- En
- Fr
- عربي
تاريخ الجيوش
خلال العصر الحجري القديم، صنع الإنسان البدائي أدواته من المادة الحجرية ومن مواد أخرى كالعظم والخشب والعاج وغيرها. وكان الإنسان يقطع الحجر ويشكلّه في شكل أداة خاصة تصلح لتحقيق هدفه. وقد اعتبرت هذه العملية الفنيّة أقدم جهد إنساني حققه الإنسان في التاريخ، وذلك بعد تجارب طويلة. وتميّزت هذه الفترة باستخدام الإنسان قدراته العقلية والحسيّة واثبات كيانه الفريد الذي ميّزه عن عالم الحيوان.
تطورت صناعة الأسلحة الحجرية نتيجة احتكاك الانسان بالصناعات الأخرى وتأثره بها، فتمّت صناعة الأسلحة النصلية وهي عبارة عن أدوات حجرية قاطعة، دقيقة، حادة، صغيرة وسهلة الحمل، مكّنت الإنسان من التنقل بيسر ودفعت به أشواطًا إلى الأمام. وكان عرب الجاهلية يتفننون بصناعة الأدوات الجارحة وأدوات الرمي كالسيف والخنجر والمدية والرمح والترس والقوس والسهم، وقد شملت وسائل القتال عندهم الأسلحة والمعدات والتحصينات والحيوانات، إذ كانت على النحو الآتي:
- الأسلحة الفردية: القوس والسهم والرمح والسيف والدبوس والفأس والخنجر.
- الأسلحة الاجمالية: المنجنيق والعرّادة، والدبابة أو الضبر.
- المعدات الفردية: الدرع والترس أو المجن، والبيضة أو الخوذة.
- المعدات الإجمالية: سلم الحصار والحسك الشائك.
- التحصينات: الخنادق (خندقا الحصار والدفاع) والحصون والأسوار والثغور.
- الحيوانات: الحصان والجمل.
ويتبيّن أن عرب الجاهلية قد عرفوا وسائل قتال أكثر تطورًا نتيجة اكتسابهم الخبرة من الفرس والروم الذين أجادوا صناعة آلات الحصار كالمنجنيق والعرادة (المنجنيق الصغير)، والنار والدبابة (أو الضبر) وخنادق الدفاع والحسك الشائك، وغيرها.
أما في ما خص التنظيم العسكري للجيوش التي خاضت الحروب في فترة ما قبل الميلاد، فنجد أن بعض الدول كان له تنظيمه السياسي والعسكري الخاص بها، فالسومريون كانوا يشكّلون قوّة عسكرية من المقاتلين المزودين السهام والحراب ويترأسهم الملك في عربة للخروج إلى الحرب.
واعتبر الجيش الأشوري، في ما بعد، أقوى الجيوش التي عرفتها مناطق الشرق الأدنى القديم، إذ فرض الأشوريون قانون الخدمة العسكرية الإلزامية على الشعوب الخاضعة لهم. وقد تألف الجيش الأشوري من كتائب الرماة والرماحة وحملة التروس والفرسان وراكبي العربات ومن المتخصصين بشق الطرق ونصب الجسور والقيام بالحصار واقتحام الحصون.
في المقابل لم يعرف عرب الجاهلية تنظيمًا عسكريًا أو جيوشًا منظمة ولم يتبعوا تكتيكًا معينًا في حروبهم باستثناء «الكر والفر» (التراجع عند الشعور بالهزيمة والضعف ثم إعادة الكرّة من جديد من دون نظام أو قاعدة أو هدف محدد)، غير أن المناذرة والغساسنة عرفوا التنظيم العسكري والتكتيك لتعاملهم مع الامبراطوريتين العريقتين والكبيرتين فارس وبيزنطية اللتين اعتبرتا أقوى الامبراطوريات في التاريخ القديم من حيث الحضارة والنفوذ والتنظيم والجيش وأساليب القتال، وخصوصًا «قتال الزحف» الذي اعتبر أوثق وأشد من «قتال الكر والفر» الذي اعتمده «العرب والبربر من أهل المغرب».
والجدير بالذكر أن نجاح الجيش الأشوري وتفوقه في المعارك آنذاك كان يعود إلى اتباعه خطة عسكرية من عناصرها السرعة والمفاجأة واستخدام الأسلحة الحديدية. وكان جيشه ينقسم إلى فرق يضم كل منها ألفًا أو مائة أو خمسين أو عشرة من المقاتلين. في الجيش الفارسي والبيزنطي عرف نظام الكراديس (مفردها كردوس ويضم كل منها نحو 600 جندي)، بينما يتبيّن أن العثمانيين قسموا جيشهم إلى فرق مرقمة بالتدرج حسب تسلسل الأرقام، وسرى هذا النظام على خيول العساكر المرقمة أيضًا.
أما رتب العسكريين فقد تسلسلت من كبيرهم إلى صغيرهم، وما زال بعض هذه الأنظمة قائمًا حتى يومنا هذا.