العسكريتاريا الاسرائيلية ودور العلاقات بين العسكريين والمدنيين في إدارة سياسة الدولة

العسكريتاريا الاسرائيلية ودور العلاقات بين العسكريين والمدنيين في إدارة سياسة الدولة
إعداد: إحسان مرتضى
باحث في الشؤون الاسرائيلية.

I ـ العسكريتاريا في النموذج الاسرائيلي
يقدّم النموذج الاسرائيلي لنظام العسكرة حالة متميّزة تصحّ أن تكون حالة قياسية ونمطية, ذلك لأنّها ربّما كانت الحالة الوحيدة في العالم القائمة على أساس عاملين بارزين هما: الدور والبنية. فإسرائيل تتمتع بدور الشرطي والجندي المسلّح وتمتلك بنية الثكنة العسكرية. وكلّ ما هو موجود في هذا النموذج من بُنى سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية موظّف في خدمة العاملين المذكورين: الدور والبنية. ولكن كلّ ذلك يتمّ خلف واجهات “ديمقراطية” وفي ظلّ إدعاءات مصطنعة تتصل بمقولة “الأمن المهدّد” واحتياجاته وضروراته. وهذا الأمن هو الذي يغذّي ايديولوجيا العنف العسكري وأنماطه, وهو الذي يوجد الذرائع لصعود وتجذّر الحياة العسكرية وقيمها داخل التجمّع الاستيطاني الصهيوني, وهو أمر يؤدّي الجيش والنخب العسكرية فيه, دوراً هامّاً ومحرّكاً. وقد عبّر الباحث الاسرائيلي بنكو إلدار عن هذه الحقيقة بقوله: “يؤثّر الجيش, ولو كان الهدف منه أوّلاً وقبل كلّ شيء الدفاع عن الدولة ضدّ أعدائها والتغلّب عليهم, في حياة الأمّة كلّها, ولو إلى حدّ معيّن, خصوصاً في دولة تعيش جواً عسكرياً عنيفاً ودائماً, وأكثرية مواطنيها أيضاً, رجال جيش في عطلة طويلة. ويؤثّر الجيش في شخصية الشبّان, وفي شخصيّة المواطن, وتتعلّق به, إلى درجة كبيرة حريّتنا السياسية والإجتماعية([1]).
وقد اعتبر الباحثان دان هور وفيتش وموشيه ليساك في سياق بحثهما في تحديث نظريّة الحدود المرنة بين القطاعين العسكري والمدني في اسرائيل ان المشاركة المدنية الواسعة في مهام الأمن الوطني, والحدود الغامضة بين المؤسّستين العسكريّة والسياسية, والشبكات الاجتماعية بما فيها أعضاء الصفوة المختارة من كلّ من العسكريين والمدنيين, تعتبر إحدى الصفات الرئيسية المميّزة لنمط اسرائيل المتفرّد في العلاقات المدنية العسكرية, وتوصلا إلى ان اسرائيل هي أقرب من أيّ مجتمع آخر إلى نموذج “شعب تحت السلاح”.كما وذهبا إلى أن التجربة الاسرائيلية في هذا المجال تشكو تحدّياً قوياً للجدل القائم ما بين الكثيرين من الدارسين حول وجود علاقة مباشرة بين الاهتمامات الأمنية المتزايدة للدولة, والحصة المتعاظمة من الموارد المخصّصة للأمن, وبين هيمنة الصفوة المختارة العسكرية على الصفوة المختارة المدنية. ويذهب بعض خبراء الشؤون العسكرية إلى أن يطلقوا على اسرائيل صفة “دولة ديمقراطية المعسكر”. وقمّة من يرى أن “المواطن الاسرائيلي هو جندي في إجازة لمدّة أحد عشر شهراً”([2]). أمّا موشيه ديان الذي شغل منصب رئيس الأركتن (1953 ـ 1957) ثمّ منصب وزير الدفاع (1967 ـ 1974) وصار من أشهر قادة الجيش, فقد كان يرى: “ان اسرائيل ليس لديها سياسة خارجية وإنّما سياسة دفاعية فقط, بمعنى أنّه بدلاً من أن يكون لإسرائيل ستراتيجية شاملة في خدمة تحقيق أهداف السياسة الخارجية, فإنها تضع سياستها الخارجية في خدمة ستراتيجيتهـا الشاملة على المستويين العسكري والأمني([3]).
أما الباحث الاسرائيلي يسرائيل شاحاك, رئيس عصبة المدينة الانسانية في إسرائيل وأحد أبرز المعارضين الاسرائيليين للعنصرية الاسرائيلية, فيعرّف المجتمع الاسرائيلي بأنّه “جيش له دولة وليس دولة لها جيش”([4]).
والواقع ان هناك العديد من العوامل التي حدّدت بمجملها ملامح العلاقات المدنية ـ العسكرية في كيان العدو, وعلى رأس هذه العوامل رؤية مؤسّس الدولة دافيد بن غوريون لدور الجيش في السياسة, كما وأن طبيعة نشأة الدولة وأهدافها وحاجتها الدائمة للأمن, وسط محيط غريب عنها بشكل مطلق وبيئة متناقضة ومعادية, يفرض على الجيش القيام بأدوار رئيسية في عملية صنع القرار السياسي.
لقد كانت رؤية بن غوريون بشأن العلاقات المدنية ـ العسكرية في اسرائيل في العام 1948 على النحو التالي: يكون الجيش تابعاً لحكومة الشعب فقط, والعسكريون لا يتصرّفون إلا بناء على مهام محدّدة بواسطة حكومة الشعب. ومن هنا فالجيش ـ بحسب بن غوريون ـ مجرّد أداة لتنفيذ سياسات الحكومة([5]).
على صعيد آخر, لم تتوفّر للمؤسّسة العسكرية الاسرائيلية منذ نشأتها, النصوص القانونية التي تنظّمها من جهة, وتحدّد علاقتها بمؤسّسات الدولة السياسة من جهة أخرى. ففي “القانون الإداري” لسنة 1948 إشارات مختصرة إلى القوات المسلّحة: “الحكومة المؤقتة يمكن أن تبني قوات مسلّحة في البر والبحر والجو وتملك سلطة القيام بكافة التصرّفات القانونية والضرورية للدفاع عن الدولة”. وفي 26 أيار/ مايو 1948 أصدرت الحكومة المؤقّتة قانون “قوات الدفاع في اسرائيل” وهو القانون الذي أنشأ “جيش الدفاع الاسرائيلي ـ تساهال” (تسفاهغاناه ليسرائيل). وقد اقتصر هذا القانون على إنشاء الجيش وحظر تكوين أيّة قوّة مسلّحة خارجه, والنص على أن وزير الدفاع هو المسؤول عن تطبيق هذا القانون, وذلك من دون التطرّق إلى تنظيم القوات المسلّحة أو إلى شكل العلاقة بين المدنيين والعسكريين. وحتى عام 1976 ـ وهو العام الذي شهد وضع قانون أساسي للجيش ـ ظهر تشريعان قانونيان يتعلّقان بالعسكريين. الأوّل: “قانون الخدمة العسكرية (1949) وهو لا يتعلّق بالعلاقات المدنية ـ العسكرية. والثاني: “قانون نطاق سلطة العسكريين (1955) الذي يحدّد سلطة العسكريين ومهام رئيس الأركان العامة للجيش ونظام الرتب العسكرية([6]).


