- En
- Fr
- عربي
البيئة التي جذبت "القاعدة وأخواتها" إلى لبنان
توقَّع الباحث الفرنسي جيل كيبل، قبل سنوات، تراجع حركات "الجهاد الإسلامي" فكتب، وهو الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، عن انحدار هذه الحركات(1) بعد موجة الصعود التي شهدتها في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات في أفغانستان، والمملكة العربية السعودية وفلسطين إلى انقلاب الإسلاميين في السودان، وصولاً إلى "أرض الإسلام" في أوروبا، مروراً بما شهدته مصر والجزائر من تصاعد لهجمات الاسلاميين، والشهرة التي حازها بن لادن بعد هزيمة السوفيات في أفغانستان.
وإذا كان المؤلف قد انتهى إلى هذا الاستنتاج قبل "غزوة نيويورك" العام 2001 التي أعادت تسليط الضوء وتركيز الاهتمام على "الإسلاميين الجهاديين"، فإنه في الوقت نفسه لم يتحدَّث عن لبنان في هذا الكتاب الذي ضمَّ تقريباً كل التجارب التي قدمها "الإسلاميون" في بلدان عربية وإسلامية. ولعلَّ سبب غياب لبنان عن تلك التجارب أمران اثنان:
الأول: هو نموذج حزب الله المهيمن على تجربة الاسلاميين في لبنان كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي ستتوَّج، في العام نفسه لتأليفه كتابه، بتحرير جنوب لبنان.
الثاني: هو غياب أي نموذج "للجهادية السلفية" التي عرفتها البلدان العربية الأخرى. وربما لم يخطر في بال أي من الباحثين أن يشهد لبنان هذه التجربة التي ستتحوَّل إلى مسرح دامٍ من المواجهات بين الجيش اللبناني وما عُرف بظاهرة "فتح الإسلام" قبل أن يتم القضاء عليها كحركة أو كتنظيم، من دون أن يتضح الكثير من عوامل هذه التجربة وأسبابها، والتي فتحت حتى بعد القضاء عليها، أبواب الاحتمالات من انبعاثها مجدداً بأشكال وصيغ مختلفة تشي بان البيئة العسكرية والسياسية والاجتماعية، لبنانيًا وإقليميًا، التي ساهمت في ولادة "فتح الإسلام" ستكرِّر، على الأرجح، ولادة تجارب أخرى في الاتجاه نفسه والأساليب نفسها.
بيئة الولادة:
يمكن أن نتحدَّث عن مجموعة من العوامل المشتركة لنشأة ظاهرة "فتح الإسلام" التي حوّلت لبنان إلى ساحة من ساحات "السلفية – الجهادية" التي بدأت تنتشر ويعرفها العالم بعد احتلال العراق العام 2003.
1- ففي مطلع الثمانينيات، بعد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، لبّى الكثير من الحركات الإسلامية في العالم نداء "الجهاد" للذود عن "أرض الإسلام" التي احتلها "الكفار" الشيوعيون. وحظي هذا النداء بدعم دول عربية وإسلامية، والولايات المتحدة الأميركية وتشجيعها في وقت واحد. وقدِّم إلى هؤلاء المتطوعين المال والعتاد والتدريب، ورفع من شأنهم وشأن "الشهادة في سبيل الله"، وأطلق الإعلام العربي والدولي عليهم إسم "المجاهدين"، تأكيداً لمكانتهم الرفيعة، واعترافًا بنبل مهمتهم السامية، "واتسع التلاقي بين شبكات إسلامية والديبلوماسية الأميركية"1 .لكن تحرير أفغانستان أعقبه التبرؤ من "المجاهدين"، فلم يرغب أحد في عودتهم إلى بلدانهم ولا في الاعتراف بمكانتهم، لا بل تحوّل العائدون من أفغانستان إلى مطارَدين في أصقاع الأرض، ونشأ ما عُرف بظاهرة "الأفغان العرب" الذين قاتلوا في أفغانستان، ولم يتمكَّنوا من العودة إلى ديارهم، فتحوَّل هؤلاء بتشجيع من "الاتجاه المصري" بين المجاهدين في أفغانستان2، إلى قتال الحكومات التي انقلبت عليهم. وفي الفترة نفسها بعد تحرير أفغانستان وُلد تنظيم القاعدة الذي وضع هدفاً له هو "محاربة اليهود والكفار والصليبيين"، والذي سيجعل من أي مكان تطاله يد "المجاهدين" في الدول الغربية، وفي البلدان الإسلامية والعربية التي تخضع لحكومات "كافرة" – حسب تعبيرهم - عرضة للاقتصاص من احتلالها أو تعدِّيها على بلاد المسلمين، أو من كفرها وعدم حكمها بما "أنزل الله" وخضوعها لإرادة الغربيين.
