النزاع وإدارة النزاع

النزاع وإدارة النزاع
إعداد: د. كمال حمّاد
استاذ في كلية القيادة والاركان - الجيش اللبناني. استاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية - الجامعة اللبنانية

1- مقدمة

النزاع موجود في حياة الإنسان حتى في زمن السلم. وهو يحمل في طيّاته بعض العناصر البناءة والنافعة إلى جانب العواقب الوخيمة والقوى المدمرة الأليمة. وهدف حل النزاع هو أن يزيل أو يلطف نتائـج النزاع السلبية وأن يحافظ في الوقت نفسه على مميزاته النافعة والباعثة إلى الحيوية([1]).

ويشير "جوزيف هيميز J. HIMES" في مؤلفه حول النزاعات، بأن الناس عدائية وهي مخلوقات تتنازع مع بعضها البعض. وبرأي "هيميز" يعود السبب الرئيسي للحروب بين القارات إلى ما يسمى بالثورة الملاحية في أوروبا الغربية (في القرنين الخامس والسادس عشر). وإن اختراع المزولة([2]) والبوصلة وبناء البواخر سمحت للبحارة من البرتغال وإسبانيا وهولندا وإنكلترا وفرنسا للإبحار إلى ما وراء شواطئ أوروبا وشمال أفريقيا. ومنذ ذلك التاريخ بدأ غزو القارات وابتدأت الحروب التي لا تنتهي، والتي أدت إلى إخضاع قارات مثل أفريقيا وأستراليا وآسيا وأميركا.

والقرن الثامن عشر كان عصر التنوير، وأثناء تلك الفترة تشكلت النظرية الماركسية حول صراع الطبقات وفيها طرحت الأسس الأيديولوجية لأنواع جديدة من الحروب مثل الثورة الوطنية بغية الإستقلال، والصراع للإستئثار بالسلطة وبالمنفعة الاقتصادية وبقيم دنيوية.وتميزت الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية باندلاع حروباً جديدة، كالحرب الإسرائيلية العربية، النزاع الكوري، المسألة الجزائرية، الحرب الفيتنامية، وعدد من الحروب الأقل اشتعالاً في آسيا وأميركا الجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

وترشدنا الـ"Typology" (علم شرح الرموز الكتابية) إلى وجود سبعة أنواع من النزاعات وهي:

أ- النزاعات ذات الطابع الخاص.

ب- النزاعات المدنية.

ج- الاضطرابات الداخلية.

د- المؤامرات.

هـ النزاعات المحلية.

و_ التقاليـد والأعراف المحافظة وما ينتج عنها من مواجهات ومعارضات تسبب النزاعات.

ز- الحروب الدولية.

 

2- تعريف النزاع الاجتماعي

يعتبر التعريف الذي نشره "Coser" في عام 1968 للنزاع الاجتماعي من بين أهم التعاريف في هذا المجال، وفيه يقول: "ممكن أن نعّرف النزاع الاجتماعي بأنه صراع على منفعة معينة، أو على السلطة، أو على موارد نادرة، أو ادعاءات على حالة معينة، بحيث أن الأهداف لأطراف المتنازعة، ليست فقط الحصول على المنفعة المرجوة، بل تتعداها إلى، تحييد، الأضرار، أو التخلص من المنافس الآخر"([3]).

 

3- أوجه النزاع

يوجد وجهين فقط للنزاع حتى ولو كان المشاركين فيه أكثر من ذلك بكثير.

- الوجه الأول: هو الصراع ضد خصم، لامتلاك منفعة نادرة وهو صراع واقعي، لأن له حدود خارجية محدّدة، أي الحصول على منفعة نادرة.

 - أما الوجه الثاني: فهو على العكس من الأول، فإنه نزاع غير واقعي، لأنه يتصل بنفسية وشخصية محرك النزاع بهدف إزالة توتر شخصي، إرضاء نزاعات كامنة في نفسيته، عمـل عدائي مربح له شخصياً، ويخدم بالمحّصلة النهائية نفسه، أكثر من تحقيق أهداف خارجية. وأن العامل الأساسي في النزاع هو الاعتقاد لدى طرف أو أطراف معينـة، بأن الأطراف الأخرى هي العائق أمامها، لحصولها على بعض المنافع مثل السلطة، الموارد، وغيرها، ولذلك برأيها، يجب أن تزول.

