تحية لها

السيدة رندة بري: مسار واحد يجمعني بدولة الرئيس

يتوزع حضور السيدة رندة بري الوازن على عدة ميادين، فمن اهتمامها بشؤون المرأة والعمل الاجتماعي ورعاية المعوقين، إلى العمل في مجالات الثقافة والتراث...
زوجة الرئيس نبيه بري نشأت في كنف بيت التزم قضايا العروبة والعدالة والمساواة والهوية... وسارت إلى جنب رفيق دربها مؤمنة بالشراكة الحقيقية بين الرجل والمرأة في مواقع القرار كافة.

 

«من خلال صفحات مجلة «الجيش» ونحن ما زلنا في رحاب يوم المرأة العالمي وعشية عيد الأم، أتوجه في البداية بالتحية للجيش اللبناني قيادة وضباطًا ورتباء وأفرادًا، فهذه المؤسسة بما يختزل شعارها من عناوين «الشرف والتضحية والوفاء» تمثّل أيضًا بعضًا من العناوين التي تجسدها المرأة والأم في أدوارها الإنسانية والاجتماعية والوطنية». بهذه الكلمات أحبت السيدة رندة بري أن تبدأ مشاركتها في هذا الملف، لتضيف:
«من خلالكم أسمى التحايا للمرأة اللبنانية المناضلة في حقول التبغ في أقاصي الجنوب وعكار والبقاع والهرمل، والتحية أيضًا موصولة لكل النساء والأمهات اللواتي لم يتسلّل اليأس إليهن في هذه الظروف الصعبة على مختلف المستويات، ويواصلن مسيرة النضال من أجل تحقيق أحلامهن وذواتهن، بأن يكنَّ شريكات في كل ما يصنع حياة الإنسان وحياة المجتمع وحياة الوطن.. والتحية أيضًا لأمهات الشهداء، شهداء الجيش اللبناني وشهداء المقاومة، اللواتي كنّ دائمًا وما زلن يمثلن القدوة الصالحة لمتابعة مسيرة الصمود وإكمال مسيرة النهوض بواقع المرأة وواقع الإنسان من أجل حفظ لبنان وطنًا نهائيًا لجميع أبنائه».
من التحية إلى دوافع عملها في ميادين الرعاية الاجتماعية، إذ تقول:
«بغضّ النظر عن عدد الجمعيات التي كان لي شرف تأسيسها ورئاستها، ينبغي النظر إلى الظروف والأسباب التي أملت علينا أن نؤسس ونطلق تلك الجمعيات، أولًا لجهة الظروف، فهي (أي الجمعيات) بدءًا من الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين وجمعية أمواج البيئة والمحافظة على آثار وتراث الجنوب اللبناني ولجنة مهرجانات صور ولجنة تخليد شهداء المجازر الإسرائيلية وملتقى الفينيق والاتحاد اللبناني لرياضة المعوقين (لوى) وغيرها.. كلها جاءت في مرحلة انعدام أي وجود لمؤسسات الدولة الراعية والحاضنة والمسؤولة عن كل ما يتصل بحياة الإنسان في الطبابة والرعاية وتأمين لقمة عيشه وفي استكمال معركة الصمود في مواجهة الاحتلال.
إذًا كنّا أمام خيارين، إما أن نستسلم للواقع ونواجه القدر من دون مقاومة له، أو أن نحاول ملء الفراغ ليس كبديل للدولة ومؤسساتها، إنما كعامل مساعد ومحفّز لها ريثما تحين فرصة عودتها. فكان الخيار أن نتحمل مسؤولية ملء الفراغ، وهي مسؤولية أخلاقية وشرعية وإنسانية قبل أن تكون وطنية، وهي فعل تكامل في الأدوار بين جميع العاملين، وجلّهم من المتطوعين الذين عملوا معنا في ظروف أمنية غير مسبوقة وبخاصة خلال الحروب العدوانية الإسرائيلية على الجنوب».

 

تكامل الأدوار والثوابت
تؤكد السيدة بري أن من نعم الله عليها «نشأتها في كنف بيت ملتزم قضايا العروبة وعدالة الإنسان والنضال من أجل المساواة وعدم التفريط بالثقافة والهوية العربية، بيت كان على تماس يومي مع النخب الفكرية والأدبية في عالمنا العربي من خلال العمل إلى جانب والدي المرحوم الحاج حسين عاصي مؤسس دار الأندلس للطباعة والنشر وصاحبها». وهي تضيف:
«وما زاد على هذه النعمة نعمة أخرى أن أكون رفيقة درب لرئيس حركة أمل المحامي الأستاذ نبيه بري قبل أن يكون وزيرًا أو رئيسًا للمجلس النيابي. معه وإلى جانبه عايشت حقبة الطلقات الأولى في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في خلده وبيروت، معه ومع إخوانه المقاومين واكبت مراحل إخراج لبنان من مقولة قوة لبنان في ضعفه إلى العصر العربي. ومنه ومن الأمانة التي يحملها من سماحة الإمام السيد موسى الصدر أيقنت كم هي عظيمة الأفكار والمبادئ التي يحملها ويدافع عنها ولا يساوم عليها وفي مقدمها وحدة لبنان وتعايش أبنائه، وأولًا وأخيرًا محاربته للطائفية والمذهبية واعتباره أنّ الطوائف نعمة والطائفية نقمة . فارتباطي بالرئيس نبيه بري الإنسان الرسالي الوطني العروبي المقاوم المؤمن بنهائية لبنان، يفرض عليّ انطلاقًا من القناعة الراسخة التي نشأت عليها بأن تكون المسؤوليات والمهمات والأدوار التي أضطلع بها كافة، مكمّلة للثوابت التي يعمل من أجل تحقيقها دولة الرئيس نبيه بري».