وساهمت الثورة الإيرانية العام 1979 في تشجيع الإسلاميين على التقدُّم إلى ساحة المواجهة بعد انتصار تلك الثورة التي رفعت شعار الإسلام وقادها رجال دين. كما ساهمت في الفترة نفسها "الفريضة الغائبة" التي كتبها عبد السلام فرج في مصر، أحد أبرز منظري جماعة "الجهاد"، والتي نفَّذت عملية اغتيال الرئيس المصري أنور السادات العام 1981، في تقديم النموذج الذي ينبغي الاقتداء به في مواجهة حكام بلاد المسلمين. فكانت "الفريضة الغائبة" هي "الجهاد" ضد الحكومات "الكافرة" التي ينبغي التصدي لها مباشرة. وهكذا ستكون نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات المرحلة التي ستنمو فيها نبتة القاعدة، والتي ستجعل، في وقت واحد، من الغرب ومن الحكومات في البلدان الإسلامية والعربية "دار حرب"، وتفرض على باقي المسلمين قتالهم في كل وقت وفي كل زمان.3
استحوذ تنظيم القاعدة على الاهتمام الإعلامي والأمني والسياسي في حقبة التسعينيات عندما تحوَّل إلى ضرب أهداف أميركية في بلدان عربية وأفريقية، وعندما استطاع أن يهدِّد الاستقرار في بعض البلدان العربية من خلال مهاجمته عدة مراكز حكومية. لكن ذروة الصعود الذي حقَّقه تنظيم القاعدة ومعه شهرة زعيمه أسامة بن لادن كانت عملية الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 التي نسبت إليهم في قلب مدينة نيويورك، وأدت تداعياتها إلى تضامن عالمي مع الولايات المتحدة التي اتخذت من تلك العملية ذريعة لشن حربها المفتوحة على الإرهاب التي لم تتوقَّف إلى اليوم.
ساهم في تبرير منطق "السلفية – الجهادية" أيضاً الدعوات الأميركية التي جعلت من الإسلام عدواً جديداً (التهديد الأخضر) بعد أفول التهديد الشيوعي (الأحمر) إثر تفكك الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينيات (1991). وستغذِّي الدراسات التي روَّجت في الغرب لصدام الحضارات والتهديد الإسلامي، أطروحة القاعدة التي جعلت من هذا الغرب "دار حرب" لا يمكن إلا شن الحرب عليها. حتى أن بيانات القاعدة التي تلاها بن لادن نفسه أو أيمن الظواهري، كانت تستند دومًا إلى ما تفعله الولايات المتحدة خصوصًا والدول الغربية عامة في بلاد المسلمين من احتلال ونهب ثروات... في الوقت الذي كان العراق فيه تحت الحصار، ولبنان يتعرَّض لاعتداءات إسرائيلية متواصلة منذ العام 1993.
وساهم في تغذية منطق "السلفية – الجهادية" ما تعرَّضت له الحركات الإسلامية وحركات الإسلام السياسي من تضييق واعتقالات، وزج قادتها وكثير من أفرادها في السجون، ومنعها من المشاركة السياسية أو العمل العلني (في مصر والجزائر)، ما أدخل اليأس إلى نفوس بعض المنتمين إلى هذه الحركات والمؤسسين لها من إمكان التغيير المفترض عن طريق العمل السلمي، والاستنتاج بأن العنف وحده والقضاء على من هو في رأس السلطة هو السبيل المتاح والأفضل والأسرع للتغيير. وهو ما أطلق عليه هؤلاء "التغيير من القمة"، بدل العمل الإسلامي التقليدي الذي يعتمد "التغيير من القاعدة" (التربية والدعوة).
وتبيَّن أن الحرب التي شنَّتها الولايات المتحدة على الإرهاب لم تستهدف سوى حركات إسلامية، ولم تفرض العقوبات والتضييق إلا على المؤسسات والجمعيات ذات الانتماء الإسلامي، ما أكّد لبعض الإسلاميين أن الحرب هي كما يرون بين "دار الإسلام" التي يمثلونها هم، و"دار الحرب" التي يمثلها باقي العالم.
إن الأسباب المذكورة آنفاً جعلت من تيار "السلفية – الجهادية" يعتقد بأن عليه القتال لحماية "أرض الإسلام" التي تمتد من أقصى الأرض إلى أقصاها، ضد "دار الحرب" التي تمتد أيضاً بالاتساع نفسه. فهو لا يقاتل، إذاً، من أجل تحرير أرض إسلامية (فلسطين) أو إسقاط حكومة "غير إسلامية" في بلد محدَّد، بل يقاتل دفاعاً عن "الإسلام المهدَّد" وعن "الأمة الافتراضية" التي سيتصدَّى تنظيم القاعدة لحمايتها، والتي يتواصل أفرادها عبر "الإنترنت"، والتي لم تلحق بهم كما يفترض بها أن تفعل1. ومع إسقاط نظام طالبان في أفغانستان، تعرضت القاعدة إلى ضربة قاسية شتَّتت أفرادها وعزلت قيادتها. لكن احتلال العراق بعد ذلك ببضعة أشهر (2003) فتح أبواب الانتماء إلى أيديولوجية القاعدة على مصاريعها. واضطلعت شبكات الإنترنت بدور مهمٍ في جذب مئات الشبان، للالتحاق "بأرض الجهاد في العراق" لقتال المحتلين الكفرة ومعهم الشيعة "الكفرة" أيضاً في وقت واحد (فتاوى أبو مصعب الزرقاوي). وهكذا شهد العراق نمواً جديداً لتنظيم القاعدة، ولأمرائها الذين كانوا غالباً من جنسيات عربية غير عراقية. وعاد التنظيم في الوقت نفسه محور جذب الإسلاميين الذين يرغبون في الدفاع عن الإسلام، ويطمعون في الاستشهاد في سبيله.
