متقاعد يتذكر

المعاون الأول المتقاعد منير حيدر احمد:
إعداد: باسكال معوض بو مارون
تصوير: العريف فادي بيروتي

في المؤسسة العسكرية اكتشفت كنوزاً محورها الوطنية والشهامة والرجولة

جمع الحياة العسكرية مع الحياة الفنية، فالموسيقى والجيش كانا يجريان في دمه كما كرياته، لذا لم يتوانَ منير علي حيدر أحمد عن حمل موسيقاه والتوجّه الى الثكنة العسكرية ليقدّم لوطنه، على طريقته الخاصة مساهمته في الدفاع عنه.
في هذه المحطة يتحدث عن مسيرته العسكرية وذكرياته.

 

هو من مواليد العام 1942، ورغم سنونه الأربعة والستين، كانت ذكرياته العسكرية واضحة في عقله وقلبه، فحدثنا المعاون الأول المتقاعد منير علي حيدر أحمد عن بداياته في المؤسسة العسكرية قائلاً:
العام 1964 علمت عن طريق الصدفة، انهم يطلبون عسكريين للتطوع لصالح موسيقى الجيش... لم اصدق نفسي الاّ وأنا أمام وزارة الدفاع - التي كان مركزها آنذاك في منطقة المتحف - في صباح الثامن عشر من شباط حيث قدمت اوراقي وخضعت للامتحانات المطلوبة جميعها، وتمّ قبولي عنصراً في خدمة الجيش والوطن.
في ثكنة الحلو، حيث كان موقع موسيقى الجيش، خضعنا لدورة أغرار لمدة ثلاثة اشهر درسنا خلالها العلوم العسكرية والنظام المرصوص والمواد والعلوم المطلوبة للتأهل كي نصبح عسكريين في الجيش.
بعد انتهاء الدورة، بدأنا التمرّن على آلات الإيقاع ثم انتقلت مع فوج الموسيقى الى ثكنة الطرابلسي في بدارو، الاّ ان عملي لم يكن محصوراً بالمهمات داخل الثكنة بل تعداه الى مهمات كثيرة خارجها. فإضافة الى مهمة رفع العلم وإنزاله يومياً في المواقع العسكرية، البعيدة منها والقريبة، خدمنا في القصر الجمهوري حيث كانت مهمات التشريفات كثيرة نظراً للاستقبالات الرسمية العديدة.
ويكمل المعاون الأول المتقاعد قائلاً: في العام 1977 نقلت مع موسيقى الجيش الى ثكنة الفياضية، وبعد حوالى سنتين تمّ فصلي الى المدرسة الحربية وكنت رئيس حرس امام المدرسة، وبعدها بقليل تمّ تشكيلي الى اللواء الأول في ثكنة راشيا الوادي حيث بقيت حتى العام 1982 ايام الاجتياح الاسرائيلي.
العام 1984 خدمت في الكتيبة الثانية في منطقة الستاركو، وكانت مهمتنا حراسة الجامعة الأميركية في بيروت حتى العام 1989. بعدها عدت الى عملي كعضو في فرقة الموسيقى التابعة للواء السادس وتحديداً في نادي الضباط في ثكنة هنري شهاب، حيث خدمت طوال ست سنوات سرّحت في نهايتها (في الأول من كانون الثاني العام 1996)، مكملاً بذلك حوالى اثنين وثلاثين عاماً من الخدمة العسكرية، وخرجت برتبة معاون اول.
عن حياته العسكرية يقول المتقاعد حيدر أحمد: ان الحياة العسكرية «حلوي كتير»، وحلوها اكثر من مرّها بكثير، فأخوّة السلاح والحياة العائلية داخل الثكنة لا يمكن ان انساها ابداً.
في البدايات كنت كالجميع اخدم دوامين يومياً، الأول من الثامنة صباحاً وحتى الحادية عشر والنصف، لنعود في الثانية ونخدم حتى الخامسة والنصف بعد الظهر.
كنا نجتمع لنستمع سوياً الى برنامج الجندي الذي تبثّه الإذاعة اللبنانية لمدة محددة من كل يوم. وكنا نقضي اوقاتاً طويلة معاً لذا اصبحنا اخوة بكل ما للكلمة من معنى، نحرص على مصالح بعضنا البعض ونشارك الأفراح والأحزان، ونجتمع على حبّ المؤسسة والوطن.
ويختم المعاون الأول المتقاعد قائلاً: اثنان وثلاثون عاماً تقريباً تعلمت خلالها الانضباط وتحمّل المسؤولية واحترام القوانين والتقيّد بالنظام. فالجيش مدرسة تصقل الرجال وتجعلهم اشداء وشجعاناً ووطنيين. لذا شجعت ابني على الانخراط في هذه المؤسسة العريقة لأنني اعلم انه سيجد فيها ما سبق ان اكتشفته قبله: كنوز من الوطنية والشهامة والرجولة، وحياة كريمة، وشيخوخة مؤمنة، وذكريات حلوة.