- En
- Fr
- عربي
ذكرى الاستقلال
رسائل الجيش إلى الوطن: وعد الوفاء المتجدد ودعوة إلى الشباب وإصرار على التمسك بأصالة الجذور
رسالة وطنية كُتب عنوانها العام 1943، وسطّرت صفحاتها على مدى سبعين عامًا. هي وعد يتجدد كل عام بأن يظل الجيش قوس قزح في عالم الطوفان الذي يعمّ المنطقة، وقارب نجاة وسط العواصف الهائجة التي تشتت الشعوب، وتطيح بالحكومات، وتزعزع أركان الدول، وتزلزل كيان الأوطان من حولنا.
«الوطن كلّه مرّ من هنا» قالتها جادة شفيق الوزّان التي احتضنت الذكرى السبعين لاستقلال لبنان من خلال العرض العسكري الذي أحيته قيادة الجيش حتى ضاقت ساحتها برجال هم حماة الاستقلال، سلاحهم قلوب مفعمة بالانتماء الوطني تضرب القوى المعتدية على تراب الوطن بيدٍ من حديد.
وعلى وقع الأغاني الوطنية التي لا تليق إلا بهم، انتظرهم الحضور فأطلوا في صفوف متراصّة وخطوات هادرة، تعيد الأمل بوطن ناضل لنيل استقلاله ولا زال يدفع غاليًا دمًا طاهرًا، يهرقه رجال على مذابح الوطن...
وصول المدعوين
دقت الساعة الثامنة من صباح 22 تشرين الثاني الماضي معلنة انتهاء تمركز القوى المشاركة في الاحتفال، ومع وصول علم الجيش أديت المراسم المعتمدة.
الثامنة وخمس وثلاثون دقيقة كان موعد وصول رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان حيث عزفت الموسيقى وقدّم السلاح، وبعد أن حيّا رئيس الأركان علم الجيش انتظر مع نوّابه وصول العماد قائد الجيش.
بعد دقائق، وصل قائد الجيش العماد جان قهوجي فأمر قائد العرض بالتأهب وقدّم السلاح وعزفت الموسيقى معزوفة القائد.
في الثامنة والدقيقة الخامسة والأربعين وصل وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن، وبعد التأهب وتقديم السلاح عزفت الموسيقى معزوفة التكريم.
ثم وصل على التوالي، الرئيس المكلف تمّام سلام، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، فعزفت لهم الموسيقى وأديت لهم التحية، واتخذوا أماكنهم على المنصة.
في التاسعة تمامـًا وصـل فخامـة رئيـس الجمهورية العماد ميشال سليمان فأطلقـت المدفعية 21 طلقـة، كما أطلقت أبواق المراكب البحرية. وعند وصوله أمام علم الجيش أديت له مراسم التكريم وعزفت الموسيقى لحن التعظيم؛ وبعد أن حيّا العلم توجّه الرئيس سليمان بسيارة مكشوفة مستعرضًا القـوى برفقـة وزير الدفاع الوطنـي وقائد الجيش ورئيس الأركان، ثم عادوا لوضع أكاليل على النصب التذكاري للشهداء حيث عزفت الموسيقى معزوفـة تكريم الموتى، ثم لازمة النشيد الوطني ولازمة نشيـد الشهداء.
بعدها اتخذ الجميع أماكنهم على المنصّة الرئيسة التي غصّت بالمدعوين، من رؤساء سابقين ووزراء ونواب حاليين وسابقين، وممثلي المقامات الروحية وحشد من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية والقنصلية والهيئات الاقتصادية والاجتماعية والنقابية والحزبية والأهلية، وقادة الأجهزة الأمنية وكبار الضباط وموظفي الدولة، إلى الملحقـين العسكريين في السفـارات ومدعوين من كبار الشخصيات في مختلف الحقول.
بين مشهدين
افتتح الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني تمّ بعدها عرض فيلم تحت عنوان «بين مشهدين» من إنتاج مديرية التوجيه في الجيش، يحكي قصة لبنان قبل الحرب وبعدها، ويدعو اللبنانيين للاختيار بين هذين المشهدين: الأول هو تحذير للشعب اللبناني من خلال تذكيره بحقبة الأحداث السوداء التي كبّدته أثمانًا باهظة؛ والآخر بعد الحرب وتدخّل الجيش على الحدود وفي إعمار البلد وإعادة المهجرين، وانتشاره على كامل الأراضي اللبنانية للحفاظ على أمنها واستقرارها.
«سيّجنا لبنان»
في تحيّة خاصة من القلب إلى الراحل الكبير المطرب وديع الصافي، الذي أغنى لبنان والعالم العربي بإرثه الغنائي والموسيقي الخالد، أنشد نحو 85 شابةً وشابًا من كورال المعهد الوطني العالي للموسيقى باقة من أروع أغانيه الوطنية بقيادة الدكتورة لور عبس، وبمشاركة عدد من عناصر موسيقى الجيش.