كان من غير المنطقي أن يضم "القاعدة" بين صفوفه مقاتلين فلسطينيين لأن ما يجري في فلسطين ذاتها يحتاج بالبداهة إلى هؤلاء المقاتلين، وليس ما يجري في أي بلد عربي أو إسلامي آخر. ولذا لا داعي لهؤلاء المقاتلين إلى البحث عن العدو لكي يجاهدوا ضده. فالاحتلال الإسرائيلي لبلدهم يفترض أن يدفعهم إلى قتاله قبل أي احتلال أو أي هدف آخر.
وكان من غير المتوقَّع بالنسبة إلى كثير من الباحثين، وفي مراكز الدراسات المختلفة، أن يصبح لبنان "أرض جهاد" مباشرة، بدل أن يكون مثل دول أخرى أرض نصرة للمقاتلين في العراق، وذلك بعدما طويت صفحة التفكير في العودة إلى القتال في أفغانستان، علماً بأن الاحتلال الأطلسي - الأميركي في أفغانستان، هو نفسه الموجود في العراق. إلا أن تنظيم القاعدة اختار التوجه نحو العراق وترك أمر أفغانستان لطالبان وحدها.
هذه هي العوامل التي تفاعلت حتى ظهر تنظيم "فتح الإسلام" الذي يجمع في تسميته بين الانتماء الفلسطيني (فتح) وبين فكر القاعدة (الإسلام) وأسلوبها في العمل و الجهاد لتأسيس إمارة إسلامية (في شمال لبنان) - كما نُسِبَ إلى ذلك التنظيم - على غرار إمارة العراق وإمارة الأنبار الإسلامية.
البيئة الفلسطينية:
لم تكن المخيَّمات الفلسطينية في لبنان، بعيدة من التأثير الذي شهدته حركة "الجهاد" السلفية على المستويات الفكرية والعملية، وبيئة المخيمات، كما هو معلوم، يعشش فيها الحرمان، وحاجتها إلى الخدمات والبنى التحتية هي حاجة مزمنة، ومطالب "اللاجئين الفلسطينيين" قديمة ومتوارثة بتحسين شروط العيش والعمل.
وقد ألِف سكان المخيمات في الوقت نفسه حمل السلاح "دفاعاً عن القضية الفلسطينية"، والذي تحوَّل منذ العام 1982، بعد انسحاب مقاتلي منظمة التحرير من لبنان، إلى الدفاع عن التنظيم الذي يحمل السلاح بوجه التنظيمات الأخرى المقاتلة التي تنازعه الهيمنة والنفوذ. وبما أن المخيمات ليست جزيرة معزولة عما يجري في فلسطين أو في لبنان أو في البلدان الأخرى، كان من الطبيعي أن تشهد بشكل متوازٍ مع ما يحصل في تلك البلدان، نمواً للظاهرة الإسلامية ومؤيديها، من حركة حماس إلى تنظيم القاعدة، بأيديولوجيته "السلفية - الجهادية". وهكذا ستقدِّم المخيمات الفلسطينية ابتداء من عين الحلوة في صيدا إلى نهر البارد في الشمال، أسماء وتجارب لم تعرفها الساحة الفلسطينية في العقود الماضية، مثال عصبة الأنصار، وأنصار الله، وجند الشام، وفتح الإسلام... تعبِّر عن هذا التمازج بين الانتماء الفلسطيني التاريخي، وبين الانتماء الإسلامي "الجهادي" الحديث. كما ستشهد غزة في الفترة نفسها ظهور تنظيمات سلفية جهادية موازية مثل "جماعة سيوف الحق الإسلامية" و"جيش الإسلام" و"جماعة التكفير والهجرة". ومن عين الحلوة برز تنظيم سلفي هو "عصبة الأنصار" بعد اتهامه باغتيال الشيح نزار الحلبي (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية)، وباغتيال القضاة اللبنانيين الأربعة في صيدا. ولعلَّها ليست مصادفة على الإطلاق أن تشهد أكبر المخيمات في لبنان نمو الحركة السلفية – الجهادية (عين الحلوة ونهر البارد). فعين الحلوة هو أكبرهذه المخيمات على الإطلاق ويعيش فيه 80 ألف لاجئ فلسطيني ومواطن لبناني، ومساحته لا تزيد عن كيلومتر مربع واحد. كما شكّل المخيم في النصف الثاني من الثمانينيات، مقراً للفارين من الشمال، للتدريب تارة والاستعداد للعمل ضد القوات السورية في لبنان. ولم تذهب "الحركة الجهادية" في المخيم لقتال الاحتلال الأميركي لأنها كانت تعتقد "أن الأنظمة التي تقمع شعوبها هي ما يمنع الشعوب العربية والإسلامية من تحرير فلسطين ولا بد من إزاحة هذه الأنظمة وتغييرها قبل التخلص من المشكلة الإسرائيلية".1
