ثقافة و فنون

كتب الكثير الكثير عن الأعلام اللبنانيين ­ روّاد النهضة، وفي مقدمة هؤلاء المعلم بطرس البستاني. وبالرغم من ذلك،.فإن هذا الرائد يستأهل المزيد من كتابات أحفاده عنه، لأن الكتابة عن روّاد النهضة هي فعل نهضوي ­ حضاري، ولأن الكتابات التي تناولتهم أغفلت جوانب أساسية من أعمالهم وآرائهم.
فالمعلم بطرس البستاني، ما زال مجهولاً لجهة فكره السياسي القومي والإجتماعي.

تحرّر المرأة ومناصرتها

ليس المعلم بطرس البستاني (1819 ­ 1882) رائداً للنهضة الأدبية والاجتماعية ­ السياسية وحسب، بل إنه أيضاً رائد المدافعين عن حقوق المرأة والعاملين من أجل صيرورتها إنساناً سوياً، يوم كانت تعامل وكأنها أمة للرجل ليس إلا. وقد سبقه في ذلك الكثيرمن المفكرين العرب الذين دعوا الى تحرير المرأة كقاسم أمين وغيره. فجميع آراء الذين درسوا أحوال المرأة في المجتمع تؤيد دعوته الى وجوب تعليم النساء وفوائده، والأضرار اللاحقة بالكون من جراء جهلهن. ويشير المعلم بطرس البستاني الى أن أولئك الذين يصرّون على إبقاء المرأة في حالة الجهل والعبودية إنما ينزلونها دون منزلتها المعينة لها من رب الكون، ويختلسون منها تلك الحقوق التي أقامها لها الله.

الوطنية ودور المدرسة

(ما أن انتهى المعلم بطرس البستاني من نشر وطنياته في جريدته "نفير سوريا" حتى راح يعد العدّة لإيجاد المؤسسة التي تنقل فكره العلماني الوطني من حيز النظر الى حيّز العمل). كان يمكن أن يكون الحزب هو المؤسسة المؤهلة لهذه المهمة، ولكن البلاد كانت تخضع للسلطنة العثمانية ولقوانينها التي تحظّر قيام الأحزاب.
عندئذ لم يجد البستاني أفضل من المدرسة إطاراً لخلق نخبة من الجيل الجديد، تقوم على حب الوطن والولاء له. "كان البستاني قد اشترك في تأسيس "الجمعية السورية" وساهم في أكثر أعمالها كما هو واضح من أدبياتها. ولكن يبدو أنه لم يكتف بهذه المؤسسة الثقافية، التي كانت تساهم في تعميق ثقافة أعضائها وزوّارها الذين يؤمونها لسماع المحاضرات".
وضع بطرس البستاني 14 مبدأ أساسياً للمدرسة الوطنية، والمبدأ الثالث هو الأهم خصوصاً بالنسبة الى ذلك العصر، إذ كان الوطن أداة بيد الأتراك والفرنسيين والإنكليز، تحكمها وتشغلها بسياسة فرّق تسد، حيث الطائفية هي سلاح التفرقة الأمضى. ينص المبدأ المذكور على "أن المدرسة الوطنية تقبل تلامذة من جميع الطوائف والملل والأجناس، من دون أن تتعرض لمذاهبهم الخصوصية أو تجبرهم باتباع مذهب غير مذهب والديهم، مع إعطاء الرخصة التامة لهم في إجراء فروض ديانتهم. وهذا الموقف جاء ضد موقف المدارس التبشيرية الغربية.
أنشأ المعلم بطرس البستاني مدرسته الوطنية، وطوال حياته فيها لم يتكلم عن المذاهب، وقد ساوى طلابه بأبنائه وبشخصه أيضاً، وهذا المبدأ في عقيدة البستاني يتصل بمبدأ آخر هو الوطنية أو حب الوطن وما ينجم عنه من رقي وتقدم.
ولكي يضع البستاني مبدأ الوطنية موضع التطبيق الكامل جعل التعليم والتربية في مدرسته متلائمين وواقع عصره ومجتمعه".

