ورشة عمل

المسؤولية القانونية في الأعمال المتعلقة بالألغام
إعداد: ريما سليم

بعد سنوات من الجهود المضنية، يقترب الجيش اللبناني من تحقيق هدف تحرير الأراضي اللبنانية من الألغام والذخائر غير المنفجرة، ولم يعد بعيدًا اليوم الذي تغيب فيه نهائيًا الإشارات التي تحمل عبارة: "انتبه خطر ألغام". في المقابل تزايد الاهتمام بالمسؤولية القانونية في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام، خصوصًا مع تطور المفاهيم الخاصة بضمان سلامة العاملين في هذا المجال والمجتمعات المستفيدة على السواء. فمن يتحمّل المسؤولية القانونية في حال حدوث إصابات؟

 

هذه الإشكالية كانت موضوع ورشة العمل التي أقامها المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام في فندق هيلتون- حبتور برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون وفي حضور ممثلين عن رئاسة الحكومة اللبنانية والوزارات والمنظمات الوطنية والدولية المعنية، ومن بينها مركز جنيف الدولي لأنشطة إزالة الألغام للأغراض الإنسانية (GICHD).

عُقدت الورشة على مدى ثلاثة أيام وكانت تحت عنوان: "المسؤولية القانونية في الأعمال المتعلقة بالألغام"، وافتتحها مدير المركز الوطني للأعمال المتعلقة بالألغام العميد الركن جهاد بشعلاني ممثلًا قائد الجيش.  

وقد ناقش المشاركون خلالها السياسات القائمة والاعتبارات القانونية وآليات المساءلة في لبنان، وسعوا إلى تحديد الإطار المفاهيمي والتنظيمي لسياسة المسؤولية والتوافق على المقاييس والمعايير والعناصر الأساسية التي ينبغي إدراجها ضمن هذه السياسة في الأعمال الوطنية المتعلقة بالألغام في لبنان.

 

الهدف

تحدّث في الجلسة الافتتاحية العميد الركن بشعلاني الذي أشار إلى الخطر الداهم المتمثل في الأجسام غير المنفجرة بما تتضمن من ألغام وذخائر عنقودية وغيرها، لافتًا إلى وجود احتمال دائم لحصول الحوادث، سواء في أثناء العمل أو خارجه مع ما يترتب عنها من مسؤوليات معنوية ومادية. وأوضح أنّ ورشة العمل تسعى إلى وضع مسودة الإطار القانوني الذي من الممكن أن يشكل حجر أساس لجميع المشاركين في النشاطات المنفذة ضمن الأعمال المتعلقة بالألغام والمستفيدين منها، لفهم واضح حول أدوارهم وواجباتهم ومسؤولياتهم، علمًا أنّ هذه المسؤوليات معقدة ومتشابكة.

 

ثمار الجهود

كشف العقيد فادي وازن أنّه بحسب قاعدة البيانات التابعة للمركز فإنّ ٦٨% من حقول الألغام قد تم تحريرها، كما تم تحرير حوالى ٩١% من القنابل العنقودية، وحوالى ٨٩% من البقع الخطرة. ويبقى هناك  ٢٦،٧ كلم مربع قيد التنظيف، علمًا أنّ المسح الشامل كان قد بيّن وجود ١٥٠ مليون متر مربع من الأراضي الملوثة.

 

الإنصاف أم التعويض؟

وتتالت الجلسات فقدّم السيد Maarten Merkelbach عرضًا لـ "الدليل بشأن المسؤولية القانونية في تحرير الأراضي" الخاص بمركز جنيف الدولي لأنشطة إزالة الألغام للأغراض الإنسانيّة، متناولًا المفاهيم الأساسيّة، وأبرزها "واجب الرعاية" الذي يتطلّب التزام معايير الرعاية المعقولة في أثناء القيام بالأعمال التي تشكّل خطر إلحاق الضرر بالآخرين. كما تناول "واجب الرعاية وإدارة المخاطر" مشيرًا إلى أنّ الغاية من الإثنين هي التأكّد من توافر جميع التدابير المعقولة والعملية لإدارة الأحداث المتوقعة بشكلٍ معقول.  كذلك أوضح مفهوم المسؤولية القانونية، المتعلّقة بالأفعال أو حالات الإغفال التي يمكن أن تتسبب في إصابة أحد أو تؤدي إلى موته.

وأوضح أنّ التركيز على مساعدة الضحايا قد يؤدّي إلى تسهيل تسليم الأراضي وعملية تطهيرها بشكلٍ عام، وقد يقلّل من القلق والتردّد بشأن إضفاء الطابع الرسمي على التسليم، لأنّ اللّوم لن يُعتبر مسألة جوهرية في هذه الحالة.

وتناولت المحامية زينة جابر موضوع "المسؤولية القانونية في القانون اللبناني" فأكدت أنّ القوانين المتعلقة بأعمال نزع الألغام في لبنان لا تتطرق لمفهوم المسؤولية بشكلٍ كافٍ، لكنّها أشارت إلى تعريفات في هذه القوانين تتناول المسؤولية ويمكن تطبيقها في مجال نزع الألغام، كما تطرقت إلى موضوع التزام لبنان الحماية من تداعيات الألغام.

كذلك أُقيمت حلقات مناقشة لدراسة حالات مختلفة لحوادث ناتجة عن الألغام والأجسام غير المنفجرة وجرى تحديد المسؤولية في كل حالة عن طريق العثور على الخطأ والطرف المسؤول والإثبات بالحقائق والأدلة. وشمل برنامج الورشة أيضًا تصاميم سياسية وطنية للمسؤولية في الأعمال المتعلقة بالألغام، ونقاشًا حول مفهومَي الإنصاف والتعويض في أعمال نزع الألغام في لبنان وخياراتهما المتاحة، فضلًا عن مواضيع أخرى متصلة، بهدف تحديد الخطوات المقبلة واعتماد جدول زمني واقعي لوضع سياسة تحدد المسؤولية القانونية في الأعمال الوطنية المتعلّقة بالألغام في لبنان تراعي المعايير الوطنية والدولية.