ويكاد ينطبق تفسير نشوء الظاهرة "السلفية – الجهادية" في فلسطين، على الظاهرة نفسها في لبنان. "فلا صورة واضحة عن الظاهرة السلفية في قطاع غزة، ولا عن طبيعة الجماعات التي تحاول أن تربط نفسها بالاطار العام للحركة السلفية في العالم الاسلامي، وأن البيئة السياسية الفلسطينية التي تواجه الحصار والبطالة وتراجع فيها القانون... تسمح بزيادة عدد هذه الجماعات التي لا دراسات دقيقة في خصوص عدد اتباعها ومصادر تمويلها وعلاقاتها الداخلية والخارجية. ويساهم في اندفاع الشباب الى الارتماء في أحضان هذه الجماعات، للهروب من الواقع المؤلم، الانهيار الذي تشهده المنظومة الاجتماعية وغياب أفق انفراج الأزمة الداخلية".2
في دعوتها الأصلية تقوم السلفية على تطهير المجمتع الذي ظهرت فيه من التقاليد والأعراف والمعتقدات والشعائر التي تعتبرها جاهلية كزيارات المقابر والإيمان بالأولياء والتصوُّف الشيعي... وهي تهدف إلى تطهير الدين والتوحيد من الشرك والوثنية والعودة إلى الإسلام الصافي أو الأصلي3. وتعتبر السلفية نفسها "حركة دفاع عن صفاء العقيدة ضد آخرين ينوون تحريفها... وتحوِّل الآخر إلى خصم... وصولاً إلى أهل التصوُّف والشيعة. والسلفية تعتبر أن عقيدة الإسلام في تعارض تام مع عقيدة الغرب، وبالتالي فهي جهاد بين معسكري الإيمان والكفر... ثم اتسع الآخر الخارجي بالنسبة إلى السلفية ليشمل دائرته الكبيرة من القوى ضمن الدائرة الإسلامية من ليبراليين وعلمانيين وحتى إسلاميين... أصبحت ترمى بالتهم التكفيرية شتى ما سوَّغ للبعض أن يجنح نحو العنف واستخدام السلاح ضدهم"1.
وثمة من يعتبر أن السلفية بدأت كحركة تربوية ودعوة تحوَّلت إلى حركة جهادية "بعد ائتلافها مع الأصولية في أفغانستان، ما أدى إلى تدفق ما بين 15 إلى 20 ألف شاب على باكستان وأفغانستان من البلدان العربية المختلفة، فأنشئت لهم مخيمات للتدريب والتثقيف... أنتجت ما يمكن تسميته "السلفية الجهادية" التي تعادي الطاغوت العالمي، والتي وجَّهت جهادها بعد عودة الشبان العرب إلى بلدانهم "ضد دولهم الوطنية والقومية باعتبارها شكلاً من أشكال الطاغوت.. و"القاعدة" هي نتاج هذا التلاقح الجهادي"2.
هذا "الجهاد" لتقويض الدول الوطنية والقومية، وضد "الطاغوت العالمي" يسمح لنا بتفسير ما فعلته الحركة السلفية – الجهادية، وما رغبت في القيام به من إنشاء "إمارات إسلامية" في بعض المدن العراقية، وفي أفغانستان، ومن محاولة إنشاء إمارة مماثلة في شمال لبنان، كما ادعت "فتح الإسلام" أو كما نسب اليها.
البيئة اللبنانية لظاهرة فتح الإسلام:
لم يتسم الفكر السلفي في لبنان منذ بداية الخمسينيات بأي اتجاه نحو العنف، بل جعل "محاربة البدع" هدفاً له من خلال الدعوة والتربية والتعليم. وهكذا شهد لبنان عشرات المؤسسات السلفية التي تعمل علانية من دون أن يكون لها أي تأثير سياسي مباشر في كل التحولات التي عرفها لبنان في العقود الثلاثة الماضية. وقد أصدرت هذه المؤسسات والجمعيات السلفية بياناً أدانت فيه ما حصل في تظاهرة الأشرفية في 5/2/2006،( هناك22 مركزاً وجمعية وقف معظمها في شمال لبنان بين طرابلس وعكار)(3)، وأكَّدت أن منهج الدعوة السلفية من أبعد المناهج عن إثارة الفتن لأن منهجها يدعو إلى الجمع بين العلم الشرعي الصحيح والعقل الصريح.
لم يحظَ التيار السلفي في لبنان بالاهتمام الأمني والسياسي والإعلامي قبل اغتيال الشيخ نزار الحلبي (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية) العام 1995 على يد مجموعة إسلامية سلفية متطرِّفة. ثم تطوَّر هذا الاهتمام بعد ما عرف "بأحداث الضنية" والصدام مع الجيش مطلع العام 2000، وما نتج عنه من ملاحقات طالت الكثير من المؤيدين للتيار السلفي في لبنان من دون تمييز بين اتجاهاتهم، وبين من يؤمن منهم بالعنف ومن لا يؤمن به من أصحاب المدرسة السلفية.
تعرَّض السلفيُّون في شمال لبنان تحديداً بعد أحداث الضنية إلى ضغوط وملاحقات، بعد الاعتقالات التي حصلت في صفوفهم، فأقفلت إذاعة التوحيد، وتم حلّ "جمعية الهداية والإحسان"، وأغلقت "إذاعة القرآن الكريم"... وعلى الرغم من إصرار السلفيين – الدعويين – أو المدرسيين على نفي ارتباطهم باتجاه العنف السلفي، إلا أن الثابت أن من قتل في مواجهات الضنية كان ينتمي إلى أحد فروع القاعدة وإلى التيار السلفي – الجهادي11.
