآت النووية الإيرانية بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الأهداف الحيوية الأخرى. سيترتب على عملية إغلاق هذا الممر المائي الحيوي نتائج دراماتيكية على أسواق النفط والغاز، كما ستتأثر إقتصاديات الدول الصناعية بما فيها اليابان والصين. وستكون النتائج كارثية بالنسبة إلى إيران على الصعيدين الاقتصادي والأمني، مع ترجح تدمير برنامجها النووي. ويعتبر خيار إقفال المضيق أسوأ الخيارات التي يمكن أن تعتمدها طهران في مواجهة العقوبات. لكن إذا حدث ذلك فإن الخيار الأميركي «القسري» سيتركّز على شن عملية كاسحة لإعادة تأمين حرية الملاحة والاقتصاص من إيران.
3- البرنامج النووي: بداياته وتطوره
يعود تاريخ البرنامج النووي الإيراني إلى زمن حكم الشاه محمد رضا بهلوي. الذي أنشأ العام 1974 «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية»، والتي بدأت فور إنشائها عملية تفاوضية مع الولايات المتحدة من أجل توقيع عقد لمدة عشر سنوات من أجل تزويد إيران الوقود النووي. استتبعت إيران ذلك بتوقيع عقد مع ألمانيا العام 1976، وآخر مع فرنسا العام 1977.
وكانت إيران قد اشترت العام 1975 عشرة بالمائة من أسهم شركة EURODIF المتخصّصة بتخصيب اليورانيوم، والتي تمتلكها كل من فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا، ومركزها تريكاستن في فرنسا. وقضى الاتفاق مع الشركة بأن تطّلع إيران على تطوير التكنولوجيا الخاصة بتخصيب اليورانيوم، وعلى أن تحصل على حصة من إنتاج الشركة من الوقود النووي[12].
وضعت إيران خطة طموحة تخوّلها شراء المعدات اللازمة لبناء 23 محطة نووية لتوليد الطاقة، تتوزّع على جميع الأراضي الإيرانية، على أن تكون جاهزة للعمل في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، وقد توجهت لشراء هذه المفاعلات من كل من ألمانيا وفرنسا.
عند سقوط حكم الشاه وخروجه من إيران العام 1979 كان هناك ستة مفاعلات نووية قيد الإنشاء، وهي من أصل 12 مفاعلًا جرى الاتفاق على شرائها من كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا. وكانت ألمانيا، عند سقوط الشاه قد أنجزت ما يقارب 60 و%70 من محطتين بقوة 1300 ميغاواط في موقع بو شهر على الخليج. في هذا الوقت كانت فرنسا قد أنجزت التحضيرات الهندسية لبناء محطتين بقوة 935 ميغاواط في دارخوين.
كانت طموحات الشاه من أجل إنتاج سلاح نووي قد بدأت في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، من خلال بناء برنامج للأبحاث النووية، وظهر ذلك جليًا عبر جهود منظمة الطاقة الذرية الإيرانية لشراء المعدات والمعلومات التي تساعد في تسريع عملية البحث، ومن مصادر أميركية وإوروبية تحديدًا.
وكانت أبرز عناصر برنامج الأبحاث النووية[13]:
- مفاعل أبحاث بالماء الخفيف بقوة 5 ميغاواط ومركزه طهران.
- مفاعل يعمل بالنيوتران قوته 27 ميغاواطًا ومركزه أصفهان.
- بناء محطتين لتوليد الطاقة بقوة 1300 ميغاواط في بوشهر.
- مساع سريّة لشراء معدات تكنولوجية نووية متطوّرة.
توافرت معلومات عن جهود بحثية جرت في منطقة أمير أباد حول تكنولوجيا استخراج مادة «البلوتونيوم» التي تستعمل كوقود لإنتاج القنبلة النووية، من خلال معالجة الوقود المستعمل بواسطة أشعة اللايزر.
وكانت إيران قد نجحت في الحصول على أربعة أجهزة تعمل باللايزر على ذبذبات الشريط 16 ميكرونًا.
كان الشاه قد وافق على التوقيع العام 1978 على الاتفاقية الدولية لمنع انتشار السلاح النووي، ولكنه لم يتقيّد في الواقع بكل الضوابط التي نصّت عليها هذه الاتفاقية.
حاولت إيران في الفترة التي سبقت سقوط الشاه إقامة دورة تكنولوجية متكاملة تضعها فعليًا على طريق صنع سلاح نووي صغير. وكانت الانتهاكات الإيرانية جليّة من خلال الصفقة السرية التي وقّعتها لشراء «الكعكة الصفراء» بقيمة سبعماية مليون دولار. ولكن لا تتوافر معلومات دقيقة حول الكميات التي حصلت عليها إيران بموجب هذا العقد، قبل أن تجمّد جنوب افريقيا العقد وتلتزم الضوابط التي فرضتها عليها المنظمة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) العام 1974. وكانت إيران قد سعت أيضًا لشراء 26 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصّب من الولايات المتحدة، ولكن الصفقة لم تنفذ بسبب سقوط الشاه.
توقف البرنامج النووي الإيراني العام 1979 مع سقوط الشاه، واستمر هذا التوقف عدة سنوات، إلى حين قرّر الإمام الخميني استئناف البرنامج العام [14]1984.
يفيد بعض التقارير الاستخباراتية عن تسلّم إيران مساعدات ومعدات لها علاقة مباشرة بالتكنولوجيا النووية من كل من ألمانيا والأرجنتين خلال فترة الحرب مع العراق ما بين العامين 1980 و1988. كما تتوافر معلومات عن تسلّمها معدات «طرد مركزي» تستعمل لتخصيب اليورانيوم من كل من باكستان والصين. وتفيد المعلومات أيضًا عن شراء إيران مفاعلين نوويين للأبحاث من الصين، يعمل أحدهما بالماء الثقيل والآخر بالماء الخفيف، جرى تركيزهما في منشأة نووية جديدة في أصفهان، أُخفيت عن الوكالة الدولية لسنوات.
وقد تحدّث بعض التقارير عن شراء إيران من الأرجنتين، بواسطة الجزائر، كميات كبيرة من ديوكسيد اليورانيوم، المادة التي تصنّع من «الكعكة الصفراء» حيث يجري تحويلها إلى سائل أو غاز، بما يسهّل معالجتها للحصول على اليورانيوم المخصّب.
تؤكد كل المعلومات سعي إيران، في ظل حكم الشاه، إلى تطوير دورة تكنولوجية كاملة تضعها على طريق صنع سلاح نووي. ولكن ثمّة حالة من الشك والغموض تلف البرنامج النووي في عهد الجمهورية الإسلامية، وتتضارب المعلومات والتقارير والتحليلات حول النوايا الإيرانية وجهودها لصنع السلاح النووي. ويزيد من هذه الحالة التصريحات المتضاربة لمسؤولين إيرانيين كبار حول أهداف البرنامج النووي الراهن، وأبرزها:
1- أعلن نائب الرئيس الإيراني الأسبق آية الله مهاجراني العام 1991 بأنه ينبغي أن تتعاون الدول الإسلامية من أجل صنع سلاح نووي إسلامي.
2- قدّم المسؤولون الإيرانيون تكرارًا مقترحات لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. وكان الرئيس هاشمي رفسنجاني قد صرّح في مقابلة تلفزيونية مع برنامج «60 دقيقة» على شبكة التلفزة الأميركية (سي.بي.آس.) في ردّه على سؤال حول وجود برنامج نووي لدى إيران «كلا بالتأكيد. اني أكره هذا السلاح».
