المؤازرة الطبية

المستشفيات الميدانية لبّت نداء الاستغاثة
إعداد: جان دارك أبي ياغي

نتيجة الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت، خرجت أربعة مستشفيات خاصة عن العمل بسبب الأضرار الفادحة التي لحقت بها، وبرزت أزمة نقل الجرحى والمرضى من هذه المؤسسات إلى بعض مستشفيات العاصمة والجوار ما أثقل كاهلها. في هذا الوقت، تداعت الدول الصديقة والشقيقة إلى تقديم المساعدات الإنسانية والطبية لبيروت الجريحة للنهوض من جديد.

 

استقبل لبنان في اليوم التالي للانفجار خمسة مستشفيات ميدانية قادمة من قطر والمغرب والأردن وإيران وروسيا، ولاحقًا أرسلت إيطاليا بواخر على متنها مستشفى ميداني بهدف تخفيف العبء عن المؤسسات الاستشفائية ومساعدتها على إدارة الأزمة الصحية الناجمة عن الانفجار.

قامت مجلة «الجيش» بجولة ميدانية على هذه المستشفيات واطّلعت منها على الخدمات الطبية التي تقدمها.

 

قطر: مستشفيان لا مستشفى واحد

تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد، قدّمت دولة قطر بمؤسساتها الرسمية والشعبية مستشفيَيْن ميدانيَيْن إلى لبنان وذلك في إطار المساعدات والإمدادات الطبية التي تقدّمها قطر لإغاثة ضحايا انفجار مرفأ بيروت.

في غضون ثلاثة أيام تمّ تجهيز المستشفَيَيْن من قبل الفريق اللوجستي القطري، وُضِعَ الأول في ملعب مدرسة سيدة البشارة الأرثوذكسية المقابلة لمستشفى الروم ليكون في خدمة إدارتها بعدما تضرر كثيرًا وخرج عن العمل. المستشفى الميداني كناية عن قاعة مقفلة تحوي ٦٠ سريرًا وغرفًا خاصة للإنعاش والمراقبة وتجهيزات طبية وأدوية.

بعد الانتهاء من مرحلة الدمار والضغط المستمر على الجهاز الطبي في مختلف مستشفيات بيروت، سيتم الاستفادة من الهبة القطرية بتحويل المستشفى الميداني إلى مقر طبي خاص ومجاني، يستفيد منه أهالي المنطقة خصوصًا بعد الانتهاء من أزمة كورونا ومحنة بيروت الحالية.

أما المستشفى الميداني الثاني المقدّم من دولة قطر فهو متمركز في مرآب السيارات التابع للمستشفى اللبناني -الجعيتاوي. ولفت مدير المستشفى وعميد كلية الطب في الجامعة اللبنانية الدكتور بيار يارد إلى أنّ المستشفى يستوفي شروط ومواصفات الخدمة الطبية الإسعافية في الحالات الطارئة. يحتوي على ٥٠ سريرًا لإقامة قصيرة (أي يوم واحد) نظرًا لافتقاره إلى المنتفعات الصحية (الحمامات ودورات المياه)، إلا أنّه مبرّد ومجهّز بمولد كهربائي. كما يضم غرفة عناية مركّزة وقسمًا لعلاج مرضى السرطان، بالإضافة إلى مواد طبية وصيدلية أدوية.

ويشير الدكتور يارد إلى أنّ البعثة القطرية وضعت المستشفى في عهدة الجيش اللبناني قبل أن تغادر لبنان، وقد أصر العماد جوزاف عون على وضعه في تصرف مستشفى الجعيتاوي نظرًا إلى الضرر الكبير الذي لحق به من جرّاء الانفجار.

وأضاف: من المؤكد أنّ هذا المستشفى هو سند، بانتظار تطوير الخدمات الطبية فيه، خصوصًا في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها القطاع الصحي في لبنان.

