- En
- Fr
- عربي
معًا نواجه
وسط مآسي الحرب وما تخلّفه يوميًا من مجازر ودمار غير مسبوق، تبرز في المشهد اللبناني المخضّب بدماء الأبرياء مؤشرات يمكن البناء عليها للمستقبل. من أبرز هذه المؤشرات التضامن بين اللبنانيين واحتضان بعضهم بعضًا، واندفاعهم لمواجهة الظروف القاسية بكل ما يملكونه من عزم وما يتميزون به من تمسّك بالقيم التي طالما كان لها موقع أساسي في حياتهم.
هذا التضامن الذي حوّل لبنان إلى ورشة لا تهدأ بهدف توفير الحاجات الأساسية لأكثر من مليون شخص اضطروا إلى مغادرة بيوتهم ومناطقهم، تجلّى بوضوح منذ اللحظات الأولى لتصعيد العدو الإسرائيلي اعتداءاته على لبنان. فعقب تفجير أجهزة ”البيجر“ كانت ردة الفعل العفوية والفورية إقبال الآلاف على التبرّع بدمائهم للمصابين معلنين تضامنهم بالدم، الأمر الذي استمرّ مع تصاعد العدوان وتوسّعه.
فقد لاقت حملة التبرع بالدم التي بدأت بعد تفجير أجهزة الاتصال تجاوبًا فاق التوقّعات بحسب المنسّقة في اللجنة الوطنية لنقل الدم الدكتورة ريتا فغالي التي أكّدت لمجلة «الجيش» أنّ هذا الإقبال أحدث ازدحامًا خانقًا على مداخل الطرقات المؤدية إلى المستشفيات، فضلًا عن احتشاد الشبان والشابات في مراكز الصليب الأحمر وفي الخيم الموزعة في المناطق لاستقبال المتبرعين الذين أثبتوا أنّ الوطنية توحّد اللبنانيين عند الصعاب، وأنّ التكاتف في المحن هو من أبرز السمات التي تميّـز مجتمعنا.
جدير بالذكر، أنّ وزارة الصحة كلّفت الصليب الأحمر اللبناني، في حالات الحرب والظروف الاستثنائية، تأمين مشتقات الدم للمستشفيات اللبنانية التي تستقبل المصابين في مختلف المناطق، وذلك لتفادي مشكلة التبرع الآني الذي يحصل تلبيةً لنداءات التبرع بالدم. فالدم الذي يُسحب من الفرد، لا يمكن الاستفادة منه إلا بعد مرور 6 إلى 7 ساعات، وبعد خضوعه لسلسلة من الإجراءات والفحوصات المخبرية.
لماذا يُعدّ التبرع بالدم أمرًا بالغ الأهمية؟
تشرح الاختصاصية في أمراض الدم ونقله وعضو اللجنة الوطنية لنقل الدم الدكتورة هنادي سماحة، كيف يُنقذ التبرع بالدم حياة عديدٍ من المرضى حول العالم، فيعالج الحالات الطبية الحرجة والعمليات الجراحية الصعبة بالإضافة إلى الإصابات على أنواعها. وتشير إلى أنّ منظمة الصحة العالمية تحثّ على التبرع بالدم بصورة تلقائية ومستمرة، وبذلك يكون متوافرًا لكل مريض أو مصاب في أي وقت يحتاجه.
فوائد التبرع بالدم لا تقتصر على من يحتاجون إليه وإنما تشمل أيضًا المتبرعين، إذ إنّه يُسهم في تنشيط عمل النخاع العظمي فيُـنتج خلايا دم جديدة تعود بفوائد صحيّة على المتبرّع. ووفق الدراسات، فإنّ مَن يتبرع بالدم لمرة واحدة على الأقل في العام هو أقل عرضة للإصابة بعديدٍ من الأمراض.
من يمكنه التبرع؟
يمكن لمن تُراوح أعمارهم بين 18و65 عامًا التبرع بشرط ألّا يقل وزنهم عن 50 كيلوغرامًا، وأن يكون مستوى الهيموغلوبين لديهم كافيًا لإتمام هذا الإجراء. وتنصح الدكتورة سماحة المتبرعين بتناول الطعام والإكثار من شرب السوائل والعصير قبل سحب الدم.
أمّا عن إجراءات التبرع، فتوضح أنّ الممرضين والتقنيين في مراكز التبرع، يسجّلون معلومات شخصية عن المتبرعين تشمل وضعهم الصحّي الحالي وتاريخهم المرضي، إلى معلوماتٍ عن الأمراض الوراثية وغير الوراثية التي يمكن أن يعانوا منها. ويُستثنى من الإجراء كل مَن لا يستوفي الشروط المطلوبة.
لا يُنقل الدم المتبرَّع به كاملًا للمريض، بل يتلقى أحد مكوناته أو عددًا منها بحسب الحاجة وقد تكون خلايا دم، بلازما أو صفائح دموية. وتخضع العيّنات لتحاليل دقيقة في مختبرات الدم للتأكد من خلوّها من الأمراض الخطيرة مثل نقص المناعة المكتسبة، والتهاب الكبد «ب» و«ج» وغيرها، وتُتلف العينات المصابة تلقائيًا. وبعد إجراء اختبارات توافق وحدات الدم بين كل من المتبرع والمريض، يمكن نقل الدم بطريقة سليمة وآمنة.
بعد التبرع، يمكن للفرد أن يزاول نشاطه المعتاد باستثناء النشاطات الشاقة والتي تتطلب جهدًا زائدًا. كما يمكن التبرع مجددًا بعد شهرين تقريبًا، على ألّا تتخطى عمليات التبرع ست مرات سنويًا للرجال وأربعًا للنساء.
الممنوعون من التبرع بالدم
الممنوعون من التبرع بالدم هم:
- النساء الحوامل.
- المصابون بالزكام، الحمى أو الالتهابات المختلفة.
- من يعانون فقر الدم.
- من أُجريت لهم عمليات جراحية أساسية.
- من يعانون الأمراض الحادة أو المزمنة حتى لا يعرّضوا حياتهم أو حياة المستفيدين للخطر لفترة محددة حتى يصبحوا معافين تمامًا، أو لمدى الحياة إذا استمرت الحالة المرضية. ومن بين هؤلاء مرضى السرطان وارتفاع ضغط الدم، ومرضى القلب والرئة والكلى والأمراض المنقولة جنسيًا، ومن سافروا إلى بلاد تستوطن فيها حالات العدوى المنقولة عن طريق البعوض كفيروس زيكا، والملاريا، وغيرها من الأمراض المعدية.