ملف العدد

الجراحة التجميلية
إعداد: ريما سليم ضومط

عرفتها الهند منذ القرن الثامن قبل الميلاد وباتت ظاهرة عصرنا

الجراحة التجميلية بين ترميم يصحح تشوهاً ما و نهم لجمال مقاييسه وفق الطلب ما هي الحدود؟

«لا يصلح العطّار ما أفسده الدهر». مَثَل قديم كانت جدتي تردده باستمرار. رحم الله جدتي ورحم معها هذا المثل! فما عجز العطار عن إخفائه في ذلك الزمن من خطوط وتعرّجات خلّفها الدهر ومرارة الأيام، إستطاع جراحو التجميل اليوم تحقيقه بسهولة، فلم يُخضعوا الزمن وحسب، وإنما انتصروا أيضاً على العوامل الوراثية والموروثات الجينية. إذ بات بإمكان الجراحة التجميلية أن تُرجع عقارب الزمن الى الوراء، وأن تحوّل أي امرأة عادية المظهر في منتصف العمر الى صبية جميلة تدير الرؤوس وتحصد الإعجاب أينما حلّت! وبفضل التسهيلات التي تقدمها هذه الجراحة اليوم بات الجمال في متناول الطبقة «الكادحة» بعد ان كان في الماضي إمتيازاً خاصاً بالاثرياء والمشاهير.

الجراحة التجميلية هي حلم يتحقق بالنسبة الى الكثيرات والكثيرين في عالم اليوم، فما أهميتها الفعلية ومتى يجب السعي اليها؟ وما الذي يمكن أن تحققه، وهل من أخطار تخلّفها؟

هذا من الناحية الطبية، لكن كيف يبدو الموضوع إذا نظرنا اليه من الناحية النفسية؟ وما الذي يحدو بشخص جميل الشكل أو مقبول المظهر الى الخضوع للجراحة التجميلية؟

في هذا الملف محاولة للإحاطة بالموضوع من جوانب مختلفة.

 

متى بدأ ذلك؟

عرف العالم الجراحة التجميلية منذ القرن الثامن قبل الميلاد، حيث قام أطباء في الهند القديمة بعمليات ترميم للأنف في وقت درجت فيه عادة قطع الأنوف كعقاب على جرائم مختلفة. وفي القرن الأول قبل الميلاد تمكن أطباء رومانيون من إصلاح بعض التشوهات في الأذن. أما في أوروبا فقد قام أحد الجراحين في القرن الخامس عشر بصياغة أنف جديد لشخص كان قد فَقَدَ أنفه بالكامل. ولم تنتشر الجراحة البلاستيكية فعلياً حتى القرنين التاسع عشر والعشرين لتصبح في القرن الواحد والعشرين من ضروريات الحياة العصرية ترصد لها ميزانيات وتنفق من أجلها مبالغ طائلة.

 

الجراحة البلاستيكية: ترميم وتجميل

الجراحة البلاستيكية عبارة مشتقة من كلمة «Plastikos» اليونانية والتي تعني تشكيل أو صياغة، وهي لا علاقة لها نهائياً بالصناعات البلاستيكية بمفهومها الحديث.

تقسم الجراحة البلاستيكية الى نوعين هما الجراحة الترميمية والجراحة التجميلية.

عن دور كل منهما تحدث الدكتور باسم كرم الإختصاصي في جراحة الترميم والتجميل، فأوضح أن الجراحة الترميمية تُعنى بتصحيح التشوهات الخلقية أو تلك الناتجة عن حادث أو حريق، إضافة الى التشوّه الذي تخلّفه العمليات الجراحية إثر إستئصال ورم ما من الصدر أو الوجه أو أي جزء آخر من الجسم، علماً أن التصحيح لا يشمل الشكل الخارجي فقط وإنما الناحية الوظيفية أيضاً.

