مقابلة

التحديات المالية كبيرة
إعداد: تريز منصور

يواجه الاقتصاد اللبناني والمصارف التجارية التحدي الأكبر في سلسلة تحدّيات، كان آخرها الحراك الشعبي الذي بدأ في السابع عشر من تشرين الأول، ما اضّطر الأخيرة إلى الإقفال القسري لمدة أسبوعين. وكانت الأسواق المالية تواجه أزمة سيولة بالدولار الأميركي، وبسعر صرفه المرتفع لدى مراكز الصيرفة، ما أنبأ باقتراب الانهيار المالي.
ما هو واقع عمل المصارف اليوم، وهل نحن أمام انهيار محتوم؟ عدة مواضيع أضاء عليها لمجلة «الجيش» الدكتور نسيب غبريل (كبير الاقتصاديين، ورئيس مديرية الأبحاث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك بيبلوس).

 

بداية هل نحن أمام انهيار مالي؟
ينفي الدكتور غبريل ذلك ويؤكد متانة السوق النقدي وثبات سعر صرف الليرة المحدد من قبل مصرف لبنان. ويعتبر أنّه لا خوف من انهيار العملة، وأنّ ظاهرة الخبراء الاستراتيجيين مزدهرة في البلد، وكلّ منهم يتنبّأ بحدوث أزمة انهيار مالي في لبنان مشابهة لأزمة اليونان والأرجنتين أو قبرص وتركيا... وأنّ الكثيرين يحاولون استغلال الحراك اليوم والخروج بنظريات مختلفة، فيزرعون الهلع في النفوس، مشيرًا إلى أنّنا نحتاج في لبنان إلى الثقافة الاقتصادية الحقيقية، وليس إلى ثقافة الشائعات.
ويضيف: إنّ المصارف اللبنانية تحوز ثقة المودعين والمستثمرين نتيجة تراكم خبراتها، التي أسهمت في الحفاظ على ودائعهم على الرغم من الأزمات والتحديات الكبيرة التي واجهتها وما زالت تواجهها، بغضّ النظر عن نسب الفوائد المرتفعة، فالثقة هي العنصر الأهم. ولكن المصارف تحتاج إلى صدمة إيجابية، تنتج عن ورشة إصلاحات كبيرة تقوم بها الدولة، بداية مع تشكيل حكومة من المتخصصين تعمل بمهنيةٍ عالية وتطبّق القوانين الموجودة بشفافية، كي تنقذ الاقتصاد من الظروف الصعبة.
 

• ما هو الدور الأساسي لمصرف لبنان والمصارف التجارية في هذه المرحلة؟
بدئيًا ينحصر دور مصرف لبنان والمصارف التجارية بثلاثة أدوار رئيسية وهي: تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية، لجم التضخّم والحفاظ على ملاءة المصارف التجارية.
وكل ما هو خارج هذه المهمات الثلاث، اضطرّ مصرف لبنان للقيام به للأسباب الآتية: سوء الإدارة العامة، المال السائب الذي لا تحصّله الدولة، المحاصصة السياسية، انعدام المحاسبة، الشلل المؤسـساتي والفراغ السياسي على فترات طويلة من الزمن.
فالفشل السياسي، وغياب الحوكمة والإدارة الرشيدة، أمور أجبرت مصرف لبنان على إصدار سلّات تحفيزية سنوية، لدعم الاقتصاد منذ العام ٢٠١٣ ولغاية ٢٠١٩، علمًا أنّ تحفيز العجلة الاقتصادية وتحسين المناخ الاستثماري هما من مسؤولية الحكومة مجتمعة. وقد تحمّل مصرف لبنان مسؤولية سدّ قسم من الفراغ الرئاسي والحكومي، وتحمّل أعباء الأوضاع الاجتماعية والحياتية للمواطنين، في وقت لم تكن أولويات هذه الحكومات اقتصادية ومالية واجتماعية، إذ طغت أولوياتها السياسية على كل ما عداها.
وبالتالي، اضطر مصرف لبنان إلى دفع مستحقات «اليورو بوند» وسندات الخزينة بالدولار في شهري نيسان (٥٠٠ مليون دولار)، وآيار (٦٠٠ مليون دولار) من العام الجاري، إضافة إلى الفوائد المستحقّة، علمًا أنّ هذا الأمر هو من صلاحية وزارة المالية، التي كانت عاجزة عن ذلك.
واعتبر غبريل أنّ تلكّؤ السلطتين التنفيذية والتشريعية في تحمّل مسؤولياتهما، دفع بمصرف لبنان إلى سدّ الفراغ، ودعم القروض السكنية لمدة عشر سنوات، (بين منتصف ٢٠٠٩ وأوائل ٢٠١٨)، في حين أنّ الحكومة لم تبذل أي جهد خلال هذه الفترة، لإعداد سياسة إسكانية لا تقتصر على القروض السكنية المدعومة فقط، بل تشمل أمورًا أخرى متعلقة بالأمن السكني.
كما أسهم مصرف لبنان في تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات (Satrtups)، أي دعم اقتصاد المعرفة من خلال آلية عُرفت بالتعميم ٣٣١، الذي هو أيضًا من مسؤولية السلطة التنفيذية بالمطلق.
 

