- En
- Fr
- عربي
نشاطات القيادة
في حفل عشاء لمناسبة اليوبيل الذهبي لدورة الملازم الأول بنوا بركات
لمناسبة اليوبيل الذهبي لدورة الملازم الأول بنوا بركات (1956-1959) أقيم في المجمع العسكري في جونيه حفل عشاء حضره قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ورئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري، وأعضاء المجلس العسكري، ونواب رئيس الأركان، ومدير المخابرات، ومدير التوجيه، وقائد المدرسة الحربية، ورئيس الهيئة التنفيذية لرابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية العماد المتقاعد ابراهيم طنوس وعدد من أعضائها، بالإضافة إلى أعضاء الدورة.
خلال هذا الحفل العائلي الذي حضرته عقيلات المدعوين، ألقى طليع الدورة العميد الركن المتقاعد فؤاد عون الكلمة الآتي نصها:
اسمحوا لي أيها الأصدقاء أن نفتتح احتفالنا باستذكار رفاقنا الذين تركونا الى جوار ربهم، فنقف دقيقة صمت عن روح الملازم الشهيد بنوا بركات الذي نفتخر بأن تحمل دورتنا اسمه، وكذلك عن روح الرفاق: علي الحاج حسن - خضر عيد - نبيه نعيم - ميشال سرحان - نصير حماده - ألبير سماحه - مراد الفاخوري - جورج جبيلي.
سيدي العماد، مدعوينا الكرام، رفاق الدورة
نجتمع اليوم وقد مر على دخولنا الحياة العسكرية خمسون سنة، جمعتنا فيها أخوة السلاح ورفقة العمر التي انتقلت الى زوجاتنا وحتى أولادنا، فكما كنا عائلة واحدة، في المدرسة الحربية لا نزال بعد مرور خمسين سنة عائلة واحدة وعلى أمل أن تبقى هذه العائلة واحدة بمن سيبقى. اسمحوا لي وباسم رفاقي ضباط دورة بنوا بركات وعائلاتهم، أن أرحب بحضرة العماد ميشال سليمان قائد الجيش، وأن أشكره على حضوره ورعايته احتفالنا هذا. كما أرحب بأعضاء المجلس العسكري وعقيلاتهم وبنواب رئيس الأركان وعقيلاتهم وبمديري المخابرات والتوجيه وقائد المدرسة الحربية وعقيلاتهم، وبرابطة المحاربين القدامى ممثلة باللواء محمود طي أبو ضرغم، مع التنويه بأن رئيس الرابطة العماد ابراهيم طنوس قد فضل الحضور كمدرب لدورتنا.
كما أرحب وأشكر من رعانا ودرّبنا طوال ثلاث سنوات في المدرسة الحربية وأعطانا من ذاته ذخائر قيمة رافقتنا في سنوات الخدمة الفعلية ولا تزال ترافقنا حتى اليوم، عنيت مدربينا الذين كنا ولا نزال نكن لهم كل محبة واحترام، كما أرحب بالسيدات عقيلاتهم. احتفالنا اليوم باليوبيل الذهبي لدورتنا أردناه بداية تقليد ينضم الى تقاليدنا العسكرية التي رعاها من سبقنا. وهذا التقليد ما كان ليرى النور لولا مساندة وتشجيع ورعاية حضرة العماد ميشال سليمان قائد الجيش الذي نكنّ له كل احترام ومحبة.
