الإعلام الأمني

المؤسسة العسكرية تفي بوعد الاقتصاص من الإرهابيين
إعداد: داود رمال

«لن ننساهم أبدًا» عبارة يردّدها العسكريون من كل الرتب عند ذكر شهداء الجيش الذين ارتقوا في ساحات الشرف، وهي تختزن عهدًا ووعدًا بحفظ الدماء التي ما افتدت إلا الوطن، ومتابعة مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، مع التأكيد على حتمية القصاص العادل والرادع لمن تجرأ على المسّ بهيبة المؤسسة العسكرية وقدسيتها وكان سببًا في إزهاق الأرواح الطاهرة.


إثر معركة «فجر الجرود» التي خاضها أبطال الجيش اللبناني ببسالة وجرأة وإقدام منقطع النظير، وانتهت إلى انتصار واضح وحاسم على الإرهاب وتطهير الأرض اللبنانية من شروره، ربما ظنّ الإرهابيون جماعات وفرادى متربصين شرًا بالوطن ومختبئين في أوكارهم إلى حين تسنح لهم الظروف بمعاودة إجرامهم، أنّ المعركة انتهت والصفحة طُويت والإفلات من العقاب بات ممكنًا. وربما خُيّل إلى هؤلاء أنّ الوعد والعهد اللذين قطعهما على نفسه قائد الجيش العماد جوزاف عون بأنّه والمؤسسة العسكرية لن يهدأا أو يستكينا حتى الاقتصاص من كل الذين اعتدوا على الجيش ومارسوا الإجرام غير المسبوق بحق الضباط والرتباء والعسكريين، ما هي إلا شعارات غير قابلة للتحقق. غير أنّ مسار التطورات أثبت أنّ الجيش بعدما انتصر في هذه المعركة التي أبهرت الشقيق والصديق والعدو، انتقل إلى المعركة الأصعب والمتمثلة في إخراج «الجرذان الإرهابية من أوكارها وسباتها»، وإلقاء القبض عليها وإحالتها إلى القضاء المختص لتنال القصاص الذي تستحقه.
من يومها لم يغمض للجيش جفن، أبقى العيون مفتوحة على مدار الساعة، مستخدمًا كل الوسائل المتاحة في عملية رصد وتتبع دؤوبة، فبدأت المجموعات الإرهابية النائمة كما «الذئاب المنفردة» تتهاوى وتسقط في قبضة الوحدات النوعية والخاصة في مديرية المخابرات في الجيش، وأخذ الوعد والعهد بالاقتصاص يتراكم إنجازات متتالية، وبدأت عمليات سَوق الإرهابيين الذين اعتدوا على الجيش وشاركوا في القتال ضده وسفكوا الدماء، تتصاعد يومًا بعد آخر. فمهمات الجيش المتعددة في الداخل لحفظ الأمن والاستقرار وصون الحريات، وعلى الحدود في مواجهة العدو الإسرائيلي وخلاياه الاستخباراتية، لم تشغله عن الاستمرار في مواجهة العدو الإرهابي وتنظيف الوطن من خلاياه وأفراده.
 
إنجاز جديد
في جديد عمليات اقتلاع الإرهاب من لبنان، حققت مديرية المخابرات في الجيش إنجازًا على هذا الصعيد، من خلال الإيقاع بأحد الارهابيين المشاركين في الاعتداء على الجيش اللبناني. وفي التفاصيل التي تتفرّد «الجيش» بنشرها، تبين أنّه بتاريخ 4 شباط 2020 أوقفت دورية من فرع مخابرات البقاع في الجيش، السوري محمود أكرم رحمة للاشتباه بانتمائه إلى التنظيمات الإرهابية، وبالتحقيق معه لدى الفرع المذكور أفاد عن عدد من السوريين، كاشفًا مدى تورطهم بجرائم مرتبطة بالتنظيمات الإرهابية، فتمّ توقيفهم من قبل الفرع المذكور وسُلّموا إلى مديرية المخابرات في اليرزة للتوسع معهم بالتحقيق.

 