وهكذا ظلّت المؤسّسة العسكرية من دون قانون شامل ينظّمها ويحدّد العلاقة بينها وبين مؤسّسات الدولة السياسية, الأمر الذي مهّد الطريق أمام اشتراكها في عملية صنع القرار السياسي. ولقد حقّق بن غوريون سيطرة قوية على الجناحين المدني والعسكري في الدولة وذلك من خلال إشغاله لمنصبي رئيس الوزراء ووزير الدفاع (1948 ـ 1954 و1955 ـ 1963) متجاوزاً في ذلك الدور الذي حدّده هو للجيش عشيّة قيام الدولة. وقد تمكّن بن غوريون من فرض سيطرته تلك من خلال:
ـ تعيين ضبّاط موالين لحزبه (مفاي ـ حزب عمّال اسرائيل) في المناصب الحيوية في الجيش.
ـ نشر مبادىء وأفكار “مفاي” في الجيش من خلال مكتب ضابط التثقين.
ـ اختيار جنرالات متقاعدين لمناصب سياسية بارزة في “المفاي”.
ـ قيام بن غوريون بتكوين نخبة صغيرة من العسكريين والمدنيين عهد إليهم اتخاذ القرارات الستراتيجية في سرية تامة وبعيداً عن الكنيسة والحكومة, وهذه كانت حال قرار الحرب عام 1956 وقرار بناء مفاعل ديمونة([7]), على سبيل المثال.
وقد درج العديد من رؤساء الوزارات على اتباع ما فعله بن غوريون وذلك هو حال ليغي إشكول في الفترة من 1963 إلى 1969 واسحق رابين من العام 1992 ـ إلى 1995. إلا أنه في أعقاب حرب أوكتوبر/ تشرين الأوّل 1973 أثيرت مسألة العلاقة بين الحكومة والمؤسّسة العسكرية وذلك من قبل اللجنة التي شكّلها مجلس الوزراء للتحقيق في أسباب التقصير (محدال) في تلك الحرب والتي عرفت باسم “لجنة أغرانات”. وقد أوضحت اللجنة في تقريرها أنه لا يوجد تحديد لتوزيع الصلاحيات في الشؤون الأمنية بين الحكومة ورئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة ولا يوجد تحديد للعلاقة بين القيادة السياسية والقيادة العليا للجيش. وفي أعقاب صدور هذا التقرير صدر في عام 1976 القانون الأساسي: الجيش. وذلك بهدف تصحيح ذلك التقصير الذي أشار إليه تقرير لجنة اغرانات.
لقد شهد العقدان الماضيان استقطاباً متزايداً داخل المجتمع الاسرائيلي حتى أن الرأي العام تميّز بالافتقار الرئيسي إلى الإجماع العام في الرأي أو ما يمكن أن يُطلق عليه “حالة اللاإجماع العام في الرأي”. وبسبب نظام اسرائيل القائم على الانتخابات النسبية ونظامها البرلماني في الحكم, وجمهور الناخبين المنقسمين بالتساوي تقريباً ما بين يمين ويسار, إذا صحّ التعبير, فإن الحكم الفعّال بصفته السياسية يزداد صعوبة أكثر فأكثر. والأحزاب السياسية تمرّ في أصعب مراحل انحطاطها, والجمهور يبدو كأنه فقد الثقة بها. ومن هنا إذاً أخذنا في الاعتبار الطبيعة المتغيّرة في الجيش الاسرائيلي, وبخاصة مجموعة الضباط, فربّما يعجب المرء كيف يمكن لمثل هذا الجيش أن يتصرّف في المستقبل تجاه عوامل زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي المقرونة بحالة ما يؤدي إلى الشلل عند الحكومة المدنية والسلطة التنفيذية (السلطة التنفيذية في اسرائيل تضمّ الحكومة أو مجلس الوزراء, التي تتمتّع بالمسؤولية الجماعية عن إدارة شؤون الدولة, واللجنة الوزارية للأمن الوطني ـ المجلس الوزاري المصغّر ـ التي تتصرّف بالنيابة عن مجلس الوزراء, والوزراء الأفراد المسؤولين عن تلك المجالات المتعلّقة بالأمن الوطني, وعلى الأخص رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الخارجية). ومصطلح السلطة السياسية في اسرائيل يشير إلى المسؤولين المنتخبين في الحكومة: الرئيس, رئيس الوزراء, وأعضاء مجلس الوزراء ووزير الدفاع. أما مصطلح السلطة المدنية فيشير إلى أعضاء الخدمة المدنية الذين هم جزء من البيروقراطية المدنية([8]). ويشير الباحث الاسرائيلي سويتمان إلى انه من الناحية المبدئية يلاحظ ان “قدرة وميل أي جيش نحو التدخّل في السياسة يعتبر بمثابة جوهر العلاقات المدنية العسكرية([9]). وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى ان الجيش الاسرائيلي لديه محطّة إذاعة خاصة به (غالي تساهال) وهي تبثّ برامجها إلى جميع السكان لمدّة أربع وعشرين ساعة في اليوم وبتغطية شاملة من النشرات الاخبارية وشؤون الساعة, ولديه أيضاً مجلّة أسبوعية رائجة خاصة به (بمحانيه). ويقوم الجيش الاسرائيلي بتنفيذ برامج للتدريب العسكري في المدارس العليا ويدير عدداً من المدارس المهنية, ويقدّم سلسلة عن البرامج التعليمية للجنود, وعلى الأخص من المنتمين إلى العائلات المحرومة. وينهمك الجيش أيضاً في نشاط استيطاني وهو مسؤول عن الرقابة على المطبوعات. وهكذا يعتبر توسيع نطاق دور الجيش على نحو كبير وانهماكه الشديد في مجالات النشاط المدني في نظر الكثيرين بمثابة نشاط كلاسيكي على قابلية تجاوب الحدود الخاصة بالصفة العسكرية للاحتراف. وهنا يطرح السؤال حول الإشكالية العويصة المرتبطة بالسر الكامن وراء الرقابة المدنية الفعّالة والمتوازنة.


