- En
- Fr
- عربي
موضوع الغلاف
لأول مرة ومنذ العام 2016، أُجريت الانتخابات البلدية والاختيارية بعد أن تمّ تأجيلها لعدة مرات سابقًا بسبب الأوضاع الصعبة التي مرّ بها لبنان. وقد جرت الانتخابات بنجاحٍ وسلاسة، ففي ما خلا بعض الإشكالات التي تعامل معها الجيش بسرعةٍ وفعالية، تمّ إنجاز هذا الاستحقاق الوطني بما له من مفاعيل مهمة على مستويات مختلفة من دون عوائق، وإن اعترته بعض الأمور. حتى في الجنوب حيث ينتشر الدمار بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، تمكّن المواطنون من ممارسة حقّهم بالانتخاب بأريحية بفضل الإجراءات والتدابير التي اتُّخذت.
نجاح الدولة في إنجاز هذا الاستحقاق كان نتيجة استنفار الجهود والتنسيق بين الوزارات والأجهزة المعنية، وقد ترافق مع مواكبة مباشرة على أعلى المستويات، سياسيًا وعسكريًا. فقد واكب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مباشرةً الانتخابات بدءًا من الصباح الباكر قبيل انطلاقها، عبر جولات شملت وزارتي الداخلية والدفاع وسراي بعبدا، اطّلع خلالها على التدابير الأمنية والقضائية المتّخذة لتأمين حُسن سير العملية الإنتخابية، وأبدى حرصه على الاستماع إلى شكاوى المواطنين موعزًا بالعمل على معالجتها. وفي وزارة الدفاع الوطني، حيث كان في استقباله وزير الدفاع اللواء ميشال منسى، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، تابع رئيس الجمهورية شرحًا مفصلًا قدّمه مدير العمليات العميد الركن جورج رزق اللّه عن التدابير التي اتخذها الجيش لمواكبة الوضع الأمني على الأرض، ومنع حصول الإشكالات والحوادث الأمنية، وكيفية نشر العناصر المولجة فرض الأمن والسلامة العامة. كما اطّلع على آلية التنسيق بين الجيش وقوى الأمن الداخلي لحفظ الأمن ومواكبة العملية الانتخابية عبر الرابط الإلكتروني لصناديق الاقتراع وتأمين الحماية لها. وقد نوّه الرئيس عون بالجهود التي بُذلت لإنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي، مشددًا على الدور الأساسي للبلديات في الحياة اليومية للّبنانيين، وعلى أهمية حصول الانتخابات في موعدها، والصورة التي تعطيها عن لبنان وعن جهوزيّته للانطلاق في مسيرة النهوض.
كذلك، كانت متابعة رئيس الحكومة والوزراء المعنيين للعملية الانتخابية تأكيدًا لالتزام الدولة إنجاز الاستحقاقات وجدّيتها في العمل لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
من جهته، التزم الجيش واجبه الوطني في توفير الأجواء الآمنة للانتخابات، من خلال جهوزية تامة وتدابير استثنائية أدّت إلى معالجة أي حادث طارئ بشكلٍ فوري، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، إذ تمّ فضّ 191 إشكالًا. وشملت هذه التدابير إقامة حواجز ظرفية ونقاط مراقبة حول مراكز الاقتراع وتسيير دوريات. وإذا كان إطلاق النار ابتهاجًا في بعض المناطق قد أدّى إلى إصابات مؤسفة بين المواطنين وذلك رغم التحذيرات التي صدرت مسبقًا، فضلًا عن تجميد مفعول تراخيص حمل الأسلحة، فإنّ تعامل الجيش مع المتورطين كان سريعًا وفعالًا، إذ تمّ توقيف حوالي ٢٦٣ بجرم إطلاق نار.
جولات ومواقف
تابعت قيادة الجيش مجريات الوضع على الأرض لحظة بلحظة مواكِـبةً مراحل الانتخابات بسلسلة من التدابير والإجراءات، وفي هذا السياق كانت لقائد الجيش العماد رودولف هيكل ولرئيس الأركان اللواء الركن حسان عوده جولات ميدانية.