هكذا ستنمو أولى بذور "النقمة" على السلطة في لبنان داخل الحركة السلفية، التي لم تميِّز في الضربات والاعتقالات التي قامت بها بين سلفي وآخر، وستساهم التطورات السياسية اللاحقة في ري هذه البذور لتكبر وتتحوَّل إلى"ظاهرة" جديدة ستتسم باللجوء إلى العنف، بعد أن اتخذت قرار الانخراط في العمل السياسي المباشر. فقد تشكَّل العام 2004 ما سمي بـ "المكتب السياسي الإسلامي" الذي ضمَّ مجموعات ورموزاً سلفية إسلامية وتولى رئاسته الدكتور حسن الشهّال (أحد أبرز رموز الحركة السلفية في طرابلس)، والذي أوضح أن الهدف من المكتب هو "متابعة الأحوال السياسية التي يمرُّ بها لبنان... فلم يعد مقبولاً تهميش دور أهل السنة في لبنان بعد كل ما جرى. فلبنان لا يمكن أن يقوم من جديد إلا ولهذه الطائفة دور فاعل ومؤثر وأساسي. ومن هذا المنطلق أصدر المكتب السياسي أكثر من موقف وتصريح سعياً إلى تحقيق أهدافه ومنها دعم منصب رئاسة الحكومة الذي يؤكد المكتب ضرورة ألا يكون مكسر عصا في كل أزمة سياسية تعصف بالبلد...12
وبعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005 ستتجه الحركة السلفية في لبنان نحو السنية – السياسية أكثر فأكثر، على قاعدة "حماية أهل السنة" من التهديد السوري - العلوي13، والشيعي اللبناني. الأول لاتهامه المباشر باغتيال الرئيس رفيق الحريري والثاني "لتهديده موقع رئاسة الحكومة وموقع السنة في لبنان". فها هو حسن الشهال (رئيس المكتب السياسي الإسلامي) يرفض "تدخل حزب الله في الساحة السنية، فهذا أمر ممنوع سواء بإملائه بعض التوجهات أو الإرشادات، لأن قرارنا يجب أن يكون سنياً خالصاً"، معلناً في الوقت نفسه دعم الشيخ سعد الحريري في الانتخابات النيابية (2005).
ويقول: "عندما تبحث كل طائفة عن رأس لها فلماذا لا نفعل ذلك ولا نقف مع المهيأ ليكون رأس الطائفة السنية؟... وإن وفق الله سعد الحريري بأن يكون الرأس الأول في الطائفة فنحن لا نجد مصلحة إلا أن نكون معه وإلى جانبه.. لأن المطلوب هو الحفاظ على وضع الطائفة السنية من أن يهضم حقها السياسي والإداري والوظائفي... مؤكداً أن السعودية لا تسمح بأن يضعف أهل السنة في لبنان..."14
إن هذا التلاقي بين السلفية الإسلامية والإسلامية – الليبرالية ما كان من الممكن أن يتم بسبب التغيرات على الساحة الداخلية اللبنانية فحسب، (اغتيال الرئيس الحريري)، وتوجه حزب الله بقوة نحو السياسة الداخلية اللبنانية، ودعوته إلى إسقاط الحكومة. بل كان هذا التلاقي شديد التأثر أيضاً بما يجري من تحولات في المنطقة خصوصًا في العراق الذي سمح فيه الاحتلال الأميركي للشيعة برئاسة الحكومة، في حين تحوَّل السنة إلى طائفة تشعر بالتهميش، وتطالب تارة بإعادة الوضع العراقي إلى التوازن السابق الذي كان عليه (في النظام السابق)، وتارة بالمشاركة الفعلية الموازية للأكراد والشيعة، ذلك أن هذا الوضع الجديد للشيعة في العراق أثار المخاوف المتعمدة من "هلال شيعي" يريد التمدد والهيمنة على العالم السني. فكيف إذا أضيف إلى هذا الشعور بالتهميش في بغداد اغتيال أبرز زعيم "سني" في بيروت، في ظل "الإدارة السورية" المتهمة مباشرة ليس بقتله فحسب بل وبالمشاركة في تفكيك خلايا السلفيين في شمال لبنان وزجهم في السجون (2000)، وفي القضاء على الإخوان المسلمين في سوريا نفسها (في مطلع الثمانينيات). وقد حصل هذا التحول في "المزاج السني" باتجاه المحافظة على وضع الطائفة" في الوقت الذي اتجه فيه حزب الله، كما أشرنا، بقوة غير معهودة منذ نشوئه العام 1985، نحو الوضع الداخلي، ما سمح للقوى السياسية المناهضة له بالتركيز على هذا البعد المذهبي في انعطافته نحو الداخل، واتهامه الحكومة، ودعوته إلى رحيلها. وفُسّر ذلك من قبل المزاج السنّي إياه بالرغبة الشيعية في تكرار تجربة العراق التي هيمن الشيعة فيها على رئاسة الحكومة على أنقاض الحكومة السابقة. هكذا تلبَّدت في سماء الداخل اللبناني غيوم المذهبية منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلى اعتصام حزب الله والمعارضة في ساحة العاصمة والدعوة إلى إسقاط الحكومة، وصولاً إلى الإضراب العام، وما عُرف بأحداث الجامعة العربية في 25\1\2007 والتي اتخذت مجرياتها طابعاً مذهبياً واضحاً، وكادت تتطور إلى ما لا تحمد عقباه.
