رحيل الأبطال

الرئيس لحود والعماد سليمان معزيين

 فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود قدّم التعازي الى أرملة المقدم الشهيد ميلاد هلالي وأفراد عائلته ورفاقه وأقربائه، منوّهاً بالتضحيات التي قدمها المقدم هلالي في حياته العسكرية. وأضاف أنه كان مثالاً للضابط المقدام والشجاع الذي أعطى وطنه وجيشه الكثير الكثير، حتى أعطاه حياته. وأشار الرئيس لحود الى أن المقدم هلالي كان في كل المواقع التي حل فيها والوظائف العسكرية التي تسلمها عنواناً للمناقبية والإخلاص، ووفياً للقسم الذي أداه قبل سنوات عندما تخرّج من المدرسة الحربية، كما نوّه رئيس الجمهورية بالمهام الإنسانية والإجتماعية التي يقوم بها الجيش ومن هذه المهام تلك التي كان الضابط الشهيد ينفذها وسقط فيها شهيد الواجب.

 قائد الجيش العماد ميشال سليمان، قدّم بدوره التعازي الى عائلة المقدم الشهيد هلالي حيث أشاد بمزاياه وبمناقبيته العسكرية.


 الجيش ودّع المقدم هلالي في مأتم رسمي وشعبي حاشد
 قائد القوة الضاربة استشهد أثناء تأدية الواجب
 رئيس الجمهورية قدّم التعازي منوهاً بشجاعته ومناقبيته

 بكاه لبنان والجيش والأهل والرفاق، والبحر أيضاً بكاه... المقدم الشهيد ميلاد هلالي سقط في ساحة الواجب، فخسر الوطن والجيش فيه واحداً من ضباطه الشجعان الشجعان...

 

 التشييع
 بتاريخ 2004/9/17، وأثناء قيام مجموعة من العسكريين الغطاسين بمهمة إنقاذ مركب صيد، فُقد المقدم ميلاد هلالي بينما كان يغوص في الأعماق. وعلى الفور بدأت أعمال البحث عنه حيث تم العثور عليه في اليوم التالي بتاريخ 2004/9/18 وقد فارق الحياة.
 تم تشييع المقدم الشهيد في كنيسة النبي إيليا للروم الارثوذكس في الحدت، في مأتم رسمي وشعبي حاشد، حضره المفتش العام في وزارة الدفاع اللواء الطيار ميشال منسى ممثلاً رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، والعميد الركن ريمون عازار مدير المخابرات ممثلاً قائد الجيش العماد ميشال سليمان على رأس وفد من الضباط، وممثلون عن كل من المدير العام لقوى الأمن الداخلي والمدير العام للأمن العام والمدير العام لأمن الدولة وشخصيات روحية وسياسية وعسكرية، بالإضافة الى حشد كبير من الضباط والعسكريين والمواطنين.

 

 كلمة ممثل قائد الجيش
 ممثل القائد العميد الركن ريمون عازار القى للمناسبة الكلمة الآتية:
 “نودعك اليوم يا ميلاد، أيها الشهيد البطل وفي قلوب أهلك ورجال جيشك وكل من عرفك حسرة لا تعبّر عن وصفها الكلمات مهما حملت من معان وعواطف نبيلة.
 لقد شاء القدر أن ترحل عنا في غفلة من الزمن، وأنت في ربيع العطاء، نهر هادر بالعزم والارادة والعنفوان، ليشكل غيابك المفاجئ صدمة كبيرة تركت أثرها العميق في نفوسنا ووجداننا، فنحن وإن كنا نشهد بالحق لما قدمته خلال مسيرة حياتك العسكرية من عطاءات وإنجازات، على أكثر من صعيد، ستبقى صفحات مشرقة في كتاب جيشك وفي تاريخ وطنك الذي أحببت ووهبت حياتك لخدمته، فإننا أيضاً كنا نرى بك تباشير مستـقبل واعـد مشرق في شخصيتك المتألقة علـماً وأخلاقـاً ورجولة.
 لقد كنت مثال الضابط الشجاع، الخلوق، المفعم بالنشاط والحماس، الوفي لقسمه ولقيم مؤسسته ومبادئها، وكنت وجهاً متألقاً لعائلة لبنانية أصيلة تميزت بالتربية السليمة ونذرت فلذات أكبادها قرابين طاهرة على مذبح الوطن.
 باستشهادك يا ميلاد حققت أمنيتك الغالية وهي الاستمرار بالتضحية والعطاء في سبيل وطنك وجيشك حتى الشهادة، فجسدت قولاً وفعلاً شعار مؤسستك القائمة على الشرف والتضحية والوفاء.
 باسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان أتقدم بأحر التعازي من أهل الشهيد وأقربائه ورفاقه وكل الحضور، راجياً من الله أن يتغمد شهيدنا الغالي بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانـه وأن يمـد أهـله بنعـمة الصبر والسلوان، ودمت أيها الشهيد مشعلاً يضيء دروبنا ونجماً لامعاً في سماء المؤسسة العسكرية والوطن”.