ففي المرحلة الأولى التي حصلت خلالها الانتخابات في محافظة جبل لبنان، تفقّد العماد هيكل غرفة العمليات المركزية في منطقة جبل لبنان، حيث اطّلع على التدابير الأمنية الاستثنائية المتّخَذة لحفظ أمن العملية الانتخابية، بهدف ضمان ممارسة المواطنين حقّهم الديموقراطي. في موازاة ذلك، شدّدت قيادة الجيش على ضرورة التزام المواطنين توجيهات الوحدات العسكرية المنتشرة وعدم التسبّب بأي إخلال بالأمن قد ينعكس سلبًا على الانتخابات.
كذلك تفقّد قائد الجيش غرفة عمليات منطقة الشمال، فالتقى الضباط والعسكريين وأشاد بتضحياتهم المتواصلة لأداء الواجب، مؤكدًا أنّ الجيش يقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء والمواطنين، ويضع على رأس أولوياته حفظ الأمن والسلم الأهلي.
وفي مرحلة لاحقة، تفقّد العماد هيكل غرفة العمليات المركزية في منطقة بيروت، وغرفة العمليات الفرعية وقيادة فوج التدخل الرابع، وأكّد خلال جولته أنّ نجاح العملية الانتخابية يعكس فاعلية عمل المؤسسات المعنية، ويرتكز على أداء الجيش لحفظ الأمن، كما شدّد على أنّ المسّ بالأمن ممنوع مشيرًا إلى توقيف عدد كبير من مطلقي النار والمخلّين بالأمن. وتوجّه إلى العسكريين بالقول: «أنتم تقومون بواجبكم على أكمل وجه، وهذا أمر أساسي لضمان ممارسة المواطنين حقّهم في الانتخاب»…
وفي المرحلة الأخيرة التي شملت الانتخابات في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية، تفقّد العماد هيكل غرفة العمليات المركزية في منطقة الجنوب وقيادة لواء المشاة الخامس في البياضة حيث اطّلع على الإجراءات والتدابير الأمنية، وأكّد أنّ نجاح العملية الانتخابية يكتسب أهمية كبيرة في ظل التحدّيات الاستثنائية الحالية، وهو دليل على تمسّك أهالي الجنوب بأرضهم، ووجود الجيش هو أحد أهم عوامل الاطمئنان والصمود بالنسبة إليهم. وقال: «رسالتنا هي أنّ الجيش يقف بحزمٍ إلى جانب اللبنانيين، وأنّ العدو الإسرائيلي الذي يواصل انتهاكاته لسيادة لبنان واحتلاله جزءًا من أرضه لن يثني المؤسسة العسكرية عن القيام بواجبها على أكمل وجه»…
في السياق نفسه، قام رئيس الأركان اللواء الركن حسان عوده بجولاتٍ شملت عدة مراكز في جبل لبنان (عمشيت، صربا، النقّاش، بيت الدين، سوق الغرب، عاليه، والوروار). وفي الشمال تفقّد اللواء عوده قيادة لواء المشاة العاشر وغرفة العمليات الفرعية في عندقت، واطّلع على عمل الوحدات العسكرية والمجريات المتعلقة بالانتخابات. كما شملت جولته عددًا من الوحدات المنتشرة في القبيات وطرابلس.
كذلك تفقد رئيس الأركان غرف العمليات المركزية والفرعية في أبلح وبعلبك وصغبين، كما جال على عدد من الوحدات المنتشرة في منطقة البقاع. كذلك تفقّد اللواء الركن عوده غرفة العمليات المركزية في صيدا، وغرفة العمليات الفرعية في الصالحية، كما جال على عدد من الوحدات المنتشرة في منطقة جزين مثنيًا على جهود العسكريين لضمان أمن هذه العملية الإنتخابية.
هكذا حفظ الجيش أمن الانتخابات
وفق مدير العمليات رفعت قيادة الجيش نسبة الجهوزية إلى 100% في جميع الوحدات، موزّعة على مختلف المناطق والمراحل، وأوضح أنّ القطع الثابتة كُلِّفت بمهمة تأمين محيط مراكز الاقتراع، فيما بقيت الوحدات المنتشرة في جهوزية تامّة للتدخّل عند الحاجة، كلٌّ ضمن قطاعه، وهي كانت مدعومة بقوى احتياط من الأفواج الخاصة. وأكّد في الوقت نفسه أنّ هذه الإجراءات لم تؤثّر على جاهزية الوحدات المكلَّفة بمهام على الحدود الشمالية والشرقية، أو تلك المنتشرة في الجنوب.