وتعتبر المفاهيم التالية: - استمالة واقتناع، دعاية، مقاطعة، تظاهرات، ابتزاز وتهديد، إرهاب، عمليات ثورية، حصار، عدم الطاعة المدنية، عمليات عسكرية- تعتبر أنواعاً وأشكالاً من التكتيك الذي يستعمل واسعاً في النزاعات. ويكشف تكتيك النزاعات عن تركيبتين بارزتين:

الأولى: وهي أعمال مشتركة تعمل بواسطة اتحادات العمال، وحدات عسكرية، خلايا سياسية، أو بواسطة وحدان مهنية، حركات اجتماعية ومنظمات، وغالباً ما تكون تلك الجماعات غير منظًمة رسمياً.

والثانية: هي رد فعل السلطة، التي تجنّد قوتها من احتكار إدارة المنافع والموارد المهمة في الدولة، بحيث يشعر المناوئين لها بأنهم مهدّدين.

 

4- خصائص النزاع

يعرّف "MACK and SNYDER" خصائص النزاع على الشكل التالي:

أ- ينشأ النزاع من أهمية الموقع وندرة الموارد.

ب- يتورط في النزاع طرفين على الأقل.

ج- تتشابك الأطراف في تفاعلات تتألف من أعمال مقاومة وأعمال مضادة.

د- سلوك وتصرف الأطراف يهدف إلى تعطيل، الأضرار، إبادة الطرف الآخر، أو ضبط المعارضة.

هـ يشمل النزاع أيضاً امتلاك السلطة أو ممارستها، أو محاولة امتلاك السلطة أو ممارستها.

و_ للنزاع نتائج اجتماعية مهمة([4]).

وللنزاع مستويات عدة بحسب حدّته، وتتدرج من الاختلاف البسيط في الرأي إلى الخلاف الجدّي، فالنزاع المتجذّر، فالنزاع المزمن، ثم النزاع العنيف.

وقد تختلف طبيعة النزاع بحسب موضوعه. وصحيح أن كل نزاع ينفرد بخصائصه ومستوى حدّته وطبيعة موضوعه، إلاّ أنه غالباً ما يشاطره غيره من النزاعات مميزات مشتركة عديدة. فالشعور بالغضب والإحباط والخوف وفقدان التواصل، والميل إلى لوم الآخر أو تجريده من إنسانيته، والتصعيد واتخاذ القرارات الستراتيجية في استخدام العنف أو التفاوض أو الوساطة كلها عوامل نجدها وغيرها في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وفي أزمة البوسنة والهرسك، وغيرها من الأزمات. إذاً فالشكل قد يتغير ولكن الخصائص الكاملة هي نفسها أو قد تتشابه إلى حدٍ بعيد([5]).

 

5- أركان النزاع الدولي

يُقصد بالنزاع الدولي "خلاف بين دولتين على مسألة قانونية أو حادث معين، أو بسبب تعارض وجهات نظرهما القانونية أو مصالحهما".

وللنزاع الدولي ثلاث أركان رئيسية هي:

أ- الأطراف: حيث يشترط أن يكون النزاع بين طرفين على الأقل.

ب- الدولية: حيث يجب أن يكون أطراف النزاع من أشخاص القانون الدولي العام.

ج- المنازعة: وتعنـي المعارضة أو إبداء الرأي المناقض لوجهة نظر الدولة الأولى في المسألة محل النزاع، أو إنكارها أصلاً أو تفسيرها تفسيراً يعاكس أو يغاير تفسير الدولة الأولى، أو استعمال الوسائل المادية أو القانونية لإثبات ذلك.

 

6- تصنيف النزاع الدولي

إن تكوين أي نزاع يتطلب إثباتاً موضوعياً، إذ أن أي خلاف يحدّد بالنسبة إلى خصائصه الذاتية. ويميّز الفقه بين فئتين أساسيتين من النزاعات الدولية. النزاعات ذات الطابع القانوني والنزاعات ذات الطابع السياسي، كما ظهرت مؤخراً فئة ثالثة جديدة هي النزاعات ذات الطابع الفني أو التقني.

