تاريخ عسكري

التنظيمات العسكرية في الجيوش القديمة
إعداد: د. شادية علاء الدين

وضائع وأشاهب... دارعون وخالدون وتسميات أخرى

يشكل التنظيم العسكري للجيوش واحدًا من أهم عوامل الكفاءة القتالية وتحقيق النصر. وقد عرفت الجيوش القديمة أشكالًا مختلفة من التنظيم العسكري.

 

الجيش الأشوري
حقق الجيش الأشوري عدة انتصارات في حروبه، خصوصًا في القرنين الثامن والسابع ق.م، وقام الملوك الأشوريون بفتوحات واسعة حيث تملّكتهم رغبة شديدة بالسيطرة على جميع أنحاء العالم، فأنشأوا جيوشًا لم تعرف الهزيمة والانكسار مدة طويلة. وقد تميّز الأشوريون عن غيرهم من الجيوش في بلاد ما بين النهرين بقوة جنودهم ومعداتهم الحربية المتنوّعة والخطط الحربية المدروسة في ساحة القتال، فضلًا عن معرفتهم بفن الفروسية المتطور. وتشكل الجيش الأشوري من الفرق الآتي ذكرها:
• فرق الخيالة الثقيلة التي شكلت أهم العناصر الهجومية في الجيش الأشوري.
• فرق المشاة، وهم الأكثر عددًا، وتضم الرماة وحاملي الحراب.
• فرق من الجنود مجهّزة بالفؤوس والمعاول لشق الطرق في الجبال ونصب الجسور والقيام بالحصار.
• فرق للتموين لتأمين حاجات الجيش من غذاء وعتاد، تحملها الجمال والحمير.

 

المناذرة والغساسنة
لم يعرف الغساسنة جيشًا منظمًا، وإنما كانوا يعبئون الرجال في اثناء الحرب، حيث يعود هؤلاء بعدها لممارسة حياتهم اليومية المعتادة، غير أن المناذرة تعرّفوا إلى بعض النظم العسكرية بعد تعاملهم مع الفرس والبيزنطيين وقسموا جيشهم الى خمسة كتائب، وهي:
• الرهائن، وهي فرقة تتألف من خمسماية مقاتل من رهائن قبائل البادية،يستبدلون بخمسماية آخرين دوريًا ومهمتهم حراسة باب الملك اللخمي ملك الحيرة.
• الصنائع، وهي فرقة تضم رجالًا من قبيلتي بني قيس وبني تميم، وتشكل حرس الشرف الخاص بالملك.
• الوضائع، وهي كتيبة تضم الف مقاتل، وتبدّل كل عام ومهمتها خدمة الملك اللخمي.
• الأشاهب، وهي كتيبة من قبيلة الملك نفسه.
• دوسر، وهي الكتيبة الأكثر قوة وبأسًا مؤلفة من مختلف القبائل في المملكة.

 

الفرس
تميّزت الأمبراطورية الفارسية بتنظيماتها المتطورة في التاريخ القديم، وتألف الجيش الفارسي من أربعة انواع من المحاربين:
• الفرسان أو الأساورة، وهم قوة الجيش الضاربة وأساسه، ويقسمون الى ثلاثة انواع:
- الفرسان الدارعون وهم الفرسان النبلاء الذين شكّلوا النخبة الممتازة في الجيش بحيث يتوقف النصر على شجاعتهم وقوتهم، وكانوا يتقدمون الجيوش ويشكلون عماد المعركة.
- فرقة الخالدين أو الفرسان المختارين، وهي مؤلفة من عشرة آلاف فارس.
- فرقة الفدائيين، وهم الفرسان الذين تميّزوا بالجرأة واقتحام المخاطر.
• الفيالة، وهم الجنود راكبو الفيلة ويصطفون خلف الفرسان في المعركة.
• المشاة، وهم، فرقة من الفلاحين الفقراء يأخذون مواقعهم في المعركة خلف المحاربين حيث يعملون على خدمة الفرسان وهدم الأسوار.
• الفرق الرديفة وتتشكل من الجماعات المحاربة التي تقطن أطراف الدولة.

 

البيزنطيون
قسم الجيش البيزنطي الى فرق تسمى كراديس كل منها يتألف من 600 جندي. وضمّ الجيش البيزنطي في عهد «جوستنيان» حوالى 150 ألف جندي، وكانت التنظيمات العسكرية البيزنطية كما يأتي:
• التيما، ويضم عشرة آلاف جندي يقسمون الى فرقتين متساويتين تسمى كل منهما تورماي.
• التورماي وهي فرقة تضم خمسة آلاف جندي وتقسم إلى خمسة عصبات متساوية تسمى كل منها: باندا.
• العصبة أو الباندا، وهي بمثابة فوج يضم ألف جندي، وتقسم إلى خمس وحدات متساوية تسمى كل منها :بنتارخيا.
• البنتارخيا، وهي بمثابة كتيبة مؤلفة من مايتي جندي.
• وحدة العشرين، وهي فصيلة تضم عشرين جنديًا.
• وحدة العشرة وهي بمثابة حضيرة تضم عشرة جنود.
يقود الفرق العسكرية عدد من القواد العسكريين، ويترأسهم الأمبراطور البيزنطي الذي كان القائد الأعلى للجيوش.

