- En
- Fr
- عربي
ثقافة وفنون
مؤرخ إحتل مكانة عالية في مملكة المؤرخين العالميين، له من الأبحاث التاريخية إنتاج وإن كان قليلاً نسبياً، فهو عميق، يدل على سعة الثقافة التي كان يختزنها في عقله، حيث تبين له، أن التأليف التاريخي لا يمكن أن يبلغ مستوى لائقاً إلا إذا قام على أساس متين من الوثائق والمصادر الجدية الموثوقة، وإن لم يتوافر له ذلك، فلا يمكن أن يكون إنجازاً علمياً، بل مجهوداً أدبياً تتوقف قيمته على مواهب صاحبه. وهذا المؤرخ الموسوعي هو الدكتور فيليب حتي.
حياته
ولد الدكتور فيليب حتي العام 1886 في بلدة شملان، قضاء عاليه. تلقى علومه الابتدائية تحت سنديانة سيدة المعونات في بلدته. ثم درس في مدرسة سوق الغرب في مدرسة الأميركان؛ وأكمل دراسته في الكلية السورية البروتستانتية (الجامعة الأميركية لاحقاً) في بيروت، حيث أحرز العام 1908 شهادة البكالوريوس، ومارس مهنة تدريس التاريخ في الجامعة نفسها حتى العام 1912، بعدها غادر بيروت إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث تابع إختصاصه العالي، ونال شهادة الدكتوراه من جامعة كولومبيا العام 1915، ثم عمل في الجامعة نفسها حتى العام 1920 تاريخ عودته إلى لبنان لتدريس مادة تاريخ العرب، بالعربية، للمرة الأولى في جامعة بيروت الأميركية. العام 1925 سافر إلى جامعة برنستون الأميركية لتدريس المادة عينها في الولايات المتحدة. وهناك «سعى الدكتور فيليب حتي إلى تأسيس أول دائرة للشؤون العربية في الجامعات الأميركية. وتدرج في إدارة هذه الدوائر، حتى تمكن من إقناع جامعة برنستون بتدريس اللغة العربية، والأدب العربي، والدين الإسلامي والتاريخ العربي، على التوالي».
عمل نصف قرن في التدريس، وفي التأليف العلمي التاريخي العربي، فهو أول مؤرخ لبناني حديث، ورائد «المدرسة الحديثة في التورخة العربية»، وأستاذ «التاريخ العربي الإسلامي» في الجامعات الأميركية. عمل أستاذاً زائراً في جامعة هارفارد، واستمر في عضوية «مجلس أمناء جامعة بيروت الأميركية». على يديه، تخرج عدد من المؤرخين العرب الكبار أمثال: قسطنطين زريق، أمين فارس وجبرائيل جبور. مؤلفات الدكتور حتي التاريخية عن الأقطار العربية عموماً، وعن لبنان وفلسطين وسوريا خصوصاً، من أهم المراجع المعتمدة، ويؤكد البعض، أن مؤلفات حتي شاملة وجامعة لمراحل طويلة من التاريخ، قال فيها: «كتبي جامعة لستة آلاف سنة من التاريخ، وهي لا تجمع إلا الإطارات العامة. هناك تفاصيل متروكة لجيل الشبان من مؤرخينا الجدد». أشهر مؤلفات الدكتور فيليب حتي، تاريخ لبنان، تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، تاريخ الشرق الأدنى، لبنان في التاريخ، صانعو التاريخ العربي. حين أُحيل على التقاعد العام 1954، واصل العمل زائراً وباحثاً ورئيساً للجنة التربية في مجلس أمناء جامعة بيروت الأميركية في الولايات المتحدة، إلى أن غابت شمس حياته هناك العام 1978 عن 92 عاماً.
تاريخ العرب
العام 1908 نال فيليب حتي شهادة البكالوريوس في العلوم، ونال العام 1915 درجة الدكتوراه في اللغات الشرقية وآدابها.