 

7- أسباب ومصادر النزاعات الدولية

تنفرد ظاهرة النزاع الدولي عن غيرها من ظواهر العلاقات الدولية بأنها ظاهرة ديناميكية معقّدة. ويرجع ذلك إلى تعدد أبعادها وتداخل مسبباتها ومصادرها، وتشابك تفاعلاتها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، وتفاوت المستويات التي تحدث عندها وذلك من حيث المدى أو الكثافة والعنف.

أ- في أسباب النزاع:

من ناحية الأسباب، هناك الأسباب البعيدة والأسباب المباشرة، ومن جهة المصادر هناك مصادر عديدة ومتنوعة مسببة للنزاعات.

- أما الأسباب البعيدة: فهي هامة ولكن ليس من شأنها أن تبلور النزاع وتبرزه للعلن. وهي لا تحقق سوى تصرفات من طبيعة عمومية ومتدرجة، وتتمثل عادة بوجود عقائد متعارضة.

- أما الأسباب القريبة فتؤدي إلى تبادل الادعاءات المتعاكسة، إنها تفترض عملاً أكثر منهجية وتطرح على الساحة الدولية كيفية إزالة التوتر ودرء الأزمات. وتلاحظ الأسباب المباشرة في الأزمات المحدودة أو على مستوى المرحلة النهائية لخلافٍ طويل، ويمكن أن تكون فجائية وتحمل معها التهديد والخطر.

وهناك نمطين من المنازعات الدولية:

الأولى: وهي الأخطر لأنها تستهدف العناصر الأساسية للدولة مثل الإقليم والسكان والسلطة.

والثانية: تستهـدف التشكيك بمسلكية إحدى الدول في علاقاتها الخارجية، إذن رهانها أقل ويمكن وضع حد لها إما بالطرق القانونية أو باتفاق رضائي([6]).

ب- مصادر النزاع: تعزى أسباب النزاعات إلى المصادر التالية:

1- مصادر فردية-نفسية: وهي النزعة التي تجد أساسها في غريزة حب السيطرة والتسلط، وفي الدافع نحو الانتقام والتوسع والمخاطرة. وتوفر الصراعات والحروب والنزاعات الفرصة المثلى لإرضاء مثل هذه الدوافع والنزعات الكامنة في أعماق الطبيعة الإنسانية نفسها.

كما أن نظرية الإخفاق والإحباط التي يزعم دعاتها أن الدافع إلى النزاع والتصارع الدولي ينتج عن الشعور بالإحباط النفسي التي يبلغ ذروته في ظروف الأزمات وخاصة عندما تصاب الخطط الوطنية للدولة بالإخفاق والفشل.

كما أن اعتبارات خاصة بشخصية صانع القرار في دولة معينة مثل الميل الجارف إلى الزعامة، أو ميل إلى العدوان تعتبر كمصدر من مصادر النزاعات الدولية.

2- مصادر أيديولوجية: إن التناقضات الأيديولوجية في المجتمع الدولي تمثّل الحقيقة الكبرى التي تنبع منها وتدور في فلكها كافة أشكال النزاعات والصراعات الدولية القديمة والحديثة([7]).

3- مصادر جيوبوليتكية: قامت نظرية(راتزل Ratzel) على افتراض أن الدولة لا تخرج عن كونها وحدة عضوية من السكان والأرض، وأنها تشبه الحية التي ترتهن مقدرتها على النمـو بمدى الحيز المكاني الذي تتحرك وتتفاعل فيه. وكان (راتزل) ينظر إلى الحدود الإقليمية على أنها مناطق مائعة لإثبات فيها وأنها قابلة للزحزحة في صالح الدولة الأكثر قوة. وأكّد (راتزل) أن الحدود كثيراً ما تؤدي إلى قيام النزاعات الدولية لسبب طبيعي وهو أن الحدود إذا نظر إليها على أنها نهائية ودائمة فإنها تكون بذلك عائقاً أمام نمو الدولة([8]).

وإن كان المصدر الجغرافي للنزاعات الدولية قد تدهور من حيث أهميته النسبية نتيجة تدهور المتغير الجغرافي في السياسة الدولية، واستقرار الحدود السياسية الدولية إلى حـد كبير، إلاّ أنه لا يزال يقف وراء النزاعات المعاصرة، سواء كمصدر للنزاع أم كحجة تساق لتبرير السلوك النزاعي.

