تحية لها

القاضية مايا كنعان: معًا وسويًا ننهض

في العام 2017 تمّ تعيينها مفوض حكومة لدى المحكمة العسكرية، فكانت مع إحدى زميلاتها أول قاضيتين يجري تعيينهما في مثل هذا المركز، وكان هذا الأمر سابقة هي الأولى في تاريخ القضاء اللبناني. القاضية مايا كنعان التي تؤكد أنّها لم تواجه أي تحدّ مهني بسبب كونها امرأة، تؤكد أيضًا أنّ المرأة مؤهلة أكثر من الرجل للحكم في بعض القضايا.


تتصدّى المرأة في عصرنا لأكثر المهمات تطلّبًا، وفق ما تقول القاضية كنعان التي ترى أنّ المرأة اللبنانية ليست أقل قدرةً أو شأنًا أو جرأةً من نظيراتها في المجتمعات الأخرى المعاصرة. تبوّأت عن جدارة أرفع المراكز في الحقل العام، كالوزارة والنيابة والإدارة العامة، ولمعت أيضًا في مضمار المهن الحرّة كالطب والهندسة والمحاماة، كما دخلت معترك القضاء واستلمت أرفع المسؤوليات فيه، من عضوية مجلس القضاء الأعلى إلى رئاسة غرف لدى المحكمة العليا أي محكمة التمييز، إلى مفوضية الحكومة لدى مجلس شورى الدولة ورئاسة غرفٍ لدى محكمة الاستئناف والنيابة العامة الاستئنافية. وقد أثبتت أنّ قدرتها على تولي مثل هذه المسؤوليات لا تقل أبدًا عن قدرة نظرائها من القضاة الرجال.


في ما خصّها شخصيًا، جرى تعيينها في العام 2010 كمحامٍ عام استئنافي في بيروت. عن تجربتها في هذا المركز تقول: «خلال أدائي لهذه الوظيفة واجهت قضايا جنائية خطيرة، منها جرائم قتل استدعت انتقالي الفوري إلى مسرح الجريمة، كما واظبت على إعطاء الإشارات والتوجيهات إلى الضابطة العدلية بمعرض قيامها تحت إشرافي بالتحقيق في القضايا الجرمية، وأعتقد أنّني قمت بواجباتي على أكمل وجه، من دون أن يواجهني أي تحدٍّ ناتجٍ عن كوني امرأة».

 

في المحكمة العسكرية
وتتابع القاضية كنعان: «في العام 2017 عُيّنت مفوّض حكومة معاون لدى المحكمة العسكرية، وكنت أنا وزميلتي القاضية منى حنقير أول قاضيتين يجري تعيينهما في مثل هذا المركز، في سابقة هي الأولى في تاريخ القضاء اللبناني. بموجب هذه الوظيفة يقع على عاتقنا الإشراف على أعمال الضابطة العدلية، ومنها الشرطة العسكرية، في جميع الجرائم الداخلة ضمن صلاحيات القضاء العسكري ومن بينها قضايا الإرهاب والتجسّس وغيرها من الجرائم الخطيرة ذات الطابع الأمني. ونحن نؤدّي دورنا على أكمل وجه كسائر زملائنا من القضاة الذكور الذين يتولون المركز عينه».

 

متابعة قضايا العنف الأسري
تشير القاضية كنعان إلى أنّ المرأة في القضاء مؤهّلة أكثر من نظيرها الرجل في التعامل مع بعض القضايا التي لها بعد عائلي واجتماعي، وعلى هذا الأساس جرى تكليفها في العام 2014 بمتابعة جميع قضايا العنف الأسري ضمن نطاق محافظة بيروت، بالإضافة إلى وظيفتها الأصلية كمحامٍ عامٍ استئنافي فيها. وبعد تعيينها في المحكمة العسكرية، كُلفت أيضًا بمتابعة قضايا العنف الأسري المتصلة بالجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة العسكرية، علمًا بأنّ صلاحيتها تشمل جميع الأراضي اللبنانية.
 إنّ المسؤوليات الملقاة على عاتق القاضي على مستوى إحقاق الحق أو ملاحقة أو محاسبة المرتكبين إنّما هي مسؤوليات جسامٌ والتصدّي لها ليس بالأمر الهيّن وفق ما تؤكد القاضية كنعان التي تشدّد على أهمية الجدّية والصرامة وحسن التصرف، ما يمكّن المرأة القاضية من أداء الدور الملقى على عاتقها بنجاح تام، يكاد في بعض الحالات يتجاوز نجاح زملاء لها من بين الرجال.

 

دور مُنتظَر
المجتمع اللبناني كأي مجتمع حديث ومعاصر لم يعد يميّز بين المحامي الامرأة والمحامي الرجل، أو بين القاضي الامرأة أو القاضي الرجل، فهي أضحت صنوًا له في هذين المجالين وفي سائر مجالات العمل. ويُنتظر من المرأة اللبنانية أن تؤدي واجبها على أكمل وجه لكي تنهض وزميلها الرجل معًا وسويًا برسالتَي المحاماة والقضاء، لتكون في ذلك مثل كل امرأة دخلت المعتركات المهنية وأثبتت بجديّتها وعلمها واحترامها لواجباتها ووعيها لأهمية دورها، أنّها تستطيع أن تقدّم لمجتمعها ما يستطيع أن يقدّمه الرجل بل أكثر.