العوافي يا وطن

الشرطة العسكرية
إعداد: ندين البلعة
تصوير: الرقيب ناجي حداد

 أسوة بباقي القطع العسكرية، نفّذت الشرطة العسكرية إنتشاراً عملانياً، وبذلك أضيفت الى مهامها الكثيرة مهمة جديدة. كيف يوفّق العسكريون في الشرطة بين مهامهم الأساسية وتلك الناتجة عن الوضع الإستثنائي؟
الجواب باختصار: بالعزم والوعي والتفاني.
أداء إستثنائي في ظروف إستثنائية

قائد الشرطة العسكرية: عناصرنا أثبتوا جدارتهم
قائد الشرطة العسكرية، العميد الركن نبيل غفري وضعنا في أجواء المهام الأساسية للشرطة التي تختصرها العناوين الآتية: تقديم خدمات مساندة قتال للجيش، ضبط المخالفات، تأمين عمل الضابطة العدلية العسكرية بكل تفرّعاتها، تأهيل العسكريين الخارجين على الإنضباط العام.
وهناك مهام أخرى تتعلّق بتأمين دوريات مواكبة لوفود أجنبية ولقوات الطوارئ. فوفقاً للبروتوكول الموقّع مع هذه الأخيرة تتولى الشرطة العسكرية مواكبة «اليونيفيل» في تنقلاتها بين بيروت والجنوب، ومواكبة الشخصيات الأجنبية التي تزور القوات التابعة لبلادها في لبنان.
وفي الإطار نفسه، يقوم عناصرنا بمواكبة وحدات الجيش في أثناء تنقلها... هذا النوع من المواكبات كان كثيفاً في أثناء معارك نهر البارد، خلال انتقال الوحدات الى الشمال. كما تتولى الشرطة تسيير الدوريات في مناسبات مختلفة وتنفّذ عمليات أمنية صغيرة، ومهام أخرى.

 

الإنتشار العملاني
يشير العميد الركن غفري الى أن انتشار عناصر الشرطة العسكرية العملاني على الأرض بدأ فعلياً كنتيجة لحوادث نهر البارد. فبعد أيام على بداية المعارك كلّفت الشرطة بمساندة باقي وحدات الجيش وذلك في قطاع بعبدا - عاليه، الذي يعتبر منطقة دقيقة وحساسة. وبعد تكليف لواء الحرس مهام الأمن في قسم من هذا القطاع ظل القسم الأكبر على عاتق الشرطة العسكرية فيما التنسيق بيننا تام، ونحن ننظر الى هذه المهمة على أنها بالغة الأهمية والدقة. فالأمن كما قال العماد سليمان هو واجب علينا، وهو حق لكل مواطن وحاجة له، وبحكم ضميرنا ومسؤولياتنا نقوم بتأمين حرية كل المواطنين بطريقة متوازنة.
 

• كان لكم ايضاً دور بارز في إطار ملف نهر البارد؟
- لقد أمّنت الشرطة العسكرية حماية البقع الخلفية للمعارك، وتولت كماً هائلاً من ملفات التحقيق في ما يتعلق بشهداء الجيش، لناحية التحقيقات والأدلة الجنائية وتحديد الإصابات بالاضافة الى تسليمهم لأهلهم والقيام بمراسم الدفن، كذلك اهتمت الشرطة بملفات الجرحى ضماناً لحقوقهم مستقبلاً. وبتكليف من النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة العسكرية تولينا تحديد هوية القتلى من مجموعة «فتح الإسلام» الإرهابية من خلال فحوصات DNA. وقد قام بهذا العمل قسم الأدلة الجنائية في الشرطة العسكرية، بالتعاون مع مديرية المخابرات وقوى الأمن الداخلي.
 

• كيف يتمكن عديد الشرطة من التوفيق بين المهام الأساسية وتلك الطارئة؟
- لقد تمّ تعزيز الشرطة بسرية من اللواء العاشر، ومؤخراً بسرية من اللواء الثامن بالاضافة الى سريتين من لواء الدعم وسرية من اللواء اللوجستي. هذه السرايا وُضعت تحت القيادة العملانية للشرطة العسكرية. وعلى الرغم من ذلك فإن عنصر الشرطة يعمل ما لا يقل عن 14 ساعة يومياً من دون انقطاع. لكن هذا لا يعني أن العسكري منزعج، بل على العكس، هو يحب مهامه، يواكب جيشه وانتصاراته ويواكب ثقة الناس بالجيش.
وفي إشارة الى معنويات العسكريين في مهمتهم الجديدة يوضح العميد الركن غفري: في بداية الإنتشار كان لدينا شيء من القلق من ألا يكون لعناصر الشرطة العسكرية، الحسّ الموجود لدى باقي قطع الجيش. ولكن في الحقيقة تأكدنا من العكس، فإن العناصر من خلال عملهم كشرطة عسكرية، استطاعوا أن ينفّذوا على الأرض العمل نفسه الذي تقوم به الألوية الأخرى. أكثر من ذلك إنهم يقومون بعملهم بحسّ قضائي. لا عشوائية، بل كل المهام تتم حسب القوانين والتدقيقات المفروضة، وهذا ما يميّز الشرطة العسكرية عن باقي وحدات الجيش. ويأمل قائد الشرطة العسكرية أخيراً ألا تطول فترة هذه المهمة الإستثنائية وأن يعود الجيش الى انتشاره الطبيعي.

