- En
- Fr
- عربي
محاضرة
خدمات لتأهيل المرضى جسديًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا
منذ نحو سنة تقريبًا، بات العلاج الانشغالي واحدًا من العلاجات المعتمدة في المستشفى العسكري المركزي. لكن ما هو هذا العلاج؟ وهل من صلة بينه وبين العلاج الفيزيائي؟ ومن هم الذين يستفيدون منه؟
هذه الأسئلة وسواها أجابت عنها محاضرة ألقتها السيدة فتية حاج (اختصاصية في العلاج الانشغالي) في المستشفى العسكري المركزي، وتابعها عدد من الضباط الأطباء وموظفي الطبابة العسكريّة.
بدايةً، شرحت السيدة حاج كيف أدرجت الجامعة اللبنانية العلاج الانشغالي ضمن الاختصاصات المستحدثة في كلية الصحة تلبيةً لحاجة كثيرين إلى التأهيل الجسدي والنفسي، خصوصًا ذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال والمسنين الذين يواجهون العديد من المصاعب في حياتهم اليومية. وقد اعتمد المستشفى العسكري المركزي هذا النوع من العلاجات لمنح هؤلاء دورًا فاعلاً وإيجابيًا في المجتمع، وذلك منذ سنة تقريبًا.
يندرج هذا العلاج ضمن حقل الطب الحليف الذي يعنى بالمصابين بإعاقات جسديّة، فكرية، واجتماعية، وهو يعنى برعاية هؤلاء وحمايتهم وتأهيلهم للقيام بنشاطات مختلفة في المنزل والعمل، بالإضافة إلى مراكز التعليم. وأوضحت السيدة حاج أنّ العلاج الانشغالي يختلف عن العلاج الفيزيائي من حيث الأهداف. فالثاني يتعلّق بأطراف المريض، في حين يهدف الأوّل إلى تأهيل المصاب واحترام قدراته من خلال التقويم النفسي والاجتماعي.
إنّ افتتاح مركز العلاج الانشغالي في المستشفى العسكري يزيد من مسؤولية الطاقم الطبي حيال الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وفق حاج، فهو يفتح أمامهم الأبواب التي كانت في الأمس مغلقة، من خلال إتاحة فرص التعلّم والانفتاح على الآخرين.
إنّ الأمراض والصعوبات التي يشملها هذا العلاج هي أمراض الأطفال، كالشلل الدماغي، التأخر في النمو الفكري والجسدي، الإعاقة الحركية والحسيّة، التوحّد، بالإضافة إلى الصعوبات التعلّميّة وأمراض المفاصل والعظام والكسور، والأمراض العصبيّة والنفسيّة وإصابات الدماغ والعامود الفقري، وأمراض المسنّين المختلفة (باركنسون، ألزهايمر) وأخيرًا السرطان.
يقدّم المركز خدمات العلاج الانشغالي الهادفة إلى تحسين الواقع اليومي للمرضى من خلال برامج تدريبية ومتابعة نفسيّة في الأسرة والمجتمع، وصولًا إلى تحقيق الدمج الاجتماعي للمريض. ويهتمّ القسم باختيار الأدوات والتقنيات المساعدة على تعويض العجز، وبتدريب المريض وأفراد أسرته على استخدام هذه التقنيات، وتقييم وضعيات جلوسه وتصحيحها، وتقديم خدمات استشارية في مجال تأهيله جسديًا.
في ما يتعلّق بالمسنين، يركّز العلاج الانشغالي على تقييم مهاراتهم وقدراتهم بحسب إصاباتهم وتأثيرها على نشاطهم اليومي، ويعدّ بالتالي برنامجًا علاجيًا يشمل خطوات تدريبيّة وابتكار أدوات خاصة بكل حالة لتحسين وضعهم في بيئتهم.
يتوجّه اهتمام هذا النوع من العلاج أيضًا، نحو الأولاد ذوي الاضطرابات التعليمية، فيقيم المعالج تقييمًا شاملًا لقدرات الطفل محدّدًا نقاط ضعفه التي تسبّب له صعوبة في القدرات الحسيّة، الإدراكية، النفسيّة والفكريّة. كما يحدّد نقاط القوة الضروريّة المساعدة على إتمام وظيفة التعلّم. وبحسب السيدة حاج، يتمّ تشخيص الحالة ويصمّم برنامج علاجي مناسب ومتكامل لها.
ومن أهداف العلاج الانشغالي أيضًا، العمل على الوقاية من تزايد المشاكل الناتجة عن تضرّر الجهاز الحركي عند الأطفال (التواء المفاصل، التقرّحات الجلدية الناتجة عن الجلوس بوضعيّة واحدة لفترات طويلة...)، عبر التأهيل الجسدي الذي يساعد المريض في تعلّم مهارات وظيفية حركية أساسية، تؤدي إلى: التحكّم بالجسد والجلوس بوضعية سليمة، والتكيّف مع الوسائل المستخدمة في الحياة اليوميّة (كرسي، حمّام، سرير...)، والتدرّب على الأنشطة الأساسية (النظافة، التنقّل، الأكل، المظهر الخارجي...). وبذلك يكتسب المريض مهارات الاستقلالية الذاتية التي تتيح دمجه مهنيًا ومدرسيًا وبالتالي اجتماعيًا.
أخيرًا، وبعد أن أوضحت الفرق بين العلاج الوظيفي والعلاج الفيزيائي الذي يهتمّ فقط بتنمية المهارات الحركية، أملت حاج أن يعي القيّمون على الجسم الطبي في المستشفيات عمومًا، ضرورة هذا الاختصاص وفعاليته.