بطاقة إرهابي
من هو الإرهابي السوري محمود أكرم رحمة؟ إنّه من مواليد العام 1998، القصير، ورقم قيده 166، القصير، والدته رابعة. بين العام 2013 ومنتصف العام 2014 انتمى في سوريا إلى عدة مجموعات تابعة لما يُسمّى بـ«الجيش السوري الحر»، كما انتمى إلى مجموعة الإرهابي السوري «ابو علي التويني» في جرد ميرا، التي كانت تابعة لما يسمى عماد جمعة «لواء فجر الإسلام» والتي بايعت تنظيم «داعش» الإرهابي.
أخطر اعترافات الإرهابي رحمة مشاركته إلى جانب مجموعته في معركة عرسال بالهجوم على حاجز المصيدة، وتنفيذ حاجز لإعاقة تقدّم وحدات الجيش اللبناني. وبعد معركة عرسال، وبتكليف من الإرهابي التويني، أقدم برفقة عدد من عناصر مجموعته على خطف شخص من بلدة عرسال يعمل لمصلحة الأجهزة الأمنية، فاقتادوه إلى الجرود وتمّ التحقيق معه من قبل الإرهابي التويني ثم أخلي سبيله.
اعترف رحمة أيضًا بتعاطيه حبوب الكبتاغون، وخلال التحقيق معه لدى فرع مخابرات البقاع زوّد المحققين أسماء سوريين متورطين بأعمال إرهابية ومشبوهة وفق الآتي:
- فادي القاعود: علِم رحمة من السوري حسن القاعود، وهو كان ينتمي معه إلى إحدى المجموعات الإرهابية في سوريا، أنّ شقيقه فادي يعمل في تجارة الأسلحة والذخائر الحربية.
- مصطفى الزهوري: التحق بعد أسبوع من معركة عرسال ولفترة قصيرة بمجموعة الإرهابي التويني.
- عمر عمار: اعترف رحمة بأنّه كان يشاهده في عرسال وبحوزته مسدس حربي نافيًا معرفته إذا كان المذكور يعمل في تجارة الأسلحة أو ينتمي إلى أي مجموعة.
- ناصر الهبال: من عناصر مجموعة الإرهابي رحمة التي بايعت تنظيم «داعش» الإرهابي، وشارك بعملية خطف شخص من داخل بلدة عرسال.
- خالد الصليبي: شرطي منشقّ، انتمى إلى مجموعة الإرهابي حلمو شمس الدين التابعة لما يُسمّى بـ«الجيش الحر» في يبرود.
 
الاعترافات أدت إلى توقيفات
استنادًا إلى الاعترافات التي أدلى بها الإرهابي رحمة في أثناء التحقيق معه لدى فرع مخابرات البقاع، نفّذ الفرع المذكور عمليات أمنية متعددة وتمكّن من توقيف جميع من أتى على ذكرهم، وهم:
• السوري فادي قاسم القاعود، والدته رجاء، مواليد العام 1984، القصير ورقم القيد 22، القصير.
• السوري مصطفى محمد الزهوري، والدته أديبة، مواليد 1991، القصير، رقم القيد 12، القصير.
• السوري عمر حافظ عمار، والدته خديجة، مواليد 1989، القصير، رقم القيد 201، القصير. اعترف بأنّه كان يحوز مسدسًا خلّبيًا اشتراه من السوري غسان عامر، وكان يحمله ويتجول به بهدف التباهي، ومنذ حوالى السنة أقدم على رميه على طريق البابين في عرسال خوفًا من توقيفه.
• السوري ناصر فواز الهبال، والدته صبحية العلي، مواليد 1991، صبيخان، رقم القيد 214، صبيخان. اعترف بانتمائه في منطقة وادي ميرا ولمدة ثلاثة أشهر إلى مجموعة الإرهابي أبو علي التويني التابعة لما يُسمّى بـ«لواء فجر الإسلام»، والتي بايعت تنظيم «داعش» الإرهابي، وبمشاركته بأعمال الحراسة، ومعركة عرسال، وبعد عدة أيام من المعركة وبتكليف من الإرهابي التويني، شارك مع آخرين بخطف شخص من عرسال ونقله إلى الجرود لاتهامه بـ«العمالة» للدولة اللبنانية.
• السوري خالد محمد ديب الصليبي، والدته فاطمة، مواليد العام 1989، بابا عمرو، رقم القيد 381، بابا عمرو. اعترف بأنّه شرطي منشقّ عن الدولة السورية، وبعد انشقاقه في العام 2013 انتمى لمدة شهر إلى مجموعة الإرهابي السوري حلمو شمس الدين التابعة لما يُسمّى بـ«الجيش الحر»، وكان مركزهم في مزارع ريما، من دون المشاركة بأي معركة.
وبناءً على اعترافات الإرهابي رحمة واعترافات من أورد أسماءهم، أُحيل الجميع مع الملف إلى القضاء العسكري المختص.

 

المزيد من الوقائع
في أثناء التحقيق مع الإرهابي محمود أكرم رحمة في مديرية المخابرات، فرع التحقيق في اليرزة، تبيّن أنّه يمتلك معلومات مهمة عن إرهابيين خطيرين شاركوا في قتال الجيش، إذ عُرِض أمامه الفيديو الذي انتشر سابقًا على مواقع التواصل الاجتماعي عن مبايعة الإرهابي عماد أحمد جمعة وما يُسمّى «لواء فجر الإسلام»، تنظيم «داعش» الإرهابي، فتعرّف على عدد من إرهابيي اللواء المذكور.
تُظهر هذه العينة الموجزة من التوقيفات والتحقيقات، حجم الجهد المبذول من قبل فروع مديرية المخابرات ومكاتبها، لتنظيف لبنان من الإرهابيين، من خلال استثمار الإمكانات المادية والبشرية المتوافرة، وعمل هذه المديرية بأضعاف مضاعفة لما يمكن أن تؤديه جيوش وأجهزة أمنية رسمية عالمية، وهي مستمرة في هذا الجهد بلا كلل ولا ملل، حاملة أمانة الشهداء وملتزمة القسم والعهد والوعد، وصولًا إلى وطن آمن يركن فيه المقيم والوافد إلى مؤسسة عسكرية وطنية تحميه من كل شر وسوء.