- En
- Fr
- عربي
حورا مع متقاعد
المعاون المتقاعد الياس يونس من مواليد العام 1935, حلّ ضيفاً على صفحتنا, وكان الحوار معه مميزاً ومطعّماً بنكهة مزجت بين الماضي والحاضر, وبين عنفوان الشباب وحكمة المشيب.
استهل المعاون المتقاعد الياس يونس حديثه قائلاً: “منذ حداثتي رغبت بالإنخراط في الجيش, وعندما كنت تلميذاً قررت أن أحقق رغبتي هذه وأدخل السلك العسكري؛ إلا أنه في ذلك الوقت, لم يشجعني أحد بل على العكس أثبطوا عزيمتي قائلين أنني ما زلت صغير السن. لم أتراجع بل صممت أكثر فأكثر على قراري, وتوجهت مع أربعة من أصدقائي الى الفياضية حيث قدمنا أوراقنا وخضعنا للفحص الطبي... بعدها كانت المفاجأة, إذ تم قبولي وحدي من دون الأربعة الآخرين, وهكذا حققت طموحي وأصبحت في 22 شباط العام 1956 جندياً في الخدمة.
عند التحاقنا, تقرر إرسالنا الى فوج المشاة الخامس في ثكنة أبلح ومنها الى الحدود, إلا أننا وصلنا الى شتورة وعدنا بعدها أدراجنا حيث فصلنا الى سرية المصفحات الثالثة, وهي قطعة كانت قد استحدثت في الجيش.
في إطار التدريبات التي تلقيناها تابعت دورة في قيادة وميكانيك الآليات, وبنتيجتها حللت الأول بين المتبارين ونلت تهنئة اللجنة. على أثر ذلك تنقلت في مراكز عدة من بينها ثكنة صربا, حيث واكبنا تسلّم اللواء فؤاد شهاب سدة رئاسة الجمهورية.
في مطلع الستينات تم نقلي الى الشعبة الرابعة في وزارة الدفاع, وخلال تلك الفترة تعرّفت بفخامة الرئيس العماد إميل لحود الذي كان يومها برتبة ملازم أول, وخدمت معه حوالى 12 سنة.
بقيت في مركزي في مقر وزارة الدفاع نحو 22 عاماً, الى أن تم تسريحي في 31 كانون الثاني 1991 مع بلوغي السن القانونية, فعدت الى الحياة المدنية بعد أن أمضيت في كنف المؤسسة العسكرية أحلى سني عمري.
ومن ذكريات المعاون المتقاعد الياس يونس, حادثة حصلت معه في العام 1975 وكان مركزه يومها في مقر الوزارة, يروي الحادثة قائلاً: اشتد القصف في إحدى الساعات, فهرع الجميع الى مراكزهم, بينما تركّز القصف على نقطة كانت فيها إحدى سيارات الجيب العسكرية التي تحتوي على التغذية لعديد الموقع. وكان من المستحيل بلوغ السيارة وقيادتها الى حيث يتواجد العسكريون بالنظر الى كثافة القصف. وقد آليت على نفسي أن أقوم بهذه المهمة الخطيرة. فانتظرت لحظة اعتبرتها مناسبة, وهرعت الى إحدى الملالات فقدتها حتى بلغت سيارة الجيب, وعدت بها حيث كان الجميع بانتظاري على قلق عظيم. وكانت تلك إحدى اللحظات التي لا أنساها البتة طيلة حياتي.
ويختم المعاون المتقاعد قائلاً: علّمنا الجيش أن نعتاد المشقّات ونواجه الصعاب وكل ما يمكن أن يحصل, وأن نعيش بمحبة من دون تفرقة فالجيش أهم مدرسة في الحياة, وأكثرها غنى وتنوعاً ورحابة؛ ففي كل قرية أو بلدة أقصدها, أجد لي أهلاً وأصدقاء وأحباء, خدمت معهم خلال سنواتي العسكرية, وأقمت معهم علاقات أخوّة السلاح والمصير.