• كيف يمكن أن توفّر الدولة التمويل اللازم لتحفيز الاقتصاد وإطلاق عجلة النمو الاقتصادي؟
- بإمكان الدولة الحصول على الأموال من خلال تفعيل الجباية، ومكافحة التهرّب الضريبي، وإغلاق المعابر غير الشرعية، ومكافحة التهرّب الجمركي، وتطبيق القوانين المتعلقة بالفساد والشفافية، وإيجاد حلّ جزري لقضية الأملاك البحرية والنهرية غير الشرعية، إضافة إلى حلّ قضية الكسارات غير الشرعية، وإلغاء الاقتصاد الموازي الذي يشكّل نحو ٣٠٪ من حجم الاقتصاد ويشمل مصانع غير شرعية تضرب الصناعة اللبنانية، وشركات مالية لا تملك رقمًا تجاريًا، ناهيك عن أكبر حوت مالي وهو قطاع المولّدات الكهربائية غير الشرعي، الذي يحقّق أرباحًا تبلغ٢٦٠ مليون دولار سنويًا. يضاف إلى ما سبق ذكره فواتير الكهرباء غير المدفوعة بقيمة مليار و٢٠٠ مليون دولار، من قبل وزارات وإدارات عامة ومجالس وصناديق، والفواتير غير المحصّلة من المخيّمات الفلسطينية والبالغة ٤٠٠ مليون دولار أميركي، والتي أشار إليها مشروع إصلاح الكهرباء الذي وافقت عليه الحكومة المستقيلة. كذلك فواتير اتصالات بقيمة ٢٢ مليون دولار غير محصّلة من قبل الوزارات، والتي وردت في أحد بنود موازنة ٢٠٢٠.
وبالتالي، بات من الضروري تحصيل مال الدولة السائب الذي يمكّنها من تمويل كل هذه المشاريع.
ومن ناحية أخرى، بإمكان الدولة التخفيف من نسبة الهدر والنفقات غير المجدية. فالقطاع المصرفي ليس قجّة للدولة، وأموال المصارف هي ملك للمودعين.
واعتبر الدكتور غبريل أنّ الشعارات التي يطلقها البعض حول استفادة المصارف من ديونها للدولة اللبنانية، حارمةً القطاع الخاص من القروض غير واقعية، ولا تستند إلى أرقام حقيقية.
وقال: إنّ القطاع المصرفي يشكّل ٩ في المئة من الناتج المحلي، وقد موّل وما زال، مؤسـسات القطاع الخاص والأسر بـ٥٦ مليار دولار لغاية آب ٢٠١٩، في حين أنّ قيمة تسليفات المصارف للدولة هي بـ٣٢ مليون دولار ونصف، بما في ذلك سندات الخزينة وسندات اليوروبوند.
 