وذكر من بين التشوهات الخلقية التي تستدعي عملية ترميم «شقاق الشفة» «Cleft lip» وهو عبارة عن تشوّه في الأنف والفم يؤدي الى مشاكل في التنفس لدى الطفل ويستدعي جراحة يمكن إجراؤها بدءاً من عمر الشهرين. كذلك أشار الى التشوّه في الأصابع كزيادة عددها أو نقصان إصبع أو أكثر، موضحاً أن هذه التشوّهات يمكن إصلاحها في سن مبكرة. وأكد أن عمليات الترميم على اختلاف أنواعها يجب أن تتم في المستشفى ضمن غرفة عمليات مجهزة، ولا يجوز إجراؤها في العيادات الخاصة.

وتحدث الدكتور كرم عن بعض التقنيات المعتمدة في عمليات الترميم، ومن بينها نقل الأنسجة من المريض نفسه وزرعها في الجزء المشوّه بهدف إصلاحه. وأضاف أن جراحة الترميم تشمل ايضاً أعمالاً طبية دقيقة في الشرايين والعضل والأنسجة الجلدية.

تشير الإحصاءات الى أن عمليات الترميم التي يقوم بها جراحو التجميل في العالم تفوق المليون عملية سنوياً، وهي تساعد المرضى من مختلف الأعمار والأجناس على التخلص من تشوّهات تطال شكل الجسم أو وظيفته. وبحسب التقارير الطبية، شهدت جراحة الترميم تطوراً ملحوظاً في العقود الأخيرة حيث نجح الجراحون في وصل أوعية دموية لا يتجاوز قطرها الملليمترين بهدف إعادة حقن الأنسجة المنقولة الى بقعة التشوّه، محققين إنجازات طبية في إصلاح تشوّهات جلدية كبيرة في أجزاء من الجسم تفتقر نهائياً الى الأنسجة الجلدية.

على خلاف الجراحة الترميمية، تسعى جراحة التجميل الى إعادة صياغة الشكل الخارجي لبنية سليمة وطبيعية، بهدف تحسين مظهر المريض وتزويده شكلاً متناسقاً وجميلاً، كما يوضح الدكتور كرم الذي يؤكد أن هذه الجراحة شهدت بدورها تقدماً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بسبب التقدم في الطب والتكنولوجيا، وازداد من جراء ذلك عدد الذين يتجهون الى عيادات جراحة التجميل، ولم يعد الأمر مقتصراً على النساء وحسب بل شمل الرجال ايضاً، الذين ارتفعت نسبتهم الى عشرين في المئة.

 

شروط لا بد من مراعاتها

تتطلب عمليات التجميل مراعاة بعض الشروط قبل الشروع بها، كأن تتم الجراحة بعد سن الثامنة عشرة حيث يكون نمو الانسان قد اكتمل على صعيد الهرمونات والغضروف والجلد، فلا نخشى عندها المضاعفات الخارجية كما يؤكد الدكتور كرم، الذي يضيف أن عامل السن هو أحد العوامل التي تميز جراحة التجميل عن الترميم الذي يمكن أن يتم في أي عمر.

ويشدّد الدكتور كرم أيضاً على الوضع الصحي للمريض، مشيراً الى أن الجراحة التجميلية ممكنة طالما أن الوظائف الأساسية (كالقلب والكبد والرئة والكلى...) تعمل بشكل جيد.

أما الأشخاص الذين يعانون أمراضاً في القلب أو قصوراً في الكلى أو في الكبد، فلا يمكن أن يخضعوا لجراحة تجميلية، وكذلك الأمر بالنسبة الى المرأة الحامل أو المرضعة لأن الأدوية التي تتناولها من شأنها أن تؤذي الطفل.

وفي ما خص الأشخاص الذين يعانون مرض السكري أو ارتفاعاً في ضغط الدم، فيجب التأكد من إمكان السيطرة التامة على وضعهم الصحي قبل الخضوع لجراحة التجميل.