3- كان الرئيس محمد خاتمي قد أنكر بشكل قاطع وجود نيّة لدى إيران لصنع سلاح نووي. كما أيّده في ذلك وزير الخارجية كمال خرازي في تصريح له في 5 تشرين الأول/ أكتوبر العام 1997 حيث يقال «إننا لا نعمل بالتأكيد على تطوير سلاح نووي، لأننا لا نؤمن بهذا السلاح. إننا نؤمن ونسعى لدعم فكرة إقامة شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية ومن أسلحة الدمار الشامل الأخرى، لكننا مهتمّون بتطوير تكنولوجيا نووية خاصة بنا. إننا بحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة لدينا. خلال عدة عقود سينضب احتياطي النفط والغاز لدينا، وسنتحول إلى مصادر أخرى من الطاقة. وهناك استعمالات أخرى للطاقة النووية في الطب والزراعة، ووضعنا في إيران لا يختلف عن الوضع الأميركي. فالولايات المتحدة لديها مخزون كبير من النفط والغاز. وهذا لم يمنعها من بناء عدد كبير من محطات نووية للطاقة. لا ضرر من الطاقة النووية اذا كانت لأهداف سلمية»[15].
حافظت الدول الغربية على شكوكها تجاه نوايا إيران، وهذا ما دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإرسال مهمات تفتيش متكرِّرة إلى عدة مواقع نووية إيرانية، وقد أثار ذلك احتجاجات إيرانية حول استعمال الغرب لمعايير مختلفة في التعامل مع البرنامج النووي الاسرائيلي الذي لا يخضع لأي رقابة دولية.
تدل كل الوقائع والمعلومات إلى سعي إيران الحثيث للحصول على المنشآت والمعدات الضرورية لإنشاء دورة كاملة لتطوير الوقود النووي، لكن لم تتوصل الدول الغربية ومعها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تتوصل إلى إيجاد الدليل المادي القاطع على أن إيران تعمل على تطوير رأس نووي في إحدى منشآتها النووية السرّية، وبالتالي إعلان ذلك للعالم، بما يبرّر شن عملية عسكرية لتدمير هذا الموقع، أو كل المنشآت النووية.
تستمر الولايات المتحدة وأوروبا في رسم «خطوط حمراء» لإيران، وهذا يدفع إذا لم يتوصلوا إلى مخرج، إلى حشر إيران وقيادات هذه الدول في الزاوية، بحيث تصبح المواجهة العسكرية حتمية، وتكون خطيرة جدًا ولا يبدو أن أيًا من الأطراف قد درس بتمعن النتائج التي تترتّب عليها، ليدرك أهمية البحث عن حل سلمي للأزمة. في هذا الوقت تستمر حكومة إسرائيل في ممارسة ضغوطها على الولايات المتحدة لاعتماد الحل القسري ضد إيران، وتسبّبت هذه الضغوط بجعل المسألة النووية الإيرانية نقطة مركزية في النقاشات الساخنة بين المرشحين للرئاسة الأميركية.
4- التقرير الدولي واتهامات جديدة
عبّرت الوكالة الدولية للطاقة النووية في آخر تقرير أصدرته حول البرنامج النووي الإيراني عن «هواجس جدّية» من جهود إيرانية حقيقية لبناء قنبلة نووية. وذكر التقرير الدولي أنه قد توافرت للوكالة «معلومات موثوقة» حول بذل إيران جهودًا مكثفة لامتلاك تكنولوجيا السلاح النووي وتطويره، وبأن لديها الوقود النووي اللازم لصنع أربع قنابل نووية[16].
وكان هذا التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي صدر في تشرين الثاني/ نوفمبر2011 قد تضمّن معلومات وتفسيرات واستنتاجات تصب كلها في اتجاه استعادة إيران نشاطاتها لبناء السلاح النووي. وكان من الطبيعي أن تفتح الاستنتاجات التي توصل إليها التقرير الدولي أبواب المناقشات على مصراعيها حول ما يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل أن تقوما به لمنع إيران من تحويل كميات اليورانيوم المخصّب بنسبة %20، والتي تقدّر بـ1500 كيلوغرام، إلى وقود نووي –أي رفع درجة التخصيب إلى ما يزيد عن %90. في خضم المناقشات التي أثارها هذا التقرير أعاد المسؤولون الأميركيون والاسرائيليون التأكيد أن كل الخيارات لمواجهة المسعى الإيراني للحصول على السلاح النووي ما زالت على الطاولة، بما فيها الخيار العسكري[17].
وتحدثت المعلومات التي استند إليها التقرير عن وجود «نموذج» في أحد الحواسيب الإلكترونية لرأس نووي يمكن استعماله على صاروخ «شهاب3-» وأنه قد جرت تجارب على تفجير نووي داخل غرفة معدنية كبيرة في موقع عسكري في «برشن» قرب طهران.
كانت إسرائيل قد استبقت صدور هذا التقرير الدولي بمناقشة ساخنة شارك فيها مسؤولون كبار حاليون وسابقون حول اعتماد إسرائيل الخيار العسكري من أجل منع أو تأخير حصول إيران على السلاح النووي. وكان آخر الذين دخلوا على خط هذا النقاش وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الذي لم يستبعد الخيار العسكري، ولكنه اعتبر أن الذهاب إلى الحرب ليس بالنزهة السهلة، ولكنه قلّل من أهمية نتائج ردود الفعل الإيرانية على أي هجوم اسرائيلي، رافضًا مقولة وسائل الإعلام باحتمال وقوع آلاف القتلى داخل إسرائيل من جراء ردود الفعل العسكرية الإيرانية[18].
واجهت الولايات المتحدة المعلومات التي أوردها التقرير الدولي بشيء من التحفظ والرويّة، حيث رأى عدد من المحلّلين أن المعلومات المدرجة لا تشكل دليلًا قاطعًا على ضلوع إيران بصنع سلاح نووي بما يسمح لعرض الموضوع على مجلس الأمن، مع الأمل بالحصول على موافقة روسيا والصين على فرض تدابير وعقوبات قاسية ضد إيران. ويبدو أن واشنطن تخشى، في حال اتخاذ خطوات نقل الموضوع إلى مجلس الأمن من أن يعتبر ذلك بمنزلة اعتراف أميركي بإيران كقوة نووية، ما يفتح الطريق أمام طهران لتطوير برنامجها الخاص لإمتلاك السلاح النووي.
في اسرائيل إلتزم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الصمت والحذر تجاه ما أورده التقرير، بينما طالب وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بتشديد العقوبات ضد طهران بحيث تشمل مجموعة من التدابير لوقف كل التعاملات مع البنك المركزي الإيراني، بالإضافة الى وقف شراء الغاز والنفط من إيران. ويأتي موقفه هذا في إطار الحملة الديبلوماسية التي شنتها وزارة الخارجية من أجل حث العواصم الأوروبية والغربية على اعتماد مثل هذه الخطوات ضمن سياسة تشديد العزلة على إيران[19].