في ظل هذه البيئة الداخلية من الانقسام السياسي الحاد، ومن التغيرات الإقليمية، وما أعقب اغتيال الرئيس الحريري من مشاعر الغبن "السني"، والتدخل الخارجي القوي في تحولات ما بعد خروج القوات السورية من لبنان، كان من الطبيعي أن تتحول الساحة اللبنانية إلى بيئة مناسبة لتنظيم مثل "فتح الإسلام" للدفاع عن السنة تارة، ولتدريب المجاهدين وإرسالهم إلى العراق، تارة أخرى، ولكل الالتباس الذي رافق هذا التنظيم من علاقته بسوريا تارة إلى علاقته بقوى سياسية محلية تارة أخرى، ونية استخدامه في النزاع الداخلي إذا قدّر له أن يتحول إلى صراع بين الأحزاب أو المذاهب اللبنانية.
وإذا كان ثمة أسئلة كثيرة حول أهداف هذه المجموعة، ومدى صلتها بتنظيم القاعدة، (التي أكدها قائد الجيش ونفاها مع سوريا)، ومع أي طرف داخلي لبناني، فإن مشروعية تلك الأسئلة نابعة من غياب أي بيان أو موقف أو تصريح لهذه الجماعة قبل معركة "نهر البارد". وما تزال الشكوك تحوم حول انتقال هذا التنظيم من سوريا إلى لبنان، وحول انقلاب قادته على "فتح الانتفاضة"، وحول مقدرتهم على تجنيد الشباب من دول عدة عربية وأبرزها من المملكة السعودية، بعد أن تبيَّن وللمفارقة أن الفلسطينيين هم قلة بين أفراد هذا التنظيم.
وقد ساهم في تلك التساؤلات أن هذا التنظيم لم يعلن سابقاً عن أي وجود له في لبنان، ولم يعتمد سوى الأسلوب السري والأمني، وإنه لجأ مثل ما يحصل عادة مع تنظيمات مماثلة، إلى التمويه والانخراط في تنظيمات أخرى فلسطينية وغير فلسطينية داخل المخيمات، من عين الحلوة إلى نهر البارد، ومن صيدا إلى طرابلس التي تحتضن عشرات المنظمات والجمعيات السلفية الإسلامية، التي ذهبت كما أشرنا، وبعد اغتيال الرئيس الحريري، إلى دعم وريثه زعيم الطائفة الشاب سعد الحريري "لحماية الطائفة" في مواجهة "محاولات إضعافها من الداخل والخارج".
ساهمت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان في تموز 1993 ونيسان 1996 في تشجيع "الجبهة العالمية الإسلامية" التي يرأسها بن لادن، على إرسال مقاتلين إلى جنوب لبنان للقيام بعمليات ضد هذا الاحتلال، "فوصل عدد من هؤلاء إلى المخيمات الفلسطينية ولم يكتب لهم تنفيذ المهمة، فعاد بعضهم من حيث أتى، وبقي الآخرون في المخيمات"15.
وبعد احتلال العراق العام 2003 تحولت المخيمات الفلسطينية، خصوصاً عين الحلوة، إلى "مأوى للمجاهدين" الذين يأتون من الدول العربية إلى "أرض النصرة" التي هي لبنان، تمهيداً للانتقال إلى "أرض الجهاد" التي هي العراق، لمحاربة قوات الاحتلال الأميركية(2). ولعلَّ هذا الدور الذي اضطلع به مخيم عين الحلوة في "إيواء المجاهدين" هو الذي أثار الشكوك حول إيوائه لمقاتلي "فتح الإسلام"، ثم انتقالهم إلى "نهر البارد"، وهو الذي سمح بتجنيد مئات الشبان من الدول العربية الذين اعتقد الكثيرون منهم أنهم ينتقلون من بلدانهم متوجهين إلى العراق. ولم يتوقَّع هؤلاء وربما لم يدركوا أن نهاية المعركة التي يبحثون عنها ونهايتهم هم ستكون في لبنان. وسيخسرون في هذه المعركة حياتهم من دون أي أهداف واضحة تبرر لهم هذه التضحية بالنفس. ولعل هذا الشك (من دون أي توضيح رسمي) هو الذي أتاح للبعض اتهام أطراف سياسية لبنانية بالتخلِّي عن هذه الجماعة والرغبة في القضاء عليها بعد فشل توظيفها في الصراع الداخلي، أو بعدما تحوَّلت هذه "المنظمة" إلى وضع أهداف خاصة لها تنسجم مع أهداف القاعدة واستراتيجيتها في زعزعة الاستقرار الداخلي (تفجير في المناطق المسيحية، تنفيذ عمليات ضد اليونيفيل في جنوب لبنان، محاولة تفجير مقر المديرية العامة للأمن العام) كما كشفت التحقيقات مع أحد المعتقلين المرتبطين بهذا التنظيم (السفير 8/10/2007 ).