عاش الجيش - عاش لبنان
كلمة العماد قائد الجيش
بعد ذلك، ألقى العماد ميشال سليمان الكلمة الآتي نصها:
أتشرف برعاية هذا الاحتفال بمناسبة اليوبيل الذهبي لدورة الملازم الأول الشهيد بنوا بركات. ويسرّني حضور أعضاء المجلس العسكري والأركان والمدراء ووفد رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية. ومن دواعي سروري وتقديري أيضاً سببان هامان: أولهما أهمية هذه الدورة التي برز منها ضباط عملوا في الحقل العسكري ولاحقاً في الحقل المدني، وكانت لهم يد طولى في إدارة شؤون البلاد في عدة مفاصل من تاريخها، وأخص بالذكر من هؤلاء فخامة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود. أما السبب الآخر فميزة هذه الدورة التي تعددت توجهات أفرادها، فيما تُوحد إيمانها بلبنان، فتلتئم اليوم لتحيي يوبيلها الذهبي. هذا هو لبنان الذي نريده، على الدوام، على صورة دورتكم، وهذا ما نسعى إليه اليوم ليبقى لبنان واحداً وموحداً، ورفقة السلاح في هذا الإطار تحقق الكثير الكثير، واسمحوا لي أن أذكر أمامكم هذه المقولة: «إن المحلل الاستراتيجي «ليدل هارت» اكتشف في جولاته أن ما يربط العسكريين في أثناء الخطر والقتال هو رفقة السلاح قبل الرابط الوطني»، فالعسكري ضابطاً كان أم جندياً، عندما يعلم أن زميله في خطر يدافع عنه كما يدافع عن نفسه. فواجب رفاق السلاح التعاون لصون وحدة الجيش ومنعته، وعبره ترسيخ وحدة الوطن، باذلين من أجل ذلك الغالي والنفيس. وهذه هي المناقبية التي فطرتم عليها ودأبتم على ممارستها من خلال دفاعكم الصلب والمستدام عن موقف الجيش، وفي انصهاركم أخوة في المواطنية والسلاح.
أدركت إسرائيل هذه الحقيقة أي أن وحدة الجيش هي في أساس وحدة لبنان، وأفادت من تجربة الحرب الأهلية التي أدى فيها تقسيم الجيش إلى تقسيم الوطن، فرأت في استهداف الجيش اللبناني زعزعة لوحدة الوطن. ولهذا قصفت مراكزه لغير سبب ولأكثر من سبب. وكان لنا بالمقابل، شرف الدفاع، فصمدنا مدافعين في الجنوب والبقاع الغربي، ومتصدين في المراكز الخلفية وشبه الأمامية، ونشرنا على تلال لبنان وحدات من المغاوير لمنع الإنزالات والتصدي لها، لأنه أحياناً كثيرة تكون التدابير الوقائية الدفاعية أفضل من التدابير المباشرة. فمنعنا بفضل هذه التدابير عدة إنزالات إسرائيلية كادت تحصل، كما جرى في صور، حيث تم التصدي لأكبر إنزال وإفشاله بعد اشتباك قاس مع عناصر الجيش. أرادت إسرائيل أن تقسم الجيش عبر ضربه، ولكن دماء شهدائه المنتمين إلى مختلف الطوائف والمذاهب توحدت وامتزجت معاً، لتزهر يقيناً قاطعاً بأن الجيش سيضطلع بدور وطني كبير، هو دوره الطبيعي، الذي يؤديه اليوم بانتشاره على كامل رقعة الوطن، فيدافع عن الجنوب بعد غياب قسري لثلاثة عقود ونيف من الزمن، لم يغرب خلالها عن باله، أن الدفاع عن حدود الوطن هو الهدف الأساس، وما المطالبة بالأسلحة إلا من أجل تحقيق هذا الهدف بقوة.
لقد عايشتم مقولة أن قوة لبنان بضعف جيشه، وكم جرّت هذه المقولة على لبنان من مصائب وويلات. وكم من مجموعات برزت، عن حسن نية أو عن سوء فيها، تحاول الدفاع عن لبنان بدءاً من الثورة الفلسطينية حتى حزب الله اليوم. وأنا أقول ان المواطن غير ملزم الدفاع بنفسه عن الوطن، فهذه مهمة الجيش ودوره الوطني. وما اهتمامنا بالحصول على الأسلحة المناسبة، إلا لرفضنا بناء الجيش مجدداً على عقيدة قوى الأمن الداخلي، أي أن يسلح الجيش بما يناسب مواجهة المخلين بالأمن فقط.
