وقفة وفاء

الجنوب يحتضن مخيم أبناء شهداء الجيش
إعداد: جان دارك أبي ياغي

القائد في زيارة لهم: «أنتم دائمًا في القلب ولا يمكن أن تُنْسَوا»


بدعوة من قيادة فوج التدخل السادس في منطقة الزهراني استضافت منطقة الجنوب ولأول مرّة مخيمًا لأبناء شهداء الجيش، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري.
قائد الجيش العماد جان قهوجي فاجأ الجميع بزيارة للمخيم كانت بمنزلة زيارة الأب لأبنائه.
هناك تجمهروا حوله، تحدّثوا إليه، ومن جهته، عانقهم، أجاب عن أسئلتهم، وخاطبهم بالقول: «أنتم دائمًا في القلب...».

 

اليوم الأول
قيادة فوج التدخل السادس التي استضافت المخيم، كانت قد أعدّت العدة لاستقبال الزائرين ووضعت للمناسبة برنامجًا ترفيهيًا وتثقيفيًا شمل أبرز المعالم السياحية في الجنوب.
في صباح اليوم الأول وصل المشاركون في المخيم وقوامهم 77 شخصًا (من عمر 10 سنوات لغاية 18 سنة) إلى قيادة الفوج، حيث كان في استقبالهم قائده وضباطه وعناصره. ترحيب حار أعقبته توجيهات قائد الفوج العميد الركن مروان عيسى التي قضت بتوفير كل أساليب الراحة للزائرين.
توجّه الجميع كلٌ إلى خيمته.
في باحة قيادة الفوج حيث نصبت الخيم وضع الزائرون أغراضهم الشخصية وتعرّفوا إلى المكان، ثم انطلقوا في أول جولة لهم، وكانت وجهتهم مقر قيادة الوحدة الإيطالية في القطاع الغربي لليونيفيل (منطقة شمع). هناك أمضوا «يومًا من العمر» بين القبعات الزرقاء، تعرّفوا إلى عادات الإيطاليين وتقاليدهم وجالوا في المكان... وشاركوا في صنع البيتزا الإيطالية لينالوا شهادة مشاركة من «مختبر البيتزا» مذيّلة بإمضاء قائد القطاع الغربي في اليونيفيل الجنرال سالفاتوري كووتشي.


اليوم الثاني
في اليوم الثاني، استقبلت مدينة صور أبناء الشهداء في ساحة ميناء الصيادين حيث رفعت الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش واليافطات المرحّبة. وكان في الاستقبال المجلس البلدي، ونقيب الصيادين خليل طه مع عدد كبير من الصيادين، إلى أهالي المدينة وفعالياتها. تخلل الزيارة احتفال فنيّ أحياه الفنان يحيى الدادا بباقة من الأغاني الوطنية، ورحلة بحرية على متن مراكب الصيادين.
منسق الاحتفال في صور حسين حمود أشار إلى أن احتضان المدينة أبناء الشهداء الأبرار هو تأكيد لوقوفها بكل فئاتها ومشاربها ومذاهبها مع الجيش... ختام زيارة صور كان غداءً على شرف أبناء الشهداء في مطعم كلاسيك تيروس نظمته جمعية R J LIBAN.


اليوم الثالث
في اليوم الثالث، لبّى أبناء الشهداء دعوة العقيد علي سبيتي (من مديرية الجمارك) لقضاء يوم ترفيهي في منتجع ليطانيا الواقع في قعقعية الجسر - النبطية. وقد استمتع الجميع بممارسة السباحة ومن ثم بغداء في مطعم المنتجع.

 

