- En
- Fr
- عربي
تحت الضوء
تطرح إشكالية تدفّق اللاجئين السوريين إلى الأراضي اللبنانية، تساؤلات عديدة حول قانونية وجودهم وحقوقهم المشروعة كلاجئين في البلد الذي يلجأون إليه، وأيضًا تحديد واجبات الدولة تجاههم مع الكثير من القضايا الإنسانية والقانونية غير الواضحة في مجتمعنا.
إتفاقية اللاجئين العالمية
صدرت اتفاقية اللاجئين العالمية في العام 1951، وأعقبها بروتوكول العام 1967 التابع لها؛ والجدير بالذكر أن لبنان لم يوقّع على هاتين الوثيقتين المتعلّقتين باللاجئين وحقوقهم في بلد اللجوء، وبالتالي فإنه متحرّر من أي التزامات تجاههم كلاجئين، إلا أنّ ذلك لا يحرّره من التزامه القانون الدولي والإنساني، وعدم مخالفة التشريعات والأعراف الدولية التي تحمي الإنسان وتفرض تأمين الحد الأدنى من المستوى الحياتي له من قبل أي سلطة قائمة.
تقدّم الدولة اللبنانية للسوريين المدنيين الموجودين على أراضيها جميع المساعدات والتسهيلات وفق ما تسمح به الإمكانات، وهي تتعاون في هذا المجال مع المنظّمات والهيئات الدولية.
• من هو اللاجىء ومن هو الذي يستحق حقوق اللاجىء؟
- إنّه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، نتيجة خوفه من التعرّض للاضطهاد لأسباب عنصرية، أو دينية، أو قومية، أو اجتماعية، أو بسبب اعتناق رأي سياسي، وبالتالي فهو لا يستطيع بسبب ذلك الخوف، أو لا يريد أن يستظلّ بحماية ذلك البلد أو العودة إليه.
• ما هو الفرق بين اللاجىء والنازح؟
- اللاجىء هو الشخص الذي يغادر حدود البلد الذي ينتمي إليه، أما النازح فهو الشخص الذي ينتقل إلى مكان إقامة جديد، ولكنه يبقى داخل حدود أراضي دولته.
• هل باستطاعة الجندي أن يكون لاجئًا؟
- اللاجىء هو شخص مدني، والأشخاص الذين يستمرّون في المشاركة في أنشطة عسكرية، لا يمكن منحهم حق اللجوء.
• هل يستطيع الإرهابي أن يطلب حق اللجوء؟
- لا يستطيع الشخص الذي تثبت عليه المشاركة في أعمال إرهابية أن يطلب حق اللجوء الى أي بلد، وفي حال منح حق الإقامة في بلد ما، يبقى مطلوبًا للعدالة.
اعتبارات أخرى
1- إن صفة اللاجىء تطلق على الشخص نفسه ووحده فقط، ولا يستطيع أن يمنح هذه الصفة لأي من أفراد عائلته أو أقربائه.
2- تقع على عاتق الحكومات المضيفة، بشكل أساسي، مسؤولية حماية اللاجئين، ويجب الأخذ بعين الاعتبار عدم إرغامهم على العودة إلى بلادهم إذا كان الخطر على حياتهم لا يزال قائمًا، ولهؤلاء الحق باختيار العودة الطوعية أو الانتقال إلى بلد آخر إذا توافرت لهم الفرصة.
3- يعتبر الأشخاص الذين يدخلون بطريقة غير قانونية إلى أراضي أي بلد، لاجئين أيضًا إذا ما توافرت لديهم أسباب اللجوء.
4- تعتبر البلدان الـ 139 التى وقّعت على اتفاقية 1951، ملزمة تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية.
5- يجب على جميع الدول الموقّعة وغير الموقّعة على اتفاقية اللاجئين، أن تلتزم التمسّك بمعايير الحماية الأساسية التي تعتبر جزءًا من القانون الدولي العام.
6- لا تشمل هذه الاتفاقية الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم حرب، أو جرائم جسيمة غير سياسية خارج بلد اللجوء.
