محطات

العنف ضد الأطفال
إعداد: الدكتور الياس ميشال الشويري
رئيس الجمعية اللبنانية للسلامة العامة (LAPS) عضو مجلس إدارة منظمة السلامة العالمية وممثل المنظمة لدى الأمم المتحدة

 

إنهم رونق الحياة وبهجتها، لكن بعضهم يتعرّضون بطريقة أو بأخرى للمهانة والذل والقهر... سواء من خلال تشغيلهم وهم بعمر الورود أم سرقة أعضائهم أو حتى استغلالهم جنسياً، فضلاً عن ممارسة العنف بحقهم وإشعال الآلام داخل أجسادهم الندية...
لا شك أن جميع هذه العناوين تستحق التمعّن فيها والبحث عن أسبابها وإمكان إيجاد الحلول الناجعة لها، إلا أننا سنحاول تسليط الضوء على بعض جوانب موضوع لا يقل عن غيره في الأهمية ألا وهو «العنف ضد الأطفال».

عرّفت المادة الأولى من الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة الطفل بأنه «كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبّق عليه». هذا التعريف يعتبر الطفل إنساناً بكل ما للكلمة من معنى، يتمتع بالإستقلال والخصوصية جسدياً ونفسياً تجاه مَن هم أكبر منه سناً، بمن فيهم الأولياء والأوصياء عليه، وكل مَن له سلطة عليه. الأمر الذي يُحتّم بالتالي إلتزام المجتمع الإنساني الإعتراف بحقوق الطفل والعمل بجدية على توفيرها له.
ومما لا شك فيه أن الأسرة المنزلية تعتبر البيئة الأولى للطفل، وتأتي بعدها المدرسة ثم المجتمع بكل ما فيه من ظواهر وتناقضات ومشاكل تترك أثرها البليغ في نفسية الطفل. من هنا تنشأ الحاجة الملحّة للتواصل بين الأهل والمدرسة منذ البداية بهدف التعاون المشترك للمساهمة معاً في بناء شخصية «الولد»، عن طريق خلق «حاجز» منيع داخل كيانه الإنساني يحميه من التأثيرات السلبية التي تأتيه من كل حدب وصوب، فتمنعه من بناء شخصية متكاملة ناجحة وطبيعية.
في هذه المرحلة بالذات، مرحلة التأسيس في بناء الشخصية، من الواجب تأمين الجو الآمن للولد، الجو البعيد عن «العنف والإساءة».
نصت المادة 19 من الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل على أن «تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والإجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من جميع أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال، أو المعاملة المنطوية على إهمال وإساءة المعاملة أو الإستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهّد الطفل برعايته.
فما المقصود بالعنف أو الإساءة للطفل؟ العنف هو:
• ممارسة قوة سواء مادية أم معنوية تؤدي الى تأثيرات جسدية ونفسية على الطفل.
• حرمان الطفل من حاجاته الأساسية.
• حرمان الطفل من ممارسة حقوقه الطبيعية.
أما أشكاله فمتعددة، من العنف الأسري (المنزلي)، الى العنف المدرسي والعنف داخل المؤسسات، العنف المجتمعي، وعنف الطبيعة.
وفضلاً عما ذُكر، يمكن اعتبار بعض الأمور الخطيرة التي يمكن أن تواجه الطفل - قبل بلوغه سن الرشد - من العوامل التي تتفق من حيث النتيجة والأثر مع النتيجة المترتبة على ممارسة العنف ضد الطفل، كونها تساهم بصورة مباشرة في هدم شخصيته المتوازنة. لذا، يجب التنبّّه الى هذه العوامل للعمل على تجنّبها أو تفاديها أو حتى القضاء عليها في حال كان ذلك ممكناً. ومن ذلك على سبيل المثال: التدخين، المخدرات، الألعاب الخطرة والمؤذية، المشروبات الروحية، الإعلام، الحروب...
ولا يسعنا في هذا السياق سوى التأكيد على ضرورة التنبّه لمظاهر العنف والعمل بجد وصدق وإخلاص لإنقاذ أي إنسان يتعرّض للعنف بكل صوره، فكيف إذا كان طفلاً!