ثقافة وفنون

الحقبة الذهبية للإبداع اللبناني في مسيرة صاحب «زردشت صار كلبًا»
إعداد: جان دارك أبي ياغي

قدّمت جامعة سيدة اللويزة ومؤسسة إميل شاهين للثقافة السينمائية العرض الأول للفيلم الوثائقي «جبارة» عن سيرة المسرحي ريمون جبارة، وذلك في قصر الأونيسكو في بيروت. يتناول الفيلم (من إعداد نصري البركس وإخراجه)، سيرة ريمون جبارة الفنية في 120 دقيقة، ويبرز أهم إنجازاته ومساهماته في الحركة المسرحية الحديثة في لبنان على مدى أكثر من 50 عامًا. وهو يعرض أهم المحطات الفنية والثقافية والتاريخية التي طبعت حقبة أواخر ستينيات القرن الماضي وحتى نهايته وصولا إلى بعض أعمال جبارة الأخيرة. وقبل بدء العرض تسلم جبارة رسمًا له بريشة الفنان الراحل بيار صادق، من زوجته السيدة حنان صادق.
يعرض الفيلم في قسمه الأول بدايات ريمون جبارة كممثل في ستينيات القرن المنصرم وذلك منذ التحاقه بمعهد المسرح الحديث وفرقة المسرح الحديث اللذَين أسّستهما لجنة مهرجانات بعلبك الدَّولية، مرورًا بأهم الأعمال التي شارك فيها مع فرقة المسرح الحديث، وحلقة المسرح اللبناني، وفرقة المسرح الحر التي ساهم في تأسيسها (1960 و1970) حيث لمع نجمه على خشبات المسارح وأصبح من أبرز الممثلين الموهوبين وأكثرهم براعة.
أما القسم الثاني فيتناول كيف بدأ جبارة تجربة الإخراج والتأليف وصولاً إلى اندلاع الحرب اللبنانية العام 1975، مرورًا بأول أعماله المسرحية «لتمت ديدمونا»، ثم «تحت رعاية زكور»، وبداية تمارين مسرحية «دكر النحل» التي قطعها اندلاع الأعمال العسكرية.
ويحكي القسم الثالث عن فترة الذروة الإنتاجية في مسرح ريمون جبارة على الرَّغم من زمن الحرب، ما بين العامين 1975 و1986 حيث قدّم «شربل»، و«زردشت صار كلبا»، و«محاكمة يسوع»، و«قندلفت يصعد إلى السماء»، و«دكر النحل»، ورائعته الفنية «صانع الأحلام» التي نالت جوائز في مهرجانات عربية وتقدير النقّاد على السواء.
في القسم الرابع يغطي الفيلم مرحلة الخيبة بين العامين 1987 و1990 وهي مرحلة تعيين جبارة مديرًا عامًا ورئيسًا لمجلس إدارة تلفزيون لبنان، حينها انصرف إلى عمل إداري أنهكه وأبعده قسريًا عن المسرح، وأدى في النهاية إلى إصابته بعارض صحي خطير كانت نتيجته شللاً نصفيًا حتّم مرحلة صراع قاسية في حياته.
ويتناول القسم الخامس مرحلة العودة المتقطعة إلى المسرح بين العامين 1993 و2013 حيث قدّم في فترات متباعدة مسرحيتي «من قطف زهرة الخريف»، و«بيكنيك على خطوط التماس»، وأعاد عرض «زردشت صار كلبًا» و«شربل»، مع جيل جديد من الممثلين، كما أخرج مسرحيات للكاتب أنطوان غندور هي «يوسف بك كرم» و»طانيوس شاهين» و«نقدم لكم وطن»، إلى آخر مسرحياته «مقتل إن وأخواتها» العام 2012.
عن الفيلم قال المخرج نصري البركس، إن «جبارة» فيلم «غير مخصص لغايات تجارية، وهدفه توثيق وتأريخ حقبة ذهبية من الإبداع والفن والمسرح اللبناني من خلال أحد رواد الحركة المسرحية الحديثة وأحد أبرز الشخصيات الجدلية المعاصرة في لبنان».
كذلك يسلط الفيلم الضوء، بحسب البركس، على «ريمون جبارة المخرج، من خلال إبراز مميزاته وطريقته العفوية والفريدة في التعامل مع الممثلين والخشبة، وأهم خصائص أسلوبه المتميز في إخراج أعماله المسرحية، بالإضافة إلى التذكير بأهم الذين شاركوا في أعماله المسرحية ورحلوا، كمادونا غازي ورضى خوري وفيليب عقيقي وغيرهم».
ويتناول الفيلم أيضًا «ريمون جبارة الإعلامي ومساهماته في الصحافة المكتوبة والصحافة المسموعة من خلال زاويته الأسبوعية في صحيفة «النهار»، وبرنامجه «ألو ستي» الذي يبث عبر إذاعة «صوت لبنان» منذ سنوات. ويضيء أخيرًا على ريمون جبارة الأستاذ الجامعي حيث بدأ يدرّس في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية بعد افتتاحه، ودوره في إعداد أجيال من الممثلين والمخرجين المسرحيين».
في حفل إطلاق الفيلم، وصف نائب رئيس جامعة سيدة اللويزة للثقافة والعلاقات العامة الدكتور سهيل مطر الفيلم بأنه «مهم»، ملاحظًا أنه «يحيط بكل جوانب حياة ريمون جبارة». وقال إنها «ليست المرة الأولى التي تكرّم فيها الجامعة جبارة، وهو كان أستاذًا للمسرح فيها، إذ سبق وكرمته في العام 2010 خلال مهرجان أفلام الطلاب، وأطلقت إسمه على كرسي في مسرح الجامعة، وانتجت له مسرحية مقتل إنّ وأخواتها».
أما رئيسة مؤسسة إميل شاهين للثقافة السينمائية الدكتورة روز ماري شاهين، فشددت على أن «جبارة رمز للحركة المسرحية الجيدة التي انطلقت في الستينات، في الــعصر الذهبــي للمســرح اللبناني». وأشــارت إلى أن «وزارة الثقافـة دعمت العمل من ضمن إمـكاناتها، وجـامعة ســـيدة اللـويزة جنـدت كـل طـاقاتهــا لإنجازه».