وعن الاجراءات الواجب اتخاذها قبل الشروع في عملية التجميل يوضح الدكتور كرم أن الخطوة الأولى هي التوجه الى العيادة المتخصصة لاستشارة الطبيب وبحث تفاصيل العملية. أما العمليات الكاملة فيجب أن تتم في مستشفى داخل غرفة عمليات مجهزة، بحضور طبيب بنج على مدار الساعة، مع عناية مكثّفة بعد العملية.

ويضيف أن العيادات الخاصة يمكن استخدامها لإجراء الحقن التي تحتوي على مواد تجميلية تزول بمرور الوقت.

من جهة أخرى يؤكد الدكتور كرم أن هناك فحوصات طبية يجب إجراؤها قبل الشروع في أي جراحة تجميلية وتشمل فحص دم، قياس الضغط، فحص معدل السكري في الدم، تخطيط القلب وخصوصاً لمن تعدى الأربعين، والتأكد من عدم وجود حساسية تجاه أحد أنواع الأدوية.

 

المخاطر

في ما خص مخاطر عمليات التجميل يوضح الدكتور كرم أن الجراحة البلاستيكية لا تختلف عن غيرها من العمليات الجراحية لجهة مخاطر التخدير العام، مشيراً في الوقت نفسه الى أن المضاعفات والآثار الجانبية هي شبه معدومة في الجراحات التجميلية التي تتم ضمن القواعد الطبية الصحيحة ووفقاً للأصول.

أما بالنسبة الى العوامل التي تؤثر على نجاح الجراحات التجميلية، فيؤكد أن نتائج الجراحة ترتبط بعدة عوامل من بينها اختيار الجرّاح الإختصاصي الذي يتمتع بالمهارة والكفاءة والحسّ المرهف، إضافة الى الضوابط التي يفرضها وضع الجلد كوجود ترهل أو تجعّد، وطريقة التئام الجروح التي تختلف من شخص الى آخر.

ويؤكد الدكتور كرم أن تكرار الجراحة التجميلية نفسها لأكثر من مرة دليل على فشل العملية، مشيراً الى أن خمسة في المئة فقط من الجراحات التجميلية تحتاج الى لمسات تصحيحية بسيطة، وهو أمر مقبول. أما أن تُعاد الجراحة بالكامل فهو دليل عدم نجاحها.

وعن أوجاع عمليات التجميل يوضح الدكتور كرم أن الجراحة التي يتم أداؤها بطريقة صحيحة يجب ألا تخلّف أوجاعاً تذكر، ويضيف أن نسبة الألم تختلف بحسب نوع كل جراحة، فعمليات شد البطن أو الوجه، أو تكبير الصدر يمكن أن تخلّف وجعاً بسيطاً كونها تطال عضلات الجسم. أما باقي العمليات فلا يُفترض أن تخلّف أوجاعاً، وإنما شعوراً بالإنزعاج لبعض الوقت.

 

الأكثر طلباً

شهدت الجراحة التجميلية في السنوات الأخيرة إقبالاً عالمياً لا مثيل له، ونذكر من بين العمليات الأكثر طلباً: تعديل الأنف، شفط الدهون، جراحة الثدي، شد الجفون، جراحة الأذنين، تكبير الشفاه وشد البطن.

 

شفط الدهون

تساعد عملية شفط الدهون على تجميل شكل الجسم وليس على خسارة الوزن الزائد، لأن ما تحدثه هو تبديل في الحجم وحسب. من المهم جداً تنفيذ هذه العملية على المريض الذي يتمتع بصحة جيدة وبشرة خالية من الترهل.

عملية شفط الدهون لا تزيل «السيلوليت» أي التهاب النسيج الخلوي لكنها تحسن مظهره، ولا تزيل الدهون التي نكتسبها من نوعية غذائنا والتي تُعرف بـ«Metabolic»، لهذا السبب ينصح المريض باتباع نظام حمية لإنقاص وزنه أولاً، ثم تُجرى عملية شفط الدهون لتحسين مظهر الجسم والتخلص من عيوبه الجمالية وإقامة تناسق بين كامل أعضائه.

