تكنولوجيا العصر

الطباعة الرقمية الحديثة
إعداد: العميد الركن نبيال جواد

اختصار للوقت والكلفة ونوعية ممتازة
خلال العقود الخمسة الماضية، تطوّرت التقنيات الفنية المعتمدة في الصناعة الطباعية، وذلك تحت تأثير التقدم العلمي المتسارع، بحيث أصبح من المتعذر في الوقت الحاضر مقارنة ماضي هذه الصناعة مع حاضرها، ولدرجة أن إحدى أهم المواد الأولية والأساسية للطباعة التقليدية أي الرصاص، قد تصبح من الذكريات البعيدة لغالبية اختصاصيي الطباعة في العالم. في مجال صف الأحرف ومرحلة التحضير للطباعة، يمكن ترجمة هذا التطوّر من خلال تعاقب خمسة أجيال من الآلات انتقلت خلالها هذه الصناعة من الحقبة الميكانيكية الى عالم المعلوماتية الرقمية. وقد نتج عن إدخال وتطوير استعمال المعلوماتية في عمليات صف الأحرف ومعالجة النصوص والصور تغيير كافة الوسائل والطرق الفنية المعتمدة سابقاً في هذا المجال، وانفتاح عالم الطباعة على التقدم العلمي الحديث خصوصاً في مجالات ومراحل ما يسمى بالتحضير لما قبل الطبع  PRE-PRESS) ).

 

مراحل التطوّر

يمكن تصنيف أجيال آلات صف الأحرف الى خمسة:
1- آلات الجيل الأول ( 1944-1949) : كهربائية ميكانيكية.
2- آلات الجيل الثاني ( 1950-1964) : تعتمد على الأحرف البصرية CARACTERES OPTIQUES) )
والشبكات الكهربائية. وقد كانت أول محاولة للجمع ما بين عملية صف الأحرف والمعالجة الحسابية للنصوص.
3- آلات الجيل الثالث ( 1965-1975) : بدء استعمال الأحرف البصرية المتطوّرة وذات الدقة العالية. وتعتمد هذه الآلات على مبدأ تأليف الأحرف بواسطة الأنابيب الكاتودية TUBE CATHODIQUE) )ومن ثم يتم تخزين صورتها في الذاكرة الالكترونية. تدار هذه الآلات بواسطة جهاز الحاسوب أو الأشرطة الممغنطة، وهذه التقنية تسمح بمؤالفة المعدات الطباعية مع أجهزة المعلوماتية.
4-  آلات الجيل الرابع( 1976-1985) : تستعمل اللايزر، بواسطة مرآة متحركة ومعدّل للنور.
 5- آلات الجيل الخامس (1990¬ ...) : تم فيها الاستغناء عن اللايزر، لمصلحة الألياف البصرية FIBRES OPTIQUES) )
والديـودات المضيئة DIODES LUMINESCENTES) ).
وهكذا فإن تطوّر صف الأحرف الطباعية والاعتماد المتزايد على المعلوماتية في هذا المجال، أديا الى تغيرات دقيقة في نظام الإنتاج من خلال ما يلي: ¬
- الاستغناء عن مراحل من الأعمال اليدوية نتيجة لاستعمال آلات متطورة وفي غاية الدقة.
- زيادة في سرعة الآلات.
- خفض المدة اللازمة للإنتاج وخفض تكاليفه.
- تقليل المخزون وخفض المساحات المستثمرة لهذه الغاية.
 أدى هذا التقدم التقني المتسارع الى تحقيق حلم العاملين وأصحاب العمل في آن واحد من خلال تحويل مهنة صف الأحرف الى وظيفة إدارية، وغير معقدة تدار وتنفذ في المكتب بواسطة الآلة الطابعة CLAVIER) )وليس بواسطة الصف اليدوي البطيء في المصانع.

