تربية وطفولة

العنف في المدارس ظاهرة متعددة الوجوه والاسباب
إعداد: جان دارك أبي ياغي

يحدّ من إبداع الطفل وقدرته على التعلّم والخلق
 

يعيق العنف في المدارس قابلية المدرسة لتحقيق أهدافها وغاياتها، ألا وهي تربية الأطفال وتأهيلهم لتنمية قدراتهم وتطوير إمكانياتهم في بيئة سليمة آمنة. وللعنف ضدّ الأطفال جوانب سلبية وضارة على احترام الذات، وقد يخلق الرغبة في العزلة والانطواء أو ربما التسبّب في العنف ضدّ أطفال آخرين. فكيف يمارس العنف في المدارس* ما هي أنواعه* وهل يحمي القانون الأطفال في هذا المجال* كل التفاصيل في هذه المقابلة مع الدكتورة باسمة المنلا - دكتوراه في علم النفس العيادي للأطفال، أستاذة في كلية الصحة العامة في الجامعة اللبنانية.

 

ما هو العنف المدرسي؟

* كيف نعرّف العنف المدرسي؟
- هو أي سلوك يتّسم بالعدوانية الظاهرة أو المقنّعة في المدرسة، ويترتّب عنه أذى بدني أو نفسي أو جنسي على التلميذ.

 

* ما هي أشكال العنف المدرسي الممارس من المعلم على التلميذ؟
- ثمة ثلاثة أنواع من العنف:
1- العنف الجسدي، كالضرب، الصفع، شد الشعر، الدفع، القرص...
2- العنف النفسي (أو المعنوي) مثل الإهانة، الإذلال، السخرية من التلميذ أمام الرفاق، نعته بصفات مؤذية، احتجازه في الصف، القساوة في التخاطب معه، إنتقاده باستمرار، التمييز بين طفل وآخر، البرودة العاطفية في التعاطي معه، عدم إحترامه، عدم تقدير جهوده...
3- العنف الجنسي: ويتدرج من استعمال كلمات ذات دلالة جنسية، الى الملامسة الشاذة لبعض أجزاء أو أعضاء جسم التلميذ وصولاً الى التحرش.

   

* هل من مظاهر أخرى للعنف في الحياة المدرسية؟
- مظاهر العنف المدرسي لا تقتصر حصراً على ما سبق ذكره، وإنما قد تشمل الأبنية غير الملائمة والملاعب والصفوف التي لا تتمتع بالمواصفات المناسبة، وطريقة إجراء الإمتحانات، والوسائل التعليمية، والخدمات المدرسية، ووزن الشنطة المدرسية...

 

أسباب ممارسة العنف!

* هل هناك تلاميذ يحرّضون المعلم على ممارسة العنف؟
- هناك أطفال أكثر عرضة للوقوع ضحايا أعمال العنف المدرسي، منهم:
- الطفل ذو الطباع الصعبة.
- التلاميذ الكثيرو الحركة والذين يصعب ضبطهم.
- التلاميذ الذين ينحرفون بنموّهم عن النمو الطبيعي، أو المصابون بإعاقة تعليمية.
وما يسبب العنف هنا ليس الإصابة بحد ذاتها، وإنما خيبة أمل المعلم من توقعاته وتباعد الصورة المتمناة للتلميذ عن الصورة الواقعية له.

 

* ما هي الأسباب التي تدفع بالمعلم الى ممارسة العنف؟
- عدم معرفة المعلم بقواعد النمو السليم وبحاجات التلاميذ وإمكاناتهم، إرتفاع عتبة تعرّض المعلم للإحباط، وجود إدراك خاطئ لديه عن قدرات طلابه وإمكاناتهم ما يجعله يفسر معارضتهم لأوامره على أنها إشارة نبذ، يردّ عليها بالعدوان. يضاف الى ذلك وجود الإحباط في سيرة المعلم أو تعرّضه في طفولته الى شكل من أشكال العنف أو الى مشاهدة العنف في أجوائه الأسرية. فاختبار العنف هو عامل مؤسس لاستمرار هذه الحلقة في مرحلة الرشد.

 

القوانين الرادعة وحماية الأطفال

* هل توجد قوانين رادعة للعنف المدرسي؟
- تساهم المجتمعات أحياناً في قبول العنف وفي شيوع ثقافته. فلا توجد في القوانين اللبنانية نصوص رادعة للعنف الممارس على الأطفال بكافة أشكاله. والنصوص الموجودة في قانون العقوبات هي قوانين رادعة للأذى الذي يلحقه أي شخص بآخر من دون أية إشارة الى العنف على الأطفال بما فيه العنف المدرسي. بل إننا نجد على العكس بعض القوانين التي تكرّس الأيديولوجيا الإجتماعية السائدة والتي تكرّس سلطة الأب والمعلم ولا تضع أية حدود فاصلة بين تأديب الولد وبين تعنيفه. فنص المادة 187 من قانون العقوبات يقول: «لا يُعد جريمة الفعل الذي يجيزُه القانون. ويجيز القانون ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم وأساتذتهم على نحو ما يبيحه العرف العام».

 

* ما هي الإجراءات الواجبة للحماية من العنف المدرسي؟
- أبرز ما يمكن فعله في هذا المجال هو التالي:
- إعداد مسح شامل لظاهرة العنف المدرسي لتحديد حجمه.
- صياغة فلسفة تربوية جديدة تلغي العقاب المدرسي الجسدي.
- تأهيل المعلمين وتفعيل تدريبهم.
- إلغاء قوانين واستحداث أخرى جديدة رادعة للعنف المدرسي.
- تشديد الدولة على آلية تنفيذ هذه القوانين.
- إنشاء محاكم مختصة في قضايا الأطفال.
- إنشاء هيئة وطنية للشكاوى وخط ساخن لمكافحة العنف على الأطفال.
- مراقبة الدولة لتطبيق إتفاقية حقوق الطفل ومراقبة آلية تنفيذها.
- إلزام المدارس بأن تلحق بجهازها البشري إختصاصيات إجتماعيات مؤهلات لتقصي العنف ومختلف المشاكل التي يتعرّض لها التلاميذ والمشاركة بإيجاد حلول لها.