لا يمكن توقع صدور مثل هذه العقوبات بقرار من مجلس الأمن الدولي حيث ستواجه كل من الصين وروسيا أي مشروع قرار من هذا النوع باستعمال حق النقض لإسقاطه. يمكن لإدارة أوباما أن تقرر السير قدمًا في سياسة تشديد العقوبات ضد إيران، ولكن هناك عقبات تحول دون بلوغ المستوى الذي يمكن أن يتسبب بالخسائر والضغوط الكافية لحمل القادة الإيرانيين على الخضوع أو حتى القبول بالبحث عن مخارج مقبولة من الدول الغربية والولايات المتحدة. لا يمكن أن تتسبّب العقوبات التي يمكن أن تفرض على البنك المركزي الإيراني بمثل هذا التبدل في الموقف الإيراني إذا لم تقترن بمقاطعة صادرات إيران من النفط والغاز. من المؤكد أن واشنطن ستجد صعوبات عديدة إذا ما فكّرت بتوسيع العقوبات لتشمل قطاع الطاقة. وهي تدرك مدى الأضرار التي يمكن أن تنتج من قرار كهذا على الاقتصاد العالمي، في وقت تتأرجح فيه أسعار برميل النفط ما بين 95 و100 دولار. سيكون أيضًا من الصعب جدًا إقناع كل من الصين والهند بالحد من استيرادها للنفط الإيراني، وذلك بسبب الاستثمارات الكبيرة لكل منهما في تطوير بعض حقول النفط الكبيرة في إيران.
لا تدفع كل هذه المصاعب إدارة أوباما إلى التفكير جديًا بالخيار العسكري على الرغم من القلق الذي يساورها من تقدم إيران نحو الحصول على السلاح النووي. وكان كل من الرئيسين جورج دبليو بوش وباراك أوباما قد تعهدا بمنع إيران من الحصول على السلاح النووي. ولكن يبدو أن تعقيدات الوضع الجيو-استراتيجي في كل من العراق وافغانستان قد حالت دون استحضار الخيار العسكري، وذلك على الرغم من الضغوط الاسرائيلية المكثفة لإقناع واشنطن باعتماد الخيار العسكري.
لا بدّ من الإشارة إلى الخلاف الأساسي في نظرة واشنطن وتل أبيب إلى البرنامج النووي الإيراني، حيث لا تشعر واشنطن بدرجة الحراجة نفسها التي تشعر بها تل أبيب، وخصوصًا في ظل حكومة نتانياهو التي ترى في البرنامج النووي الإيراني خطرًا مصيريًا.
في المقابل لا تشعر واشنطن بالقلق من إحراز إيران بعض التقدّم في مجال تخصيب اليورانيوم، وان ما يؤرقها بالفعل يبقى حول احتمال قيام إيران بتصدير هذا الوقود إلى بعض حلفائها (دول أو منظمات) من ضمن سياسة التحوّط الأمني، بقصد حمايته من هجوم أميركي–إسرائيلي مفاجئ.
يرى أحد المحللين الأميركيين البارزين أن إدارة أوباما ستجد المخارج اللازمة للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني سواء من خلال تجديد الهجوم على الكومبيوترات الإيرانية بواسطة فيروسات معدّلة من طراز «ستاكس نت2.0»، والذي سبق أن أثبت فعاليته الخارقة في شل القدرات الإيرانية على تخصيب اليورانيوم. وهناك أيضًا تكهنات حول إمكان اعتماد الولايات المتحدة على أسطول من الطائرات من دون طيار موزع في قواعد سرّية حول إيران، من أجل ممارسة المزيد من الضغوط على إيران، وحملها على التراجع عن الشق الخاص بصنع السلاح النووي. يبدو بوضوح أن الإدارة الأميركية ستعارض اتخاذ إسرائيل أي قرار عسكري (بصورة منفردة) ضد إيران، وذلك انطلاقًا من قناعات معينة: أولًا: استنفاد مفاعيل العقوبات المفروضة على إيران. ثانيًا: فرض عقوبات جديدة. ثالثًا: استعمال وسائل وتقنيات حديثة من أجل تخريب الجهود الإيرانية وتأخيرها للحصول على القنبلة. هناك إدراك أميركي لمدى الأثمان الباهظة التي ستترتب على أي مواجهة عسكرية مع إيران، حيث من المتوقع أن تتوسع الاشتباكات وتتحول إلى حرب شاملة تخوضها واشنطن ضد طهران، بقصد إسقاط الحكم القائم هناك بدل الإكتفاء بضرب عددٍ من المنشآت النووية الكبرى في ناطنز واصفهان وقم وطهران[20]. لا تملك أميركا الآن الإرادة أو الامكانات المالية اللازمة لتمويل مثل هذه المغامرة المكلفة جدًا، بالإضافة الى إدراكها الخسائر الكبيرة التي يمكن أن تترتب على اقتصادها وعلى الاقتصاد العالمي من جراء إقفال مضيق «هرمز» وانقطاع صادرات النفط من منطقة الخليج.
على الرغم من أجواء الشك والغموض التي ستخلفها المعلومات «المقلقة» التي تضمنها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنه ما زال من المستبعد أن تلجأ إسرائيل منفردة إلى توجيه ضربة صاروخية أو جوية ضد إيران.
5- الإخلال بموازين القوى
حدثت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2011 مجموعة تطورات أعادت الملف النووي الإيراني بقوة إلى واجهة القضايا الساخنة في النقاش السياسي والاستراتيجي الأميركي. وحفلت وسائل الاعلام الأميركية بالمقالات والتحليلات والدراسات حول المخاطر التي يمكن أن تترتب على حصول إيران على السلاح النووي، وحول مختلف الخيارات التي يمكن أن تعتمدها الولايات المتحدة للحد من الطموحات الإيرانية للحصول على هذا السلاح.
من أبرز التطورات التي ساهمت في تسخين الأجواء المحيطة بالملف النووي الإيراني جاءت من خلال الاتهامات الأميركية لعملاء إيرانيين بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن، ولتفجير بعض السفارات. ساهمت هذه الاتهامات التي صدرت في تشرين الأول/ أكتوبر العام 2011 في زيادة التوتر في العلاقات الأميركية– الإيرانية الذي لم يصل منسوبه إلى درجة تهديد الرئيس باراك أوباما أو أي مسؤول آخر في إدارته باللجوء إلى الخيار العسكري للاقتصاص من إيران[21]. لكن هذه الاتهامات الخطيرة أعادت فتح النقاش حول إمكان حدوث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة في المستقبل المنظور على خلفية البرنامج النووي الإيراني.
ساهم تطوران مفاجئان في توتير الأجواء بين إيران والولايات المتحدة، تمثّل الأول بحصول انفجار كبير في موقع عسكري إيراني لصنع الصواريخ المتوسطة المدى من دون طيّار، وتمثل التطور الثاني بسقوط طائرة استطلاع أميركية، تستعملها وكالة المخابرات المركزية للتجسس على إيران داخل الأراضي الإيرانية. وشكّل هذان الحادثان سببًا مباشرًا لتبادل الاتهامات وتصعيد الموقف في كل من واشنطن وطهران. واستغلهما المرشحون الجمهوريون للرئاسة الأميركية لتصعيد حملتهم ضد إيران، وضد مواقف إدارة أوباما من البرنامج النووي الإيراني[22].