في الختام، نوّه الدكتور يارد بالعلاقة المميزة التي تربط المستشفى بقيادة الجيش والتي تعود إلى أيام معركة نهر البارد عندما كانت طوافات الجيش التي تقل الجرحى تهبط مباشرة على سطح المستشفى بعد تجهيزه بمهبط لهذه الغاية خدمة للجرحى أولاً وللجيش ثانيًا. وشكر قائد الجيش على لفتته الخاصة تجاه مستشفى الجعيتاوي وإدارته، معربًا عن تقديره الجهود التي يقوم بها الجيش ويوظفها في كل الاتجاهات، خصوصًا في مناطق الانفجار.

بدورها، كررت رئيسة المستشفى الأخت هاديا أبي شبلي امتنانها للجيش واهتمامه بالمستشفى اللبناني الجعيتاوي، وتمنت أن ينفض لبنان الغبار عنه كطائر الفينيق من أجل قيامة جديدة. في هذا الوقت، صدر عن الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات وأعضاء مجلس إدارة المستشفى قرار بإعادة تشغيل المستشفى في أسرع وقت ممكن للمحافظة على الموظفين ومساندتهم لعبور هذه الأزمة بأقل ضرر ممكن.

 

تضامن مغربي لإغاثة بيروت المنكوبة

تأكيدًا لمشاعر التعاطف والتضامن مع لبنان إثر الانفجار الذي ضرب العاصمة بيروت، أرسلت المملكة المغربية مستشفًى ميدانيًا مع عدد كبير من الأطباء التابعين للقوات المسلحة الملكية المغربية في خطوة من شأنها أن تعوض قسمًا مما خسره القطاع الصحي والاستشفائي اللبناني في هذه المرحلة.

الإجراءات الأمنية عند مدخل المستشفى لكل من يزورها في الكرنتينا، لافتة، وهي تترافق مع الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا. بعد التأكد من صفتنا الصحفية، رافقَنا في الجولة العقيد الطبيب زنطار عزيز نائب مدير المستشفى وأستاذ جامعي في الجراحة العامة.

بعد عبور مدخل التفتيش الأمني، يضع المريض الماسك والقفازات ويرافقه أحد عناصر الأمن إلى العيادة المطلوبة حسب احتياجات المريض منعًا للاختلاط بسبب كوفيد ١٩.

 

جولة على أقسام المستشفى

يضم فريق العمل في المستشفى الميداني ١٠٠ شخص، من ضمنهم ٢٠ طبيبًا من تخصصات مختلفة (الإنعاش، الجراحة، العظام والمفاصل، الأنف والأذن والحنجرة، العيون، علاج الحروق، جراحة الأعصاب، طب الأطفال، وصيادلة)، بالإضافة إلى الممرضين المتخصصين والتقنيين. تبلغ الطاقة الاستيعابية للمستشفى ٦٠ سريرًا، ويشتمل على الخدمات الآتية الموزعة على شكل خيم طبية:

- الخيمة الأولى متخصصة في الطب العام، حيث كانت الدكتورة إلهام القوطي تعالج مرضى الانفجار وبخاصةٍ الذين يعانون مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، والربو، والاختناق، والأمراض الجلدية والحساسية... فقد ازدادت هذه الحالات بعد الانفجار، كما ازدادت المشاكل النفسية (القلق، التوتر،عدم النوم...).

- الخيمة الثانية هي قاعة العناية المركّزة والطوارئ، وفيها تحدثنا إلى الدكتور مصطفى الرافعي الذي أخبرنا أنّ هذه الخيمة مختصة باستقبال الحالات المستعجلة والطارئة، وتقديم العناية المركّزة للحالات الحرجة. وهي تستقبل يوميًا حوالى ٦ حالات حرجة وحوالى ٤٠ إلى ٥٠ حالة طوارئ.

- الخيمة الثالثة مخصصة لطب الأطفال، وقد أشار طبيب الأطفال عبد الإله الراضي إلى أنّ غالبية الحالات عند الأطفال بعد الانفجار هي حالات رعب وضغط نفسي وأوجاع في البطن والإمعاء وتبوّل غير إرادي. يتفاوت عدد الحالات التي تستقبلها الخيمة يوميًا بين ٥٠ و١٢٠ حالة.

