قضايا إقتصادية

الدكتور كليب محاضراً في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان
إعداد: تريز منصور

  الفوضى التي أحدثتها العولمة والليبرالية ستؤدي الى إحياء دور الدولة
«دور الدولة في الإقتصاد
على ضوء الأزمة المالية العالمية» كان عنوان المحاضرة التي ألقاها الدكتور كليب كليب أمام طلاب كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان.


تطور دور الدولة
تناول الدكتور كليب في محاضرته تاريخ تطوّر دور الدولة وتدخّلها بالإقتصاد، حيث أدى إحتدام الصراع خلال القرنين الأخيرين من الألفية الثانية بين التيار الليبرالي اللاتدخلي والتيار الماركسي الكلي التدخل، الى قيام نموذجين متعارضين للدولة: الدولة الليبرالية التي تعتمد السوق الحر المفتوح والدولة الكلية القدرة الناظمة للإقتصاد (بلا سوق) أي الدولة الإشتراكية في ردائها الستاليني.
وأضاف: «تبادل النظامان التأثير في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فخرجت علينا دولة الرفاه من جهة ودولة الإصلاحات الإشتراكية من جهة ثانية. وكان يمكن لهذا التأثير المتبادل أن يستمر لولا سقوط النموذج الثاني وانقلاب التيار الليبرالي الجديد في الربع الأخير من القرن العشرين، على دولة الرفاه التي كانت نموذجاً غربياً بامتياز.
لقد اعتبرت الإيديولوجية الليبرالية المفرطة، التي استحكمت بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار النموذج الشيوعي، الدولة عديمة الأهلية للتدخل في الحياة الإقتصادية وفي مناحي الحياة كافة.  وهكذا أصبح الإرتداد على الدولة، السمة المميزة لزمننا الحاضر منذ نهاية الحرب الباردة. فقد جرى تصوير سقوط الدولة التوتاليتارية في البلدان الشيوعية، وكأنه سقوط لفكرة الدولة ذاتها بالمطلق وإلغاء شرعيتها.
وهكذا حصل الإشتباه بفكرة الدولة ومناصبتها العداء، وجرى العمل على تقويضها أو على تجاوزها والتخلي عن بعض مظاهر سيادتها لحساب فكرة كونية أوسع (العولمة)، أو على التحول عنها الى ما دونها من فئات ذات إنتماءات إتنية عرقية أو طائفية أو عشائرية، سعت الى الإنفصال عن الدولة أو غلبتها والسيطرة عليها. هذا بالإضافة الى ظاهرة الإرهاب، التي تتعارض تماماً مع فكرة الدولة وواقعها، فالإرهاب لا يعترف بالحدود الحالية للدول».
الدكتور كليب أوضح وجهة نظره بالقول: «وكأنما القوى والتيارات التي كانت فاعلة خلال العقدين الأخيرين كانت على تباينها وتنافر مصالحها، تُجمع بشكل ضمني على إضعاف الدولة وتهميشها. وفي ذلك تساوي في الحد من قدر الدولة، ومنازعتها السيادة ومساءلتها في وظائفها الأساسية، والداعين الى تجاوز سلطة الدولة من متذرعين بتحقيق الجدوى الإقتصادية، وآخذين بشعار الليبرالية ومؤيدين لفكرة العولمة، التي أباحت حق التدخل في أية دولة، لنصرة جماعة تعاني تطهيراً عرقياً أو إستبداد حاكم... يضاف الى هؤلاء، الساعون الى الإنقضاض على الدولة من الداخل والسيطرة عليها».
وأكد «إن الأزمة المالية العالمية الراهنة التي اندلعت منذ صيف 2008، وإسراع بعض الدول الى القيام بعمليات تأميم لمصارف وشركات تأمين وغير ذلك، (خلافاً للإيديولوجية التي بشّرت بها الرأسمالية) أحيتا الآمال بإمكان سقوط الرأسمالية، وعودة النظام الإقتصادي الموجّه، إن لم نقل النظام الشيوعي الكلي التوجيه والتسيير للإقتصاد والمجتمع».
وتحدّث الدكتور كليب عن التطورات الإقتصادية المعاصرة ولا سيما إقتصاد المعرفة في مجال ثورة العلوم والتكنولوجيا...، معتبراً أن تجربة أوروبا الغربية هي تجربة حكم الوسط، حيث استطاعت الدول الإسكندنافية إرساء التنافس الكامل بين القطاعين العام والخاص.
وأكد أخيراً «أن إنفلات الرأسمالية من عقالها في الربع الأول من القرن العشرين، أدى الى إنتشار الفكر الإقتصادي التدخلي في الثلاثينيات من القرن المذكور، وإن فوضى الأسواق التي أحدثتها العولمة والليبرالية الإقتصادية في العقدين الأخيرين، ستؤدي حتماً الى إحياء دور الدولة في الإقتصاد، إنما على قاعدة التكامل والتنافس الإيجابي مع القطاع الخاص».