جاء الانسحاب العسكري الأميركي من العراق في كانون الأول/ ديسمبر العام 2011، والذي يعتبر نقطة تحوّل أساسية في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة ليطرح جملة تساؤلات حول خيارات الولايات المتحدة وقدراتها على التعامل مع محاولات إيران الهيمنة على العراق، وتهديد أمن دول مجلس التعاون الخليجي واستقراره. على الرغم من المخاوف والشكوك التي خلّفها الانسحاب العسكري من العراق، فقد حاولت الإدارة الأميركية، وعلى لسان وزير الدفاع ليون بانيتا استبعاد حصول مواجهة عسكرية مع إيران وذلك بسبب النتائج الخطيرة التي يمكن أن تترتب عليها. في السياق نفسه إستبعد المستشار السابق الخاص في شؤون الشرق الأوسط دنيس روس في مقال نشره في 15 كانون الثاني/ يناير 2011 اللجوء إلى الخيار العسكري، ولكنه حذّر من أن محاولات إيران الهيمنة على العراق بعد الانسحاب الأميركي، كمقدمة لمدّ نفوذها باتجاه الجزيرة العربية ستشكل خللًا في موازين القوى ما سيؤدي حتمًا إلى زيادة مخاطر مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة[23].
تدلّ الخلافات السياسية بين القيادات العراقية الرئيسة، والتفجيرات الارهابية التي شهدها العراق بعد الإنسحاب الأميركي إلى وجود مخطّط إيراني لإضعاف الدولة العراقية وتفكيكها، كمقدمة لفرض هيمنة كاملة على المناطق الشيعية. وتشكل مذكرة التوقيف الصادرة بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بتهمة الضلوع في عمليات إرهابية، والتخطيط لاغتيال رئيس الحكومة نوري المالكي خير دليل على وجود مخطط لإثارة الفتنة بين الشيعة والسنّة تمهيدًا لفرض هيمنة شيعية كاملة (تدين بالولاء لإيران) على مقدرات الحكم، وذلك على حساب الأقلية السنيّة العربية.
شعرت دول مجلس التعاون الخليجي بمخاطر المخطط الإيراني للهيمنة على العراق من خلال تخريب صيغة الحكم القائمة على حكومة «الشراكة الوطنية». وكان قد سبق تسجيل محاولات إيرانية «مكشوفة» للتدخل في الشؤون الداخلية لبعض دول مجلس التعاون، وخصوصًا في البحرين والكويت، وهذا ما دعاها إلى التجاوب مع دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الرياض التي عقدت في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2011 للعمل على استبدال التعاون بالاتحاد بين الدول الست[24].
من الطبيعي جدًا أن يكون لهذه التطورات الدراماتيكية تأثير مباشر على الموقف الأميركي، حيث عبّر وزير الدفاع ليون بانيتا في مقابلة مع المحطة التلفزيونية «سي.بي.اس.» عن تطور جديد في الموقف الأميركي تجاه طهران من خلال التشديد على أمرين: الأول، عدم استبعاد واشنطن الخيار العسكري من أجل منع إيران من الحصول على السلاح النووي، من دون أي إشارة إلى النتائج والتداعيات الخطيرة التي يمكن أن تحدث من جراء هذه العملية. والثاني، التعبير عن اعتقاده بقدرة إيران على إنتاج السلاح النووي في خلال سنة واحدة أو أقل[25].
جاءت تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي في اليوم التالي لتصريحات وزير الدفاع لتؤكد أن «القيادة العسكرية الأميركية قد توصلت إلى قناعة بضرورة اللجوء إلى استعمال القوة ضد إيران اذا استدعى الأمر ذلك». ولم يستبعد الجنرال ديمبسي أن تؤدي هذه العملية إلى حرب واسعة مع إيران. المهم في الأمر يتركز حول هذا التبدّل في الاستراتيجية الأميركية، والذي عبّرت عنه بصراحة كاملة أهم شخصيتين في القيادة العسكرية الأميركية.
تشهد إيران بالتزامن مع هذه التطورات الدراماتيكية، والتبدل الحاصل في الموقف الأميركي بالإضافة إلى الخطوات التي اتخذتها قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض أزمة إقتصادية حادة. ويربط الخبراء أسبابها بسوء السياسات الاقتصادية التي اعتمدها محمود احمدي نجاد، بالإضافة إلى التأثير المباشر لنظام العقوبات الدولية الذي قرره تباعًا مجلس الأمن الدولي والتي تسبّبت بانهيار ملحوظ لقيمة الريال الإيراني تجاه الدولارالأميركي، حيث تبدّل سعر صرف الريال من 7000 إلى 15150 للدولار الواحد ما بين أواسط تشرين الأول/ أكتوبر وأواسط كانون الأول/ ديسمبر العام 2011، ويبدو أنه لم يعد هناك سقف محدد لهذا التدهور الآن.
يبدو بوضوح أن الولايات المتحدة قد شعرت بعد خروجها من العراق عسكريًا بضرورة العمل على تشديد نظام العقوبات ضد إيران من خلال قرار جديد يتخذه مجلس الأمن، وذلك بالتوازي مع التهديد باللجوء إلى الخيار العسكري إذا دعت الضرورة لذلك، في محاولة جديدة لإجبار طهران على تعديل سياساتها في العراق وتجاه دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى وقف نشاطاتها الخاصة بصنع القنبلة النووية.
من المشكوك فيه أن تنجح هذه السياسة المزدوجة الأهداف في ثني إيران عن استغلال الفراغ الذي تركه الانسحاب الأميركي من العراق لفرض هيمنتها على المناطق الشيعية، بالإضافة إلى محاولات جدية لاكتساب مزيد من النفوذ في الدول المجاورة. ويشجع إيران على ذلك ضعف الموقف الأميركي في أفغانستان واستمرار مفاعيل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عدم قدرة الرئيس أوباما على اتخاذ مواقف حاسمة على المستوى العسكري خلال موسم الانتخابات الرئاسية.
6- الخيار العسكري: دعاة ومعارضون
من بدهيات الأمور أن ترتفع وتيرة النقاش حول البرنامج النووي الإيراني والخيارات الأميركية لمعالجة الأزمة القائمة مع إيران حول مجموعة من المعضلات المعقدة، وأبرزها الاتهامات التي وجهها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول تجدد الجهود الإيرانية لصنع سلاح نووي. تشكّل الانتخابات الرئاسية مناسبة مؤاتية لتفجير مثل هذا النقاش الساخن بين المرشحين الجمهوريين في مناظراتهم المتلفزة حول السياسة الخارجية، على أن يتبع ذلك مواجهات جادة بين المرشحين الديموقراطي والجمهوري اللذين يجري اختيارهما لخوض المعركة الرئاسية. وفي عملية استباقية لهذا النقاش فقد بدأت طهران إتخاذ جملة مواقف متقدمة على طريق استغلال الإرباك الحاصل في آلية القرار الوطني الأميركي في ظل الأجواء الضاغطة التي تخيّم على الإدارة الأميركية حيث أعلنت السلطات الإيرانية عن الاستعدادات الجارية لتشغيل محطة تخصيب اليورانيوم في «فوردو» قرب مدينة قم، من أجل زيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب لدرجة %20. كما تحدثت القيادات العسكرية الإيرانية عن قدراتها على إقفال مضيق «هرمز» وقطع إمدادات النفط التي تعبر هذا المضيق – بالإضافة إلى تحذير السفن الحربية الأميركية من الانتشار في مياه الخليج.