يمكن إجراء عملية شفط الدهون على المرضى الذين يعانون مشاكل التشققات الجلدية والدوالي من دون أن يؤثر ذلك سلباً عليهم، لكن لا يمكن إجراؤها على جلد مترهل لأنها تزيد من مشكلة الترهل. ولا يصح شفط كميات هائلة من الدهون لأن ذلك يؤثر سلباً على الصحة العامة.

قد تحدث مضاعفات جانبية بسبب قيام أطباء غير متخصصين في الجراحة التجميلية بتنفيذ عمليات شفط الدهون داخل عياداتهم الخاصة.

 

جراحة الثدي

هناك عدة عمليات جراحية للصدر نذكر من بينها:

• تصغير الثدي: هذه العملية ضرورية للواتي يعانين ثقل الحجم الزائد للصدر الذي ينتج عنه شعور بالإنزعاج وتقوّس في الكتفين، وآلام في الظهر والعنق.

• ترميم الثدي: تقوم هذه الجراحة على تقنيات مختلفة تشمل استئصال الجلد وشد العضل من جسم المريضة نفسها. وهي جراحة معقدة ودقيقة جداً.

• تكبير الثدي: تتم هذه الجراحة تحت تأثير التخدير العام، ويمكن مغادرة المستشفى في اليوم نفسه.

تتألف المواد المستخدمة لتكبير الصدر من جل جديد من مادة السيليكون المطورة وتُعرف بالسيليكون الهلامي الشديد التماسك (High Cohesive Silicone Gel)، تعطي هذه المادة نتيجة طبيعية، وتسمح للمرأة بمتابعة فحوصات الصدر الدورية.

ومن مميزات هذه الجراحة أنها لا تمس غدد الصدر، بمعنى آخر يمكن للمرأة أن ترضع طفلها (إذا أنجبت بعد الجراحة).

يحظر حقن الصدر بالدهون وهذا أمر متفق عليه دولياً، لأن حقن الدهون داخل غدة الصدر مؤذٍ، ويمنع متابعته صحياً من خلال الفحوص والصور.

تحتاج المرأة الى تبديل حشوة الصدر (Implant) بعد مرور عشر سنوات أو أكثر في حال تبدل جسمها، أو اكتسبت وزناً زائداً، أو تعرض صدرها للترهل بسبب الحمل أو التقدم في السن.. الخ.

 

شد الجفون

يستحسن إجراء هذه العملية لمن تجاوزوا سن الخمسين، إذ توجد حلول أخرى توفرها حقن البوتوكس أو حمض الهيالورونيك للتخلص من التجاعيد التعبيرية أو الخفيفة التي يعانيها عادة من هم بين الـ30 والـ40 من العمر.

 جراحة تقويم الجفن (Blepharoplasty) تطبق عادة قبل جراحة شد الوجه، وهي من أقدم العمليات التجميلية في العالم، تستخدم لإزالة الإنتفاخات من أسفل العين والترهل من أعلاها، وتتم تحت تأثير التخدير الموضعي.

 

جراحة الأذنين (Otoplasty)

الهـدف منها تصحيح الأذنين المرفلتيـن أو الكبيرتين نتيجة عوامل وراثية.

يخضع لهذه العملية الأطفال والراشدون، ويتم ربط الأذنين لمدة ثلاثة أيام بعد الجراحة.

يجب أن يتجنب المريض التعرض الى اللكمات والصقيع والحرارة.

 

تكبير الشفاه

يستخدم الأطباء مواد مختلفة لتلك العملية، الأفضل استخدام المواد الطبيعية والآمنة التي تزول من تلقاء نفسها كل ستة أشهر مثل حمض الهيالورونيك، أما المواد الاصطناعية أو التي تدوم فترة طويلة فإنها تؤدي الى تكوّن تكتلات صلبة تحت الجلد وهي مزعجة، وملمسها غير طبيعي، كما أن حقن السيليكون ممنوعة منعاً باتاً لأنها تشكل خطراً على صحة المريض.