وفي رأي بن مئير أن ثمّة أربعة عوامل يبدو أنها تفسّر معظم الاختلافات في الرقابة المدنية بين دولة وأخرى ومن فترة إلى أخرى, وهي كالتالي:
1 ـ تصميم السلطة المدنية على التمسّك بسلطتها والمحافظة على امتيازاته.
2 ـ التزام العسكريين الايديولوجي الثابت تجاه حكم ديمقراطي مقروناً باعتقاد عميق لا يتزعزع بمبدأ السيادة المدنية.
3 ـ احترام الزعامة السياسية للاستقلال الذاتي للعسكريين المحترفين والاحساس بالثقة في القيادة العليا للقوات المسلّحة.
4 ـ وجود إطار دستوري واضح وخطوط عريضة قانونية دقيقة تحدّد وظائف وسلطة ومسؤوليات كلّ من السلطتين المدنية والعسكرية([10]).
وفي هذا السياق يحدّد استاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب يورام بيري Yoram Peri الملامح الخاصة بالمرحلة الانتقالية التي سبقت إنشاء الدولة بين القوتين السياسية والعسكرية واصفاً إيّاها بعلاقة سيطرة مزدوجة. فقد استخدم حزب مفاي منظّمة لهاغاناه كواسطة لاستيعاب التنظيمات العسكرية المسلّحة الأخرى مع ابقاء ممثّليها السياسيين أصحاباً للسلطة القيادية العسكرية للهاغاناه واحتفظ لقيادته بحق السيطرة الفعلية المباشرة وغير المباشرة في سبيل تأمين الاجماع “الشرعي” في المواقف الحسّاسة.
وقد تحقّقت المسألة الأخيرة من خلال عدد من الاجراءات أو الآليات أهمّها: الدعوة السياسية الملحّة إلى إخضاع السلاح للقيادة السياسية وجعل الهيئات العسكرية تحت رعاية السلطات السياسية من الناحيتين التنظيمية والمالية, وتجنيد مجموعات اجتماعية موالية للقادة السياسيين, وتمتين روابط التكامل الاجتماعية بين جيل النخبة السياسية (الأباء المؤسّسون) وجيل النخبة العسكرية الناشئة (الانباء) على قاعدة ان “الآباء” يتولّون المهمات السياسية و”الابناء” يتولّون المهمّات العسكرية وفقاً لتوجيهات “الآباء”.
وظلّت الهاغاناه مفتقرة إلى مفهوم الهيئة المتكاملة حتى بعد تشكيل أركان عامة في أواخر الثلاثينات, إذ كان القادة العسكريون يعتبرون أنفسهم في خدمة “حركة وطنية” تكافح اجتماعياً وسياسياً لإقامة مجتمع يهودي جديد.
ومع قيام الدولة اليهودية باتت القيادة السياسية القائمة على مؤسّسة الدولة تحتكر حق استخدام السلطة دونما منازع, وبسط سيطرتها على المؤسّسة العسكرية عبر أجهزة الدولة عوضاً عن أجهزة الحزب. بيد أن ذلك لم يلغ سيطرة حزب مفاي وان جعلها تالية لسيطرة الدولة وفي حدود السريّة. وفي معرض تعليل بقاء اردواجية السيطرة يقول بيري ان الحزب أراد بذلك حماية مواقعه من منافسة الأحزاب الأخرى (كحزب مبام) وليس من احتمال منازعة الجيش له على السلطة السياسية, إذ ليس ثمّة مثل هذا الاحتمال على الإطلاق, بدليل ان الحزب مع منح الجيش هامشاً واسعاً من الاستقلالية لجهة الشؤون العسكرية, وهذا التساهل, إذا صحّ التعبير, مقصود أصلاً لقطع الطريق أمام تدخّل الأحزاب الأخرى في شؤون الدفاع.


ويحصر بيري وسائل سيطرة الحزب الخاصة قبل قيام الدولة اليهودية وبعدها بوسيلتين أساسيتين: التعيينات ودائرة تُعنى بشؤون العسكريين أطلق عليها اسم “دائرة رجال الخدمة” وفيما يلي خلاصة لآلية عمل الوسيلتين([11]):
1 ـ التعيينات: قبل العام 1948 كانت خطوة التعيين في صفوف الضبّاط بصورة أساسية, من نصيب أولئك الموالين للحزب, وقد أفضى ذلك إلى نشوء عدد من الأزمات كان أبرزها “ثورة الجنرالين(*) إبّان حرب فلسطين عام 1948. وبعد الحرب مباشرة تقاعد, أو أرغم على التقاعد عدد كبير من الضبّاط غير المنتمين لحزب مفاي خصوصاً قادة الفالماح (قوات صاعقة) الذين كانوا أعضاء في حزب مفام حتى لبدا الأمر على أنه حملة لتطهير الجيش بإشراف بن غوريون بحسب قول بيري.
وبالرغم من أن الضبّاط المتقاعدين (طواعية أو قسراً) كانوا من المبرزين في الحرب فإن كره بن غوريون لهم قاده إلى الاستعاضة عنهم بضبّاط آخرين سبق لهم أن خدموا في صفوف الجيش البريطاني. وعلّل خطوته تلك بحرصه على ضمان ولاء قيادة الجيش العليا للقيادة السياسية من جهة, وبافتراضه بأنّ خرّيجي الجيش البريطاني يتمتّعون بكفاية عسكرية تفوق كفاية أعضاء الهاغاناه والفالماح السابقين.
وما هي إلا سنوات حتى تبيّن سوء تصرّف بن غوريون وأعيد بعض قادة الفالماح السابقين إلى مراكزهم. وما لبثت قبضة حزب مفاي أن تراخت بفعل تزايد عدد الضبّاط المنتمين لمافام. غير أن بن غوريون سارع إلى تدارك الأمر بحصر المناصب العسكرية الرئيسية في الضبّاط الموالين لحزبه. وكان في مقدّمة المناصب الحسّاسة منصب رئاسة هيئة الأركان ورئاسة شعبة هيئة الأركان العامّة, وقد استمرّت سياسة بن غوريون الأخيرة حتى بعد استقالته عام 1963.
2 ـ دائرة رجال الخدمة: كان إنشاء مثل هذه الدائرة السياسية في حزب مفاي في العام 1949 بمثابة الوجه المعلن من عملية التدخّل بشؤون الجيش وإن ظلّت نشاطاتها خالية من أيّ طابع رسمي. وكان أبرز أدوارها استقطاب عسكريين ومدنيين عاملين في وزارة الدفاع, وضمّهم إلى صفوف الحزب. وقد قام ضبّاط نافذون ومسؤولون في وزارة الدفاع بتقديم مساعدة تقنية لها من قبيل تأمين قاعة اجتماعات في وزارة الدفاع نفسها, حيث كانت تلقي محاضرات سياسية أو عسكرية تليها نقاشات عامة من دون اتخاذ قرارات رسمية. ولكي لا يتّهم الحزب بخرق قانون الأمن الصادر عام 1949 والقاضي بمنع العسكريين من القيام بأيّ نشاط حزبي كان الضبّاط المشاركون بالاجتماعات يرتدون ثياباً مدنية.
وكان من مهمّات الدائرة أيضاً توزيع منشورات الحزب على العسكريين مباشرة أو عبر البريد. ومن المناسبات التي كانت الدائرة تنشط خلالها بزخم مناسبة حملات الانتخابات التي كانت تستمرّ شهراً. وكان يدير الحملات شخصيّة معروفة في الحزب أمثال الجنرال موشيه ديان الذي ترأس حملة الانتخابات عام 1959 وبالتحديد بعيد تسريحه من الجيش.
وفي الوقت الذي كان حزب مفاي يقدّم خدمات شخصيّة إلى أعضاء الحزب ومناصريه, فإن دائرة الخدمة لم تزدد في اتباع الاسلوب نفسه بين أعضائها من العاملين في مؤسّسات الجيش, فكانت تؤمّن لهم مثلاً وظائف مدنية بعد تقاعدهم وتمدّهم بالقروض.
ولعلّ أهم أنشطة الدائرة تلك المتعلّقة بترقية الضبّاط المؤهّلين وبسبب دقّة هذا الأمر فإن النشاط كان يحاط بالكتمان, وكان الضبّاط الموالون للحزب أوفر حظاً بالترقية من سواهم.


ويعدّد يوران بيري أربع قنوات إضافية من قنوات سيطرة الحزب السياسية على الجيش هي:
1 ـ قناة القيادة العسكرية العليا.
2 ـ الأجهزة الأمنية.
3 ـ الضباط المتقاعدون وخاصة الذين يرغبون في الانخراط في الحياة السياسية.
4 ـ الترحال وحركات الاستيطان باعتبارها خزان الطاقة البشرية.
أمّا البروفسور موشيه ليساك فرأى من ناحيته أنه في حين حاول بن غوريون رسم حدود قاطعة وواضحة على قدر المستطاع, بين المؤسّسة الأمنية والنظام الحزبي, فقد بقي مدخل واسع جداً للعلاقات المتبادلة بين الرجال العسكريين ومختلف الأوساط السياسية. ومن الواضح ان عملية عدم التسييس لم تكن كاملة, بل تعزّز الاتجاه المضاد في حالات معيّنة, خصوصاً في كلّ ما يتعلّق بتعيين الضبّاط في المناصب العليا والحسّاسة([12]).