تعبّر هذه المواقف الإيرانية عن تنامي القدرات البحرية الإيرانية، كما تظهر عدم اكتراث إيران بالاتهامات التي ساقها ضدها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأيضًا إرادتها في تحدي نظام العقوبات المطبق ضدها – بما فيها سلة العقوبات التي وقعها الرئيس أوباما مؤخرًا والتي تهدد بفرض عقوبات على جميع المؤسسات المالية التي تتعامل مع المصرف المركزي الإيراني. ينقسم السياسيون والاستراتيجيون في مناقشاتهم حول المساعي الإيرانية لإنتاج السلاح النووي وكيف يمكن للولايات المتحدة وقف هذه النشاطات الإيرانية إلى فريقين: الأول، يدعو إلى اعتماد القوة والقسوة، والثاني يدعو إلى اعتماد الحكمة والتروي. أما الفريق الأول فيتجاهل المصاعب الراهنة التي تواجهها الولايات المتحدة في سلوك طريق الخيار العسكري، سواء لجهة عدم توافر الظروف الدولية المؤاتية لتشكيل تحالف عسكري لشن مثل هذه الحرب، أو لجهة البدء بحرب جديدة في الوقت الذي انسحبت فيه القوات الأميركية من العراق، وهي تبحث جديًا في تخفيض عديد القوى المنتشرة في أفغانستان[26]. ويبدو أن هذا الفريق يتجاهل حقيقة أن أي عملية جوية تستهدف إيران ستتحول حكمًا إلى حرب إقليمية تمتد نيرانها إلى كل دول الخليج - والعراق - وجنوب لبنان.
وفي الوقت الذي يرى فيه الفريق الثاني الداعي إلى الحكمة والتروي أنه من الضروري وضع حد للجهود الإيرانية لإنتاج سلاح نووي، فإنه يرى أن العزلة والعقوبات المفروضة على إيران، بالإضافة إلى الأضرار التي أصابت النظام الإيراني من جراء الثورات العربية، وتداعياتها داخل إيران وعلى حلفائها الاقليميين مثل سوريا وحزب الله ستؤدي مجتمعة إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني، وإلى توسيع الخلافات القائمة بين الرئيس محمود احمدي نجاد ومرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي. ويبقى من الضروري عدم إيجاد المبررات لجمعهما من جديد تحت مظلة مواجهة تهديد خارجي. ويضيف هذا الفريق بأن الحكمة تدعو إلى عدم ركوب المخاطرة لإحداث فجوة كبيرة في الموازنة الأميركية، في الوقت الذي تحاول فيه إدارة أوباما ضبط الانفاق العسكري، وخفضه عدة مئات من المليارات وذلك ضمن التوجهات الجديدة لضبط العجز وتنامي الدين العام. ويذكّر هذا الفريق أيضًا بأن أي عملية ضد المنشآت النووية الإيرانية ستشكل خروجًا على آلية «القيادة من الخلف» التي انتهجتها واشنطن بمشاركة حلفائها في العملية العسكرية في ليبيا، والتي أثبتت فعاليتها، مع خفض مستوى مخاطر الدخول في حرب مكلفة وطويلة[27].
في رأي الفريق الأول الداعي إلى اعتماد الخيار العسكري فإن ما هو أسوأ من النتائج التي يمكن أن تتمخض عنها العمليات العسكرية الواسعة ضد إيران يكمن في المخاطر التي يشكلها امتلاك إيران للسلاح النووي سواء على المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط أو على حلفائها الأساسيين في منطقة الخليج، أو على إسرائيل. إذا حصلت إيران على السلاح النووي فقد يستدعي إصلاح الخلل الحاصل في موازين القوى على المستوى الاقليمي أن تعقد الولايات المتحدة تحالفًا رسميًا كاملًا مع إسرائيل، وأن تؤمن مظلة نووية أميركية فاعلة لدول مجلس التعاون الخليجي.
في تقويم الأخطار والتداعيات المترتبة على إمكان حصول إيران على الأسلحة النووية والنظام الصاروخي اللازم لها، يمكن تسجيل عدة ملاحظات أبرزها:
أولًا: لقد فشل نظام العقوبات الدولي في إقناع إيران في التخلي عن عمليات تخصيب اليورانيوم والتي ستسمح لها خلال أشهر بامتلاك ما يكفي من الوقود النووي لصنع قنبلة أو قنبلتين نوويتين. وتسبب الهجوم بواسطة «فيروس ستوكس نات» بتأخير عمليات التخصيب، من دون أن يوقفها. ويؤكد تقرير وضعته الوكالة الدولية في أيار/ مايو 2011 أن المنشآت التي تعرضت لهذا الهجوم قد استعادت كامل طاقاتها لتخصيب اليورانيوم[28]. ويتحدث تقرير الوكالة الدولية الذي نشر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 عن تجارب تقوم بها إيران لإنتاج جهاز التفجير النووي، وإعادة النظر في الأنظمة الصاروخية الخاصة بحمل الرؤوس النووية.
ثانيًا: توقع معهد العلوم والأمن الدولي الأميركي أن يكون باستطاعة إيران أن تنتج سلاحًا نوويًا في ربيع العام 2012، إذا قررت ذلك.
ثالثًا: بدأت إيران قبل نهاية العام 2011 نقل عمليات تخصيب اليورانيوم، وبعض العمليات الحساسة الأخرى إلى محطة «فوردو» المحصنة داخل جبل يشرف على مدينة قم، بقصد حماية عمليات التخصيب من عملية عسكرية مفاجئة. وفي حال قررت إيران طرد المراقبين الدوليين فإنه سيكون بإمكانها أن ترفع نسبة مخزونها من يورانيوم بطاقة %20 إلى يورانيوم بطاقة %90 في أقل من شهرين[29].
رابعًا: يضع احتمال اعتماد إيران لمثل هذا السيناريو الولايات المتحدة أمام مفترق خطير: إما أن تهاجم المنشآت الخاصة بالتخصيب فورًا، وإما أن تستعد لقبول إيران كعضو رسمي في النادي النووي، مع كل ما يترتب على ذلك من إخلال في موازين القوى الاقليمية. ويشكك بعض الدول الاقليمية في نيّة الرئيس أوباما وقدرته على اتخاذ قرار حاسم بهذا الشأن، وهذا ما دفع بعض الدول العربية إلى التفكير جديًا في السعي لامتلاك التكنولوجيا النووية من أجل مواجهة الأخطار المترتبة على امتلاك إيران للسلاح النووي.
خامسًا: يعتقد بعض الباحثين والخبراء بوجود خطر إندلاع نزاع عسكري بين إيران وإسرائيل يؤدي إلى تبادل هجمات بالسلاح النووي. يقتضي استباق حصول مثل هذا التطور الخطير، أن تضع الولايات المتحدة استراتيجية ردع جديدة وفاعلة ستتطلب نشر قوات بحرية وجوية كبيرة في المنطقة مع مظلة نووية دائمة. ويشكل ذلك ثمنًا باهظًا سيكون من الصعب على واشنطن تحمله في ظل السياسة الدفاعية الجديدة الساعية إلى تخفيض الانفاق العسكري بشكل محسوس. ولكن، يبقى من المحتمل أن لا تحقق القوة الرادعة أهدافها، وأن تؤدي أجواء عدم الاستقرار الاقليمي إلى نشوب حرب تؤدي إلى نتائج كارثية، بالمقارنة مع النتائج التي يمكن أن تترتب على ضربة وقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية[30].