4- مصادر ديموغرافية: تؤكد نظرية (بول ريبو Paul Ribot) أن الحروب الحديثة عملية ذات طبيعة بيولوجية في الأساس، وتقرر أن عنف هذه الحروب يتناسب طردياً مع حجم الفائض البشري الذي يمثل القوة الرئيسية الضاغطة في اتجاه وقوع الحرب.

كما أن نظرية الدورات الديموغرافية للدول تمر في تطورها السكاني بثلاث مراحل وهي: مرحلة النمو البطيء، مرحلة الانفجار، ثم مرحلة الاستقرار والتوازن. وفي المرحلتين الثانية والثالثة يتجه الضغط السكاني بهذه الدول إلى شن حروب عدوانية للحصول على مجال حيوي([9]).

كما أن حجم السكان إذا تزايد على نحو لا يتناسب مع موارد الدولة، واستحال الوفاء بفجوة الموارد المطلوبة لهؤلاء السكان من خلال التفاعلات السكانية، يمكن أن يكون مصدراً للصـراع، إذا سمحت بذلك الموازين الإقليمية والدولية. كذلك إن توزيعاً عمرياً معيناً للسكان يمكن أن يكون مصدراً لسلوك صراعي للدول([10]).

5- مصادر تتعلق بالنظام السياسي الداخلي وأخرى بالنظام الدولي: إن أنظمة الحكم الدكتاتورية بحكم عقيدتها وبحكم الدوافع التي تحركها والأهداف التي ترمي إليها  والأساليب التي تنتهجها تعتبر المصدر الرئيسي والأكبر الذي يكمن وراء تزايد حدة الصراع في المجتمع الدولي.

وعلى المستوى الداخلي، فهناك علاقة ارتباط عكسية بين استقرار النظام وتورط الدولة في سلوك صراعي، بمعنى أنه كلما قل الاستقرار زاد تورط الدولة في نزاعات دولية. والمنطق الكامن وراء هذا الافتراض، أن تورط الدولة في صراع دولي، يمكن أن يحقق لها التماسك الداخلي المطلوب، ويمكن أحياناً أن يفاقم الانقسامات الموجودة لدى كل أو بعض هذه الأطراف.

وعلى المستوى الدولي، كان ولا شك الصراع بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي يمثل بحد ذاته مصدراً من مصادر النزاعات الفرعية، ترتبط على الأقل برغبة كل من الدولتين( الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة) في توسيع رقعة نفوذها عالمياً. واليوم وبعد غياب الاتحاد السوفياتي عن المسرح الدولي، لا يستهان بقدرة الشركات العمالقة والمتعددة الجنسيات في التدخل بالشؤون الداخلية للدول، من أجل مصالح اقتصادية وسياسية خاصة بها، وكل هذا ولا شك يعتبر مصدراً للنزاعات في/أو -ما بين- الدول.

6- مصادر تتعلق بالموارد النادرة: الطاقة والغذاء والمعادن والمياه من الموارد النادرة كانت وستبقى محط أطماع الدول العدوانية. وتلك الموارد النادرة تعتبر مصدر أساسي من أسباب النزاعات الدولية([11]).

7- مصادر تتعلق بالتدخل بالشؤون الداخلية والخارجية للدول: التدخل هو تعرض دولة للشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى دون أن يكون لهذا التعرض مسوّغ أو سند قانوني. والغرض منه يكون غالباً رغبة دولة قوية في إملاء سياسة معينة أو طلب أمر معين من دولة أضعف منها.

وللتدخل أشكالاً وصوراً عديدة، فقد يكون سياسياً أو عسكرياً، وقد يكون فردياً أو جماعياً وقد يكون صريحاً أو خفياً مقنعاً، وأشهر أنواع التدخل هو التدخل العسكري والعقائدي والسياسي والإنساني والمالي([12]).