وبصورة مختصرة يمكن العودة إلى العوامل الأربعة التي ذكرها الجنرال اهروتياريف بشأن توضيح الطبيعة المحدّدة للعلاقات المدنية ـ العسكرية والرقابة المدنية في اسرائيل في الفترة التي سبقت تكوين الكيان وما بعدها وقد حدّدها كما يلي:
1 ـ الخلفية التاريخية أو التطوّر الاجتماعي السياسي للمجتمع اليهودي السابق على إقامة الدولة في فلسطين وأيضاً النمو المحكوم سياسياً للذراع العسكري الرئيسي للدولة: منظّمة الهاغاناه السرية.
2 ـ مركزية الدفاع بالنسبة للوجود الوطني في اسرائيل الناشئة عن الوضع الجغرافي ـ السياسي المتميّز لهذا البلد والسرية التقليدية الملازمة للمسائل الدفاعية.
3 ـ السمة الواضحة والدائمة لرئيس الوزراء بن غوريون المخطّط والمنفّذ الرئيسي للدولة ولجيش الدفاع الاسرائيلي.
4 ـ حاجة اسرائيل المستمرّة للابقاء على قدرة التعبئة الشاملة الشعب تحت السلاح([13]).

II ـ دور كبار العسكريين كجماعة ضغط في حياة اسرائيل السياسية
في أعقاب الانتصار الرخيص والسريع والسهل الذي أحرزته اسرائيل في عام 1967, أصبح الجيش قناة رئيسية للتعبئة وشغل المناصب العليا على الصعيد السياسي وصعيد الإدارة العامة. كما وأن هذا الانتصار أعطى زخماً هاماً لمرتبة الضباط في الجيش الاسرائيلي ولا سيما أولئك الذين تحمّلوا العبء الرئيسي في القتال والمواجهة, ممّا حدا بالجمهور إلى تكريمهم وتدليلهم وحمل رجال السياسة على استجدائهم بإلحاح. فوقع الكثيرون منهم في اغراء البدء بمهنة ثانية في القطاع السياسي([14]). كما أن العدد المتزايد للضباط الذين شغلوا المناصب العامة أوجد هو أيضاً ظروفاً ملائمة لشرعية متزايدة لاشراكهم في عمليات اتخاذ القرارات فيما يتعلّق بشؤون الخارجية والأمن, إذ ان تعريف هذا المجال آخذ في الاتساع.
ويرى ليساك ان فترة الانتظار التي سبقت نشوب معارك حرب عام 1967 والانتصار الذي أعقبها قد شكّلا لحظة اختبار للعلاقات ما بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية, كذلك طرحت الإخفاقات في بداية حرب عام 1973 من جديد وبصورة جادة نسيج العلاقات بين رئيسي الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان. وكانت هذه فترة خارقة حتى بالمفاهيم الاسرائيلية. وقد أوصت لجنة القاضي الأعلى اعترافات التي عينت للتحقيق في ما جرى خلال الأيام الأولى من حرب (يوم الغفران) من بين أمور مختلفة, بتغيير قانون الجيش الاسرائيلي. وفعلاً تمّ الأخذ بهذه التوصية. وفي سنة 1975 أصدر الكنيست قانوناً جديداً. وعلى الرغم من الجهود الكثيرة التي بذلت في صوغه, فإن الناتج, حسب رأي ليساك, لك يكن أكثر وضوحاً من السابق, لكونه خضع مرّة أخرى لتفسيرات مختلفة, ولارتباطه في الواقع بشخصيات القادة الذين يشغلون المناصب الرئيسية في هيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع والحكومة.
وبموجب قانون عام 1976 صار الجيش خاضعاً للحكومة وأضحى الوزير المسؤول عنه بالنيابة عن الحكومة هو وزير الدفاع, وأصبح رئيس الأركان العامة ـ صاحب أكبر رتبة في القيادة العليا للجيش والذي يتمّ تعيينه من جانب الحكومة بناء على توصية وزير الدفاع ـ خاضعاً لسلطة الحكومة ووزارة الدفاع, وهكذا صارت لرئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان العام مهام

عسكرية([15]). فرئيس الوزراء هو رئيس الهيئة التنفيذية في البلاد ويأتمر بأمره وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة. ومنذ التعديل الذي تمّ على قانون أساسي ـ الحكومة عام 1991 صار رئيس الوزراء رئيساً للجنة الوزارية التي تمّ استحداثها تحت اسم “اللجنة الوزارية للأمن الوطني (المجلس الوزاري المصغّر) والحكومة هي المفوّضة في إعلان الحرب وشن الحرب, وإنهاء العمليات العسكرية دونما حاجة إلى موافقة رسمية من الكنيست. إلا أنه بعة التعديل الذي تمّ بالقانون الأساسي الخاص بالحكومة الصادر عام 1992 والذي جرى العمل به بدءاً من النتخابات عام 1996 صار على الحكومة ضرورة إبلاغ لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بأسرع وقت ممكن بقرار اللجوء إلى الحرب ويكون وزير الدفاع هو المسؤول عن العمليات العسكرية خلال فترة الحرب, ويبقى في الوقت نفسه خاضعاً لتعليمات وقررارات الحكومة([16]).
وعلى الرغم من صدور هذه القوانين وتعديلاتها, فإن العلاقات العسكرية السياسية في اسرائيل عادت إلى سالف عهدها وتحكّمت الملامح الشخصية للقيادات والزعامات في ملامح تلك العلاقة, ومثلما كانت شخصية بن غوريون القوية هي أساس سيطرته على القطاعين المدني والعسكري في الدولة فإن شخصية الذين جاؤوا من بعده هي التي حدّدت طبيعة العلاقات المتبادلة بين رجالات القيادتين العسكرية والمدنية. ولقد كان للجيش نفوذ قوي إبان فترة شغل موشيه ديان لمنصب وزير الدفاع (1967 ـ 1974) وكذلك كانت عليه الحال أيضاً إبان تبوؤ غيرر فايتسمان وآرييل شارون واسحق رابين للمنصب نفسه في الفترات (77 ـ 1980), (81 ـ 1983), (84 ـ 1988), 92 ـ 1995) على التوالي([17]). ومثلما حقّق الجيش عام 1967 نفوذاً كبيراً في عملية صنع القرار السياسي وتجاوز أوامر القيادة المدنية في الضفّة الشرقية لقناة السويس وفي الجولان السورية, فقد تجاوز الجيش أوامر القيادة في الحرب على لبنان عام 1982. وفي أعقاب مجازر صبرا وشاتيلا التي تواطأ فيها الجيش الاسرائيلي مع بعض الميليشيات اللبنانية, أثيرت مسألة العلاقات المدنية والعسكرية من جديد من قبل لجنة التحقيق التي عرفت باسم “لجنة كاهان”. وقد حذّرت اللجنة في تقريرها من تجاوز وزير الدفاع آرييل شارون ورئيس هيئة الأركان العامة رفائيل إيتان وعدم تنسيقهما مع رئيس الحكومة مناحيم بيغن وطالبت بوضع حدود معيّنة لمسؤوليات وزير الدفاع والقيادة العليا للجيش, الأمر الذي لم يحدث. وأكثر من هذا انه جرى الحديث عن خداع شارون بيغن والكذب عليه وإخفاء بعض المعلومات والأوامر عنه.