يبقى السؤال الأساسي المطروح حول إمكان نجاح الهجوم العسكري في تحقيق أهدافه. ويثير معارضو الخيار العسكري الشكوك حول توافر كل المعلومات الدقيقة عن المراكز النووية الإيرانية، والتي قد لا تقتصر على مواقع تاطنز وقم واصفهان وأراك في الوقت الذي يؤكد فيه دعاة اعتماد الخيار العسكري امتلاك الولايات المتحدة القدرات العسكرية اللازمة لتدمير البرنامج النووي الايراني. ويؤكد سيناريو وُضع في كلية الحرب الأميركية أن ذلك سيتطلب تنفيذه ألف طلعة جوية، وأن الولايات المتحدة تملك القدرات اللازمة لذلك.
تبقى عناصر القرار الأميركي بما يجب عمله ضد إيران في يدي الرئيس باراك أوباما الذي يبقى اللاعب الأبرز في هذه الدراما التي تقض مضاجع القيادات والشعوب على حد سواء. فلقد كرّر في أكثر من مناسبة بأنه لا يمكن القبول بتملك إيران للسلاح النووي. وعلى الرغم من اتهام أوباما باعتماد أسلوب الديبلوماسية «الناعمة تجاه إيران» فإن هناك من يؤكد أنه سيلجأ إلى الخيار العسكري لمنع إيران من الحصول على القنبلة من خلال تنفيذ هجوم صاروخي – جوي ضد منشآتها الرئيسة.
ويدعم أصحاب هذا الرأي حججهم بجملة أسباب أبرزها:
أولًا: يستمر الصراع الأميركي – الإيراني على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط منذ أكثر من ثلاثة عقود. إذا توصلت إيران إلى امتلاك السلاح النووي فإن ذلك سيتسبّب بكسوف هيبة أميركا ونفوذها في المنطقة، وسيؤكد ذلك ضعف الرئيس أوباما وعدم صدقية واشنطن تجاه حلفائها وخصوصًا اسرائيل.
ثانيًا: سيشعر حلفاء أميركا في الخليج وأيضًا في تركيا بوجود خلل في موازين القوى الاقليمية لمجرد اقتراب إيران من صنع السلاح النووي، وسيطالبون واشنطن بالتحرك لمنع ذلك مع تأكيد دعمهم لأي عملية عسكرية أميركية ضد إيران.
ثالثًا: هناك إلتزام وسعي أميركي تاريخي للحد من انتشار الأسلحة النووية، وباراك أوباما من مؤيدي هذا الخيار «الايديولوجي»، وهو يدرك أن حصول إيران على السلاح النووي سيكون نقطة البداية لكل من المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا للعمل على تطوير قدرات نووية بهدف استعادة التوازن الاقليمي «المفقود»[31].
في التقويم العام يبدو أن خيار الحرب ما زال مستبعدًا في المستقبل المنظور، وأن الولايات المتحدة ما زالت جادة في إضعاف موقع إيران السياسي والاقتصادي، وعلى أساس أن ذلك يشكل نقطة مركزية في استراتيجية أوباما الجديدة.
7- الخيارات البديلة
يقدّم معارضو الخيار العسكري مجموعة من الخيارات البديلة التي يمكن أن تؤخر أو أن تقنع إيران بالتخلي عن برنامجها لتطوير السلاح النووي وأبرز هذه الخيارات:
1- تشديد العقوبات الدولية ضد إيران بحيث تشمل البنك المركزي الإيراني. ويبدو أن الرئيس أوباما جاد في استنفاد كل الوسائل في هذا الاتجاه، حيث وقّع مؤخرًا سلّة من العقوبات الجديدة تشمل المؤسسة الايرانية والمؤسسات الأجنبية التي تستمر في التعامل مع المؤسسات المالية الإيرانية. وأعلن الاتحاد الأوروبي كذلك قرارًا بوقف استيراده النفط الإيراني اعتبارًا من أول تموز/ يوليو المقبل إلى وقف وارداته من النفط الإيراني، وتقارب كمية النفط المستورد هذه خمس مائة ألف برميل يوميًا. سيكون لهذه العقوبات تأثيرات دراماتيكية على الاقتصاد والنقد الإيرانيين. يضاف إلى ذلك بأن العقوبات قد بدأت تعطي ثمارها، ويؤكد ذلك التدهور الحاصل في سعر صرف النقد الإيراني مقابل الدولار، وسيكون هذا التدهور كارثيًا عند تطبيق قرار مقاطعة النفط الإيراني اعتبارًا من شهر تموز/ يوليو 2012.
2- الاستمرار في عمليات التخريب التي سبق ونفذت ضد المنشآت النووية الإيرانية والتي اضطلعت بها الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والتي تسببت بأضرار كبيرة. ويتحدث بعض المصادر الاستخباراتية في واشنطن عن التحضير لعمليات تخريب جديدة أشد وأقوى من العمليات السابقة[32].
3- يمكن حل أزمة البرنامج النووي الإيراني من خلال اعتماد معادلة جديدة تقضي بإدخال العامل النووي الاسرائيلي في إيجاد حل إقليمي يجعل من الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي (Nuclear Free Zone). يسقط مثل هذا الاقتراح كل الاتهامات الايرانية للغرب باعتماد معيارين في التعامل مع المسألة النووية، كما سيكون من الصعب جدًا على إيران رفض مثل هذا الاقتراح.
يشكل هذا الاقتراح اختبارًا حقيقيًا لنوايا إيران، وفي حال قبولها به فإن ذلك سيمثل اختراقًا أساسيًا في موضوع منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع.
سبق أن ربط الاسرائيليون قبولهم ببحث مسألة إقامة شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية بتحقيق السلام مع الفلسطينيين والدول العربية، وإن قبول إيران بالحل المذكور، سيسهل حتمًا عملية العبور إلى السلام. لا يمكن التوهم بسهولة سلوك مثل هذا الطريق، ولكن تبقى المحاولة أفضل من القبول بحتمية الحرب[33].
8- الاستنتاجات
يبدو بوضوح أن الشرق الأوسط يشهد تحولات سياسية وعسكرية ستؤثر على طبيعة العلاقات الاقليمية والدولية ونمطها والتي كانت قائمة في العقود الماضية. لكنه ما زال من السابق لأوانه التكهن بطبيعة العلاقات المستقبلية بين الدول العربية، وخصوصًا دول مجلس التعاون الخليجي والعراق وسوريا، وبين كل من إيران وتركيا. ترتبط موازين القوى الجديدة بمجموعة من العوامل: نتائج المواجهة المستمرة بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية وإسرائيل وبين إيران على خلفية اتهام إيران بالسعي للحصول على قنبلة نووية. انتهاء المخاض السياسي الذي تشهده كل من مصر وسوريا، وبالتالي مدى قدرتهما على استعادة دورهما «المؤثر» كلاعب إقليمي. نجاح دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز لدول مجلس التعاون للوحدة من أجل تصحيح الخلل الحاصل في موازين القوى بين ضفتي الخليج. وأخيرًا النتائج التي يمكن أن يستقر عليها «التنافس» على النفوذ الاقليمي بين تركيا وايران.
شعرت الولايات المتحدة بعد خروجها من العراق بضرورة تكثيف نظام العقوبات ضد إيران، وذلك بالتوازي مع التلويح بإمكان اللجوء إلى الخيار العسكري إذا دعت الضرورة.