8- مصادر تتعلق بالفقر والتخلف والتبعية وعدم الاستقرار: إن معظم النزاعات التي يتعين على المجتمع الدولي تسويتها هي ليست بنزاعات محتدمة بين الدول، بل هي ناشبة في داخلها ذاتها. وتمس بالمقام الأول السكان المدنيين والمدن والأرياف، وتقوض المؤسسات وتخـرب الهياكل الأساسية للدول وبالتالي اقتصادياتها الوطنية. وإن المجتمع الدولي لن يستطيع التعامل مع النزاعات الجديدة ما لم تستأصل الأسباب العميقة لنشوبها. وهذه الأسباب اقتصادية واجتماعية في معظمها، تتراوح بين الفقر والتخلف المستوطن وضعف المؤسسات أو عدم وجودها، والتبعية وعدم الاستقرار وهي أيضاً المصادر الرئيسية لنشوب تلك النزاعات([13]).

9- مصادر تتعلق بالنزاعات الإثنية في الدول التعددية: تشكل النزاعات الإثنية في دول العالم الثالث 90% من مجموع النزاعات الدولية وذلك منذ الحرب العالمية الثانية. ومعظم هذه النزاعات طويلة الأمد، نتيجة اندلاع الصراعات الإثنية والتي تتداخل فيها اللغة والحضارة والهوية والدين والانتماء القبلي والعرق واللون. وغالبية هذه الصراعات اليوم، ليست بين دولة وأخرى، بقدر ما هي نزاعات بين مجموعة اثنية وأخرى داخل الدولة الواحدة([14]).

 

8- أطوار(مراحل) النزاع:

إذا انطلقنا من أن النزاع والحرب يعتبران الأشكال الأساسية للنزاعات الدولية، فإنه يجب الإشارة إلى الاختلاف ما بين (الحالة أو الموقف) وبين (النزاع)، علماً بأن (الحالة أو الموقف) تأتي قبل (النزاع) وذلك ما أكدت عليه المادة 14 من ميثاق الأمم المتحدة.

وإذا نظرنا إلى النزاع كعملية تجتاز مراحل متتالية من الأطوار، وفي إطار المراحل فأن (الحالة أو الموقف) تخلق نزاعاً في صفة

 - الطور الأول للنزاع: ويكون في حالة متوسطة للتناقض الموضوعي للأطراف، يعّبر عنه بشكل تنازعي، يأخذ شكل (الحالة أو الموقف) الذي إما أن يستمر وجوده الذاتي (كحالة) أو يتحول إلى (نزاع).

- الطور الثاني للنزاع: إن طور النزاع الذي نتج عن هدف محدّد، أو ستراتيجية معينة، أو شكل صراع الأطراف، قد يطرح ردة فعل الأطراف على ادعاءات معلنة، ولهذا تظهر في شكل نزاع، يملك طابعاً سياسياً أو قانونياً.

- الطور الثالث للنزاع: يظهر بشكل تورط في صراع بهذا الشكل أو ذاك مع الدول، مما يؤدي إلى تعقيد العلاقات بين الأطراف المتنازعة، والكلام هنا يدور عن اكتساب أي شكل من النزاع طابعاً سياسياً، يعبّر عنه بقابليته على تهديد السلم والأمن الدوليين، والشاهد العملي لمستوى هذا النزاع يعتبر حملات إعلامية على شخصية رسمية، أو على دولة متنازع معها، دعاية تخريبية، دعاية للحرب.

- الطور الرابع للنزاع: تظهر كأزمة سياسية دولية من شأن استمرارها، أن تعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدوليين. وتستخدم الأطراف المتنازعة كل ما تملك من وسائل أيديولوجية، اقتصادية وسياسية والتي تتراوح ما بين أعمال التدخل التخريبية والتي تشمل اعتداء على أشخاص أو تخريب مؤسسات الدولة الأساسية والتي يرتكبها أشخاص أخفوا هويتهم الرسمية، لكنهم بالحقيقة يعملون باسم وبتكاليف من الدولة المتنازع معها.

- الطور الخامس للنزاع: ينتقل أحد الأطراف إلى الاستعمال الفعلي للقوة العسكرية بأهداف تظاهرية أو بنطاق محدود ويعتبر هذا الطور كفترة ما بين مرحلتين، أولى، تنتهي معها مرحلة سلمية النزاع، وثانية، أحد الأطراف ينشئ تهديد غير مباشر باستعمال قواته المسلحة في النزاع. ويمثل هذا بحد ذاته انتهاك أحد الأطراف في النزاع لالتزاماته الدولية، ويعبّر عنه مثلاً، في حشد القوات المسلحة، أو في الحوادث الحدودية.

