- En
- Fr
- عربي
مواسم وخيرات
شجرة سخية تحب الشمس والأعالي
يستهلك لبنان سنويًّا أكثر من 6 آلاف طن من الكستناء يستوردها من الخارج. فهذه الزراعة حديثة عندنا وإنتاجها لا يتجاوز الـ 100 طن سنويًّا. لكن المردود المرتفع الذي توفّره زراعة الكستناء يفتح لها آفاقًا واسعة مستقبلًا، خصوصًا أن أشجارها لا تحتاج إلى كثير من الجهد والعناية مقابل غلّتها السخية.
«شجرة الخير» فاكهة الشتاء
الإسم العلمي للكستناء هو «Aesculus Hippocastanum»، وقد عرفت في الماضي باسم «شجرة الخير» و«فاكهة الشتاء» و«أبو فروة» وغيرها من التسميات.
قبل اكتشاف القمح استخرج القدماء من ثمارها الدقيق الطيب المذاق فخبزوه واقتاتوا منه، وقد ظلّت الكستناء الغذاء الرئيس لكثير من الشعوب، إلى أن تمّ اكتشاف البطاطا وانتشرت زراعتها في أوروبا في القرن الثامن عشر.
الكستناء معروفة منذ القدم في اليونان، ويقول البعض أن موطنها تركيا، بينما يرى آخرون أن موطنها الأصلي هو إيران ومنه انتقلت إلى اليونان.
تنتشر أشجار الكستناء في تركيا وأرمينيا وجورجيا وأذربيجان وإيران وأفغانستان وباكستان، وفي سوريا وقبرص ولبنان وفلسطين واليمن وعمان، كما تنتشر في بعض دول أوروبا كاليونان والبلقان وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، وفي الصين واليابان وأميركا ودول شمال أفريقيا.
تعيــش شجــرة الكستنــاء بصــورة طبيعيــة في المناطــق الجبليــة لأنهــا تتحمّــل البــرد والصقيـع والثلــوج في فتــرة السكون، كما تتحمّل أشعة الشمس والحرارة العالية. وهي شجرة متساقطة الأوراق، مقاومة للجفاف والرطوبـة، وإلى حد ما، للآفــات الزراعية.
أصناف الكستناء والشروط البيئية المناسبة لزراعتها
تنتمي شجرة الكستناء إلى مجموعة أشجار الجوزيات مثل البندق والفستق الحلبي واللوز والجوز والبلوط. وتتميّز ثمارها بغلافها الخشبي. وهي تتوزّع على 4 أصناف رئيسة: الأوروبية والصينية واليابانية والأميركية، علمًا أن الصنف الأوروبي هو الأفضل لأنه مقاوم للجفاف والآفات ويتأقلم بسرعة مع طبيعة بلادنا وتربتها.
تحتاج أشجار الكستناء إلى فترة سكون في فصل الشتاء لا تقل عن أربعة أشهر يرافقها صقيع وثلوج وانخفاض درجات الحرارة إلى أقل من 5 فوق الصفر، وهي تتحمّل درجة حرارة منخفضة حتى 30 درجة مئوية تحت الصفر. أمّا في فصل الربيع، حين تكون الشجرة في طور تفتّح البراعم، فإن الصقيع يؤذيها. وهي تنمو وتنتج بشكل أفضل في السنوات الحارة صيفًا.
تتطلّب زراعة الكستناء تربة عميقة وغنية بالمواد الغذائية وذات رطوبة مرتفعة نسبيًا، جيدة الصرف وقليلة الحموضة. وتناسبها التربة الرملية أو الصوانية، بخلاف الكلسية والقلوية وقليلة العمق.
في ما خصّ الضوء تحتاج أشجار الكستناء إلى أشعة الشمس المباشرة ولذلك يجب أن تكون متباعدة نسبيًا، كي لا تتشابك أغصانها وتمنع وصول أشعة الشمس إليها بالقدر الكافي، ما يحدّ بالتالي من إنتاجها.
أما بالنسبة إلى الريّ، فأشجار الكستناء تحتاج إلى معدّل أمطار سنوي لا يقل عن 800 ملم. وحيث لا يصل تساقط الأمطار إلى هذا المعدّل، يجب ريّها في فصل الصيف.
تحتاج الكستناء أيضًا إلى التسميد ويفضّل العضوي منه (السماد الحيواني المخمّر على أنواعه) والنباتي (النباتات القرنية كالفول والعدس والحمّص والبازيلا والبرسيم وغيرها). هذه الأسمدة الحيوانية والنباتية، تساهم إلى جانب الآزوت، في الحفاظ على رطوبة التربة وفي تكاثر البكتيريا النافعة التي تفكّك المواد الغذائية وتحلّلها وتحوّلها فتمتصّها جذور الأشجار. توضع هذه الأسمدة خلال فصل الخريف حول جذع الشجرة على مسافة متوازية مع تفرّع أغصانها، في خندق يحفر بعمق 30 سم ليصبح هذا السماد قريبًا من الشعيرات الماصة لجذور الشجرة. أما استخدام الأسمدة الكيماوية فيقتصر على وضع العشرينات التي تذوب في مياه الري (بالتنقيط)، علمًا أن حاجة شجرة الكستناء متوسّطة الحجم وبعمر حوالى 40 عامًا هي 500 غرام من هذا السماد.
الشتول والغلال
يمكن زراعة الكستناء من حبّة الكستناء نفسها لكن الشجرة في هذه الحالة لا تثمر بصورة منتظمة إلا بعد بلوغها عمر 25 سنة. أما إذا كانت الأشجار مطعّمة ومن الصنف الأوروبي (Castanea Sativa)، فهي تثمر بانتظام بعد 4 سنوات، علمًا أن الشتول متوافرة في مختلف المشاتل.
لا تختلف زراعة الكستناء عن زراعة أي شجرة مثمرة أخرى، إلا أنّه يجب أن تتوافر في الحديقة أكثر من شجرة لضمان تلقيح الأزهار. ولا تحتاج هذه الشجرة إلى أي خدمات خاصة، فهي شجرة قوية، ما أن تستقر جذورها في الأرض حتى تبدأ بالنمو بوتيرة قوية. وحسب رئيس بلدية ترشيش (رئيس الجمعية الزراعية في هذه البلدة) السيد غابي سمعان، خصّصت قطعة أرض في ترشيش لتأصيل شتول الكستناء وتطعيمها وفق أحدث الطرق الأوروبية، حتى بات الإنتاج المحلي يضاهي بجودته المستورد من الخارج. ويوضح سمعان أن الكستناء شجرة معطاء، ومعمّرة، تنتج حوالى 500 كلغ في الموسم بعد اكتمال نموها، وجمع ثمارها سهل فحبّات الكستناء تتساقط على الأرض عند نضوجها من دون الحاجة إلى عمال للقطاف.
أخيرًا ينصح سمعان المزارعين باعتماد هذه الزراعة المتدنية الكلفة، والتي لا تحتاج إلا القليل من السماد العضوي والكيميائي.