في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت لجنة اغرانات قد أوجدت سابقة بإمكانية مقاضاة المؤسّسة العسكرية أمام الموسّسة المدنية بخصوص تقصيرات على الصعيد التقني عام 1973, فإن لجنة كاهان أضافت عام 1982 مدماكاً مهماً إلى جهاز الرقابة التابع للمؤسّسة المدنية على الجيش, أي ان ضبّاط الجيش الاسرائيلي خصوصاً كبارهم, ليسوا معنيين أكثر من السياسيين من المحافظة على المعايير الخلفية والانضباطة خلال اتخاذ القرارات التقنية([18]) إبان الحرب.
من هنا يتبيّن لنا أنه إذا كان الميدان الأساسي للمواجهات العسكرية المدنية في اسرائيل يتجسّد في المجال الستراتيجي العملاني, فإن ميادين أخرى أيضاً تبقى مفتوحة على المواجهات بصورة متزايدة وتشمل قضايا الميزانية الدفاعية وتطوير الصناعة العسكرية وما شاببها, ولقة أوضح هور وفيتش ان الحرب على لبنان عام 1982 كانت أولى حروب الصراع العربي الاسرائيلي التي أصاب أسلوب ممارستها مفاهيم المجتمع الاسرائيلي بوجهيه المدني والعسكري وقيمه ومقاييسه ومبادئه بهزّة عنيفة طاولت: أ ـ الإجماع الوطني. ب ـ معادلة التكلفة والمردود. ج ـ التوازن بين التطرّف والاعتدال في النظام السياسي. د ـ خضوع المؤسّسة العسكرية (من الوجهة العملانية) للمؤسّسات السياسية (من الوجهة الستراتيجية). هـ ـ تحديد أهداف الحرب الستراتيجية. و ـ تحديد ذراْ الحرب. ز ـ تحديد من شنّ الحرب.
وعلى الرغم من كلّ ما سبق ذكره فإن قيام الدولة الصهيونية بقوّة السلاح هو الذي جعل وما يزال يجعل من المؤسّسة العسكرية وكبار قادة العسكريتاريا الاسرائيلية الطاقم الأهم في اسرائيل التي إنّما تأسّست على أساس جلب أعداد هائلة من يهود الشتات وتوطينهم وإحلالهم في فلسطين بعد اقتلاع وتشريد سكانها الأصليين. ومنذ ذلك الحين كان لزاماً أن يكون للعصابات وقيادات المنظّمات الإرهابية المسلّحة الدور الرئيسي في التمهيد لقيام الدولة وأن يشكّل الأمن الهدف الأبرز للدولة بعد قيامها. ولأن ستراتيجية الدولة قامت على مفهوم التوسّع, فقد كان من الطبيعي أن يكون الجيش وقياداته العسكرية هي الأداة لتحقيق الأهداف التوسّعية. الأمر الذي يستوجب تخصيص نسبة عالية من الموازنة العامّة للدولة للشؤون العسكرية. وذلك على نحو جعل من نسبة الإنفاق العسكري في إسرائيل من أعلى النسب النظريه في العالم([19]). وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن ما يقرب 15% من إجمالي عدد السكان في الدولك انما تعمل في الجيش وهي من النسب الأعلى في العالم. كما وأن الجيش الاسرائيلي تحوّل بصورة تدريجية ليصبح المستودع الأهم لتصدير الكوادر القيادية إلى جل القطاعات المدنية وخاصة: مجلس الوزراء ومعاهد التعليم ومراكز الأبحاث والأحزاب والكتل السياسية. ولعلّ ما يؤكّد ذلك ان حكومة الوحدة الوطنية التي تشكّلت عام 1988 قد ضمّت أحد عشر وزيراً من العسكريين المتقاعدين وذلك من أصل 25 وزيراً وكذلك ضمّت حكومة اليمين التي شكّلها نتنياهو عام 1996 خمسة وزراء يتمتّعون بماضٍ عسكري رفيع وهم وزير الزراعة والبيئة رفائيل اتيان من حزب “تسوميت” ووزير الأمن الداخلي افيغدور كهلاني (الفريق الثالث) ووزير الدفاع اسحق موردخاي ثمّ وزير المالية دان هوروفيتش ووزير البنية الأساسية آرييل شارون (ليكود) وجميعهم من كبار الضبّاط السابقين في الجيش. وهذا فضلاً عن أن رئيس الدولة السابق عيزر فايتسمان كان من كبار العسكريين في سلاح الجو. وفي إحصائية فسّرت عام 1992 جاء أن 32% من المناصب الإدارية العليا في الدولة و16% من موظّفي قطاع التعليم و22,4% من موظّفي شركات الأعمال ,2.12% من العاملين في الشركات الحكومية و6,9% من العاملين في وزارة الخارجية هم من العسكريين السابقين([20]). هذا فضلاً عن أن العديد من الأحزاب يعمل على جذب أكبر عدد من العسكريين المتقاعدين ووضعهم في أماكن متقدّمة على القوائم الانتخابية جذباً لأصوات الناخبين.