الروح الوطنية

ليس من المبالغة أو الإثارة القول أن شعار الوطن ومشتقاته قد أطلقه رائد روّاد النهضة المعلم بطرس البستاني. كذلك يمكن القول، إن الحركات الوطنية التي ما فتئت منذ العام 1920 تدافع عن الوطن ضد الخيانة والخونة.. تمتد بجذورها الى مئة عام ونيّف، حيث وضع أسسها ومبادئها المعلم بطرس البستاني، الذي ولد بقرية الدبية بإقليم الخروب.
ذلك أن الوطن والوطنية كلمتان قد أدخلهما بطرس البستاني في قاموس اللغة العربية. ثم أنه أسس المؤسسة التي رأى أنها الوسيلة الوحيدة التي يمكنه بواسطتها أن ينتقل بكلمتي الوطن والوطنية من حيز النظرية الى رحاب الفعل والتطبيق.
ورأى البستاني أن إعادة الألفة الى أبناء وطنه ضرورية لحفظ الوطن وبقائه، كما أنها ضرورية لعمرانه ونجاحه، ويقول:
"إن القلـوب إذا تنافــر ودّهـــا ليست زجاجاً كسرها قد يجبر"
ويشتــرط لجبر الكسر، أو إعادة الألفــة أن يكون أبنــاء وطنه قد تعلموا من الأحداث، أن ينظروا الى من يخالفهم في أمر المذهـب بعين الإعتبار والمحبة كأعضـاء عائلـة واحدة أبوهـا الوطن وأمها الأرض وخالقها واحد هو الله، وجميع أعضائها من طين واحد، قد تســاووا في المصير الى مآل واحد.

آداب العرب وعلومهم

من منطلق الروح الوطنية إهتم بطرس البستاني بآداب العرب وعلومهم، حيث رأى أن العلوم من شأنها النمو تدريجياً.. ومع أن هذا النمو قد يكون جزئياً في عقل واحد لا بد من اجتماع عقول كثيرة للحصول على المطلوب على أحسن منوال، بحيث تكون نتائج بحث وجهاد العقل الواحد في أمر ما ميسورة الحصول لعقل آخر أو أكثر.
ويعتقد البستاني أن العقل يحتاج الى وسائط إسعافية خارجة عنه لاكتساب العلوم. ومن أعظم هذه الوسائط الإنتقال والسياحة من مكان الى مكان، ومطالعة الكتب، ووجود الآلات التي لا يمكن للحواس التوصل الى المطلوب بدونها...
أما الشعر "الذي من شأنه أن يتقدم الآداب، أو يبشر بولادتها فبابه مفتوح عفواً لمن أراد الدخول...".

الهيئة الإجتماعية

من اهتمامات البستاني أيضاً الشأن الإجتماعي، ومقابلة عادات العرب والإفرنج، حيث يؤكد أن الهيئة الإجتماعية عبارة عن سكان بلاد أو مدينة لهم مصالح مشتركة أو هي بالحري الحالة الناشئة من الإجتماع البشري. وأساس الإجتماع البشري الحقيقي الطبيعي إنما هو إحتياجات الأفراد ومخاوفهم، وعلى ذلك بقدر ما تكون تلك الإحتياجات متسعة ومهمة، والمخاوف متنوعة وقوية يكون الأساس متيناً. ويجري البستاني مقارنة بين ملبس ومأكل العرب ومأكل وملبس الإفرنج، بالإضافة الى تبيان الفوارق بين العادات والتقاليد الإجتماعية العربية والغربية.
ويقول في هذا الصدد "ولما كان الناس يميلون طبعاً الى الأشياء الظاهرة أكثر من الباطنة، والى التمسك بالعرض أكثر من الجوهر، ولا سيما ما يستلزم سياحة الكفر وتروي الذهن ودقة النظر، كالعلوم والديانة، مثلاً، كان هذا دأبهم في أمر التمدن أيضاً فيظنون أن التمدن يقوم بنظام المعيشة وترتيب البيوت وظرافة الملابس والطعام"، ويستشهد بقول الشاعر:
"لا يعجبنّك أثواب على رجل دع حسن أثوابه وانظر الى الأدب
فالعود لو لم تفح منه روائحه لم يفرّق الناس بين العود والحطب".