ومن «لبنان قطعة سما» إلى «طلّوا حبابنا» و«جايين يا أرز الجبل» مرورًا بـ«بيت صامد بالجنوب» و«زرعنا تلالك يا بلادي» وصولاً إلى «سيّجنا لبنان» التي اختتمت بعبارة لبنان السلام، وأمام خلفية ودّعت المطرب الكبير: «وديع الصافي الله معك».
وقائع العرض
حملة الأعلام والبيارق افتتحوا العرض العسكري الذي حمل هذا العام عنوان «شعبك بحبك»، وعلى وقع ألحان عزفتها موسيقى الجيش أطلّت وحدات الجيش الراجلة في صفوف متراصّة ومعها ولأول مرة، سرية من قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، أعقبها مرور وحدات من: الكلية الحربية، مدرسة الرتباء، القوات البحرية، القوات الجوية، معهد التعليم، لواء الحرس الجمهوري، ألوية المشاة الأول، الثاني، الثالث، الخامس، السادس، السابع، الثامن، التاسع، العاشر، الحادي عشر، الثاني عشر، اللواء اللوجستي، فوجا الحدود البرية الأول والثاني، سرية مكافحة الشغب، سريّتا مشاة تليهما فصيلة إناث لقوى الأمن الداخلي، المديرية العامة للأمن العام، المديرية العامة لأمن الدولة، مديرية الجمارك العامة، الطبابة العسكرية، المركز العالي للرياضة العسكرية، مدرسة التزلج، فوج الإطفاء، حرس بلدية مدينة بيروت، رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية، فصيلة نقّابين ومفرزة كلاب من فوج الهندسة، مجموعة من اللجنة الأولمبيـة، إتحاد كشاف لبنان، الإتحاد اللبناني للمرشدات والدليلات، الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، مجموعة من المتفوقين في جامعات لبنان، وموسيقى قوى الأمن الداخلي.
وعلى أنغام الموسيقى السريعة والخطى الرياضية توالى عرض الوحدات الخاصة وهي سرايا من أفواج التدخل الأول، الثاني، الثالث، الرابع والخامس، وسرية خاصة من الفهود وسرية من فرع الحماية والتدخل في شعبة المعلومات لقوى الامن الداخلي.
أما المجموعة الثانية فشارك فيها: فوج المغاوير، فرع مكافحة الإرهاب والتجسس، الفوج المجوقل، وفوج مغاوير البحر.
وحلّق التشكيل الجوّي متّخذًا شكل الأرزة اللبنانية مفتتحًا عرض الوحدات المؤللة تلاه خيالة من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، ومن ثم عرض الآليات من لواء الدعم، الشرطة العسكرية، فوج المغاوير، فوجي التدخل الأول والثالث، لواء المشاة الحادي عشر، الفوج المجوقل، فوج المدرعات الأول، فوجي المدفعيـة الأول والثاني، الدفاع المدني، فوج الإطفاء، الصليب الأحمر اللبناني.
عقب انتهاء العرض انتقل قائد الجيش العماد جان قهوجي على رأس وفد من كبار الضباط، الى قصر بعبدا حيث قدموا التهاني إلى فخامة رئيس الجمهورية بالمناسبة.
دعوة للشباب
تأتي احتفالات عيد الاستقلال السبعين المميزة هذا العام كمناسبة لجمع الشعب اللبناني حول مفهوم التجذّر بالأرض، ودعوة لهم للتشبّث بلبنان والتمسّك باستقلاله الذي يدافع عنه الجيش مدعومًا بثقة اللبنانيين والتفافهم حوله.
من هنا أطلقت قيادة الجيش شعار «شعبك بحبك» مع صورة أشجار الزيتون التي يقطف ثمارها اللبنانيون، في ظل أجواء عامة مضطربة في المنطقة، تدعو إلى حماية هذا الاستقلال مما يحدث حولنا من مظاهر عنيفة وغريبة عن بيئتنا ومجتمعنا اللبناني، والعودة إلى جذورنا الأصيلة من خلال حب الوطن وجيشه وأرضه.
وتميّز احتفال هذا العام بثلاث محطات أغنت عيد الاستقلال وعرضه العسكري: أوّلها تحية وفاء للراحل الوطني الكبير وديع الصافي الذي أصبح رمزًا وطنيًا ساميًا، وثانيها مشاركة حوالى 200 طالب من المتفوّقين في مختلف جامعات لبنان في العرض العسكري، دلالةً على الوحدة والتضامن بين الجيش والمجتمع المدني المثقف، وخصوصًا أن الشباب مستقبل لبنان الواعد الذي يُعوّل عليه لترسيخ دعائم الاستقلال والمشاركة والانخراط في الحياة العامة من بابها الوطني الصحيح.
أما سابقة هذا العام، فكانت مشاركة سرية
من قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في العرض، ضمّت أفرادًا من مختلف الدول المنتمية لهذه القوات.
وتؤكد هذه المشاركة التقارب الكبير الذي تحقق مع أفراد اليونيفيل للعمل مع الجيش ومؤازرته
لما يضمن مصلحة الوطن وحماية سيادته.