مبادرات

الجامعة الأميركية في تحية إلى الجيش اللبناني
إعداد: أكرم الريّس
كاتب وباحث

تحيّةً إلى الجيش اللبناني بمناسبة عيده، نظّمت مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت – دائرة الأرشيف والمجموعات الخاصة – معرضًا توثيقيًا بين
31 تموز و15 آب 2025. تناول المعرض محطات أساسية من تاريخ الجيش اللبناني، منذ الاستقلال وحتى اليوم. وجمع مواد نادرة ومتنوّعة شملت وثائق وأطروحات جامعية وصورًا فوتوغرافية وملصقات، إضافة إلى مقتطفات من الصحافة والمراجع التاريخية، في محاولة لإبراز دور الجيش في بناء الدولة وترسيخ الوحدة الوطنية.

من أبرز ما ميّـز هذا المعرض هو استناده إلى مجموعات فريدة تحتفظ بها مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت. فقد جرى عرض وثائق وصور من مجموعة أسد رستم، المؤرخ وأستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية في منتصف القرن العشرين، والتي وثّق فيها تفاصيل دقيقة تتعلق ببدايات الجيش وفرقه وملابس الجنود، بالإضافة إلى دوره في مرحلة الانتداب وما تلاها. هذه الوثائق تحمل قيمة خاصة لكونها تربط بين البحث الأكاديمي والواقع العسكري والسياسي في لبنان.

كما أتاح المعرض الاطّلاع على عدد من الأطروحات الجامعية التي ناقشها طلاب الجامعة الأميركية في بيروت في فترات زمنية مختلفة، والتي تناولت موضوعات متنوّعة مرتبطة بالجيش اللبناني. من بينها واحدة بعنوان «دور الجيش اللبناني» (2009)، وأخرى عالجت موضوع «إعادة تنظيم تعاونية الجيش اللبناني» (1970)، إضافة إلى ثالثة حول «قانون الجيش اللبناني» (1952). تعكس هذه الأعمال الأكاديمية التزام الجامعة توثيق ودراسة الدور الحيوي للمؤسسة العسكرية في المجتمع اللبناني عبر مراحل زمنية مختلفة.

إلى جانب الوثائق والأطروحات، ضم المعرض مجموعة نادرة من الصور الفوتوغرافية التي تؤرّخ لزيارات قامت بها وفود الجيش إلى الجامعة الأميركية في مناسبات عدّة، منها عيد الشهداء، فضلًا عن صور للجيش في محطات وطنية بارزة. وقد أظهرت هذه الصور العلاقة الوثيقة التي جمعت بين الجامعة كمؤسسة تعليمية، والجيش كرمزٍ وطني جامع. كما عُرضت ملصقات تاريخية وشعارات صدرت في مناسبات وطنية مختلفة، ركّزت على قيم التضحية والبطولة والانتماء، وهي مواد نادرة قلّما تُعرض للجمهور، ما أضفى على المعرض بُعدًا توثيقيًا وأكاديميًا فريدًا.
الغاية من هذا النشاط لم تقتصر على إبراز الذاكرة المؤسسية للجيش، بل هدفت أيضًا إلى تعزيز وعي الأجيال الجديدة بدور هذه المؤسسة الوطنية. وقد أتاح المعرض للزائرين، من طلاب وباحثين، فرصة التعرّف على جانب مهم من تاريخ لبنان عبر منظور مختلف، هو منظور الأرشيف والمصادر الأولية. بهذا المعرض، قدّمت الجامعة الأميركية في بيروت نموذجًا رائدًا في كيفية توظيف الأرشيفات الجامعية للإضاءة على محطات من التاريخ الوطني المشرّف، مؤكّدة مرة جديدة رسالتها الثقافية والعلمية في خدمة المجتمع.