منح جائزة سعيد عقل الى جان سالمه

منحت جائزة سعيد عقل للكاتب جان سالمه (قيمتها مليون ليرة) على "كلمات ملكات" في مجموعة كتبه ومقالاته، بحضور حشد من الأدباء وأهل العلم والثقافة يتقدمهم الوزير السابق ادمون رزق والسفير فؤاد الترك ومدير عام وزارة الثقافة السابق محمد ماضي والأديبة إميلي نصرالله والدكتور أنيس مسلم ومستشار وزير الثقافة الدكتور فوزي عطوي ورئيس اتحاد الكتّاب اللبنانيين السابق الدكتور روحي بعلبكي، وجمهور غفير من جميع المناطق اللبنانية.
ابتدأ الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ثم كلمة نقيب الصحافة اللبنانية الأستاذ محمد بعلبكي وقد أناب عنه الأستاذ كمال إسبر الغريب، الذي عدّد مناقبية الكاتب جان سالمه وأسباب منحه الجائزة، ثم أعطيت الكلمة للأستاذ سعيد عقل فقال:
"جائزتي اليوم، أقدمها الى الأستاذ جان سالمه... الأستاذ سالمه، يتميز بالعديد من المزايا، ذات اللون المتفرد! أقرأه منذ عشرين سنة... إنه إنسان لا يعرف الكره، يحب الجميع. وأنا لا أكتب أو أتكلّم عما هو بشع... أفتش، فقط، عن الجمال وأشير إليه، ولا أتحدث إلا عن الكرم، متناسياً البخل، إمعاناً في قهره... الأستاذ سالمه، هو أستاذنا، في هذا التوجه".
يا صديقي جان، جائزة سعيد عقل تأخرت عليك... وأحياناً نتأخر على بعض الكبار المستحقين... لنفاجئ بهم، بعد ذلك، ونقدمهم كمثل أعلى للجميع... وحضرتك، بنظري، واحد منهم. وأمامي هنا، أشخاص، هم على اللائحة الجاهزة عندي. ويسعدني، أن جائزتي هي لك اليوم، ولكنها... صغيرة عليك...".
ثم أعطيت الكلمة لجان سالمه فقال:
يعتـقد البعض أن سعـيد عقـل لا همّ له إلا أن يحلم، وأنه يتيه في عالم الخيال. وأنا متـأكد من أنـه لكذلك. لأننـي أعـرف أن كل شيء يكون حلماً في البداية، ثم يصبح واقعاً ملموساً. فالطائرة كانت حلماً، والغوّاصة كذلك، وأيضاً كل المنجزات الكبرى.
وحلمي الأثير الذي رعيته في جفوني طوال العمر، ها هو اليوم يتحقق أخيراً.
ألم أقل لكم إن الأحلام تتحقق دائماً؟
والآن ماذا أنا قائل بعد أن نالني هذا الشرف العظيم، وتحققت بغيتي على الرغم من طول انتظار؟
أقول لكل من يحلم بهذه الجائزة السنوية بأن في وسعهم أن يطمئنوا الى أن دورهم آت، ما دمت أنا نفسي قد فزت بها أخيراً، وتسنى لي أن أبلور حلمي. حتى ليتولاني شعور بأن فرحتي ما كانت لتكون أكبر لو تسنّى لي أن أدخل الأكاديمية الفرنسية وأصبح في عداد الأربعين الخالدين...

منظمة السلامة العالمية تمنح الدكتور الشويري الجائزة التثقيفية

تمنح منظمة السلامة العالمية ممثليها ­ في مختلف أنحاء العالم ­ الذين يبذلون جهوداً متميزة في مجال السلامة بمختلف فروعها "جائزة تثقيفية"، وهي عبارة عن جائزة تكريمية وتشجيعية لهؤلاء الأشخاص. ومنذ أن تم انتخاب المدير العام الدكتور الياس ميشال الشويري ممثلاً لهذه المنظمة لدى الأمم المتحدة نال هذه الجائزة مرتين على التوالي. وقد تسلّم في الخامس من تشرين الثاني الماضي في ولاية كولورادو في الولايات المتحدة الأميركية، الجائزة التثقيفية عن العام 2003 كتقدير له عن عطاءاته في هذا المجال عالمياً ومحلياً.

يذكـر أن الدكتور الشـويري أعـد أخيراً "دلـيل السائقـين والمشاة" لتعـريف مستعـملي الطرق على حقوقهم وواجباتهم، على ضوء ما ورد في قانون السير اللبناني بهدف تجنّب الحوادث المرورية والحدّ من خطورتها.