وأفاد بأنّ التدابير الأمنية التي وضعتها قيادة الجيش لحماية أمن العملية الانتخابية وسيرها بشكلٍ سلس، استندت إلى دراسةٍ أمنية دقيقة ومتكاملة، شملت تحليل طبيعة كل مدينة وبلدة من حيث حساسية الوضع الانتخابي فيها. وانطلاقًا من ذلك، تم تحديد حجم القوى العسكرية المخصّصة لكل مركز اقتراع، بما يضمن التوازن والحياد التام، مع التزام الجيش بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف والجهات، حفاظًا على حق المواطنين في ممارسة خياراتهم الديموقراطية بحريةٍ كاملة ضمن الإطار القانوني.
وأشار مدير العمليات إلى أنّ هذه الجهوزية تنسجم مع قرار مجلس الوزراء رقم 1/1991، الذي كلّف الجيش مهمة حفظ الأمن وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. ومن أجل تنسيق الجهود، تمّ انتداب ضابط ارتباط إلى غرفة عمليات وزارة الداخلية، في حين حضر ضباط ارتباط من الأجهزة الأمنية كافة إلى غرفة عمليات قيادة الجيش لتنسيق سير العملية الانتخابية، بالإضافة إلى مندوبين من الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني.
وعن عدد العسكريين الذين شاركوا في تأمين مراكز الاقتراع، لفت إلى أنّه بلغ حوالي ٦٠،٠٠٠ عنصر من مختلف الرتب، لتأمين مراحل الانتخاب الأربع، مع الاستمرار في تنفيذ المهام العملانية الروتينية للوحدات المنتشرة، مع ما يستلزم ذلك من تأمين حاجات لوجستية متنوعة.
وفي حديثه عن الإطار الأمني، شدّد على أنّ سياسة الجيش في ملاحقة المخلّين بالأمن ومطلقي النار لم تتغيّر، خصوصًا لناحية الإجراءات الأمنية والعملانية المشدّدة وسرعة الاستجابة خلال فترة الانتخابات، التي أسهمت في توقيف عدد كبير من مطلقي النار، مع استمرار الجهود لتوقيف بقية المتورطين.
وفي الختام، أثبت العسكريون مرة جديدة مدى التزامهم بتوجيهات القيادة، من حيث الانضباط والجدية في تنفيذ الأوامر، مع التأكيد أنّ تعاملهم مع المواطنين اتّسم بالحزم المقرون بالاحترام، ما أضفى أجواءً من الطمأنينة والارتياح في الشارع، وأسهم في تعزيز ثقة المواطنين بجيشهم خلال ممارستهم حقهم الانتخابي.
العماد هيكل إلى العسكريين:
أثبتُّم مجدّدًا أنكم على قدر الثقة والمسؤولية توجَّه قائد الجيش إلى العسكريين بمناسبة انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية ومهمات حفظ الأمن المتعلّقة بها، بالكلمة الآتي نصّها:
أتوجّه إليكم بالتهنئة والتقدير على أدائكم المشرّف خلال مواكبة «الانتخابات البلدية والاختيارية، في مرحلة دقيقة يشهد فيها وطننا تحدّيات استثنائية. لقد أثبتُّم مجدّدًا أنكم على قدر الثقة والمسؤولية، حاضرين بكل التزام وانضباط، ومؤتمَنين على حماية وجه لبنان الديموقراطي.
إنّ ما قمتم به لتأمين الظروف المناسبة، ومعالجة الإشكالات بحكمةٍ واحتراف، فضلًا عن ملاحقة مُطلقي النار وتوقيفهم، كلُّه ساهم في إنجاح هذا الاستحقاق الوطني، وعكَس صورة مشرقة عن دور الجيش كضامن للاستقرار وحامٍ للدستور.
مسؤوليتنا كبيرة، لكنّ ثقتي بكم وبصلابتكم تجعلني على يقين بأنّنا سنواصل مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، مهما اشتدّت الصعاب، حفاظًا على أمن الوطن وكرامة شعبه».