- الخيمة الرابعة، متخصصة في طب النساء والتوليد.

- الخيمة الخامسة، تضم طب العيون وطب الأنف والأذن والحنجرة. في هذا المجال يقول طبيب العيون فؤاد العسري بأنّ غالبية الحالات التي تقصد الخيمة هي لمرضى عاديين وليست لمصابي الانفجار.

وأشار طبيب الأنف والأذن والحنجرة محمد علي جاهدي إلى أنّ مرضى الانفجار يعانون ضغط الأذن الناتج عن صوت الانفجار والذي يؤثر سلبًا على السمع.

- الخيمة السادسة، مخصصة لجراحة الدماغ والأعصاب وجراحة المفاصل والعظام. يتولى العلاج فيها أربعة أطباء من بينهم الدكتور جلال بو خريس (طبيب جراحة عظام ومفاصل) الذي صنّف المرضى الذين يعاينهم إلى صنفين: الصنف الأول هم ضحايا انفجار بيروت الذين يعانون جروحًا عميقة وكسورًا تستدعي غالبًا عمليات جراحية. والصنف الثاني هم مرضى العظام والمفاصل الذين تعذّر عليهم الاستشفاء في المستشفيات الخاصة بسبب الضغط الذي تعانيه أو لأنّها خارج الخدمة.

- الخيمة السابعة لفحص الأشعة، يتولى ممرض تقني هذه المهمة، وفي أثناء زيارتنا للخيمة كانت طفلة من سكّان برج حمود تخضع للفحص وقد أصيبت بكسر في يدها من جرّاء الانفجار.

- الخيمة الثامنة، عبارة عن مختبر لفحص الدم، وفيها التقينا الملازم عبد الحق الخزرجي (تقني مختبر) الذي قال بأنّ المختبر يقدم جميع أنواع التحاليل الطبية (العادية والمناعية).

- الخيمة التاسعة، تقع فيها غرفة العمليات الجراحية، وهي مجهزة بأحدث التقنيات لهذه الغاية.

- الخيمة العاشرة، اختصاصها الجراحة التقويمية والتجميلية. تتكفّل بمتابعة علاج الذين تعرّضوا لجروح بالغة إثر الانفجار أدّت إلى تشوهات تستوجب إجراء جراحة تجميلية. يجري الدكتور أمين خالص (أستاذ جامعي في كلية الطب في الرباط) عمليتي تجميل إلى ثلاث يوميًا، لأشخاص من مختلف المناطق اللبنانية.

صادفنا السيدة مريم عبد الساتر وابنتها وهما من ضحايا انفجار المرفأ، وقد أصيبتا بجروح في منطقة الكرنتينا وجاءتا إلى المستشفى الميداني المغربي لتلقي العلاج، وشكرتا الطاقم الطبي على الاهتمام بهما.

- الخيمة الحادية عشرة تضم قاعتي استشفاء، واحدة للنساء والثانية للرجال، وتستقبل كل واحدة حوالى ١٥ مريضًا يوميًا.

- الخيمة الثانية عشرة، خاصة بجراحة الأحشاء.

- الخيمة الثالثة عشرة، مستودع أدوية ومستلزمات طبية.

- الخيمة الرابعة عشرة خاصة بالصيدلية، وتحتوي كل أنواع الأدوية، وتوزّع مجانًا.

في ختام الجولة، التقينا بفتاة تدعى لارا ربيع الشمالي من مدينة بعلبك. لارا أصيبت بتمزق رجلها بسبب سقوطها في أثناء مساعدتها ضحايا الانفجار. وهي تتلقى اليوم العلاج المناسب في المستشفى الميداني المغربي.