 

رفعنا الصوت
مثّلت السيدة بري المرأة اللبنانية في العديد من المؤتمرات ومن بينها الدورة الـ٣٥ للجنة المرأة العربية في جامعة الدول العربية التي انعقدت تحت عنوان: «نحن امرأة واحدة»، وهي تقول في هذا الصدد: «لقد شاركت ومثلت المرأة اللبنانية في مختلف الفعاليات المتصلة بالمرأة العربية وبالمنتديات كافة التي استضافتها الجامعة العربية وكنت مع المؤسسين لمنظمة المرأة العربية، وفي هذا الإطار لا أخفي سرًا بأنّ الدورة الخامسة والثلاثين للجنة المرأة العربية التي التأمت في مبنى جامعة الدول العربية كانت من أكثر المؤتمرات أهمية، لأنّها جاءت بعد جملة من المتغيرات التي شهدها العالم العربي تحت ما يسمى «الربيع العربي». وحمل المؤتمر حينها عنوان «نحن امرأة واحدة»، في ذلك المؤتمر رفعنا الصوت باسم لبنان والمرأة اللبنانية محذرين من تداعيات تفاقم أزمة النزوح واللجوء وحذرنا من تهويد فلسطين ومن التدمير الممنهج للثقافة والتراث والهوية والاستهداف المنظم للجيوش العربية في لبنان وسوريا ومصر، عبر الإرهاب التكفيري. وشدّدنا على دور المرأة وأهمية شراكتها في مواقع القرار السياسي والثقافي والاقتصادي والإنمائي. واليوم وبعد مضي خمس سنوات وعلى الرغم من رفع الأمم المتحدة لهذا العام شعار «أنا جيل المساواة» إعمالًا لحقوق المرأة... أرى وللأسف أنّ هموم المرأة العربية هي واحدة ومعاناتها وظلمها واحد في التهميش، باستثناء الخطوات الرائدة التي خطتها تونس لجهة إقرار الكوتا النسائية في المجلس النيابي». وأضافت: «آمل ونحن مع الحكومة الجديدة التي تمثل النساء فيها نسبة الثلث تقريبًا أن يشكل ذلك قفزة نوعية نحو شراكة حقيقية للمرأة في مواقع القرار كافة، وألف باء هذه الشراكة إقرار مبدأ الكوتا النسائية في المجالس المنتخبة».
انطلاقًا من تجربتها الطويلة والعميقة، تتحدث السيدة بري عن المرأة اللبنانية عمومًا والجنوبية خصوصًا، لناحيتَي دورها وحضورها في الحياة العامة وميادين العمل، وصلابتها في مواجهة الصعوبات، فتقول:
«إنّ امتلاك المرأة فعل القدرة على مقاومة الاحتلال سواء بالبندقية أو من خلال الصمود في الأرض وإصرارها إلى جانب أسرتها على خوض تحدي التحرير والنجاح بهذا التحدي، ناهيك عن الأدوار التي خاضتها في مجال الإدارة والتعليم والقضاء، كلها مؤشرات أبدت فيها المرأة نجاحًا باهرًا يجب البناء عليه، لاستكمال مسيرة النضال وإقناع الآخر بأنّ الإمعان بتجاهل دور المرأة هو ليس ظلمًا لها فقط، إنما ظلم للبنان ، وإذا ما أراد الخروج من أزماته فالمطلوب إشراك كل الطاقات بعملية الإنقاذ».
يقال إنّ وراء كل رجل عظيم امرأة، هل تنطبق هذه المقولة على الثنائي بري؟ تجيب عن هذا السؤال قائلة:
«مصطلح «وراء كل رجل عظيم امرأة» مصطلح بياني ولغوي جميل أن يتمّ التداول به، لكنّه يجب أن لا يكون معيارًا في العلاقة بين الرجل والمرأة خصوصًا في ما يتعلّق بالقضايا المتصلة بالمساواة والعدالة في الحقوق والواجبات.
وعليه، ومن موقع التزامي الإنساني والرسالي بقضية العدالة والمساواة وهو الالتزام نفسه الذي يؤمن به ويعمل من أجله الرئيس نبيه بري من خلال موقعه كرئيس للمجلس النيابي وكزوج وأب، أرى أنّ معيار النجاح للرجل أو للمرأة هو أن يكونا جنبًا إلى جنب في مسار واحد نحو تحقيق الأهداف والتطلعات التي عنوانها الإنسان أولًا. هذا هو عنوان الثنائي بري».