III ـ بعض المفارقات القائمة في شبكة العلاقات ما بين المؤسّستين العسكرية والمدنية
من المعروف ان النظام السياسي في إسرائيل مكوّن من فسيفساء من الأحزاب والمعسكرات السياسية والمختلفة الانتماءات والاتجاهات ويعود هذا الأمر إلى الانقسامات القومية (يهود ـ عرب) والدينية (ارثوذوكس, تقليديون, متدينون عاديون) والطائفية (استكناز وسفاراديم) والاقتصادية ـ الطبيقية والسياسية الايديولوجية (اشتراكية في مقابل ليبرالية) وإلى غير ذلك. وبالتالي فإن حجم التسييس الذي يميّز المجتمع الصهيوني وعمقه, لم يترك الجيش الاسرائيلي حصيناً في وجه هذه التيّارات والمسارات, ممّا شكّل نوعاً من مستنبت ايديولوجي لتبلور نخب عسكرية تتتمتع بطابع ثقافي نوعي من شأنه أن يشيع رموز القوة الاستعراضية المتشدّدة التي تغري أصحابها في النهاية لخوض طموحات سياسية وأيديولوجية متمادية, الأمر الذي من شأنه أن ينتهك الطابع الديمقراطي الاستنسابي الذي تمارسه السلطات في كيان العدو. وعلى الرغم من حالة الطوارىء شبه الدائمة التي يفرضها هذا الكيان على نفسه وعلى دول الجوار والمنطقة, بسبب مشاريع العدوان والتوسّع الدائمة والمتجدّدة, فثمّة بعض المفارقات أو التناقضات الظاهرية التي تضفي صبغة خاصّة على شبكة العلاقات القائمة ما بين المؤسّسة العسكرية والمؤسّسات المدنية على أنواعها. ومن بين هذه المفارقات انه على الرغم من تحويل الجيش الاسرائيلي إلى أحد مراكز الانصهار المهمّة ـ إذا لم يكن الأهم ـ للمجتمع الاسرائيلي وتحوّل ضبّاطه إلى “أبطال حرب” وشخصيات قدوة بالمعايير الصهيونية, فإن هذا الجيش فشل في أن يستمرّ بالاحتفاظ بصورة الجيش الذي لا يقهر, وتفشّت في صفوفه كلّ المعايير والمقاييس الهابطة على مختلف الصعد المادية والمعنوية. وقد أشار البروفسور موشيه ليساك إلى تراجع المناقبية في هذا الجيش لصالح تنامي الأنشطة والمساعي الرامية لتحقيق مصالح اقتصادية وفئوية وطبقية, بعد أن تغلغلت الانقسامات السياسية والمصلحية فيه من الأعلى إلى الأدنى وبالعكس. الأمر الذي أدّى إلى تفاقم التناقضات القائمة ما بين القيم الديمقراطية المزعومة والقيم السلطوية([21]).
ومن المفارقات الأخرى القائمة في العلاقات السياسية العسكرية في اسرائيل انه بالرغم من ادعاء وجود لعبة برلمانية خاضعة لقوانين وأنظمة فإنّ ثمّة ظواهر عديدة ومتكرّرة في هذا الكيان للتدخّل الفاضح والقاسب من جانب المراتب العليا العسكرية في الجيش في قضايا الخارجية والأمن والشؤون السياسية والدبلوماسية, حتى ان بعض الباحثين الهامين في اسرائيل بدأوا يتحدّثون وبكلّ صراحة عن احتمال حصول انقلاب عسكري وعن احتمال تحوّل اسرائيل برمّتها إلى مجتمع ثكنات عسكرية. وقد جاءت عملية اغتيال رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين في أواخر عام 1995 لتلقي ببعض الأضواء على ما يدور في الخفاء على هذا الصعيد. وكثيراً ما نقرأ ونسمع عن تهديدات بالقتل تطال كبار المسؤولين السياسيين وعن تدابير احتياطية أمنية بالغة التعقيد, تدلّ على حالة الذعر والارتباك في هذا المجال. ويؤكّد ليساك وجود تدهّل فعّال لكبار الضباط في مسارات اتخاذ القرارات على صعيد تشكيلة واسعة من الموضوعات, وذلك على نطاق واسع وعلى سبيل المثال, حسب ليساك, إن الجيش الاسرائيلي كان يتدخّل دائماً في النشاط الدبلوماسي وقسم من ضبّاطه هم في الواقع دبلوماسيون بالأزياء العسكرية. هذا ناهيك عن أن الجيش ليس هو المسؤول الوحيد عن تقديم التقارير إلى الحكومة الاسرائيلية فيما يتعلّق بوضع الأمن القومي فحسب وإنّما هو الشريك الكبير والأساسي أيضاً في التخطيط الستراتيجي البعيد المدى والذي يشتمل على نواح اقتصادية واجتماعية وسياسية كثيرة. من هنا فإن من بين مخطّطات القيادات السياسية العليا في اسرائيل العمل على تحجيم الجيش الاسرائيلي وتحويله إلى جيش صغير ومحترف بدلاً من أن يتحوّل إلى جيش كبير ومحترف سياسة بدل احترافه فنون القتال الميدانية, ويجدر التذكير في هذا المجال بالمخاطر التي يحملها تدخّل رؤساء الأركان في مسار اتخاذ القرارات السياسية وفي التوتّرات المختلفة ما بين وزارتي الدفاع والخارجية وفي الدور المهيمن لشعبة الاستخبارات العسكرية في تقويم الوضع القومي وإدارة الجيش للأراضي المحتلّة. كما وتجدر الإشارة أيضاً إلى عدم الوضوح القانوني ازاء توزيع الصلاحيات بين رئيس هيئة الأركان ووزير الدفاع ورئيس الحكومة وللجنة الوزارية لشؤون الأمن والحكومة بأكملها. ويمكن أن نلاحظ في هذا السياق المساعدات والتدخّلات التي يقوم بها الجيش والمؤسّسة الأمنية عموماً في المشاريع المدنية الخاصّة بتطوير المستعمرات على مختلف أنواعها وأماكنها. كما ويمكن ملاحظة أن أنظمة الحكم الائتلافية التي تنشأ في اسرائيل والتي تخضع أكثر فأكثر لحسابات فئوية وحزبية ضيّقة, من شأنها أن تشكّل البيئة السياسية الحاضنة لوجود احتمالات اختراقات كثيرة من قبل العسكريتاريا الاسرائيلية في اتجاه مواقع السلطة السياسية وبالعكس حتى ولو أتى ذلك بصورة غير رسمية وغير قانونية في كثير من الأحيان.

IV ـ خلاصة واستنتاجات
عندما وضع المسؤولون الاسرائيليون القانون الأساسي للجيش رداً على انتقادات لجنة اغرانات الشديدة للغموض والعيوب الدستورية في النظام الاسرائيلي في أعقاب الفشل الأكمني والاستخباراتي الخطير عام 1973, إنما كانوا يسعون إلى تقديم تعبير واضح لمبدأ الرقابة المدنية وتحديد العلاقات الدقيقة مع الممثّلين الرئيسيين في سلطة الدفاع. ولكن مع ذلك فقد فشل القانون في تحقيق هدفه المعلن. وعادت الأمور لتأخذ مجراها المألوف منذ تأسيس الكيان تحت سقف ما سمي “ميل السياسيين نحو المرونة والغموض البنّاء” في التعاطي مع طبقة العسكريتاريا العليا في الجيش. ومن هنا بقيت الأسئلة الحاسمة الكثيرة في العلاقة من دون أجوبة وذلك من ضمن المحصلة القائلة ان مجلس الوزراء, على نحو جماعي, هو القائد الأعلى لجيش الدفاع الاسرائيلي وهو يقوم بممارسة سلطة موازية لسلطة الرئيس في الولايات المتحدة وسلطة رئيس الوزراء في بريطانيا. وباستثناء رئيس الأركان الأسبق الراحل حاييم بارليف فإن جميع رؤساء الأركان الآخرين([22]) يقرّون من الناحية النظرية على الأقل بأن سلطة الحكومة على رئيس الأركان تعادل سلطة رئيس الأركان على الضبّاط الذين هم أدنى رتبة منه, وهي سلطة قابلة للتطبيق بدون استثناء في المجالات الستراتيجية والتكتيكية والعملانية([23]). أما حاييم بارليف فقد تحفّظ على السلطة الحكومية المطلقة في المجال العملاني. وفي رأيه ان رئيس الأركان يمكن أن يرفض تنفيذ الأوامر العملانية الصادرة عن مجلس الوزراء إذا كانت تتعارض مع تكامل الاحترافية عنده, وذلك على الرغم من أنه يجب أن يكون مستعداً لدفع الثمن ومواجهة العزل من منصبه من جانب الحكومة. وليس لهذا الرأي الكثير من المؤيّدين مع ان المرء بوسعه أن يقارنه بقبطان سفينة أو قائد طائرة يجد نفسه في مأزق ويمكن أن يصدر الأوامر, من أجل إنقاذ السفينة أو انقاذ أرواح المسافرين عليها, إلى أيّ شخص حتى لو كان هذا الشخص أعلى رتبة منه مثل وزير الدفاع أو حتى رئيس الحكومة. وفي تبرير هذا الموقف أنه ليس من المعقول أن هيئة تضمّ نحو عشرين وزيراً يمكنها أن تتصرّف كقائد أعلى لقوّات عسكرية حديثة وتدير شؤون العمل اليومي للجيش الاسرائيلي أو العمليات الحربية اليومية. وبالتالي لا بدّ من وجود فرد واحد مسؤول يتّجه إليه رئيس الأركان للاسترث دبرأيه. وإذا كان وزير الدفاع هو هذا المسؤول فالاعتبار الآخر الذي يدخل على الخط هنا هو اعتبار العلاقة الشخصية الثنائية التبادلية ما بين الرجلين وما يتمتّع كلّ منهما من كاريزما تخوّله أخذ القرار والوقوف عنده وفرضه على الطرف الآخر. وهذه الإشكالية تبرز بشكل أساسي في أوقات اعلان أو شنّ الحرب ويدء وإدارة العمليات العسكرية, وهو أمر غير منصوص عنه صراحة حتى الآن في القانون الأساسي.
في هذا المجال قال رئيس الأركان الأسبق موشيه ليفي انه قد يرفض أوامر صريحة من وزير الدفاع أو رئيس الحكومة بشنّ العدوان إذا لم تكن هذه الأوامر مقرونة بأوامر صريحة من مجلس الوزراء([24]).
بصورة مختصرة يرى الباحث يهودا بن مئير انه توجد ثلاثة مجالات رئيسية مثيرة للمتاعب في علاقات العسكريتاريا الاسرائيلية بالسلطات المدنية وكلّ واحد منها بحاجة ملحّة إلى تصحيح وهي: الاقتصاد إلى الوضوح الدستوري والقانوني فيما يتعلّق بالمظاهر الرسمية للنظام والاقتصاد إلى المعلومات المدنية في التخطيط الستراتيجي والافتقار إلى التوازن الصحيح بين السلطتين العسكرية والمدنية في مؤسّسة الدفاع ـ ومع ان أيّاً من هذه القضايا الثلاث لا تشكّل, حتى الآن, تهديداً خطيراً للعلاقات المدنية العسكرية الفعّالة, فكلّها تشكّل تهديداً محتملاً, ويمكن أن تكون في وقت ما في المستقبل مصدراً لأزمة رئيسية, مثلما حصل في أثناء حرب عام 1982 على لبنان التي خلقت آثاراً تنظيمية ومعنوية وإدارية وعسكرية بالغة الخطورة في كيان العدو اختصرت بتسميتها بأنها عوارض شبيهة بعوارض الحرب الفيتنامية على الجيش الأميركي, وهذا التقدير يكتسب أريجه أكثر فأكثر على الأخص على ضوء التغييرات الاجتماعية والسياسية والديموغرافية الدراماتيكية التي تمرّ على الكيان الصهيوني. ولا ريب أن غياب زعامة محلية ذات كاريزما تاريخية كقيادات الصهيونية التاريخية والافتقار إلى إجماع واضح لجهة تحديد مستوى السلطة التي يستخدمها وزير الدفاع تجاه رئيس الأركان والجيش عموماً والفشل في معالجة دور رئيس الوزراء تجاه الجيش, تعتبر بمثابة الغام قابلة للانفجار في أيّة لحظة من لحظات الأزمة الحرجة التي قد تمرّ بها الدولة.

