ذكراهم خالدة

البطولة والفكر في تمثال نصفي للواء الركن الشهيد خليل كنعان
إعداد: ريما سليم ضوميط

لمناسبة مرور خمسة وعشرين عامًا على استشهاده
برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي ممثلاً بقائد منطقة جبل لبنان العميد الركن يوسف جرمانوس، أقيم في حديقة نادي الضباط – اليرزة، حفل إزاحة الستار عن نصب تذكاري للواء الركن الشهيد خليل كنعان، بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على استشهاده، حضره أفراد عائلة الشهيد وحشد من رفاق السلاح.

 

نجم ساطع في سماء الجيش
تخلّل الحفل كلمة للعميد الركن جرمانوس أشاد فيها ببطولات الشهيد «هذا النجم الساطع أبدًا في سماء الجيش، والذي شهد له القريب والبعيد، بعمق محبته للبنان وإخلاصه لمؤسسته، كما بجسارته في الملمّات، وإقدامه في المهمّات، والتزامه القسم العسكري حتى آخر نقطة من دمه»، مؤكّدًا أنه «صاحب التاريخ المشرّف الذي اتخذ من شعار لوائه «رمادي حياة للبنان»، عنوانًا لمسيرته المفعمة بالتضحيات والبطولات، محقّقًا النصر بعد النصر، والإنجاز تلو الآخر، في ساحات الدفاع عن الوطن، مشكّلاً بمناقبيته وجرأته وصواب رؤيته، مدرسة لضباط لوائه وجنوده، ينهلون منها القيم والمبادىء، ويستقون العبر والدروس والمآثر».
وتطرّق ممثل قائد الجيش الى ظروف استشهاد اللواء الركن كنعان، موضحًا أنه اغتيل في مثل هذه الفترة من العام 1986، على يد الغدر والخيانة، وكان الهدف الأول من عملية اغتياله، ليّ ذراع الجيش، والنيل من موقعه وحضوره ودوره الوطني، وبالتالي الإمعان في زعزعة ركائز الدولة، وجعل ساحة الوطن مستباحة للعابثين بأمن المواطنين والمعتدين على أرزاقهم وكراماتهم. وأكد أن «دماء شهيدنا التي سالت إثر تلك الجريمة الوحشية، قد استحالت في نفوس أبناء المؤسسة العسكرية جميعًا، نارًا تحرق وجه الأعداء وسيوفًا تقلّم أظافرهم، فكان عهد هؤلاء العسكريين مزيدًا من العزم والإصرار على إنقاذ الوطن، والسير على خطى الشهيد مهما اشتدت المصاعب وغلت التضحيات».
ووجّه العميد الركن جرمانوس، باسم قائد الجيش، تحيّة الى عائلة الشهيد وخصوصًا «قرينته الفاضلة التي استهدفت أيضًا في ذلك الإعتداء الغادر، وكانت مثالاً في تحمّل الآلام والجراح». كما حيّا كل من ساهم في تشييد النصب التذكاري ، معاهدًا اللواء الركن الشهيد أن تبقى ذكراه العطرة نبض قلوبنا، ومآثره الخالدة شعلة دروبنا، «وأن نبذل المستحيل حفاظًا على صورة لبنان الذي افتديت، لبنان السيد الحر المستقل، لبنان الإنسان والكرامة والعنفوان».

 

كلمة عائلة الشهيد
كلمة عائلة الشهيد ألقاها شقيقه المحامي إميل كنعان، فأكد أن اللواء الركن كنعان جمع في شخصه صفات العسكري النبيل والشجاع والمخلص لجيشه ولوطنه، وصفات الإنسان المحب والمتواضع والحاضن لجميع أفراد عائلته ورفاقه. وأوضح أنه لطالما حلم منذ نعومة أظافره أن يكون ذلك الضابط في صفوف الجيش اللبناني، مشيرًا الى أن مشقّات الحياة العسكرية لم تثنه عن شغفه العارم بالثقافة والقراءة والإطلاع، وقد كان سخيًّا فلم يبخل على تلاميذه في المدرسة الحربية وفي كلية القيادة والأركان بما حصّله من علوم ومعرفة. كما أشار الى أن المهمات المتضافرة والمسافات الطويلة لم تمنع اللواء الركن الشهيد من ممارسة رياضات متعددة وأهمها الفروسية التي حقّق فيها انتصارات محليّة وإقليميّة. وأضاف: «أتذكرك ذلك الفارس الأنيق على صهوة جوادك وكذلك في أخلاقك وتصرفاتك وروحك».


المواصفات الفنية للتمثال
تمثال اللواء الركن الشهيد خليل كنعان، عمل للفنان أنطوان برباري، وهو مصنوع من البرونز، من عيار الذهب القديم، ومسكوب بطريقة الشمع المفقود على يد الفنان نفسه. يبلغ ارتفاع التمثال 100 سنتم، أما عرضه فيبلغ 75 سنتم، بسماكة 45 سنتم. وقد عتّق بلون أخضر- بنّي فلورنتيني.
إستغرق إنجاز التمثال ستة أشهر، وقد استعان الفنان برباري بالصور الفوتوغرافية والفيديو وبآراء أفراد عائلة الشهيد لبناء صورة واضحة عنه. كما اطلع على كتابات له، «فيها الكثير من التأمل والعطاء والنبل» كما يشير الفنان برباري، الذي يؤكد أيضًا أن اللواء الشهيد كان مفكّرًا وكاتبًا ومثقّفًا. ويضيف أنه من هذا المنطلق سكبت في التمثال روح البطولة الممزوجة بنظرة الرجل المفكّر والإنسان المستعد للتضحية، وهي الصورة الحقيقية للواء الركن الشهيد.