تاريخ اللجوء إلى لبنان
استقبل لبنان في مراحل تاريخه الحديث عددًا كبيرًا من اللاجئين، ليس لكونه يقع جغرافيًا في جوار البلدان التي أصابتها أزمات وحروب، بل أيضًا لوجود نقاط جذب أخرى ترتبط بخصائص موقعه، ونظامه السياسي والحرية الفردية فيه، إضافة إلى تركيبته الديموغرافية المتنوّعة، وقد بدأت دفعات اللاجئين بالدخول إلى لبنان منذ الحرب العالمية الأولى وعلى الشكل الآتي:
_ الأرمن، من العام 1915 حتى العام 1940: اندمجوا في المجتمع اللبناني وأصبحوا لاحقًا مواطنين لبنانيين. حاليًا يقدّر عددهم بحوالى 234 ألف شخص تتمركز كتلتهم البشرية الأكبر في منطقة برج حمود.
_ الفلسطينيون، من العام 1948 حتى العام 1970: دخلت أول موجة لاجئين بعد أحداث 1948 وقدّر عددهم بـ100 ألف شخص، والثانية بعد حرب العام 1967، وآخر موجة جاءت من مخيم اليرموك في سوريا بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت هناك. وقد أصبح عدد اللاجئين حاليًا وفق مصادر الأونروا 450 ألف فلسطيني، وهناك تقديرات أخرى تفيد بأن عددهم يفوق الـ500 ألف شخص.
_ العراقيون، من العام 2003 حتى العام 2008: دخلوا الى لبنان بعد الحرب في العراق، وقد وصل عددهم الى 50 ألفًا ثم تدنى تدريجيًا ليصبح حاليًا حوالى 10 آلاف شخص.
_ السوريون، من العام 2011 حتى العام 20014: بتاريخ 3 نيسان 2014، تمّ تسجيل النازح السوري الرقم مليون، ووفق إحصائيات الأمم المتحدة، يبلغ عددهم حاليًا 1.170.000 (مليونًا ومئة وسبعين الفًا)، وقد صدر قرار عن الحكومة اللبنانية بعدم تسجيل أي سوري بعد تاريخ 1/1/2015.
تعتبر الحكومة اللبنانية السوريين المدنيين الموجودين على الأراضي اللبنانية نازحين وليسوا لاجئين، وذلك لعدة أسباب:
- إن الأحداث الأليمة في سوريا تجري على أجزاء وليس على كل الأراضي السورية، وبالتالي هناك الكثير من الأماكن الآمنة الصالحة لاستقبالهم داخل حدود دولتهم.
- إن هذه الأحداث هي أحداث مرحلية ومن المفترض أن يعود الوضع إلى طبيعته بعد حين، بعكس ما حصل في فلسطين المحتلة.
التداعيات
• إنّ تداعيات بقاء النازحين السوريين في لبنان على المدى الطويل ستكون كارثية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية والأمنية، نظرًا إلى صغر مساحة لبنان وارتفاع كثافته السكّانية التي تعتبر من بين النسب الست الأعلى في العالم. ولذلك تتحاشى الحكومة اللبنانية منح السوريين صفة اللاجئين كي لا ينالوا حق إقامة دائمة على الأراضي اللبنانية.
• لقد أصبح ثلث سكان لبنان من اللاجئين والنازحين، وربعهم من السوريين، وفي هذا الخصوص، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس: «إنّ تدفّق مليون لاجئ على أي بلد هو أمر هائل، ولكن بالنسبة الى بلد صغير يعاني صعوبات داخلية كلبنان، فهو أمر مذهل». وأضاف: لقد أظهر الشعب اللبناني سخاءً ملفتًا، ولكنّ اللبنانيين يجدون صعوبة في التكيّف مع الوضع. يستضيف لبنان أكبر كثافة من اللاجئين في التاريخ الحديث، ولا يمكننا السماح بتحمّله هذا العبء بمفرده.
• هناك 170 ألف لبناني تأثّروا اقتصاديًا وأصبحوا تحت خط الفقر، و200 ألف فقدوا فرص عملهم أو أصبحوا عديمي الإنتاجية بسبب البطالة ومنافسة اليد العاملة السورية لهم.
• ارتفاع نسبة التلوّث بشكل كبير في الأرض والمياه الجوفية والأنهار والسواقي، خصوصًا في المناطق القريبة من تجمّعات اللاجئين السوريين.
• استهلاك كبير للموارد (كهرباء ومياه) من دون أي مقابــل مــادي للدولــة.
• ازدياد نسبة الجريمة (سرقات، قتل، دعارة...).
• حصول أحداث أمنية وأعمال إرهابية وتفجيرات روّعت المدنيين وزعزعت الاستقرار الداخلي.