قبل المغادرة، وصل مدير المستشفى العميد الطبيب شاغار القاسم الذي شدّد على أنّ الهدف من هذا المستشفى هو تقديم خدمات طبية علاجية تعود بالفائدة على اللبنانيين المصابين من جراء انفجار مرفأ بيروت، ومساعدتهم على تجاوز تداعيات الانفجار. ونوّه بالعلاقة المميزة التي تربط الشعب اللبناني بالشعب المغربي مشيرًا إلى أنّ المستشفى باقٍ ما دام لبنان بحاجة إليه، وإلى أن تتحسّن أحوال المستشفيات الخاصة المتضررة. ثم شكر الجيش اللبناني على حفاوة الترحيب والتعاون.

 

الأردن: خدمات طبية للمدنيين والعسكريين

إيمانًا منها بدورها الإنساني في مساعدة الدول ودعمها خلال الأزمات والحوادث والكوارث الطبيعية، وبتوجيهات من جلالة ملك الأردن عبدالله الثاني بن الحسين، أوعز إلى مديرية الخدمات الطبية بإرسال مستشفى ميداني عسكري من الدرجة الثالثة لمساعدة لبنان الشقيق في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها عقب انفجار المرفأ.

منذ لحظة الوصول إلى الأراضي اللبنانية، باشرت الكوادر الفنية بإنشاء المستشفى العسكري وتجهيزه في منطقة «تل الزعتر» - الدكوانه لتأمين الخدمات الطبية للمدنيين والعسكريين بالتنسيق مع الطبابة العسكرية في الجيش اللبناني.

 

زيارة ميدانية

كما في كل المستشفيات الميدانية كذلك في المستشفى الأردني إجراءات أمنية عند المدخل مع إلزامية التقيد بوضع الكمامة والقفازات والمحافظة على التباعد الاجتماعي في ظل انتشار فيروس كورونا.

في البداية، التقينا الملازم أول في الجيش اللبناني الطبيب جميل مراد (طب عام) الذي تحدّث عن الإجراءات الأولية المتّبعة في المستشفى الميداني. عند وصول أي مريض يتوجه إلى غرفة تصنيف المرضى حيث يتم تسجيل الأسماء في سجل خاص بالمدنيين وآخر للعسكريين. بعد ذلك يُجيب المريض عن عدة أسئلة تتعلق بعوارض فيروس كورونا، وفي حال الاشتباه بإصابته يُمنع من الدخول إلى المستشفى منعًا للاختلاط بالآخرين ويحوّل إلى حيث يجب وفق الطرق المعتمدة.

بعد ذلك يدخل المريض عيادة الطوارئ، وهي الخطوة التالية، حيث يعاينه طبيب الطوارئ قبل تحويله إلى الطبيب المختص.

ثم التقينا مدير المستشفى الميداني العقيد فراس الصقار الذي أشار إلى أنّ الهدف من هذا المستشفى هو الإسهام في إدارة الكوارث الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت. ولغاية كتابة هذه السطور، تعاملت طواقم المستشفى الميداني الأردني مع نحو ١٥٠٠ حالة مرضية وإصابة راوحت جميعها بين خفيفة ومتوسطة، من بينها ٥٠٠ حالة من آثار الانفجار حيث نتابع علاجهم وتضميد جراحهم بعدما تلقوا العلاج الفوري في المستشفيات اللبنانية. وأضاف: منذ اللحظة الأولى لوصول طواقم المستشفى إلى بيروت وهي تقدم جميع أنواع الخدمة الجراحية والطبية اللازمة للتخفيف من معاناة اللبنانيين. وبعد احتواء تداعيات الانفجار، يقدم المستشفى اليوم خدمات طبية غير جراحية، وهذا في صلب واجبنا الطبي أيضًا. ونوّه بالارتباط القائم بين الجيشين اللبناني والأردني وحسن التنسيق بين الفريقين لنجاح المهمة.