يمكن تكبير الشفاه عن طريق الجراحة، لكنها لا تعطي في أغلب الأحيان نتائج مضمونة وناجحة.

 

شد البطن (Abdominoplasty)

الهدف من هذه الجراحة تصحيح ترهل البطن وشد الجلد وليس تخفيض الوزن. تتم جراحة شد البطن بعد إجراء الفحوص اللازمة للمريض، ويختار الجرّاح التقنية المناسبة بحسب نوع الترهل سواء كان ترهلاً في العضلات أو في الجلد، كما يؤخذ بالاعتبار وجود دهون فوق الصرة أو تحتها.

على المريض أن ينتظر فترة تراوح ما بين ثلاثة وأربعة أشهر لكي تتقلّص آثار الجروح الناتجة عن العملية.

 

تعديل الأنف (Rhinoplasty)

قبل الشروع في هذه العملية يتحقق الطبيب من نوعية الجلد وسماكته، وتباعد مسافات العيون مع فتحات الأنف، ويشرح للمريض ما هو الشكل الأنسب له.

بعد انتهاء العملية يوضع ضماد من الجبس حول الأنف لتثبيت شكله الجديد، ولا تظهر النتيجة النهائية إلا بعد زوال الورم كلياً، وقد يستغرق ذلك أسبوعين أو ثلاثة. أما الحكم على نجاح هذه العملية فلا يمكن قبل ستة أشهر على الأقل.

خلال فترة النقاهة ينصح المريض بعدم التعرض للشمس خلال الشهر الأول، وعدم وضع نظارات طوال شهرين بعد العملية.

قد يشعر المريض باضطرابات في النوم وضيق في التنفس في الأسابيع الأولى للعملية.

 

تقنيات تجميلية

الى جانب العمليات الجراحية، يستخدم جرّاحو التجميل تقنيات تجميلية لا تستدعي دخول المستشفى يمكن إجراؤها في العيادات الخاصة.

من ضمن هذه التقنيات، حقن التعبئة بأنواعها المختلفة ومن بينها «البوتوكس» و«حمض الهيالورونيك» و«الدهون»، التي يشرح دور كل منها الدكتور كرم على الشكل الآتي:

 

• البوتوكس (Botox):

يستخرج من أحد أنواع البكتيريا السامة، ويستعمل لشلّ العضل بغية محو آثار التجاعيد التعبيرية في الوجه. يسمح باستعمال «البوتوكس» طبياً في منطقة ما بين الحاجبين، وخطوط الجبين، وأطراف العينين، وتظهر نتائجه بعد أربعة أيام الى أسبوع من تاريخ الحقن، ويدوم تأثيره مدة أربعة أشهر في المرة الأولى. ويمكن أن تطول هذه المدة لشهرين إضافيين عند تكرار عملية الحقن لمرات متتالية.

 

• حمض الهيالورونيك (Hyaluronic acid):

هو مادة طبيعية ليست لها أي تأثيرات جانبية ولا تحتاج الى فحوصات مسبقة.

يحقن حمض الهيالورونيك بجرعات صغيرة، تعطي نتائج فورية لجهة تحسين مظهر التجاعيد أو إخفائها، ويدوم مفعولها ما بين الستة أشهر والإثني عشر شهراً.

تستخدم حقن حمض الهيالورونيك لمعالجة «تجاعيد الأسد» أي منطقة العبوس في الوجه، وحول الأنف، وثنيات الفم، والخدين، والذقن، ولملء الشفتين.

 

• حقن الدهون (Fat Injections):

تؤخذ الدهون من جسم المريض نفسه (بعد استخدام البنج الموضعي) ويتم حقنها من دون أن تترك آثاراً جانبية على الإطلاق.

تستخدم هذه التقنية لتعبئة أماكن الفراغ في حالات الترهل البسيط، وهي مناسبة لملء الوجنتين بشكل خاص.