لم يكن تنظيم "فتح الإسلام" أول من يتهم بالانتماء إلى تنظيم القاعدة، فقد كشفت التحقيقات التي نشرتها الصحف اللبنانية (الأخبار 9/10/2007) أن ما سمي مجموعة الـ 13 التي اعتقلت في مطلع العام 2006 وضمَّت جنسيات مختلفة من السعودية ولبنان وفلسطين وسوريا، بايعت أيضاً أمراء تنظيم القاعدة، وعملت على تشكيل شبكة دعم لوجستي للمقاومة في العراق انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، والتحريض ضد طوائف أخرى، لكن هؤلاء الأمراء اتفقوا لاحقاً على تعديل مهمتهم وتوجيهها إلى الأنظمة العربية وبعض الدول الإسلامية التي كفّروها وبعض الطوائف اللبنانية (الأخبار 9/10/2007).
هكذا ساهمت الحرب على الإرهاب واحتلال العراق، في تعزيز منطق الحركات الإسلامية المتطرِّفة وأبرزها تنظيم القاعدة، كما استنتجت مجموعة أوكسفورد للأبحاث بعد ست سنوات على هجمات الحادي عشر من أيلول (النهار 8/10/2007). لكن ما يستحق التأمل بالنسبة إلى لبنان هو هذا التزامن بين أزمته السياسية الحادة، والانقسام الخطير بين طوائفه وقواه السياسية، مع استهدافه من جانب القاعدة، ومن تأثر بها من حركات إسلامية فلسطينية وغير فلسطينية، سواء "لنصرة المقاومة العراقية، أو لنصرة طائفة ضد أخرى في لبنان،أو لتأسيس إمارة إسلامية في مكان ما".
وإذا كانت المجموعات السلفية وجدت في لبنان، وفي شماله، وخصوصاً في مناطق الحرمان والإهمال من عكار إلى الضنية، أو في المخيمات الفلسطينية التي تفتقد هي الأخرى إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة المدنية، ناهيك عن تأثرها بكل ما يجري في فلسطين خصوصاً وفي باقي الدول العربية عامة، فإن ما أتاح لهذه الرياح السلفية أن تنتقل إلى لبنان لتجعله تارة أرض نصرة للمقاومة في العراق، وتارة أرض جهاد ضد قوى داخلية، هو الأزمة السياسية التي عصفت بلبنان منذ اغتيال الرئيس الحريري العام 2005، وما أعقب هذا الاغتيال من توتر أمني ومذهبي ومناطقي أتاح لمن شاء من تيارات "سلفية – جهادية" أو قوى إقليمية ودولية توظيف هذه الأزمة لأهداف أخرى لا تمتُّ إلى المصلحة اللبنانية بأي صلة، خصوصاً وأن ثمة من اعتقد أن هذا الانقسام سيترك أثره على الجيش اللبناني، بعد أن تعرض قبل هذه المعارك للتشكيك في عقيدته وفي دوره، وبعد أن تشتَّتت قواه في مناطق لبنان كافة (بما في ذلك جنوب لبنان)، وبعد أن انصرف لضبط الأمن بين الأطراف اللبنانية الداخلية، أو لجهة حاجته إلى الذخائر والعتاد، ما لم تخصص له الاعتمادات المالية المناسبة.
إذا كانت معارك "البارد" قد انتهت بعد تضحيات قاسية دفعها ومن دون تردد الجيش اللبناني، ومئات من القتلى من "فتح الإسلام"، والقضاء على هذا التنظيم الذي لم تكشف أسراره كافة، فهل يعني "انتصار" الجيش أن لبنان قد تخلَّص من "القاعدة" وأخواتها؟ وأن ما حصل في "البارد" لن يشجع آخرين من الاتجاه نفسه في محاولة تكرار التجربة في مناطق أو مخيمات أخرى في لبنان؟
إن ما تقدَّم حول ما يجري في العراق، واستمرار الحرب الأميركية على الإرهاب، لن يزيد "السلفية – الجهادية" إلا قدرة على تبرير ما تفعله وعلى تجنيد المئات "لمقاتلة الاحتلال أو الحكومات الكافرة" أو "زعزعة الاستقرار" الذي يتيح لها توفير بيئة مناسبة لتشكيل قواعد جهادية لا تطالها يد السلطة المركزية (الضعيفة وغير المستقرة).
وما تقدَّم حول الانقسام السياسي، والأزمة المستمرة وغياب التوافق بين القوى السياسية اللبنانية، والتوترات الطائفية والمذهبية التي رافقت هذا الانقسام، شكل بدوره حاضنة قوية ونقط جذب لمن يبحث عن أبواب الجهاد أو لمن يريد نصرة إخوانه في الدين في أي مكان وبأي ثمن، ما يعني أن القضاء على تنظيم "فتح الإسلام" لن يكون خاتمة مطاف هذا النوع من الظواهر التي لم يعرفها لبنان طوال العقود الماضية، ولم يتوقع له أن يكون ساحة لها. وإذا لم تردم هوة هذا الانقسام، فإن ظواهر أخرى مماثلة "لفتح الإسلام" ستعود مرة أخرى إلى الظهور، في لبنان، وربما في جنوبه تحديداً (بذريعة مقاتلة قوات اليونيفيل)، وربما في مناطق أخرى، بعدما بات العالم كله قرية صغيرة يتيح لمن أراد التنقل بين أرجائه، فكيف بلبنان البلد الصغير أصلاً...
