- En
- Fr
- عربي
التجربة بالشعوب
يروى أن العالم الأميركي المشهور جوزيف إديسون أجرى ما يزيد على مائة اختبار حول فرضية معينة باءت جميعها بالفشل. ولما سأله صديق عما توصّل اليه في هذه الاختبارات أجاب: النتيجة هي أنها جميعاً فاشلة، وهذا شيء جيد. إديسون اكتشف الكهرباء، وغيّر وجه الحضارة الإنسانية، وجرّب كثيراً قبل ان يتوصل الى اكتشافه العظيم. لكن، إذا سألنا: ماذا جرب إديسون؟ كان الجواب استعمل في تجاربه معادن ومواداً كيميائية لا اكثر ولا اقل.
أما اليوم، فإننا نلاحظ الكثيرين من اصحاب السلطة في العالم يلجأون التجارب هم ايضاً لحل المشاكل الدولية، او على الأقل مشاكل الدول الضعيفة. فهم يجريون صيغة ما في هذا اليوم واذا فشلت يجربون غيرها في يوم اخر، ويفشلون ويجربون، وهكذا دواليك... وهم أصابهم ما أصاب إديسون، فشلوا في تجاربهم، لكن الفارق بينهم وبين العبقري الكبير، أن إديسون استعمل مواداً واستهلكها وخسرها، اما هم فاستعملوا شعوباً ودولاً ومضوا في استهلاكها بالتدمير والقتل وضرب الاقتصاد والإفقار وزعزعة الاستقرار.
لاشك في ان القدرة العقلية لهؤلاء الذين يجرون التجارب على الشعوب لا يمكنها أن تتوصل الى قدرة إديسون، الا ان هذا الأخير، وعلى ما يروى، كان هناك إمكانية دائمة للنقاش معه حول المسائل التي يختبرها فيما متسلطو اليوم لا تمكن مناقشتهم. انهم يصدرون الأحكام قبل إجراء التحقيق، وينفذونها قبل سؤال الضحية، ويحتلون دولاً ثم يفتشون عن سبب لاحتلالها، يطرحون صيغة تلو الاخرى، والنتائج في كل مرة هي الدم والدمار. وكل ذلك ليس مهماً في حساباتهم لأنهم في (طور التجربة)، والى ان تنجح التجربة يخلق الله ما لا تعلمون.