من المشكوك فيه أن تنجح هذه الاستراتيجية المزدوجة الأهداف في ثني إيران عن تعبئة الفراغ الحاصل من جراء الانسحاب الأميركي، مع استمرار السعي لزيادة نفوذها في منطقة الخليج. ويشجع إيران على انتهاج هذه السياسة، وعلى التمسك ببرنامجها لتخصيب اليورانيوم تقييمها القائل بضعف الموقف الأميركي في المنطقة، بالإضافة إلى استمرار الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، وإلى عدم قدرة الرئيس أوباما على اتخاذ قرارات حاسمة خلال فترة الانتخابات الرئاسية خلال هذا العام.
تتحدث كل التقارير الدولية والأميركية والاسرائيلية عن قدرة إيران على تخصيب ما يقارب 1500 كيلوغرام من مستوى الطاقة %20 إلى مستوى %90 خلال فترة وجيزة لا تتعدى شهرين. وهذه العملية في حال اتمامها ستعطي إيران القدرة على صنع سلاح نووي خلال فترة سنة واحدة، وفق ما أدلى به وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، والرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز، بالإضافة إلى مسؤولين وخبراء آخرين.
هذا وقد تسببت هذه التصريحات الرسمية بالإضافة إلى المعلومات والاستنتاجات التي خرج بها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسخين الأجواء، وفتح باب المناقشات حول إمكان قيام الولايات المتحدة أو اسرائيل بشن هجوم كاسح لتدمير البرنامج النووي الإيراني أو على الأقل تأخير حصول إيران على القنبلة لعدة سنوات. وجرى تسريب معلومات في واشنطن بوست عن إمكان قيام إسرائيل بمثل هذا الهجوم ما بين شهري نيسان وحزيران من العام الجاري[34].
يمكن لإسرائيل أن تشن هجومًا جويًا وصاروخيًا مؤثرًا ضد المنشآت النووية الإيرانية، ولكن ستعترض هذا الهجوم عقبات كبيرة أبرزها: اختيار الممرات الجوية التي ستسلكها للوصول إلى الأراضي الإيرانية، مع إمكان اعتراض بعض الدول التشكيلات الاسرائيلية؛ عدم توافر الذخائر الخاصة بتدمير المنشآت القائمة تحت الأرض وأبرزها منشأة «قوردو» قرب مدينة قم. ويبقى من الضروري أن تتحسب إسرائيل لردود الفعل الإيرانية المباشرة ضدها، وأيضًا لاحتمال ردود حزب الله من جنوب لبنان. يشكل مثل هذا الهجوم مغامرة كبيرة، حذّر منها قياديون واستراتيجيون إسرائيليون تكرارًا.
على الرغم من الاستعدادات العسكرية الأميركية لمواجهة أي تطور عسكري مفاجيء قد يحدث مع إيران، فان إدارة أوباما ما زالت متمسكة بنظام العقوبات المشددة، وهي تعتقد بأن هذه العقوبات قد بدأت بإعطاء ثمارها على المستويين السياسي والاقتصادي، وأن مفاعيلها ستكون كارثية بعد تطبيق الحظر الأوروبي لشراء النفط الإيراني في تموز المقبل. وانطلاقًا من هذه المقاربة فإنه من المستبعد جدًا أن يقدم الرئيس أوباما على شن هجوم حاسم ضد البرنامج النووي الإيراني خلال هذا العام وفي ظل الظروف الداخلية والدولية الراهنة. من المتوقع أن يتابع المسؤولون الأميركيون مساعيهم ونصائحهم لإسرائيل لعدم ارتكاب مغامرة عسكرية قد تؤدي إلى حرب واسعة.
يدرك الإسرائيليون أنهم لا يملكون القدرات اللازمة لتنفيذ ألف طلعة جوية، وهي العملية القادرة وفق السيناريوهات الأميركية للقضاء على المنشآت الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، كما أنهم لا يملكون كل المعلومات الدقيقة عن هذا البرنامج، بالإضافة إلى افتقارهم إلى ذخائر خاصة لضرب منشأة «قوردو» والتي تعتبر الآن المصدر الأساسي لليورانيوم العالي التخصيب.
من هنا فإنه سيكون من الصعب على نتانياهو وباراك اتخاذ قرار بالهجوم من دون موافقة واشنطن. يبقى هناك احتمال أن يقررا تنفيذه انطلاقًا من أن اللوبي الصهيوني سيقنع أوباما بضرورة نجدة إسرائيل لاستكمال الهجوم أو لتخفيف مفاعيل الرد الإيراني عليها. إنها سنة انتخابات وستكون المنافسة شديدة بين أوباما والجمهوريين لاكتساب أصوات اليهود والحصول على الدعم المالي الكبير لهذا المرشح أو ذاك.
تدعو العقلانية السياسية والاستراتيجية إلى استبعاد حصول حرب خلال هذا العام، ولكن ذلك لا يعطي الضمانة المطلقة حيث يبقى هناك احتمال أن ترتكب إيران خطًا استراتيجيًا من خلال إقدامها على إقفال مضيق «هرمز»، حيث سيستدعي مثل هذا التطور ردًا أميركيًا مباشرًا. كما انه لا يمكن استبعاد حصول مواجهة عسكرية نتيجة ارتكاب أحد الأطراف خطًا استراتيجيًا أو عملانيًا، وأن التاريخ حافل بالأمثلة عن اندلاع نزاعات مسلحة عن طريق الخطأ.
[1]- Iran threatens to close Strait of Hormuz over EU... 23 Jan 2012.
www.telegraph.co.uk>news,worldnews>middle east>
[2]- U.S. warns Iran against closing Hormuz strait USA Today 28 Dec 2011.
www.usatoday.com/ News/ Iran-Hormuz-closure/ .../ 1
[3]- Haaretz, «Israelis should be afraid of their leaders not Iran”, 5 Feb. 2012.
www.haaretz.com/ print-edition/ opinion/ israelis-should-be-afraid-of-their-leaders-not-Iran.1.411087
[4]- Dagan warns against Israeli attack on Iran. American Iranian Council
www.american-iranian.org/ content/ dagan warns against......
[5]- Haaretz, «Barak: Israel has not yet decided on Military operation against Israel", November 11, 2011. www.Haaretz/ barak-israel-has-not-yet-decided-on-military-operation-against-iran-1.394347.htm
[6]- US General Martin Dempsey says US is preparing for possible strike on Iran.
http:/ / www.youtube.com/ watch?v=8cxoTBF_k-M
[7]- Panetta, "Iran cannot develop nukes", bloc strait – CBS News
www.cbsnews.com/ .../ panetta-iran-cannot-develop-nukes-block-strait.........
[8]- "The Revolt of the Generals Against War", http:/ / larouchepac.com/ node/ 20347
[9]- I.A.E.A report on Iran Nuclear program published in November 2011.
www.iaea.org/ newscenter/ focus/ iaeairan/ iaea-reports.html
[10]- "Analysis: closing strait a high cost for Iran".
http:/ / www.navytimes.com/ news/ 2011/ 12/ op-closing-strait-high-cost-for-iran-122911.
[11]- "US May Beef up Gulf Forces after Iraq withdrawal", Nov. 1. 2011
http:/ / www.military.com/ news/ article/ us-may-beat-up-gulf-forces...html
[12]- صادر عن نزار عبد القادر «ايران والقنبلة النووية - ÇáØãæÍÇÊ ÇáÇãÈÑÇØæÑíÉ»، ص 223-228، المكتبة الدولية في بيروت، كانون الأول 1977.
[13]- المصدر نفسه.