 

أفضل الخدمات الطبية

أوجز الدكتور صائب مستريحي تجهيزات المستشفى الميداني الذي يتميز بالتخصصات الجراحية الرئيسة منها والفرعية، وبالقدرة على إجراء العمليات الصغرى والكبرى. كما يتميز بقدرته على تشغيل نفسه بنفسه وبعدد الأطباء الذي يتجاوز الـ ٤٠ طبيبًا من بينهم ١٨ طبيبًا من مختلف الاختصاصات الجراحية (جراحة قلب وشرايين، جراحة مسالك بولية، جراحة أطفال، جراحة تجميل، جراحة أعصاب...). يستوعب المستشفى ٤٨ سريرًا، و١٨ سرير عناية فائقة (ICU) وإنعاش، وهو مجهز بغرفتَي عمليات تتولى تشغيلهما طواقم طبية وتمريضية وصيدلانية وفنية وإدارية متخصصة. كما يضم المستشفى: عيادات خارجية، قسم أشعة، مختبرًا، قسم تعقيم، وأقسامًا للرجال والنساء.

من بين زوّار المستشفى الذين يتلقون العلاج سيدة مسنّة تعاني ضيقًا في التنفس وحساسية في الصدر ووجعًا في ركبتها. بعد إجراء صورة الأشعة لها تبين أنّها تعاني ترققًا في العظام وهي تتابع العلاج في المستشفى الميداني براحة تامة، وقد استفادت من الخدمة الطبية المجانية، وشكرت الفريق الطبي المشرف على حسن المعاملة.

 

إيران: هبة لمعالجة جرحى انفجار بيروت

في إطار المساعدات الدولية لإغاثة ضحايا انفجار بيروت، قدّمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية للبنان مستشفًى ميدانيًا وضعته في خدمة الشعب اللبناني ولمؤازرة القطاع الاستشفائي في مواكبته لتداعيات الانفجار.

 

قدرة استشفائية عالية

أهمية هذا المستشفى المتمركز في المجمّع الجامعي في الحدث هي في قدرته الاستشفائية العالية. في جولة داخل أقسام المستشفى مع مسؤول الجسم الطبي الدكتور أحمد السيد علي (طبيب صحة عامة) أكّد أنّ الهدف منه مؤازرة القسم الطبي في لبنان وهو باقٍ لتقديم المساعدة للشعب اللبناني. وقال بأنّ المستشفى حاليًا تحت إشراف وزارة الصحة بعد أن افتتحه الفريق الإيراني وعمل فيه لمدة أسبوع قبل المغادرة. وأشار إلى أنّ الفريق الطبي مؤلف من ٢٥ طبيبًا متطوّعًا من مختلف الاختصاصات (أمراض داخلية، جراحة عامة، صحة عامة، طب أطفال وطوارئ) إضافة إلى الممرضين. كما يناوب أطباء قلب بشكل دائم جاءوا من كل المستشفيات اللبنانية بدءًا من الهرمل وصولاً إلى بنت جبيل.

يحتوي المستشفى على قسمين للاستشفاء: قسم للرجال وآخر للنساء لتقديم علاج ليوم واحد فقط لأنّ المستشفى يعمل لغاية الساعة الخامسة بعد الظهر، مع مراعاة التباعد الاجتماعي حيث يتم فرز المرضى وتشخيص الحالة قبل تحويلها إلى الطبيب المعالج.

يتسع المستشفى لـ ٢٠ سريرًا، ويستقبل يوميًا حوالى ٢٠٠ حالة كان معظمها من مرضى الانفجار الذين يعانون كسورًا أو حروقًا، قبل أن يفتح المستشفى أبوابه لكل اللبنانيين من جميع المناطق وللنازحين السوريين. يضم المستشفى عيادات وغرفًا للمرضى، بالإضافة إلى غرفتي عمليات مجهزتين لإجراء العمليات الجراحية المتوسطة والطارئة والملحّة، ومستودع للأدوية، وصيدلية متخصصة فيها جميع أنواع الأدوية التي يحتاجها المريض العادي وبعض أدوية الأمراض المزمنة (ضغط، قلب وسوى ذلك).