 

المماليك
تألفت القوة العسكرية في طرابلس الشام، في عهد السلطان قلاوون، من نوعين من الجند:
• أجناد الحلقة، وهم من الفرسان الأحرار من غير المماليك الذين يتم اختيارهم من العناصر المحليين في المناطق المختلفة لحماية الدولة والحفاظ عليها. وقد استولى السلطان قلاوون على طرابلس بعد تنظيمه حامية خاصة منهم حيت تسلموا مهمة الدفاع عنها (1288 - 1289م ). وقسم أجناد الحلقة الى: «أمراء أربعون» و«أمراء عشرة» و«أمراء خمسة». وقد ألغى المماليك «أجناد الحلقة» في أواخر عهد دولة المماليك البحرية، حيث أبقوا منهم فقط بعض التعيينات العسكرية في المناطق الجبلية النائية من الشام.
• أجناد الأمراء، وهم من مشتريات الأمراء المماليك، حيث امتلك كل من هؤلاء الأمراء عددًا من الجند شكلوا الحرس الخاص بهم. وانقسمت الإمارة الى ثلاث رتب يدل كل منها على عدد الجنود التابعين للأمير. وهي «أمير مئة أو أمير كبير» و«أمير أربعين» و«أمير عشرة». وامتلك هؤلاء الأمراء أيضًا جنودًا من المشاة، وتميّز أمير المئة وأمير الأربعين بحقهم في تنظيم فرقة موسيقية ملحقة بجندهم.
وقد ساعد هؤلاء الأمراء أيضًا قوات من التركمان.

 

جيش محمد علي باشا
انشأ حاكم مصر محمد علي باشا جيشًا من أبناء البلاد وفق النظم الأوروبية نظرًا الى تفوّقها على الخطط الحربية الشرقية، واستبدل جنوده غير النظاميين بجيش منظم حديث من المصريين واستقدم الإختصاصيين والعسكريين الأوروبيين لتنظيم جيشه وتدريبه على فنون القتال الحديثة.
وقسم الجيش النظامي الجديد، خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، الى ستة الآيات (مفردها الآى ويقصد بها فوج) يضم كل منهما خمس فرق من الجند، (سميت الفرقة أورطة). وتشكلت أركان حرب الآى كما يأتي:
 القائد (عدد واحد)، قائد ثانٍ (عدد واحد)، جراح (عدد واحد)، أطباء مساعدون للجراح (عدد 5)،قواد أورط (عدد4)، ضابط يمين (عدد 5)، ضابط يسار (عدد 5)، كتاب (عدد 5)، إمام (عدد 1).
وتألفت كل أورطة من ثمانية بلوكات على الشكل الآتي:
• بلوك أو فوج الجريناديه (عدد 1)، وهم أفضل الجنود وأطولهم قامة.
• بلوك الرماة (عدد 1) وهم أقصر رجال البلوك قامة، ويستخدمون للإستكشاف.
• بلوكات تفكجية أو حاملي البنادق (عدد6).
أما البلوك فهو يتألف كما يأتي:
- الضباط: يوزباشي (قائد المئة عسكر) وملازم أول وملازم ثان.
- ضباط الصف والجنود: «باشجاويش» أو «رئيس الفرقة» (عدد 1)، «جاويش» أو «رقيب» (عدد 4)، «أنباشي» او «عريف» (عدد 8)، «أمين بلوك» (عدد 2)، «ترامبته جى» أو الضارب بطبل صغير (عدد3)، جندى (عدد 80).

 

المراجع والمصادر:
- اليوزباشي عبد الرحمن زكي أمين: الجيوش المصرية، الجيش المصري في عهد محمد علي باشا الكبير، المتحف الحربي، 1358 هـ - 1939م.
- أندريه ايمار، جانين اوبوايه: تاريخ الحضارات العام، الشرق واليونان القديمة، منشورات عويدات، بيروت - لبنان، الجزء الأول.
- د.الياس قطار: نيابة طرابلس في عهد المماليك (688_922هـ/1289_1516م)، منشورات الجامعة اللبنانية قسم الدراسات التاريخية، بيروت 1998.
- د.ياسين سويد: الفن العسكري الإسلامي، أصوله ومصادره، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت 1990.
_ د. شادية علاء الدين: الإدارة العثمانية في طرابلس الشام 1840 - 1914، دار مكتبة الايمان، طرابلس - لبنان، 2011.
- د.حسن المبيض: اسباب انهيار الامبراطورية الرومانية، دار ومكتبة الجامعة اللبنانية للطباعة والنشر والتوزيع، طرابلس 1990.
- تاريخ الشرق الأدنى القديم، دار ومكتبة الجامعة اللبنانية للطباعة والنشر والتوزيع، 1991.
- د.احمد ابراهيم حسن: تاريخ النظم القانونية والاجتماعية، الدار الجامعية، بيروت 1995.
- نادر العطار: تاريخ سورية في العصور الحديثة، الجزء الاول، دور حكم السلاطين في العهد العثماني (1516 - 1908) طبعة الانشاء - دمشق.
- قاموس اللغة العثمانية المسمى الدراسات اللامعات في منتخبات اللغات، جمعه ورتبه محمد علي الانسى باشكاتب، محكمة بداية بيروت، طبع في مطبعة جريدة بيروت، 1381هـ الموافق 1960م.