- En
- Fr
- عربي
مهرجان رياضي
أضواءٌ أنارت سماء العاصمة، حركةٌ غير اعتيادية ملأت الطرقات، وأجواء الحماسة والفرح حلّت في الأرجاء… خمسة أيامٍ من الإثارة والدهشة، جعلت من ”فوروم دو بيروت“ وجهةً لهواة الرياضة ومحترفيها، وقد أتوا من جميع المناطق اللبنانية للمشاركة في مهرجان بيروت الرياضي، الكرنفال النابض بالحياة، في تجربة استثنائية اختصرت الشعار بصدق: ”كل الرياضة عنا“.
انطلق «مهرجان بيروت الرياضي» في نسخته الثالثة وسط أجواء من الحماسة والمرح، جاذبًا الكبار والصغار، وجامعًا عددًا كبيرًا من عشّاق الرياضة ضمن مساحة 30 ألف متر مربع. وقد كان زوّار المهرجان على موعدٍ مع نجوم عالميين في رياضات مختلفة، مثل أسطورة كرة القدم البرازيلي روبيرتو كارلوس، والبطلة العالمية في الجودو الأوكرانية داريا بيلوديد، بالإضافة إلى مشاركة لاعبين محترفين في مباريات ومنافسات في أكثر من 24 رياضة جماعية وفردية، مثل كرة السلة، كرة القدم، الرياضات القتالية والرياضات الميكانيكية وغيرها.
جناح يستقطب الجميع
شارك الجيش اللبناني في هذا المهرجان للسنة الثانية على التوالي من خلال مروحة من المشاغل الرياضية والعسكرية التي لفتت أنظار الزوّار من اللحظة الأولى. فقد افتتح فوج مغاوير البحر المهرجان بعرضٍ باهر ومميز حمل بصمة الاحتراف والانضباط، وعبّر عن صورة الجيش المشرقة في أذهان اللبنانيين. ومن هناك، بدأ الزوّار يتوافدون إلى الباحة المخصّصة للجيش، حيث توزعت المشاغل الرياضية والعسكرية، من بينها ثلاثة مشاغل رماية تنوعت بين رماية بالبندقية الهوائية، ورماية بالبندقية M4 باستخدام ذخيرة تدريبية آمنة، ورماية مخفّضة بالهاون. وقد أُقيمت هذه المشاغل، إلى جانب تمرين التوجّه بالبوصلة، في القاعة الداخلية للمبنى.
أما في الباحة الخارجية، فشارك الجيش بأربعة مشاغل، أبرزها الهبوط بالحبل (Fast Rope)، التسلّق على الجدار العمودي (Climbing Wall)، وتحدي اللياقة البدنية للمحترفين الذي تطلّب قوةً ودقّةً عالية.
الجيش يتألق
قائد الجيش العماد رودولف هيكل زار الـ«فوروم دو بيروت» للاطّلاع على أجواء المهرجان وجال في الأجنحة الخاصة بالجيش برفقة قائد المركز العالي للرياضة العسكرية العميد الركن مخائيل موسى ومنظم المهرجان كريم العنداري. وأعرب عن دعمه مشاركة الجيش في تنظيم نشاطات رياضية وعسكرية لما لها من أهمية في التفاعل مع المواطنين، تجلّت من خلال استقطاب الحضور الكبير الذي شهدته مشاغل الجيش ضمن المهرجان.
من جهته، شكر قائد المركز لقيادة الجيش دعمها، مشيدًا بالدور الفعّال الذي أدّته الوحدات العسكرية المشارِكة إلى جانب المركز في المهرجان، من الكلية الحربية، إلى فوج مغاوير البحر، وفوج التدخل السادس والنادي العسكري المركزي. وأكّد أنّ هذه المشاركة المتميزة للسنة الثانية على التوالي لم تكن لتتحقّق لولا دعم القيادة للرياضة والرياضيين.
لا مانع من الانتظار!