«أنتم هاجس القيادة ونقطة ضعفها»
اليوم الرابع كان يومًا غير باقي الأيام في المخيم الذي زاره قائد الجيش العماد جان قهوجي. أبناء الشهداء استقبلوه كما كانوا يستقبلون آباءهم عندما يعودون من الخدمة. فعندما وصل إلى الباحة الخارجية علت الصيحات المرحّبة ونثر الأرز والورود، وتهافت الأولاد للحصول على غمرة وقبلة... لحظات تأثر عاشها القائد مع الأبناء أعقبتها كلمة عفوية، كلمة أب. قال لهم: «أنتم من أعز ما للجيش... إن من يقدّم حياته للجيش، علينا أن نقدّم له كل ما عندنا. أؤكد لكم أنكم في كل لحظة هاجس القيادة ونقطة ضعفها...». وبعد أن شكر السيدة ليا العاقوري وأعضاء اللجنة المنظِّمة على جهودهم الجبارة، ختم بالقول: «أنتم دائمًا في القلب ولا يمكن أن تُنسَوا».
ثم دار حوار بينه وبين أحد أبناء الشهداء الذي سأله:
عددنا في هذا المخيم حوالى 77 ولدًا من أبناء الشهداء. فهل بالإمكان الحد من سقوط المزيد من الشهداء والعمل على تطوير الجيش؟
فردّ العماد قهوجي قائلًا:
«نسعى جاهدين للدفاع عن المؤسسة العسكرية وتطوير تقنية القتال. ولكن هذا لن يمنع سقوط شهداء».واستشهد بقول للعميد فرانسوا جنادري عندما كان قائدًا للمدرسة الحربية، وكان يومها العماد قهوجي تلميذًا فيها: «الإستقلال شجرة، فروعها في السماء وجذورها في الأرض، ولا يسقيها إلا الدماء. كي تبقى مستقلًا، عليك أن تدفع المزيد من الشهداء».
وأكّد العماد أن العسكر على جهوزية تامة وفي استنفار دائم للدفاع عن الوطن وأبنائه. وختم قائلًا: «هذا هو قدرنا وقدر كل الشعوب الحرّة».
ختام اللقاء كان كلمة ابن الشهيد باسم كل أبناء الشهداء بمناسبة عيد الجيش الـ70، وقد توجّه بها إلى العماد قهوجي قائلًا: «كل عيد وأنتم بألف خير، انشالله تضل فوق راسنا ومحل بيّنا».
بعد مغادرة القائد المخيم، لبّى أبناء الشهداء دعوة السيدين وليد موسى وسمير سعد لقضاء وقت ممتع مع وجبة غداء في منتجع الرميله RESORT حيث استمتعوا بأشعة الشمس ومارسوا رياضة السباحة.


«إيدي وإيدك عالوادي»
كان لرياضة المشي حصة في برنامج المخيم، فخصص اليوم الخامس لاستكشاف وادي بسري في قضاء جزين سيرًا على الأقدام. في قلب الوادي الذي يعتبر من أهم الأودية في لبنان بآثاره الرومانية القديمة ويشكل نقطة وصل بين جبل لبنان والجنوب، كما أفادنا مختار خربة بسري السيد شفيق عيد، مشى الشباب والصبايا حوالى 5 كلم بكــل عــزم ونشـاط وسط طبيعة خلابة، يرافقهــم ضباط الفــوج وعناصـره وأعضــاء المؤسسة.
في نهاية المطاف، كانت الاستراحة غداء شهيًا على ضفاف النهر في مطعم السيد عبود عبود الذي أراد من خلال دعوته الإعراب عن عميق محبته للجيش، ولعائلات شهدائه خصوصًا.
على هامش الغداء، أوضح مساعد قائد فوج التدخل السادس العقيد عبدالله ونسه أن «المخيم أتى في الذكرى السنوية الأولى لتأسيس الفوج، لذلك قررت قيادته استضافة أبناء شهداء الجيش في رحابها، وهي المرة الأولى التي يزورون فيها الجنوب. وقال: منذ حلّوا في ديارنا والكل مستنفر في خدمة أبناء رفاق السلاح الذين سقطوا شهداء في سبيل الوطن».
وشكر العقيد ونسه كل من استضاف أبناء الشهداء وساهم في إنجاح المخيم من أشخاص ومؤسسات.


اليوم الأخير
في اليوم الأخير قصد المشاركون في المخيم حقل الرماية الوهمي (virtual shooting field) في ثكنة الصالحية - كفرفالوس حيث رموا على مدى ساعتين من الوقت على أهداف متحركة عبر شاشة عملاقة، ما أكسبهم مرونة وخبرة في الرماية. ثم عادوا إلى قواعدهم سالمين، وضبوا أغراضهم وغادروا المكان محمّلين بذكريات لا تُنسى.

 

المشاركون في المخيم
شارك في تنطيم المخيم والإشراف عليه فريق عمل مؤلف، إلى ضباط وعناصر فوج التدخل السادس، من السادة: فادي حوّا، رانيا فارس زوجة الرائد الشهيد معين عويدات، ميلاده سعد زوجة الرقيب أول الشهيد حبيب مارون، عايده السيد زوجة العريف الشهيد رضا فقيه، المؤهل أول إدمون منصور، وجوزف عيسى.

 

شكر وتقدير
في مساء اليوم الأخير، أقيم عشاء تكريمي في قيادة الفوج تخلله كلمة لقائد الفوج شكر فيها كل من ساهم في إنجاح المخيم. وقدّم مع رئيسة مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري السيدة ليا باسم قيادة الجيش وباسم المؤسسة دروعًا تقديرية وكتب شكر عربون امتنان، لممثل الكتيبة الإيطالية، صاحب مطعم كلاسيك تيروس السيد علي اسماعيل، صاحب منتجع ليطانيا العقيد علي سبيتي، صاحب منتجع الرميله السيد وليد موسى، السيد سمير سعد، صاحب مطعم أبو طوني السيد عبود عبود، والسيد حسن صفاوي.