 

من الحاسوب الى الورق
 تسمح هذه التقنية المتطوّرة جداً بتحضير وإنتاج المستندات والوثائق وطبعها، باللون الأسود والأبيض أو بالألوان الأخرى، مباشرة من جهاز الحاسوب الى الطابعة مما يقصّر بشكل هام مهل الإنتاج بإلغاء وإزالة المراحل المعتمدة في طباعة الأوفسيت المضرة بالبيئة Computer - To - Film) )(جهاز الحاسوب ¬ الفيلم ¬ البلاكات ¬ الطبع) .
 في بداية هذا العصر الذي شهد ظهور تقنيات جديدة للاتصال والتي كان من نتائجها تسهيل تبادل المعلومات (بواسطة الإنترنت ¬ الهاتف المحمول الخ...)
أسهمت الطباعة الرقمية أيضاً بدورها في تقدم الإتصالات المكتوبة للطباعة، وذاك من خلال الاعتماد على وسائل تقنية ومتقدمة ومكملة للصناعة التقليدية. إن الطباعة الرقمية ليست فقط وسيلة الطبع بل هي ثورة في عالم الإتصالات، كونه وللمرة الأولى أصبحت المنشورات والوثائق المراد طبعها يتم تحضيرها بالتنسيق الكامل والمباشر ما بين المستفيد والصانع، بحيث يستطيع هذا الأخير تلبية كافة المتطلبات وتيويم وحفظ خصائص المنتجات الطباعية وتغيير طرق استعمالها عندما تدعو الحاجة، ووفقاً لمتطلبات المستفيدين بسرعة وبأقل كلفة ممكنة من دون الإضطرار الى انتقال المستفيد لعند الصانع أو بالعكس، بل يتم تبادل كافة المعطيات والمعلومات بواسطة شبكات الإتصال التي تعتمد على المعلوماتية.
 منذ العام 1990 أحدثت أجهزة "أبل ماكنتوش ¬ بوستسكريبت ¬ أبل لايزر رايتر" ثورة في عالم المعلوماتية الرقمية، وكان تأثيرها مباشراً في حقل صف الأحرف. حالياً تغطي هذه التقنية كافة الميادين الصناعية، بحيث أدى هذا الاجتياح الذي بدأ منذ نحو عشر سنوات الى اختفاء تقنيات كثيرة من علم الطباعة التقليدية، وأصبح لزاماً على العاملين في هذه الصناعة أن يتابعوا التطوّر التقني والعلمي ويعتمدوا على استعمال الأجهزة الحديثة والمتطوّرة في هذا المجال إذا رغبوا في الانتقال بسرعة الى عالم الطباعة الرقمية.

 

الأسباب الموجبة لاستعمال الطباعة الرقمية
 ثمة أسباب عدة تدعو الى اعتماد الطباعة الرقمية، وأبرزها:
 1- توفير الوقت.
2  - دقة متناهية، وتيويم المستندات بطريقة سريعة وموفرة.
 3- جعل المستندات أكثر شخصية بحيث يتم تعديل المنتجات بطريقة فعّالة أكثر.
 4- الطبع حسب الطلب، بحيث أصبح بالإمكان طبع أية كمية مطلوبة.
 5- توزيع عمليات الطبع، من خلال توزيع الوثائق داخل شبكات بحيث يمكن طبعها في آن واحد.
 6- الحصول على نوعية ممتازة.
7- التحوّل من التسويق الجماعي الى الفردي.
 8- تحقيق قيمة مضافة، بحيث تتجاوب مع متطلبات التسوّق.
 9- زيادة في الأمان.


هناك أيضاً تطورات تقنية أخرى منتظرة أيضاً من خلال إدخال نظام الأتمتة المتكامل على حلقة الصناعة الطباعيةautomatisation de la Chaine  Graphique   )     L'  )وطبعاً سوف يصيب هذا التطوّر كافة المجالات والتقنيات المتعلقة بإدارة التصنيع والإنتاج والمرتبطة حكماً بأنظمة المعلوماتية، هذه الأخيرة سوف تدير وتراقب كافة مراحل الإنتاج وسوف يؤدي ذلك حكماً الى إعادة النظر في تخطيط وتنظيم العمل في مجال الصناعة الطباعية.
 أخيراً إذا كان هناك من صناعة قد تلقت تعديلاً جوهرياً في وسائلها، ومعداتها، وتقنياتها، خلال سنوات قليلة، فتلك هي صناعة الطباعة. وكلمة الطبّاع أصبحت تحتمل التأويل وهي فقدت معناها التقليدي خلال هذه السنوات، فالحاجة المتزايدة الى الإتصالات المكتوبة دفعت الاختصاصيين في هذا المجال الى اختراع وسائل مختلفة ومتطوّرة للتصنيع والإنتاج.