إجراءات وقائية
• كيف تصف الواقع اليوم، وما هي الإجراءات الاستراتيجية التي تتخذها المصارف لمواجهة التحديات؟
- بسبب سوء إدارة الشأن العام، وبسبب القرارات المتهوّرة وغير المدروسة وسوء تطبيقها، نشأت أزمة ثقة بين القطاع الخاص والسلطات السياسة والحكومات المتعاقبة، ومن ثم انتقلت إلى المسثتمرين ومن بعدها إلى الشعب.
وهكذا نشأت أزمة السيولة، إثر إقرار سلسلة الرتب والرواتب في نهاية العام ٢٠١٧، وإقرار قانون رفع الضرائب في المقابل بحجّة تمويلها. فارتفعت الضريبة على الاستهلاك، وعلى الدخل والأرباح وعلى الأموال المنقولة، كما ارتفعت كلفة المعاملات مع الدولة. وكل هذا حصل في ظل اقتصاد بطيء النمو. ويُذكر هنا، أنّه عندما ينمو الاقتصاد ببطء، من غير المنطقي والطبيعي زيادة الضرائب على الناس، بل على العكس من ذلك، من الضروري منح حوافز ضريبية.
لقد أدّت الضرائب العشوائية إلى إعادة توزيع ضخمة للدخل من القطاعات المنتجة، أي القطاع الخاص والأفراد والأسر، إلى القطاع العام المترهّل مع سوء إدارته. ما أدّى إلى تراجع في الأسواق التجارية (تأخير في الدفع بين جميع عناصر العملية التجارية والصناعية).
والسبب الثاني لتراجع السيولة في الأسواق، هو عدم تضمين موازنة ٢٠١٩، الإجراءات الإصلاحية والتخفيضية للنفقات والهدر والعجز، والتي كانت تنتظرها الأسواق المالية والتجارية كما القطاع الخاص والمستثمرون والاغتراب اللبناني. فقد جاءت هذه الموازنة مخيّبة للآمال، ولم تُحدث أي صدمة إيجابية في الاقتصاد، بل على العكس من ذلك، حملت المزيد من الضرائب، وجاءت عملية تخفيض النفقات في القطاع العام خجولة جدًا، وغير مقنعة وكافية، ما أدّى إلى تنامي أزمة الثقة.
المشروع الأول لموازنة ٢٠٢٠ حمل أيضًا الضرائب المقنّعة غير المباشرة، وخصوصًا في الإجراءات الموازية لها، كالضريبة على صفيحة البنزين (تحديد حدّ أدنى للصفيحة وتحديد سقف تحويلات الخزينة لكهرباء لبنان، ممّا يعني أنّ الوزارة ستعمد إلى تخفيض الإنتاج أو إلى رفع كلفة التعرفة)، إضافة إلى الضريبة على التبغ، والضريبة الشهيرة على خدمة الـواتساب.
وبالتالي، جاءت النتيجة مزيدًا من الضرائب تُطبّق في أوقاتها وبحذافيرها، وغياب تام لخفض النفقات، وإبقاء الكلام عن الإصلاحات في الخطابات والنصوص فقط، ما خلق أزمة سيولة في الأسواق.
 