[14]- "Nuclear program of Iran". http:/ / en.wikipedia.org/ wiki/ nuclear_program_of_iran
[15]- Ibid
[16]- I.A.E.A Report on Iran Nuclear programg, November 2011. See annotation 9.
[17]- Ibid.
[18]- Haaretz, «Barak: Israel has not yet decided on military operation against Iran”, See annotation 5.
[19]- "Israeli Minister calls for tighten sanctions against Iran"
http:/ / www.hintonparklander.com/ ArticleDisplay.aspx?e=3305830
[20]- David Menashri, "The West can delay Iran's Nuclearization without launching a Hazardous War", Daily Star, January 30,2012, page 7, opinion.
[21]- The New York Times, "Iranians Accused of a Plot to Kill Saudi's U.S. Envoy", October 2011.
http:/ / www.ntimes.com/ 2011/ 10/ 12/ us/ us-accuses-iranians-of-plotting-to-kill-saudi-envoy.html.
[22]- Time Magazine, "Was Israel Behind a Deadly Explosion at an Iranian Missile Base".
http:/ / www.time.com/ time/ world/ article10,8599,2099376,00.html.
[23]- Dennis Ross, "On Iran, pressure works", Wall Street journal, Dec, 13, 2011.
http:/ / online.wsj.com/ article/ SB10001424052970204879004577108643499598220.html
[24]- Bloomberg, "Saudi King Abdullah calls for a closer Arab Gulf Union" Dec, 19, 2011
http:/ / www.bloomberg.com/ news/ 2011-12-19/ saudi-king-calls.......-1-html.
[25]- CBS "60 minutes", Panilla says Iran could have Nuclear Bomb in one year
http:/ / www.mysrateline.com/ fullteret-news?nnd_id=317102
[26]- Mathew Kroenig, "Time to attack Iran", foreign affairs.Essay Jan/ Feb.2012
[27]- "Leading from behind strategy", Jan, 7, 2012. http:/ / www.freerepublic.com/ focus/ f-bloggers/ 2829932/ posts.
[28]- Israel News, "Time to Attack Iran", Dec, 22, 2011. www.jewishawarness.org/ time-to-attack-iran/
[29]- David Albright, Paul Brannan, Andrea Stricker and Andrew Ostendall "Realitycheck: shorter and shorter time frame if Iran decides to make nuclear weapons", Jan, 18, 2012.
[30]- "Threads discussing war with Iran", Discussion in news and current events started by John Doe, Jan, 19, 2012.
http:/ / whyweprotest.net/ community/ threads-discussing-war-with-iran.98941.
[31]- "After Iran Gets the Bombs: containment and its complications", Foreign Affairs Article by James M. Lindsay, March/ April 2010.
http:/ / www.cfr.org/ united-states/ after-iran-gets-bomb/ p22182.
[32]- Stuxnet computer worm.wikipedia, the free encyclopedia, http:/ / en.wikipedia.org/ wiki/ stuxnet.
[33]- Shibley Telhami and Steven Kull, "Preventing a Nuclear Iran Peacefully". New york Times, January 15, 2012. see also "Israel public support for Middle East Nuclear Free Zone",
www.cns.miis.edu/ mnsg/ pdfs/ 0908-msng-mideast-nwfz. pdf.
[34]- Washington Post, David Ignatius , "Is Israel preparing to Attack Iran", February 2, 2012, the information in the article was leaked by Leon Paneta to exercise pressure on Netanyahu cautioning him of the consequences of such attack.
The Iranian nuclear Program in the new balances
of American strategy
The drums of war hasn’t stopped beating in the straight of Hormuz since 2003. These drums were beaten rotationally by the United States, Iran and Israel. Recently an intense debate between Israel and the United States tackled the possibility of recurring once again to the military option in order to face the continuous Iranian nuclear activities after the issuance of the last report from the IAEA in November 2011 which accused Iran of investing prompt efforts to attain nuclear weapons.
Amidst the fervent debate in Israel, Ehuda Barack criticized the “battle of terror” concerning the results of any military act launched by the Israeli air Force against Iranian Nuclear facilities. The Israeli PM also emphasized in the same time the necessity of keeping all the options available and the military option included to prevent Iran from possessing nuclear weapons.
Tension prevail in the relation between Iran and the west since the IAEA issued its last report which mentioned that Iran has resumed its special researches aimed at building nuclear weapons capabilities.
In light of these tensions which were aggravated by the continuous Israeli threats and the American warnings against any acts threatening navigation in the Straight of Hormuz, we must pose a series of embarrassing and important questions: what are the reasons which might push Iran to close the Straight? What will be the consequences of such acts on the oil market and world economy? Does Iran possess the necessary military capabilities to close the straight or hamper naval transportation in the Gulf? What will be the reactions of the United States vis-à-vis closing the straight or hampering shipments in the Gulf? What might be the results which originate from such actions taken by Iran on the security and economic level?
Answering these questions remains a very difficult task, however, I will attempt to answer most of them briefly in view of the close connection in addition to the need to determining the choices which might be Adopted by Iran and the United States to deal with this crisis.
Le programme nucléaire iranien au niveau de la balance de la nouvelle stratégie américaine
Les tambours de la guerre continuent à sonner à partir du détroit d’Hormuz depuis 2003. Les Etats-Unis, l’Iran et Israël s’échangent ce rôle. Les Etats-Unis et Israël avaient témoigné des débats graves sur l’éventualité d’avoir recours de nouveau à la force militaire afin de faire face aux activités nucléaires continues de l’Iran, surtout après la parution du dernier rapport de l’Agence internationale de la source nucléaire en novembre 2011, accusant l’Iran d’avoir consenti des efforts intensifiés visant à posséder l’arme nucléaire.
Au milieu du débat ardent qui régnait en Israël, Ehuda Barack a critiqué la panique de certains craignant les résultats de n’importe quel acte militaire que pourraient adresser les forces de l’air israéliennes contre les constructions nucléaires iraniennes, tout en insistant sur la nécessité de pouvoir avoir recours à toutes les options, y compris l’acte militaire afin d’empêcher l’Iran de posséder l’arme nucléaire.
Une grande tension domine les relations entre l’Iran et l’Occident depuis la parution du dernier rapport de l’Agence internationale de la source nucléaire annonçant que l’Iran a repris ses recherches visant à posséder l’arme nucléaire.
A l’ombre de ce climat de tension, accentué par les menaces iraniennes répétées, et les avertissements américains contre tout acte qui pourrait menacer la navigation au détroit d’Hormuz, il est nécessaire de poser une série de questions embarrassantes et importantes: quelles pourront être les causes et les circonstances qui pousseront l’Iran à fermer le détroit? Quels en seront les résultats sur les marchés de pétrole et l’économie mondiale? Est-ce que l’Iran possède le potentiel militaire nécessaire pour la fermeture du détroit ou pour entraver le transport maritime dans le Golfe? Quelle sera la réaction américaine face à la fermeture du détroit ou si le transport sera entravé dans le Golfe? Quelles pourront être les conséquences au niveau sécuritaire et économique si jamais l’Iran osera faire ce pas?
Il reste à dire que c’est très difficile d’obtenir des réponses à toutes ces questions à partir de cette recherche, mais je vais essayer de répondre brièvement à la plupart de ces questions, vu la liaison étroite existant entre elles, sans oublier la nécessité de définir les choix qui pourront être adoptés par l’Iran et les Etats-Unis pour faire face à cette crise.