تاريخ عسكري

العثمانيون

بهدف فرض الأمن والنظام دم المجرمين «مساغ بالشرع الشريف»

 

اهتم العثمانيون بمسألة «الأمن والدفاع عن النفس» في اصلاحاتهم التنظيمية، فأصدروا الفرمانات والمراسيم التي نصّت على قانون حفظ النظام وتأمين الراحة والأمن للأهالي.
وقد تم العثور على وثيقة تتحدث عن مبادرة السلطان عبد المجيد إلى اصدار فرمان (العام 1269هـ) يحدد كيفية القبض على اللصوص وقطاع الطرق والتعامل معهم.


مضمون الفرمان
من ابرز ما جاء في هذا الفرمان ما يلي:
1- تأمر الدولة العثمانية افراد «الضبطية» بالقبض على قطاع الطرق واللصوص، وعند عدم تمكّنهم من القيام بهذه المهمة يتم ارسال جنود من عسكر الموقع الموجود في المنطقة.
2- يتولى الضابط أمر توقيفهم وضرب المتمردين منهم.
3- يتم استجوابهم ومحاكمتهم في مجلس الايالة وتجري محاكمة القاتل منهم أمام أهالي المقتول، ويعين خصم من المحكمة الشرعية عند غياب الاهل، وعند تثبيت الجرم على القاتل يحوّل أمره إلى الباب العالي لمقاضاته.
4- ارسال قطاع الطرق واللصوص،عند خروجهم من السجن إلى أماكن بعيدة ما وراء البحار من اجل التوطين والاسكان. فقد أدرك العثمانيون أن قطاع الطرق أصبحوا معروفين عند «الأهالي والرعايا المظلومين» والمتضررين منهم، كما اعتبروا ان الاهالي يخافون التصريح عن هوية اللصوص تجنبًا لانتقام هؤلاء المجرمين، الذين غالباً ما كانوا يبتزونهم ويرعبوهم، مما دفع بالأهالي إلى الاختباء والابتعاد عن «هكذا أشخاص».
5- قتل اللصوص وقطاع الطرق وإعدامهم عند دهمهم القرى والمدن، وهم «مزوّدون السلاح ومعتدون على الاهالي...»، وقد اعتبر العثمانيون أن قتل هؤلاء اللصوص وإعدامهم: «مساغ بالشرع الشريف».
كما أباح العثمانيون قتل هؤلاء عند تعرّضهم للضابط المأمور بالقبض عليهم،  مبررين قتل اولئك المجرمين، برفع الضرر والأذى اللذين يسببونهما، مع الاشارة إلى أن هذا البند قد نصّت عليه القوانين الهمايونية والشرع الشريف وقانون الجزاء.
6- سمح العثمانيون للأهالي باستخدام السلاح «فقط» للدفاع عن النفس عند دخول شخص منزلهم للسرقة اولنيّة سيئة، اذ جاء في الوثيقة ما يلي: «كل احد يمكنه ان يستعمل سلاحاً بقدر ما يخلص به ذاته فقط».
وعند وقوع الحادثة، يرسل العثمانيون ضباطًا للتحقيق بها والتعرف على هوية الشخص الذي اقتحم المنزل اذا كان من المجرمين ام لا، وللتعرف كذالك، على هوية المعتدى عليه، مانعة بذلك الاهالي من استخدام السلاح لمصالح ذاتية او لنيّة سيئة. وقد رأى العثمانيون من خلال هذا الفرمان ان اللصوص يعرفون من أشكالهم وهيئتهم وأحوالهم.
7- منع العثمانيون نقل السلاح ليلاً ونهارًا من دون سبب مشروع، وحذروا الموظفين من استخدام أفراد «الضبطية» لمصلحة ذاتية أو خارج نطاق عملهم، وأمر الفرمان بصرف رواتبهم في مطلع كل شهر.
يمكننا القول إن الفضل الكبير في هذه التدابير يعود إلى السلطان نفسه، فهو الذي فرض الأمن والسلام في البلاد من خلال الفرمان الذي نصّه آنذاك. ومن حسناته أنه لجم اللصوص وقطاع الطرق، ومنع سيطرتهم على البلاد، حفاظًا على الأمن والاستقرار، ورغبة في استمرار التطور والتقدم.