1 Gilles Kepel: "Expansion et declin de l'islamisme", Gallimard. Paris 2000
2 Bert rand Badie, "L'Autre", presses de S. Politiques.Paris. 1996. P 244
3 Le Monde Diplomatique. "El Qaida contre Taliban, Deux strategies islamistes". N° Juillet 2007
4 عبد الوهاب المؤدب، "أحكام الإسلام السياسي"، دار النهار، بيروت، 2002.
5 راجع: أوليفيه روا، "عولمة الإسلام" دار الساقي، بيروت، 2003. ونشرت صحيفة الحياة في 2/9/2007 كيف تم تجنيد احد مقاتلي "فتح الإسلام" السعودي بالتواصل المستمر معه عبر هاتفه الخليوي الى أن تم اقناعه بالمجيء الى لبنان...
6 التاريخ المكتوم للجهاديين كما يرونه، جريدة الأخبار، 20/9/2007، ص 9.
7 السلفية الجهادية ودعاة احياء الخلافة، جريدة الاخبار، 28/8/2007، ص 20.
8- رضوان السيد، لقاء الاصوليين بالسلفيين في افغانستان، جريدة النهار، 23/9/2007، ص 13
9 - د. عبد الغني عماد، "الحركات الإسلامية في لبنان، إشكالية الدين والسياسة في مجتمع متنوع"، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2006، ص 306.
10 رضوان السيد، مرجع سابق.
3-عبد الغني عماد، مرجع سابق
11 عبد الغني عماد، مرجع سابق، ص 314
12 جريدة المستقبل، 12/5/2005، وعبد الغني عماد، مرجع سابق، ص 317.
13 جريدة الأخبار، التاريخ المكتوم للجهاديين كما يرونه، حلقة 13، 26/9/2007، ص 9
14 جريدة التحرير الطرابلسية. 23/1/2006. ص 5. في عبد الغني عماد. مرجع سابق 318.
15 الأخبار، مرجع سابق، 26/9/2007، ص 9.
The environment which attracted El Kaïda and its branches to Lebanon
First, the researcher points out to the error in the expectations of “Gilles Kebel” who anticipated a decline in the “Jihadist” Islamic movements during the “attack against New York” in 2001 and noticed that new factors has transformed Lebanon into one of the arenas of “Salafism-Jihadism especially with the mixture between the Palestinian affiliation (inside the camps) and the neo Islamic Jihadist affiliation. Afterwards, the researcher listed the cases of emergence of organizations in the Palestinian environment such as “Ousbat El Ansar”, “Jound El Sham” and “Fateh El Islam”. The researcher stated that the Salifite Thought in Lebanon wasn’t characterized by violence since the fifties but he noticed that the incidents of Donniyeh in the early 2000 as well as the following pursuits helped in increasing the feelings of grudge inside the Salafite movement in Lebanon. The assassination of prime Minister Rafic Hariri in 2005 prompted the Salafite movement in Lebanon more and more towards the Sunni political leadership, the thing that made it concur with the liberal Islamic movement represented by the Hariri family. This fact coincided with the Shiite rise in power in Iraq and the strong intervention of “Hezbollah” in internal policy in addition to the reports concerning the “Shiite Crescent” in the region. All these factors participated in shedding light on the sectarian cases especially the Sunnis in Lebanon according to the researcher and consequently attracted El Kaïda with the increase of internal divisions. This reality paved the way to “Fateh El Islam” which will not be the last organization of this sort according to the researcher.
L’environnement qui a attiré al-Qaïda et ses branches vers le Liban
Le chercheur attire au départ l’attention sur les anticipations erronées faites par Giles Kebel qui disait que les mouvements du Jihad Islamique lancés peu avant «la conquête de New York» en 2001 se rétrécissaient. Il considère que de nouveaux facteurs ont transformé le Liban en une scène pour les «salafites – jihadistes», notamment «la fusion entre l’appartenance palestinienne (à l’intérieur des camps) et l’appartenance islamo-jihadiste» moderne. Le chercheur énumère ensuite les cas où apparaissaient des organisations dans l’environnement palestinien, notamment « Osbet el-Ansar », « Jund el-Cham », « Fateh el-Islam »….. Alors qu’il remarque que la pensée salafite au Liban n’a pas été marquée par la violence depuis les années 50, il note que les évènements de Dennieh qui ont eu lieu au début de l’an 2000, et les poursuites qui leur ont succédées, ont contribué au développement du mécontentement au sein du mouvement salafite au Liban. Ensuite est venu l’assassinat du Premier ministre Rafic Hariri en l’an 2005 pour pousser le mouvement salafite au Liban de plus en plus vers le courant du sunnisme politique, ce courant a alors rencontré le libéralisme islamique représenté par le courant de Hariri. Ces faits se concordaient avec la prise du pouvoir par les chiites en Iraq, l’orientation massive du Hezbollah vers la politique de l’intérieur, puis l’accroissement du discours portant sur ce qui fut nommé « le croissant chiite » dans la région. Tout cela a mis le point sur les cas confessionnels, notamment le sunnisme au Liban, qui selon le chercheur, a attiré al-Qaïda, avec l’accroissement du schisme à l’intérieur… Ces facteurs ont ouvert la route devant «Fateh el-Islam», alors le chercheur voit qu’il ne serait pas la dernière organisation dans ce domaine.