• ماذا عن الإجراءات التي اتخذتها المصارف، لناحية تحديد سقف السحوبات المالية ولا سيّما الأجنبية منها قبل الإقفال القسري وبعد الافتتاح؟
- المصارف مضطّرة إلى تلبية طلب جميع الزبائن من خلال الموجودات في البنوك. ويمكن لأصحاب الودائع نقل الموجودات بالليرة اللبنانية إلى مصرف ثانٍ، أو تحويلها إلى عملة أخرى عند الاستحقاق. ولكن في المقابل، يحقّ للمصرف إقناع العميل بإبقاء هذه الوديعة في المصرف وإبقائها بالليرة اللبنانية، أو بتجميدها بعد تحويلها إلى عملة أخرى، على اعتبار أنّ المصرف ليس بجمعيةٍ خيرية.
إنّ قرار إقفال المصارف لمدة أسبوعين كان يتحدّد يوميًا. فالقضية نجمت عن الخوف على ٢٦ ألف موظف مصرفي منتشرين في مختلف الأراضي اللبنانية، إضافة إلى الخوف من أعمال الشغب، على الرغم من حضارية هذا الحراك. كما أنّ المراكز الرئيسية للمصارف موجودة في بيروت، وكل مصرف منها يضمّ نحو ٤٠٠ موظف، وبالتالي لا يمكن تعريض حياة الناس (موظفين وزبائن) إلى الخطر.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ مراكز خدمة الزبائن لبّت جميع طلبات زبائنها، كما أنّ أجهزة الصراف الآلي كانت تؤمن السيولة، باستثناء يوم واحد. كما أنّ التواصل بقي مستمرًا بين الزبائن والشركات ومدراء المصارف والمسؤولين عن التسليفات، هذا عدا تطبيقات الهواتف الذكية الخاصة بكل مصرف، التي ساعدت العميل على متابعة حركة حسابه...
جدير بالذكر هنا أنّ المصارف اللبنانية واجهت ظروفًا أصعب من هذه، خصوصًا في العام ٢٠٠٥، إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث دخل لبنان في نفق مجهول لمدة شهرين، وكذلك خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز ٢٠٠٦، بحيث اضطر نحو ٩٠٠ ألف عميل إلى الانتقال من الجنوب إلى مناطق أخرى، إضافة إلى تدمير البنى التحتية. وبفضل التنسيق التام والدائم بين المصارف ومصرف لبنان، حافظت المصارف على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، وعلى الودائع المصرفية، الأمر الذي عزّز الثقة بالمصارف وبالسياسة النقدية.
وهذا ما كان عليه الحال مع نشوء الحراك الشعبي، إذ كان التنسيق تامًا بين جمعية المصارف ومصرف لبنان، لمواجهة جميع السيناريوهات المحتملة، وأكد المركزي للمصارف تأمين السيولة اللازمة، عند الحاجة، وتلبية طلبات جميع الزبائن في أسرع وقت ممكن، واعتماد السعر الرسمي لصرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
وفي المقابل، أصدر الحاكم تعميمًا يطلـب فيـه زيادة رسملـة المصارف ٢٠ في المئة من الأموال الخاصة الأساسية، وذلك عن طريق استقطاب رؤوس أموال جديدة، وعدم توزيع الأرباح على المساهمين. ومن شأن هذا التعميم بث روح الثقة ومساعدة المصارف على مواجهة تحدّيات هذه المرحلة الدقيقة.
وأضاف غبريل: فتحت المصارف أبوابها، بعد الإغلاق القسري، أمام الزبائن نهار الجمعة الواقع في الأول من تشرين الثاني، فشهدت ازدحامًا طبيعيًا بسبب تهافت خلاله الزبائن لسحب رواتبهم، إضافة إلى تراكم الفواتير والطلبات المتأخرة.
كان هناك تخوّف من انهيار الليرة، نظرًا لحجم الشائعات التي انتشرت وللظروف المالية والاقتصادية والسياسية التي يمرّ بها لبنان. لم يحصل ولبّت المصارف جميع الطلبات، وفتحت أبوابها لغاية الساعة الخامسة من بعد الظهر، وكان يوم السبت يوم عمل أقل من عادي.
ولا يمكن إغفال أنّ ثمّة مودعين طلبوا تحويل ودائعهم إلى الدولار، فنفّذت المصارف عمليات التحويل، شرط تجميد هذه الودائع.
 

• ما هو دور تحويلات المغتربين في توفير السيولة إلى المصارف اللبنانية، ولا سيّما تلك الأجنبية منها، وهل هي في تناقص كما يشاع؟
- لا صحة للمعلومات المتداولة عن انخفاض نسبة تحويلات المغتربين. فقد بلغت في العام ٢٠١٩ وفق مصادر البنك الدولي ٧ مليارات و٣٠٠ مليون دولار للبنان، وهي تفوق تحويلات العام الماضي (٢٠١٨)، التي بلغت نحو ٦ مليارات و٩٤٠ مليون دولار.
وهذا مؤشر إلى أنّ لبنان يملك طاقات مالية وبشرية، وخصوصًا في عالم الاغتراب، والمغتربون يرغبون في العودة إلى لبنان والاستثمار فيه، وتسخير كل طاقاتهم وعلاقاتهم ومواردهم لمصلحة اقتصاده، ولكنهم يحتاجون إلى الثقة التي توفّرها الشفافية، ومكافحة الفساد، فضلًا عن وجود حكومة منتجة وفعّالة.
وبالتالي، فإنّ القضية هي قضية ثقة بالقطاع المصرفي. الأموال موجودة في لبنان، وقيمة الموجودات لدى المصارف التجارية لغاية آخر آب بلغت ١٧٢ مليار و٥٠٠ مليون دولار، ٧٢٪ منها عملات أجنبية، وهذه النسبة قد تكون ارتفعت في شهري أيلول وتشرين الأول.
 