 

حماسة وتيقظ
الحماسة التي يشعر بها عناصر الشرطة العسكرية، تظهر بوضوح على وجوههم وفي هندامهم ووقفتهم.
في جولتنا الميدانية رافقنا العقيد رياض أبو شاهين رئيس القسم الثاني وضابط الأمن والتوجيه في الشرطة العسكرية الذي أوضح أن مهام الشرطة لم تتغيّر، بقيت نفسها وأُضيفت اليها المهمة الأمنية العملانية بعد حوادث نهر البارد.
وقفتنا الأولى كانت عند حاجز لسرية التأديب في الشرطة. النقيب بول دكرمنجيان يقول: كسرية تأديب، نحن نتسلّم للمرة الأولى حواجز حفظ أمن ولكن تجاوب العسكريين وتأقلمهم مع مهمتهم الجديدة كان سريعاً على الرغم من اختلاف المهام وتعوّدهم بالأصل على حماية السجون ومواكبة نقل الموقوفين. بدأنا مهمتنا خلال معارك نهر البارد وهذا ما زاد الناس ارتياحاً. إننا نحمي مركز قيادة الشرطة بالاضافة الى وزارة الدفاع ايضاً.
ننتقل الى الرقيب خالد الحسن الذي يعبّر عن  إدراكه العميق لأهمية دور الجيش في هذه المرحلة فيقول: وضع البلد يتطلّب منا وقفة ثابتة وتنفيذ كل ما يُطلب منا، خصوصاً مع تشجيع الناس ودعمهم لنا. وعن طبيعة العمل يضيف، لقد اعتدنا على التحقيقات والمحاكم وهذا ما يزيدنا حذراً مع كل المدنيين. لذلك نقوم بالتفتيشات بشكل لائق ونوقف كل مشاغب ونحيله الى التحقيق. تعابير وجه الرقيب تزداد إشراقاً عند الكلام عن مهمة نهر البارد: «لقد شجّعتنا مهمة نهر البارد على التعاون والإتحاد لكي لا نقع في المشكلة نفسها ثانية».

 

تجاوب وامتثال
ضمن الأجواء نفسها، يحدّد النقيب ربيع طربيه مساعد آمر سرية التدخل الخامسة حدود مسؤولية سريته: قطاع مسؤوليتنا مهم جداً، فيه تنوّع طائفي كبير ومهمتنا حفظ الأمن ومنع التظاهرات وقطع الطرق. وقد سهّلت هذه المهمة مساعدة الوحدات المجاورة مثل لواء الدعم. العسكريون يتحرّكون على الحاجز، يوقفون السيارات المخالفة، يتلقّون التحية من الناس الذين تظهر على وجوههم بشائر الإطمئنان والأمان. تجاوب تام وامتثال للأوامر من العسكر كما من المواطنين. عناصر الشرطة العسكرية في مهامهم الأساسية اعتادوا التعاطي مع المدنيين والآن تأقلموا مع المهمة بسرعة.
العسكريون مستعدون لتنفيذ أي مهمة تُوكل إليهم مها كانت ومهما طالت. عبّر عن ذلك المعاون حسين كركلا: لقد تعوّدنا على المهام العملانية، لا نشتكي أو نتذمّر، نحن نساعد الناس ونحافظ على أمنهم وهذا من صميم أخلاقياتنا العسكرية. مهما طالت المهمة سوف نتابعها حتى آخر لحظة فهمنا الأول هو أن يستتبّ الأمن في لبنان.  
 

السرية 803
في الساحة من جديد
بعد مشاركتها في معركة نهر البارد حيث قاتلت وقامت بواجبها ممهوراً بالشهادة، عادت السرية 803 الى ساحة أخرى للواجب، حيث كلفت بمهمة تحت القيادة العملانية للشرطة العسكرية.
قائد السرية المقدم الركن جبرايل معلوف، يتحدث بفخر عن سريته ومهمتها الجديدة: نُقلنا مؤخراً الى هذه المنطقة حيث نتولى مهام حفظ الأمن ومنع أعمال الشغب من خلال إقامة الحواجز والدوريات ونقاط المراقبة... وبالتأكيد كل مهمة إضافية تُطلب منا، ننفّذها. إن عناصر اللواء الثامن وخصوصاً السرية 803 معتادون على مهام حفظ الأمن والمهام القتالية وهذا ما يجعلهم عناصر دعم لعسكريي الشرطة العسكرية. ويضيف: لدينا خبرة أكثر على الأرض كسرايا قتال، ونتمتع بسرعة حركة وسرعة في الدهم والأعمال الأمنية. في هذه المهمة نحن نأخذ أوامرنا من القيادة العملانية للشرطة العسكرية ولكننا تنفيذياً، سرية مستقلة تتولى مهمة في قطاع واسع.
عناصر السرية كما قائدها لا يخفون شعورهم بالفخر، «لقد شاركنا في حرب هائلة ضد الإرهاب، هل تصعب علينا مهمة حفظ الأمن، في منطقة لا تعاني مشاكل أمنية جمّة؟!» يسأل الرقيب الأول رباح أبو دلّي (آمر الحاجز)، معبّراً عن استعداده لأي مهمة تُوكل اليهم «لقد واجهنا الموت والصعوبات والمتاعب في نهر البارد، والآن نحن نتابع مهامنا في قطاع مسؤولية محدد. كلٌّ يقوم بواجبه تبعاً لضميره وهذا ما يلقى صدى إيجابياً لدى المواطنين». ويؤيّده القول المجنّد الممددة خدماته رامي خبّاز الذي يعتبر أن تحية المواطنين للعسكريين على الحواجز، تعكس بوضوح مدى شعورهم بالإطمئنان والارتياح.