 

التمريض رسالة إنسانية

وعد الطاقم الطبي التمريضي في المستشفى الميداني الإيراني باستمرار عمله حتى إنجاز المهمة وهم مستعدون دائمًا للمساعدة متى دعت الحاجة. هذا ما أكّده بعض مَنْ التقيناهم في هذه المقابلات:

• الممرضة المتطوعة إيلينا العلي (طالبة تمريض في كلية الرسول الأعظم): تعلمنا على مقاعد الدراسة الجامعية أنّ مهنة التمريض واجب إنساني لا يميز بين الأشخاص حتى ولو كنا نؤديها من دون مقابل. لقد تطوعت في هذا المستشفى لأكون في خدمة ضحايا انفجار بيروت وكل مريض بحاجة إلى العلاج، ما أكسبني خبرة في مجال تخصصي تُضاف إلى المعرفة التي أكتسبها على مقاعد الدراسة.

• الممرض المتطوع علي مصطفى (طالب تمريض في كلية الرسول الأعظم): بعد مشهد الدمار الذي حلّ بمرفأ بيروت ناداني الواجب لأضع خبرتي في خدمة الإنسانية ومساعدة ضحايا الانفجار والوقوف إلى جانبهم. وقد اكتسبت خبرة إضافية من خلال معالجة حالات جديدة ترفع من مستوى الشهادة الجامعية.

المواطنون الذين التقيناهم في قاعة الانتظار عبروا عن شكرهم لما تقدمه إيران في إطار دعم لبنان ومساندته خصوصًا في المجال الطبي، ونوّهوا بالخدمة الطبية الجيدة وحسن المعاملة.

 

روسيا: الاستجابة الفورية

فور وقوع الكارثة، أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنها سترسل إلى بيروت ٥ طائرات مع مستشفى متنقل وأطباء ورجال إنقاذ ومختبرًا للكشف عن الإصابات بفيروس كورونا ولتقديم المساعدة العاجلة لمتضرري انفجار بيروت. والمستشفى الروسي هو أول مستشفى ميداني وصل إلى لبنان بعتاده وعديده، وبدأ باستقبال المصابين في الباحة الخارجية للمدينة الرياضية، ومساعدة جرحى الانفجار وحالات مرضية أخرى، قبل أن يغادر في وقت لاحق.

تضمن المستشفى فريقًا طبيًا متخصصًا في الحالات الحرجة والطب العام، وطب الأطفال، والأمراض والمشاكل النفسية للكبار والأطفال، وأمراض القلب، والرضوض والجراح، فضلًا عن مختبر لتشخيص الكورونا (كان يقدّم ٦٠٠ فحص في اليوم).

 

إيطاليا: فريق عسكري ومدني

بعد إطلاق عملية الإغاثة الإنسانية، أرسلت الدولة الإيطالية المستشفى الميداني الذي يضم فريقًا عسكريًا متخصصًا، وقد تمركز في حرم الجامعة اللبنانية في الحدث.

يقدم المستشفى خدمات الرعاية الصحية لمساعدة الشعب اللبناني وتلبية حاجاته بعد الانفجار الكبير. وتم رفده بكوادر طبية وفنية وتمريضية إيطالية متخصصة في عدة مجالات (الطب النسائي وطب الأطفال إلى جانب استحداث عيادة للجراحة). سعة المستشفى تصل إلى ١٦ سريرًا، وبمقدوره تقديم الخدمات الصحية لـ ١٠٠ مريض يوميًا في كل الاختصاصات.

 

أرقام

بلغ العدد الإجمالي للمستفيدين من خدمات المستشفى الميداني العسكري للمملكة المغربية حتى تاريخ ١٠ آب، ٣٠٧٣ شخصًا تلقوا ٦٧٠٣ خدمة طبية. أما العمليات الجراحية التي أجريت خلال العشرة أيام الأولى من عمل المستشفى، فبلغت ٥٢ عملية من بينها عمليات أجريت تحت التخدير الكامل.