- الطور السادس للنزاع: ويعبّر عنه بالنزاع المسلح، وهو لجوء أحد الأطراف إلى استخدام القوة ضد دولة أو دول أخرى، وهو ما نبذه ميثاق الأمم المتحدة صراحة عندما حرّم اللجوء إلى القوة أو التهديد باستخدامها في علاقاتها مع الدول الأخرى([15]).  

 

9- إدارة النزاع:

نَمَت بعد الحرب العالمية الثانية مراكز الأبحاث الخاصة بقضايا الحرب والسلام.

ففي نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات رعت منظمة الأمم المتحدة مؤتمرات دولية وشجعت نشاطات متنوعة عائدة لقضايا النزاعات وطرق تسويتها. وعلى موضوع الحرب والسلم ركزت منظمات عديدة ومراكز أبحاث دولية نشاطها الجديد، وكرست أبحاثها وأعمالها ومن بين تلك المراكز البحثية نذكر على سبيل المثال فقط، مركز حل النزاعات في جامعة ميتشغن، ومعهد أبحاث السلام في النروج، ومركز دراسة النزاعات الدولية في جامعة ستانفود، ومركز الأبحاث في جامعة كولومبيا، ووكالة الولايات المتحدة لمراقبة السلاح والتسلح، ومركز الدراسات في جامعة شيكاغو، ومؤسسة الأبحاث المتعلقة باللام والتربية والتنمية في جامعة كولورادو، ومركز الدراسات للمؤسسات الديمقراطية في سانتا بربرا، بالإضافة إلى مركز مراقبة التسلح في السويد والأمم المتحدة. وقد قدمت لنا كل هذه المراكز والمؤسسات رؤية قيمة مفادها أن إدارة النزاعات هي قضية عامة تهم المجتمع الدولي بأسره، لذلك يجب أن تتخذ بقرار مشترك، وتنفذ بعمـل مشترك أيضاً. من هنا تناوب الأفكار من فكرة قيادة النزاع إلى فكرة إدارة النزاع([16]).

أ-أدوات النزاع: تتميز أدوات النزاع بأربع مكونات رئيسية وهي قائمة على:

- مجموعة سلوك،

- موجهة لأهداف خارجية،

- إحصاء الوسائل والغايات المرجوة،

- إدارة مشتركة.

 

أولاً: مجموعة سلوك:

 إن القرار باللجوء إلى أدوات النزاع ممكن أن يتطور من خلال عملية تدريجية.

وفي كتابه "الرأي العام في الفيضان" أظهر (كانتريل Cantril,H) عملية تطور اتخاذ قرار الولايات المتحدة الأميركية بدخولها الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا، قائلاً:" بأن تأييد الرأي العام الأميركي لإعلان الحرب، تطور خطوة خطوة في خلال سنتين ونصف السنة أي بين هجوم الألمان على بولندا في أيلول 1939، وبين الدخول الرسمي للولايات المتحدة الحرب في عام 1942".

وأشار كانتريل في دراسته إلى القضايا التدريجية لتطور القرار والتي جاءت كأسئلة جدية طرحت على الرأي العام وذلك من خلال الصحافة الأميركية ومن تلك الأسئلة:

- بيع الأسلحة للدول الديمقراطية!

- التخلي عن الحياد لمساعدة المملكة المتحدة!

- مقاومة النازية يعني المساعدة في تقصير فترة الحرب!

- مقاومة النازية بأي ثمن!

- متى سوف نقاتل؟

وفي ربيع عام 1942 اتخذ الرئيس الأميركي روزفلت والكونغرس الأميركي القرار الشهير بإعلان الحرب على ألمانيا([17]).

 

ثانياً: موجهة لأهداف خارجية:

 توجه أدوات النزاع باتجاه تحقيق أهداف معينة وهي تقع أحياناً خارج دائرة الصراع نفسه. ومن الممكن أن يوظف النزاع لإزالة توتر ما أو إعلان شعور أو موقف معين. وهذه سمات عريضة، أما النزاع فهو كما نلاحظه أداة لربح مركز أو قوة أو موارد نادرة.

 

ثالثاً: إحصاء الوسائل والغايات المرجوة:

 يحتل العقل أي الإدراك، المركز الثالث في مكونات أدوات النزاع.