لقد ذكر هنتنغتون أن ظهور الضبّاط المحترمين أوجد مشكلة حديثة في العلاقات المدنية العسكرية في أوروبا وأميركا الشمالية ومع ذلك فهو اعتبر ظهور الدولة واحداً من العوامل الرئيسية الثلاثة المفضية إلى الاحترافية العسكرية. ومع هذا فهناك باحثون آخرون أشاروا إلى ظاهرة القرن العشرين التي تتميّز بوجود جيوش دائمة وكبيرة باعتبارها المصدر الرئيسي للعلاقات المدنية ـ العسكرية. وكان كلاوزفيتر قد تحدّث عن الحرب بأنها “استمرار للعلاقات السياسية بطريقة أخرى” وشدّد على الحاجة والمبرّر لوجود رقابة مدنية على القوات المسلّحة. وشدّد كلاوزفيتر على القول ان الحرب هي الادارة الحقيقية للدولة والهدف السياسي هو الغاية والحرب هي الوسيلة إلى ذلك. واعتبر فيز ان مستوى التدخّل العسكري في أيّ بلد يأتي كنتيجة مباشرة لمستوى الثقافة السياسية في المجتمع. ويضيف ان مستوى الاحترام والدعم والاهتمام الذي يمنحه السكّان للمؤسّسات والعمليات الحكومية, وهو مدى قبول واعتراف السكّان بشرعية النظام, يرتبط إلى حدّ كبير بمدى عمق جذور المؤسّسات المدنية وهو مدى وجود مؤسّسات متلاحمة في المجتمع, مثل نقابات العمّال ومؤسّسات مهنية متخصّصة ومعاهد دينية وأحزاب سياسية. وهذان العاملان معاً يحدّدان مستوى الثقافة السياسية في أيّ مجتمع. وكلّما انخفض مستوى السياسية, ارتفع مستوى ودرجة التدخّل العسكري في الشؤون العامة([25]).
فيما يتعلّق بالجيش الاسرائيلي, فإن بيرلميوتر يصنّفه في خانة الجيش الثوري المحترف مثله مثل الجيش الصيني تماماً. ويقول ان الصفة الرئىسية المميّزة للجندي الثوري المحترف هي أنه أداة حركة ايديولوجية. ففيما يتعلّق بجيش التحرير الشعبي الصيني, هو خادم الثورة الشيوعية الماوتسية وفيما يتعلّق بالجيش الاسرائيلي فهو أداة الصهيونية وجزء من العسكريين ذوي التوجّه الصهيوني. وفي معرض شرحه لمفهوم الاستقلال الذاتي الاحترافي يقول بيرلميوتر: “ان الاستقلال الذاتي للمؤسّسة العسكرية في اسرائيل والصين عمل على ضمان احترافيته العالية وخضوعه السياسي([26]).
ويؤكّد بيرلميوتر أيضاً أنه في كلّ من الصين واسرائيل فإن الزعماء الايديولوجيين هم الذين بنوا القوات العسكرية المسلّحة, الحزب الشيوعي في الصين وحزب العمل في اسرائيل, وذلك من أجل تجميع وتولّي السلطة السياسية بكاملها في نهاية الأمر. ويشير بيرلميوتر إلى أن اسرائيل حقّقت نجاحاً أكثر من الصين في عملية إخفاء الصفة الوطنية, وتقليص الصفة السياسية, وتثبيت الصفة الاحترافية المهنية على العسكريين.
وفي واقع الأمر فمن خلال استخدام التصنيف التقليدي للدول بناء على أنظمتها السياسية البريتورية([27])(الديكتاتورية العسكرية) والمحترفة (الديمقراطيات الغربية الليبرالية) والشيوعية, فإن يورام بيري يزعم ان اسرائيل تقع في مكان ما بين النظامين الأخيرين وهو تصنيف يأتي متماثلاِ تماماً مع نموذج بيرلميوتر في الثورية الاحترافية. وتؤكّد وجهة نظر بيري انه لم يكن من قبيل المصادفة في شيء أن تكون الدولة الوحيدة, بالإضافة إلى اسرائيل, التي يضعها بيرلميوتر في هذه الفئة هي الصين الشيوعية. واعتماداً على هذا النموذج حاول كلّ من هوروفيتش وليساك تحديث نظرية الحدود المرنة بين القطاعين العسكري والمدني باعتبارها حجر الزاوية في العلاقات المدنية العسكرية في اسرائيل. وعلى هذا الأساس فالنتيجة التي يصلان إليها هي أن المشاركة المدنية الواسعة في مهام الأمن الوطني, والحدود الغامضة بين الموسّستين العسكرية والسياسية, والشبكات الاجتماعية بما فيها أعضاء الصفوة المختارة من كلّ من العسكريين والمدنيين, تعتبر إحدى الصفات الرئيسية المميّزة لنمط اسرائيل المتفرّد في مجال العلاقات المدنية العسكرية. وباقتباسهما مصطلحاً استخدمه الكثير من المنظّرين, فهما يعتبران اسرائيل بأنها أقرب من أيّ مجتمع آخر إلى نموذج “شعب تحت السلاح” الأمر الذي يؤدّي إلى اخفاء الصفة العسكرية على القطاع المدني وإخفاء الصفة المدنية على العسكريين. والشاهد العملي على هذا التقدير هو وجود العديد من كبار نخب العسكريتاريا الاسرائيلية في كلّ من الحكومة والكنيست مع ما يستتبع ذلك من تداخل في الاعتبارات المدنية والعسكرية أثناء عملية اتخاذ قرارات الحرب أو التعبئة العامة. وفي هذا المجال تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من الاستحداث الذي تمّ بموجب القانون الصادر عام 1992 والذي ينصّ على وجوب موافقة الكنيست على القرار التنفيذي بالتعبئة العسكرية واستدعاء وزير الدفاع قوات الاحتياط من جهة, وعلى الميزانية العامة للدولة, بما فيها ميزانية الدفاع من جهة أخرى, فإن واقع الأمر الحاصل هو أنه نتيجة لوضع الدولة الأمني فإن قرار التعبئة العسكرية وقرار الحرب وتمويلها انما تتمّ جميعها من دون انتظار موافقة الكنيست([28]).
كذلك تجدر الإشارة إلى تراجع دور المحاكم في اسرائيل, وخاصة ما يسمّى محكمة العدل العليا, في فرض رقابتها على الجيش والشؤون العسكرية, ولعلّ هذا التراجع, الذي بدأ منذ مطلع الثمانينات, يتّضح بصورة أكبر في عجزها عن معارضة أو تعطيل قرار الجيش ـ الذي ايّدته الحكومة والكنيست ـ والخاص بتوزيع أقنصة واقية من الغازات السامة للسكان اليهود فقط في الأراضي المحتلّة إبان فترة حرب الخليج الثانية, ممّا يشكّل بادرة عنصرية عدائية ضدّ المواطنين العرب بذريعة ان هؤلاء غير معرّضين لخطر الصواريخ العراقية([29]).
ومن هنا يتبيّن ان العسكريتاريا الاسرائيلية ما تزال تتمتّع باليد الطولى في أبرز وأهمّ القرارات المصيرية للكيان اليهودي على الصعيدين العسكري والسياسي, وبالتالي فالكيان اليهودي الذي قام على اقتلاع وتشريد سكّان فلسطين الأصليين, وعلى توفير الأمن والأمان لمصالح الدول الاستعمارية الكبرى الراعية له في المنطقة, بأساليب القمع والاضطهاد والاكراه العسكري, ما يزال هو نفسه دولة الفيتو والحصن العسكري المدجّج بأعتد وأشد أنواع الأسلحة فتكاً وتدميراً، والذي ما يزال يدار من قبل جنرالات القتل والارهاب من ديان الى رابين الى شارون الى باراك، في نموذج فريد من نوعه في العالم في عنصريته واستخفافه بحقوق الانسان والشرعية الدولية.