يتم عادة حقن الدهون خلال جلستين أو ثلاث لأن هناك نسبة من الشحم التي تذوب من دون أن تترك أثراً.

 

جمال لا يقوى عليه الزمن

مع تنوع تقنيات التجميل واختلافها، يقف الكثيرون أمام أبواب عيادات التجميل لاقتناص فرصة جديدة لتحدي عاملي العمر والوراثة. قد يكون هؤلاء على صواب، وقد لا يكونون. فالجراحة التجميلية يمكن أن تعطي شكلاً أجمل وأن تقلل من تأثير الزمن على المظهر الخارجي للإنسان، لكنها لا تستطيع إيقافه. من هنا، لا بد من نصيحة لك سيدتي، ولك سيدي: لنعمل على تجميل عقولنا وأرواحنا في موازاة الشكل الخارجي فيسطع جمالنا الداخلي الذي لا يقهره الدهر ولا يقوى عليه الزمن.

 

ماذا يقولون؟ وما هو رأي علم النفس؟

«لأنني أحبه كثيراً، أكثر مما يمكن للكلمة أن تعبر، أردت بتقنيات التجميل الأحدث من نوعها أن أستعيد جمالي الذي عهدَه وأن أظهر أمامه بشكل يقترب من درجة حبي له..».

بهذه الكلمات تختصر لينا (34 عاماً) سبب خضوعها لعملية شفط دهون عانت من جرائها الكثير من الأوجاع والآلام.

عن الموضوع نفسه يقول سامي (38 عاماً) وهو الزوج الذي قامت لينا «بالتضحية» من أجله: «تزوجنا منذ إثني عشر عاماً، وكانت لينا حينذاك تتمتع بجمال ورشاقة تُحسد عليهما. إلا أنها وبعد أن أنجبت أولادنا الثلاثة اكتسبت وزناً زائداً بات يشكل مصدر قلق لها بعد أن فشلت التمارين الرياضية في إزالته». ويضيف سامي: كنت أمازحها في بعض الاحيان بأن اطلق عليها لقب «نصوحة» (سمينة) من دون ان أعي مدى الازعاج الذي أسببه لها، الى أن فاجأتني قبيل عيد زواجنا العاشر بنيّتها الخضوع لعملية شفط دهون كهدية زواج لي!

بالطبع لم تفلح جميع الايضاحات التي قدمتها في اقناعها بالعدول عن رأيها، فكانت العملية التي قاست لينا من جرائها الكثير من الاوجاع، هي التي ترتعب من منظر الابرة!

المهم أن العمل الطبي كان ناجحاً وقد استعادت زوجتي لياقتها البدنية، والأهم انها استردت ثقتها بنفسها بعد ان فاضت عليها الاطراءات من قبل الاصدقاء والاقارب الذين اعجبوا كثيراً بمظهرها الجديد.

لا أنكر إعجابي انا ايضاً بالتحوّل الذي حققته الجراحة التجميلية، إلا أنني ما أزال أعتقد، وبعد مرور عامين على الجراحة، ان لينا لم تكن بحاجة الى التغيير لكي تحظى بالاعجاب، فهي تملك رصيداً عالياً - كأم وزوجة وسيدة مجتمع - لن تضيف عليه الجراحات التجميلية أي جديد!

«لينا» ليست سوى واحدة من ملايين النساء في العالم اللواتي يتهافتن على عيادات التجميل ويعرّضن أنفسهن لأخطار الجراحة بغية إجراء تعديل في الشكل هنّ على الأرجح في الغنى عنه، وقد لا يزيد في رصيدهن أي جديد، على حد قول «سامي».

يذكر في هذا الإطار أن أعمال التجميل بلغت في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 11 مليون عملية في العام 2006، ذلك وفقاً لتقرير نشرته الجمعية الأميركية لجراحي التجميل.