 

 رِشّوا عَ نعشو الورد
 العميــد الركـن المتقـاعـد عبـدالـله واكيـم ألقـى فـي التشيـيع القصيـدة الآتـية:

 يا بحر بأيلول
 شو عملت فينا
 إلنا زمان كتير ما بكينا،
 بلعت البطل
 والبطل مغوار
 دوّقتنا العلقم مع الكينا...
 يا بحر فيك بحور
 م الأسرار
 ونحنا لسرك
 بعد ما فينا
 “هلالي” لسرقتو
 كان مثل النار
 ليشك يا بحر
 بنار ترمينا
 مش عارفو
 هاك الفتى المغوار
 براس الطليعة
 كل ما مشينا
 قاسي انت
 يا بحر يا غدّار
 كان همّو ينفذ المطلوب
 ويرجع علم
 يخفق على المينا...
 * * *
 “ميلاد” لمّا كان مرة يطل
 تقرا الفرح والمجد بعيونو
، وتقرا الكرامة وسيفها ينسل
 بوج الظلم والحقد وجنونو،
 وتقرا الرجولة هلالها بهل
 برجالو الكواكب
 وين ما يكونوا...
 حب الوطن والجيش حب الكل
 يسهر على لبنان ويصونو
 مش هيك كنا نظن رح بفل
 ولا هيك قلنا البحر بخونو،
 رشّوا ع نعشو الورد،
 رشّوا الفل
 وخلّوا الدمع من عيوننا ينهار
 وتبكي الطبيعة وتدمع سنونو.
 * * *
 يا هالبطل بكّرت بالفلّة
 رح نلمحك عاطول
 ع التلة...
 مثل القمر كل ما هليت
 يحلى السهر تضحك الفلة
 ومثل العلم كل ما طلّيت
 تحلى الدني بشمخة الطلّة،
 العيلة لبنيتا بحبك وفليت
 من سحر لطفك كاسها تملّي
 مهما غبت باقي معا بالبيت
 دخيرة عمر بصدرها تخلّي
 وبالبحر إنت البحر لو حبّيت
 وبالجيش إنت الفخر يا “ميلاد”
 مغاوير بحر لذكرك تصلّي.


 “فعلتها يا بحر”
 لما بلغـني نبأ غرق المقدم المغـوار ميلاد هلالي في أعماق الماء، تطلعت من على شرفة قريبة ونظرت نحو البحر وقلت في قرارة نفـسي: لقد فعلتها يا بحر... أخـذت منـا الأخ العزيـز والزميل ورفيق السلاح. سلبته على حين غرة، وفي غفلـة لم ينتظرهـا أحد. كان القدر على الموعـد، والقدر دائماً الأقـوى.
 أجل يا بحـر، إنه رفيق سلاح عزيز، لقد غـاص في أعماقـك، لم يكـن يبغي كشف سـرّك ولا معرفة طالعك ولا هتك محرّمك. كان يسعى لإنقـاذ مركب غارق، مركـب يرد منـه رزق عيـش لكثيرين. هنـاك عشرون عائلـة ترتبط حيـاة كل فـرد منها بذلك المركب الغارق. عجز الغطاسـون عن الانقاذ فانبـرى ميلاد المحب للناس، والمثل في المحبة والشجاعة والإقدام والانضباط والأخلاق، وهمّ باختراق عباب الأعماق. لم ترضَ يا بحـر لأنك لم تعرفه كمـا نعرفه نحن، وكما يعرفه كل رفاقه ورؤسـائه ومرؤوسيه، وكل من حوله. لم تعرف تلك القيمة العالية والبسمة الطيبة، فأخذته وكنت الأقوى.
 أقول لك يا بحر: إننا أقوى منك. صحيح أنـك أخذت حياته، لكنـك لن تستطيع السيطـرة على ذكراه التي سـوف تبقى حية في نفوسنـا وخواطرنا، فأنّى كنا، في البر والبحـر، سوف نتذكـر دائماً بطـلاً من جيش لبنان، مغواراً من بلادنـا يسطـع اسمه دائماً... ميلاد هلالي.

 

العميد الركن الياس فرحات
مدير التوجيه