 

[1] بنكو الدار “الجيش والسياسة في اسرائيل” ـ صحيفة عال همشمار 12/5/1972.

[2] على حدّ قول الجنرال يغآل يادين وحسبما ورد أيضاً في: نادية عز الدين رفعت ـ عمرو وكمال حمودة: المؤسّسة العسكرية الأميركية ـ العسكر والتنظييم (سينا للنشر ـ القاهرة ـ 1991) ص 43.

[3] أنظر دليل اسرائيل العام ـ مؤسّسة الدراسات الفلسطينية ـ محمد زهير دياب ـ المؤسّسة العسكرية ص 287 وما بعدها.

[4] ­ ورد هذا في حوار أجرته مراسلة جريدة الحياة بلندن بتاريخ 2 حزيران 1997 مع اسرائيل شاحاك بمناسبة صدور كتابه الجديد “أسرار مكشوفة” ـ سياسة اسرائيل النووية والخارجية (ومحاضرته في المعهة الملكي للشؤون الخارجية بلندن عن “دور الجيش في المجتمع الاسرائيلي).

[5] أنظـر أسعد عبد الرحمن ـ العلاقات المدنية العسكرية في اسرائيل ـ مجلّة شؤون فلسطينية مركز الأبحاث في منظّمة التحرير الفلسطينية بيروت ـ عدد 9 ـ مايو ـ أيار 1972 ص 54.

[6] ­ يهودا بن مئير ـ العلاقات المدنية العسكرية في اسرائيل ـ ترجمة مصطفى الرز مكتبة مدبولي ـ القاهرة ـ 1996, ص 83 ـ 85.

[7] أسعد عبد الرحمن ـ العلاقات المدنية العسكرية ـ مرجع سابق ص 54 ـ 55.

[8] يهودا بن مئير ـ العلاقات المدنية العسكرية في اسرائيل ـ مصدر سابق ص 29 وما بعده.

[9] المصدر نفسه.

[10] بن مئير ـ العلاقات المدنية العسكرية ـ مصدر سابق, ص 60.

[11] مجلّة الفكر الستراتيجي العربي ـ تمّوز/ يوليو ـ تشرين الأوّل/ أكتوبر 1987, ص 160, المجتمع الاسرائيلي ومؤسّسته الدفاعية ـ حسن حسن.
* هي تسمية أطلقت على تهديد بعض الضبّاط بالاستقالة في حال قيام بن غوريون باستبدال ضباط موالين لحزب الميام بآخرين موالين له شخصياً.

[12] تطوّر العقيدة الاسرائيلية خلال 35 عاماً ـ مؤسّسة الدراسات الفلسطينية ـ الطبعة الأولى 1983 ـ ص 76. الجيش والمجتمع ونظام الحكم في اسرائيل ـ موشيه ليساك.

[13] يهودا بن مئير ـ مصدر سابق, ص 73.

[14] موشيه ليساك ـ تطوّر العقيدة العسكرية ـ مصدر سابق, ص 77.

[15] أنظر بعض نصوص هذا القانون في:
يهودا بن مئير ـ العلاقات المدنية العسكرية في اسرائيل مرجع سابق, ص 78 و86 ـ 88.

[16] يهودا بن مئير ـ مرجع سابق, ص 90 ـ 93 وص 104.

[17] دور الجيش والاقتصاد في التجمّع والاقتحام الصهيوني ـ دار الطباع ـ خالد حميد النعيمي ص 96 ـ 97 ـ 98.

[18] الفكر الستراتيجي العربي ـ مصدر سابق, 1987, ص 166.

[19] تصل النفقات الأمنية الاسرائيلية إلى 40 ـ 45% من الناتج القومي وهذا ما يعادل نخو خمسة أضعاف ما تنفقه الولايات المتحدة. لمزيد من المعلومات أنظر كتاب متخذو القرارات في الكيان الصهيوني بإشراف حبيب قهوجي, ص 114 وما بعدها.

[20] الدين والسياسة في اسرائيل ـ عبد الفتاح ماضي ـ مكتبة مدبولي 1999 ص 174.

[21] تطوّر العقيدة العسكرية الاسرائيلية ـ مصدر سابق, ص 68 ـ 69.

[22] موردخاي غور, رفائيل ايتان, موستيه ليفي, شمعون بيريس, اسحق رابين, عيزر وايزمان, واهارون ياريف.

[23] أنظر العلاقات المدنية العسكرية في اسرائيل ـ مرجع سابق, ص 128.

[24] العلاقات المدنية العسكرية ـ مرجع سابق, ص 131.

[25] العلاقات المدنية العسكرية ـ مرجع سابق, ص 358.

[26] المرجع السابق, ص 362.

[27] كلمة بريتورني تعني الجندي مع الحرس الامبراطوري الروماني الذي قام بتنصيب وخلع الإمبراطور وهي هنا تعني نزعة التسلّط العسكري على السلطة السياسية.

[28] يهودا بن مئير ـ مرجع سابق ـ ص 104 ـ 109.

[29] يهودا بن مئير ـ مرجع سابق, ص 117.