نبدأ من الجنوب فننجح في الداخل، هذا هو شعار الجيش اليوم. وهذا الجيش الذي نسعى لأن نعيد له بريقه ولمعانه، هو الذي أثبت انه جيش الوطن وليس جيش النظام، من خلال محطات عديدة، من أحداث الضنية يوم كان لي شرف تولي قيادة الجيش، إلى التحرير العام 2000، إلى الاغتيالات، وأبرزها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما رافقها من تحركات شعبية صاخبة كادت تلامس حدود الفوضى والطائفية أحياناً. بيد أن الجيش استطاع أن يحافظ على الأمن والنظام، وعلى مؤسسات الدولة والأملاك العامة والخاصة، بالإضافة إلى حفاظه في الوقت عينه على حرية التعبير التي كفلها الدستور، الذي لا يمكن لأي قرار سياسي أن يتخطاه. لقد تولينا الحفاظ على الأمن واستطعنا حماية الشعب وحماية الوطن في ذلك الحين، ولما جاء الانسحاب السوري بدأ التهويل بأن اللبنانيين سيقتتلون في ما بينهم، ولكن السوريين خرجوا من البقاع وعكار وعنجر، وما حدث شيء. لقد قام الجيش بدوره على الرغم من أن النقص في عديده بلغ 20 ألفاً من المجندين الذين سرحوا دفعة واحدة.
انتشر الجيش وحفظ الأمن في مناطق الانسحاب السوري. دخل إلى طرابلس بعد غياب لعشرات السنين، وملأ الفراغ في البقاع وعكار، واستتب الأمن، كون اللبناني يثق بجيشه أنه جيش وطن وليس جيش نظام. ثم كانت الانتخابات النيابية التي جرت على أفضل ما يرام أمنياً وسياسياً. وأخيراً جاءت حرب تموز، وللصدفة كرمنا اليوم 47 شهيداً من الجيش بين ضابط وعسكري سقطوا في إبان هذه الحرب، وأقمنا لهم نصباً تذكارياً في وزارة الدفاع. أقول أن الجيش الذي مر في كل المراحل التي ذكرتها، أثبت أنه جيش الوطن بامتياز، ويمكن الاعتماد عليه. وأستطيع أن أطمئنكم، أن بوجوده لن تقع فتنة في لبنان على الرغم من اشتداد التجاذبات السياسية، كما هو حاصل اليوم وربما أكثر. اللبنانيون لن يتقاتلوا طالما جيشهم قوي موحد وقادر على رعاية شؤونهم، وحفظ أمن الجنوب. من هنا، جيشنا هو جيش القيم التي استوحيتموها وورثناها عنكم، وهذا ما نقوله للسفراء والدبلوماسيين والسياسيين الأجانب، ونطلب منهم ألا يضعوا شروطاً علينا لتسليح الجيش. فشرطنا الوحيد الذي نؤمن به هو التمسك بجيش القيم، جيش يؤمن بالقيم الإنسانية، وأعني بها الديموقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان ومناهضة الإرهاب والتعصب، وبهذه القيم يلتقي الجيش اللبناني مع الجيوش المتطورة في العالم، لا بل يمتاز عنها. وفي منطقتنا بالذات نراه متميزاً بتركيبته المتنوعة، والعالم بأسره اليوم بحاجة إلى نموذج يشبه الجيش اللبناني، الذي يستطيع أن ينفذ قراراً واحداً يتلقاه من قيادته.
العالم اليوم يشكو من ظاهرة الصدامات الطائفية والمذهبية. أما نحن فأقوياء بوحدتنا التي تتجسد يومياً بأداء الجيش وأراها الآن في دورتكم.
عشتم وعاش لبنان
في ختام كلمته وزع العماد سليمان على أعضاء الدورة المكرمين دروعاً تذكارية، ثم قطع قالب الحلوى وشرب الجميع نخب الجيش ولبنان.
واختتم الحفل الذي تخلله كذلك معرض لصور تذكارية لدورة الملازم الأول بنوا بركات، بالتقاط صورة تذكارية لأعضاء الدورة مع قائد الجيش العماد ميشال سليمان.
كلمة العماد سليمان في سجل الشرف
«زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون بعد مرور خمسين عاماً على تخريج دورتكم، دورة الملازم الأول الشهيد بنوا بركات، لا زلتم قبضة واحدة، تجسد تضامنكم وارتباطكم الوثيق بالمؤسسة العسكرية الأم، وتعلّقكم بقيم الحياة العسكرية وتقاليدها العريقة التي لم تستطع النيل منها سنوات التقاعد، فكنتم بحق وأنتم متقاعدون، رسلاً في مجتمعاتكم تعكسون فيها وحدة الجيش وتماسكه، متطلعين بكل فخر واعتزاز الى المشعل الذي سلمتموه لجيل آخر لا يزال يسير على خطاكم».