• ما هو حجم الخسائر التي نجمت عن الإقفال القسري للمصارف؟
-تتعرض المصارف لخسائر ماكرو اقتصادية منذ العام ٢٠١٧، بسبب التباطؤ الاقتصادي وانعدام الثقة بالدولة، فهي لا تعمل في جزيرة معزولة عن بيئة الأعمال والوضع الاقتصادي. والقطاع المصرفي يسلّف جميع القطاعات الاقتصادية وكذلك الأفراد. لقد كانت توقّعات النمو مع بداية العام الماضي ٢٪ وجاءت النتيجة ٠.٤٪، وبسبب الفارق بين التوقّعات والنتائج المحقّقة، تكبّد الاقتصاد فرصًا ضائعة وخسائر اقتصادية بلغت ٨ مليارات و٧٠٠ مليون دولار. وبالتالي هي فرص ضائعة للمصارف لناحية تسليف الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأفراد والاستثمارت الجدية المباشرة... والأمر نفسه يسري على توقعات النمو للعام ٢٠١٩ والتي كانت نحو ٢٪، وأعتقد أنّنا سوف ننتهي بنسبة ناقص ٠.١٪، ممّا يعني أنّ نسبة الخسائر لهذا العام، ووفق حساباتنا، هي ١١ مليار دولار فرص ضائعة للاقتصاد اللبناني، ولا علاقة للحراك الشعبي بها.
أخيرًا، وفي ما يتعلق بالمشكلة التي تشهدها قطاعات كالنفط والطحين والدواء...أكد أنّ المستورد وحده يتعامل بالدولار وعلى الموزّعين ومحطات الوقود والأفران وغيرهم التعامل بالليرة اللبنانية فقط. وأوضح أنّ القضية بدأت في قطاع المشتقات النفطية، بحيث أنّ الكمية المستوردة في أول سبعة أشهر من العام ٢٠١٨ كانت ٤ ملايين و٨٠٠ ألف طن، في حين بلغت ٨ ملايين و٢٠٠ ألف طن للفترة نفسها من العام ٢٠١٩، وهي في معظمها من مادة المازوت المخصّصة لكهرباء لبنان (نحو ٣ ملايين و٧٠٠ ألف طن أي بزيادة ٣ مرات، مقارنة بالأشهر السبعة الأولى من سنة ٢٠١٨). وبالتالي ارتفعت قيمة فاتورة الاستيراد مليارًا و٧٠٠ مليون دولار، وهو مبلغ يصعب توفيره، ما أدى إلى شحّ في السيولة ولا سيّما في الدولار.
 

الفراغ الرئاسي والحكومي
شهد لبنان فترات من الفرغ الرئاسي والحكومي منذ العام ٢٠١٣ وكانت كالآتي:
- سنتان ونصف فراغ في رئاسة الجمهورية.
-١١ شهرًا لتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام.
- ٨ أشهر لتشكيل حكومة الرئيس الحريري الحالية في كانون الثاني ٢٠١٩.
 

نفقات الحكومة في العام ٢٠١٨ تفوق نفقات قطر
وصلت قيمة نفقات الحكومة اللبنانية إلى ١٨ مليار دولار في العام ٢٠١٨، ما يساوي ٣٢٪ من الناتج المحلي، أي أعلى من نفقات الحكومة الإماراتية (٣٠٪ من الناتج المحلي)، والحكومة المصرية (٣٠٪ من الناتج المحلي)، وحكومة قطر التي تشكل نفقاتها ٢٩٪ من الناتج المحلي، والتي تعتبر أكبر مصدّر للغاز في العالم.

 

أسباب أزمة السيولة
وفق الدكتور غبريل فإنّ أبرز أسباب أزمة السيولة هي:
- تمسّك الأفراد والشركات بالسيولة لديها، وتأجيل مشاريع استثمارية.
- الرزوح تحت ضغط الأعباء التشغيلية، وكلفة المعاملات المرتفعة مع الدولة.
- تراجع في بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار.