كلمتي

الكلمة بالكلمة
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

يطلع بعض الأحباء الصحافيين على قرّاء البلاد من وقت لآخر، للتذكير ربما، أو بالعودة الى العادة القديمة... بظنون وأحكام ونتائج وافتراءات بحق المؤسسة العسكرية، تتناول أداء وحداتها أحياناً، وتعييناتها وتشكيلاتها أحياناً أخرى، وعقيدة أفرادها الوطنية والعسكرية في أحيان وأحيان. ويطرح هؤلاء أرقاماً وشروحات للدلالة على ما يزعمون. وتلك الأرقام والشروحات، كائنة ما كانت درجة «وهميّتها»، ترتبط بالنظام الداخلي للجيش، ويمنع التداول بها والإعلان عنها. فكيف تكون المؤالفة بين الحرص المزعوم على المؤسسة، وبين التعدي على أنظمتها وخصوصياتها يا ترى؟ وكيف تكون المؤالفة بين الإيمان بهذه المؤسسة، المعروفة بتنشئة أبنائها على عقيدة واحدة ورسالة جامعة، وبين ما يستشف منه المطالبة بحصص مستحيلة فيها؟

لقد بدأ قائد الجيش العماد جان قهوجي خطواته القيادية الأولى بلقاء مع الإعلاميين في وزارة الدفاع. إستمع اليهم، وخطب فيهم، ثم أزاح المنبر الذي كان يفصله عنهم وراح يخاطبهم فرداً فرداً، يحاورهم ويشير اليهم بالرجوع الى الجهات المختصة في القيادة للحصول على المعلومات الخاصة بالمؤسسة العسكرية، ووعدهم بالإستجابة لطلباتهم كافة، في حدود ما يسمح القانون بنشره، خصوصاً وأنهم يعرفون، كأبناء مؤسسات، أن لكلّ مؤسسة قانونها. إلا أن بعضهم، ممّن يميلون الى التفرّد، ولو على حساب الحقيقة، لا يقلع عن محاولة تعكير الماء من وقت لآخر، لعله أراد إثبات ديمقراطية هذا البلد، وحِرص جيشه عليها، وحمايته الدائمة لحرية كلمتها، وحقّها الطبيعي في التعبير، فاندفع يكتب على هواه من دون أن يحمل للعواقب هماً، أو يقيم للنتائج أي حساب.

إننا لا نريد أن يرد في بعض صحافتنا ما هو بعيد عن الحقيقة، ولا نميل الى أن نثبت تكرار مجافاة المسؤولية لدى بعض أقلامها. كما أننا لسنا في موقف التفتيش عن النقائص في صفحات ستكون في المستقبل الآتي جزءاً من تاريخ بلادنا، لا بل شطراً من تراثها. وقد يمرّ بها باحثو الغد والحيرة في عقولهم والإستغراب فوق عيونهم. سيقابلون ذلك مع ما سيقرأونه عن جيش الوطن في إنجازاته وتضحياته ووحدة أبنائه، وسيسألون: ما كان الداعي للتجريح القاسي والتلميح غير البريء؟ لمَ شكّك بعض صحافتنا، في الماضي، بمؤسسة وطنية هذا هو تاريخها على مرّ الزمن؟ ستعتب أجيال الغد على بعض أقلام صحافة الحاضر، وستطلب من مؤسستنا أن تستمر في السماح, فلقد جاء في الأمثال: المسامح كريم... وجاء أيضاً: ... إن القافلة تجري.