لماذا هذا التهافت على التجميل، ومن هم الأشخاص الأكثر رغبة في الجراحة، وما الآثار النفسية التي يخلّفها التغيير المنشود؟ أسئلة يجيب عنها المعالج النفسي إيلي غزال في الحوار الآتي.

 

• تشير تقارير طبية الى أن الإقبال على الجراحة التجميلية ارتفع في السنوات الأخيرة بنسبة تجاوزت 70٪ فما تفسيرك لهذه الظاهرة؟

- إن التهافت الشديد على عيادات طب التجميل هو مسؤولية كل من وسائل الإعلام والعائلة، والمجتمع ككل. فالأولى تعرض علينا يومياً صور فنانات ونجمات يتمتعن بجمال (اصطناعي) خارق، وتصوّر هذا الجمال بمثابة بطاقة دخول الى القلوب، فتعزز لدى المراهقات بشكل خاص رغبة التماهي مع نجماتهن المفضلات، وتدفع النساء بشكل عام الى الحذو حذوهن في عالم التجميل والاستفادة من فرصه اللا محدودة.

ولا ننسى تأثير تلفزيون الواقع الذي يشجع النساء على الجراحة التجميلية من خلال عرضه برامج خاصة تنقل شهادات حية لنساء خضعن لعمليات تجميل، وتصويره مختلف مراحل التغيير التي يجتزئها، بدءاً من حالة الإحباط التي ترافق المشتركة عند دخولها الى مركز التجميل وصولاً الى النتائج «المذهلة» التي تحصدها بعد الانتهاء من الجراحة التجميلية والتي تخلف لديها ثقة عارمة بالنفس، وتثير اعجاب الآخرين بها!

يذكر في هذا الاطار برنامج «Make me beautiful» الذي يعرض في بولونيا والذي استقطب في الفصل الاول من عرضه مئة ألف مشتركة.

وتضطلع وسائل الإعلام ايضاً بدور فعال في تحديد مقاييس الجمال وفي تبديل ذوقنا الاجتماعي من خلال الصور التي «تهاجمنا» بها، وتروّج من خلالها للموضة بأسلوب تجاري يعتمد على عنصري الإغراء والترغيب. من هنا يبرز دور العائلة وأهمية العامل التربوي. فالأهل الذين يشددون في تربية أولادهم، ولا سيما الفتيات منهم، على قيمة العلم والأخلاق، فإنما يخلقون جيلاً محصناً ضد المغريات والتأثيرات الخارجية. والعكس صحيح بالنسبة الى الأهل الذين يركزون على عامل الجمال، ويسعون باستمرار الى إظهار الجمال الخارجي لبناتهم والتغنّي به أمام الآخرين. 

وما يساهم في «الوقوع في التجربة» هو المجتمع الذي ما زال حتى اليوم يربط قيمة المرأة بشكلها الخارجي، وقيمة الرجل بمدخوله الشهري، متجاهلاً أهمية الإنجازات الفكرية والعلمية التي يمكن للنساء تحقيقها. 

ويعمل هذا المجتمع نفسه على الترويج للجراحة التجميلية من خلال عدة وسائل من بينها القروض المصرفية التي تتيح الفرصة أمام الجميع لتغيير شكلهم الخارجي، ما يضع هذه الجراحة في منزلة لا تقل أهمية عن شراء منزل أو سيارة أو إنشاء مؤسسة خاصة!

 

• من هم الأشخاص الأكثر استعداداً للخضوع لعمليات التجميل؟

- إضافة الى المراهقات اللواتي يرغبن في تقليد نجماتهن المفضلات كما أشرنا سابقاً، هناك عدد من النساء اللواتي يسعين الى التغيير لأسباب مختلفة، فمنهن من يهدفن، ببساطة، الى محاربة الشيخوخة، ومنهن من يتأثرن بالموضة الى حد بعيد فيلتزمن المقاييس التي تفرضها ولو اقتضى الأمر الخضوع لعمليات تجميل، وبينهن من يرضخن الى إرادة الشريك العاطفي الراغب في التغيير وفي تحسين الشكل الخارجي.