في مقدمة الطبعة الأولى بالعربية لكتابه تاريخ العرب يقول: «لقد وُضع كتاب تاريخ العرب في الأصل باللغة الإنكليزية، وطُبع أول مرة في مطبعة مكملان في لندن العام 1937. ثم توالت طبعاته منذ ذلك العهد حتى بلغت أربعاً، آخرها سنة 1949، ونقل في خلال هذه السنوات إلى اللغات الألمانية والفرنسية والأوردية والتركية». أما بشأن الترجمة العربية لهذا الكتاب، فهي ذات ميزة خاصة، «سيظهر فيها للمرة الأولى قسم جديد، ترجمة الدكتور جبرائيل جبور، وهو القسم الذي يبحث تاريخ العرب منذ أول العهد العثماني حتى زمننا الحاضر». ويضيف الدكتور حتي موضحاً، لعل القارئ يلذ له أن يعرف أن للكتاب موجزاً صدر العام 1943 عن مطبعة جامعة برنستون. والجدير ذكره أن المؤلف ومساعديه جبرائيل جبور وإدوارد جرجي، بذلوا أقصى ما استطاعوا من جهد بحيث لم تكد تخلو صفحة من الكتاب كله من أثر التغيير فيها حذفاً أو زيادة أو تصحيحاً، سواء أكان ذلك في المتن أو في الهوامش أو في الخرائط أو الشواهد وغيرها. تناول تاريخ العرب على التوالي: عصر ما قبل الإسلام، وظهور الإسلام ودولة الخلافة، ومن ثم الدولتين الأموية والعباسية، وأخيراً العرب في أوروبا.
يلاحظ الدكتور فيليب حتي، أن المشهد العربي أخذ يتغير بتأثير الغرب، إذ نفذت الثقافة الأوروبية، ثم العالمية، إلى صميم الحياة العربية عبر المدارس والجامعات والكتب والصحف والإعلام والمعلوماتية أخيراً. وخلف النفوذ الغربي، كان يتقدم النفوذان الإقتصادي والسياسي، على إيقاع النفوذ الثقافي - الإعلامي العربي الخافت. فكان القرن العشرون عصر التحرر العربي، بتحرير الأرض وإقامة دولة فوقها، وأبرز ما في ثقافة عرب القرن العشرين: القومية. «لقد قامت القومية العربية على قاعدة واسعة، هي أن جميع الشعوب التي تتكلم العربية أمة واحدة».
تاريخ لبنان
عن كتابة تاريخ لبنان، يتذكر الدكتور حتي أن جميع الأخبار ووصف الأحداث التي حدثت عبر العصور التاريخية في البقعة التي نعرفها الآن بالجمهورية اللبنانية، وذكر المآثر المجيدة والخدمات الجلى التي قدمتها الشعوب المتتالية التي توطنت لبنان إلى الحضارة الإنسانية، نقول والحديث للدكتور حتي: «إن جميع هذه الأخبار الخطيرة، وتدوين هذه الأحداث ذات المغزى التاريخي في قصة واحدة متسلسلة محاولة جريئة يقوم بها المؤرخ». ويشير إلى أن المادة التاريخية في هذا المؤلف مستقاة من المصادر الأولية، ومعززة بآخر ما توصل إليه البحث التاريخي الحديث، غير أن عرض هذه الحقائق يهدف إلى وضعها في متناول طلاب التاريخ...
الدكتور فيليب حتي ثروة أدبية وفكرية وتاريخية أنتجها لبنان، لتكون ذخراً خالداً في المكتبة الثقافية العربية.
شملان كرّمت ابنها
في 4 تموز الجاري كرّم مجلس بلدية شملان (عاليه) المؤرخ فيليب حتي في احتفال أقيم أمام حديقة حملت اسمه ووضع فيها تمثال له.
حضر الاحتفال الدكتور فوزي عطوي ممثلاً وزير الثقافة طارق متري وعدد من النواب والشخصيات. وتوالى على الكلام في المناسبة كل من: مختار شملان غسان حتي، الأب الدكتور الياس عبدالمسيح (الرهبانية الانطونية) الدكتور سمير صيقلي (الجامعة الاميركية)، بيلي حتي، الدكتور فوزي عطوي، ورئيس بلدية شملان روبير الطبيب. ركزت الكلمات على عطاءات فيليب حتي «رائد البحث التاريخي العلمي والمنهجي الحديث في لبنان». وتناولت صفاته الشخصية وتواضعه وتعلقه ببلدته ووطنه.