الزائرون من كل الأعمار تهافتوا لتجربة الأنشطة العسكرية، فباتت صفوف الانتظار أمام مشاغل الرماية والتسلّق طويلة، لكنّ الحماسة غلبت الانتظار. أحد الزوار قال وهو يترقّب دوره لاستخدام البندقية الهوائية: «سوف أنتظر ولو طال الصف حتى حدود المدخل الرئيسي»… في مكانٍ قريبٍ منه، كانت مجموعة من الشبان والشابات تناقش كيفية تنفيذ تمرين التوجّه بالبوصلة بعدما شرح لهم المدرّب الأسس العامة.
وفي مشهدٍ لافت، قالت إحدى الشابات وهي تستعد لتجربة التسلق: «قررت المجيء بعد أن علمت بمشاركة الجيش في المهرجان الرياضي، وأردت عيش التجربة عن قرب». هذا الأمر قد يلخّص الأثر الحقيقي لمشاركة الجيش في هذا الحدث: لم يكن مجرّد عرض عسكري، بل تجربة إنسانية تُقرّب المؤسسة العسكرية من المجتمع المدني، وتُشعل الحماسة في قلوب الأجيال الجديدة.
لاقى جناح الجيش اهتمام الأطفال أيضًا، فقد كانوا يتنقلون بعيون لامعة بين المشاغل، وقد هتف أحدهم لوالديه: «في ناس كتير! تعو نشوف شو عم بيصير هون»! وهو مشهد تكرّر كثيرًا في محيط مشاغل الجيش التي لم تهدأ طوال أيام المهرجان.
محبة الناس تعزّز التفاعل
في هذا السياق، نوّه العميد الركن موسى بالتفاعل اللافت من الزوّار مع مشاغل الجيش، لا سيّما تلك التي استُحدِثت هذا العام، مثل الرماية بالهاون باستخدام جهاز الرمي المخفض، ومشغل تدريب اللياقة البدنية، وقال: «لاحظ المنظمون مدى محبة الناس للمؤسسة العسكرية، فكان حضور الجيش في المهرجان بمثابة قيمة مضافة حقيقية. نرى الزوّار يتنقّلون من مشغل إلى آخر بفرح وحماسة، من دون تعب أو ملل، حريصين على تجربة كل نشاط عسكري متاح لهم، خصوصًا وأنّ البعض يخوض هذه التجربة للمرة الأولى.»
وأضاف: «هذا التلاقي بين المجتمع المدني والمؤسسة العسكرية مهم جدًا، بخاصة عندما تكون العلاقة مبنية على الاحترام والثقة والمحبة التي نلمسها بوضوح في كل تفاعل.»
شغف بالتحدي
وفي سياق متّصل، لفت العميد الركن موسى إلى أنّه لمس رغبة غير اعتيادية لدى جيل الشباب في ممارسة الرماية بالأسلحة المختلفة والمشاركة بالألعاب القتالية وألعاب القوى كالكباش، وأشار إلى أنّ هذا الميل لا يعني بالضرورة ميلًا إلى العنف، بل هو شغف بالتحدي والقوة والانضباط. وقال: «من المهم أن نمنح الشباب فرصة تجربة هذه الألعاب ضمن أطر قانونية وآمنة. فالجيش لا يدرّب فقط، بل يوجّه ويحتضن هذه الحماسة بطريقة مسؤولة.»
وفي الختام، شكر قائد المركز العالي للرياضة العسكرية منظّمي المهرجان على التعاون والتنسيق وحسن التنظيم، كما شكر الوحدات العسكرية التي أسهمت في تحقيق الهدف من المشاركة في «مهرجان بيروت الرياضي»، وهو تعريف الزوّار بإمكانات الجيش وقدراته، بالإضافة إلى التفاعل المباشر مع المجتمع المدني.
وإذ أوضح أنّ المركز يشارك في نحو 27 لعبة رياضية، ويُصنّف من الأوائل في معظمها، أكّد قائلًا: «نحن مستمرون في التقدم، لأنّنا نؤمن بأنّ الرياضة هي أيضًا وجه من أوجه خدمة الوطن وازدهاره».