وهناك أيضاً ذوات الشخصيات الهستيرية اللواتي يرغبن في لفت الانتباه بصورة دائمة، فيعمدن الى التجميل والتغيير بطريقة دراماتيكية للفت الانتباه فقط لا غير!

ويعاني بعض النساء اضطراباً نفسياً (يعرف بـ Body dysmorphic disorder «BDD») يجعلهن غير راضيات عن مظهرهن الخارجي مهما كن جميلات، ويشعرن دوماً بعدم التناسق في الشكل، كما يبحثن دوماً عن أخطاء في مظهرهن.

 

• وماذا عن الرجال الذين يسعون الى التجميل بنسبة متزايدة كما تؤكد الاحصاءات؟

- يلجأ الرجال عادة الى الجراحة التجميلية لمحاربة الشيخوخة والتقدم في العمر. إلا أن بعضهم يملك الشخصية الهستيرية التي سبق أن أشرنا اليها وهي ما تدفعهم الى عيادات التجميل. كما أن لدى خمسة في المئة من الرجال دماغاً أنثوياً يجرهم الى قرار التجميل.

باختصار، يمكن القول إن الأشخاص الذين يقبلون على التجميل، رجالاً كانوا أم نساءً، هم أولئك الذين يربطون قيمتهم الذاتية بمظهرهم الخارجي، فيشعرون برغبة في تحسينه بغية رفع روحهم المعنوية وتقديرهم لذواتهم.

 

• هل نستنتج من حديثك أن السعي الى التجميل هو سعي خاطئ يعكس حالة عدم تصالح مع الذات؟

- ليس هناك من عمل خاطئ في المطلق وآخر صائب في المطلق. لذلك يجب الأخذ بالاعتبار الدوافع الكامنة وراء العمل التجميلي. فإذا كان المريض يعاني تشوهات خلقية تؤثر على وضعه الصحي أو النفسي، من الأفضل له اللجوء الى التجميل. أما الخطر فيكمن لدى الأشخاص الذين يتمتعون بشكل مقبول، ومع ذلك تراهم يتهافتون على عمليات التجميل معرّضين أجسادهم وحياتهم للخطر من أجل تغيير لا يحتاجونه.

 

• كيف يمكن وصف الوضع النفسي للمريض ما قبل عملية التجميل وبعدها؟

- تعيش غالبية المرضى حالة من القلق في الفترة التي تسبق إجراء العملية يتخوفون خلالها من مخاطر البنج العام من جهة، ومن إمكان عدم نجاح الجراحة من جهة أخرى.

أما الوضع النفسي في ما بعد الجراحة، فيتأثر الى حد بعيد بنتائجها وبموقف الأخرين منها. فالجراحة التي تحقق توقعات المريض تولّد لديه شعوراً بالارتياح والرضى، ويزداد شعوره الإيجابي حتى يلاقي مظهره الجديد استحساناً لدى الآخرين، والعكس صحيح في حال توجه اليه البعض بالنقد السلبي، فيصاب حينئذٍ بخيبة كبيرة.

يجدر بالاشارة أن الأشخاص الذين يعانون الاضطراب النفسي «BDD» لن يشعروا بالرضى مهما بلغ نجاح العملية. وقد يخضع البعض منهم لعشرين أو ثلاثين عملية من دون التوصل الى أي نتيجة ايجابية.

 

• من هم الأشخاص غير المؤهلين للخضوع لعمليات تجميل؟

- كل من يعاني مرض الإكتئاب (Depression) أو مرض النفاس (Psychosis) أو الاضطراب النفسي «BDD» لا يجوز أن يخضع لعملية تجميل لأنها يمكن أن تؤدي الى نتائج سلبية. لذلك يفترض مراجعة الطبيب أو المعالج النفسي لتقويم الحالة النفسية للمريض قبل مباشرة العمل الجراحي.