لقد فكر المتنازعون ولا شك في أسباب النزاعات ورسموا وخططوا تكتيك للعمليات العسكرية، ولقد أدركوا وأحصوا أيضاً الوسائل والغايات المرجوة من نزاعهم. كما أنهم فكروا بأن الحرب ربما قد تكون الطريق الأفضل لحل وتسوية مشاكلهم، وبالتالي ستكون الطريقة الفضلى والمناسبة للاستيلاء على الموارد النادرة التي يبحثون عنها ويخططون للحصول عليها.

 

رابعاً: إدارة مشتركة:

ممكن لإدارة النزاع أن تفعّل بواسطة التنظيم المتقن، وبواسطة تنسيق لجهود الأطراف المشتركة في المسعى الجماعي.

وتفعيل إدارة النزاع تتحقق بواسطة القادة، ومن خلال تقسيم الأعمال بينهم، وبواسطة الفهم المشترك لأهداف العمل الجماعي.

 

ب- طرق إدارة النزاع:

أولاً: منع النزاع:

- طبيعة المنع: أشار (بولدينغ Boulding) في كتابه (النزاع والدفاع) عن منع النزاع قائلاً:" إنه إذا وجد نظام اجتماعي ديناميكي ينمو باتجاه نزاع غير قانوني، فإذا لم يتخذ أي شيء لإعاقة العملية السائدة، فإن الصراع حينئذ سيكون محتماً".

وناقش أيضاً (بولدينغ) موضوع منع النزاع عن طريق تغيير الوضع القائم أي باستبدال النظام الاجتماعي الموجود بنظام آخر([18]).

- منع النزاع عن طريق المنظمات والهيئات: يفهم من هذا العنوان على أنه يدل على عملية إخضاع النزاع لإدارة المبادئ القانونية الدولية الملزمة والتي يوافق عليها كطريقة لمنع اللجوء إلى النزاع غير القانوني.

 

أما الستراتيجية التي يقوم عليها منع النزاع عن طريق المؤسسات فتتخلص بثلاث:

* الموافقة على إدارة النزاع القانوني، يهدف إلى تشجيع ومساعدة الأطراف المتنازعة للوصول إلى نهاية قانونية للنزاع.

* البحث عن نموذج لإدارة النزاع بحيث تجعل منه شاملاً وقابل للتنبؤ به.

*  ممارسات الهيئات والمنظمات تتكفل بإعطاء بعض الضمانات المعنوية والمادية، بأن النزاع سيدار بهذا النمط المنظم وسوف يؤدي إلى النجاح.

أما مبادئ منع النزاع عن طريق المنظمات فتتطلب تأسيس نظام من المبادئ الملزمة من أجل دفع الأطراف المتنازعة للمشاركة في إطار الهيئات والمنظمات وذلك من أجل المصلحة والفائدة الشاملة.

وتكلم (بامغرتنر Baumgartner) في كتابه "الخاص بالرقابة" عن علاقة الرقابة كوسيلة لإدارة النزعات الدولية([19]). والمبادئ في أي نظام يجب أن تكون خاضعة للقانون وتغطي على الأقل القضايا الأربعة التالية:

* تغيير في التكتيك القانوني وغير القانوني.

* الموافقة على الأسلوب القانوني من أجل الوصول إلى أهداف قانونية.

* إجراءات للتعويض عن الأذى الحاصل.

* طرق أو إجراءات لإعادة النظر في/أو إصلاح هذه المبادئ، فالظروف تتغير، والمبادئ المنصوصة، يجب أن تنقّح أو تبدّل مع الوقت([20]).

وطالب (ورنيتي Wernette) بخلق وإنشاء منظمات جديدة مختصة بمنع النزاعات وتطبق مضامين ومحتويات الأبحاث والدراسات الخاصة بالسلام، وتكون خاضعة لستراتيجية قانونية دولية واحدة ذات مرجعية واحدة، على غرار محكمة العدل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة([21]).

 

ثانياً: حل النزاع:

- طبيعة حل النزاع: طبّقت عبارة حل النزاع على كل أنواع الجهود المشتركة والمحاولات الهادفة إلى التقليل من خطر الحرب وإلى التخفيف من النزاعات والخصومات ما بين الأطراف والجماعات المتنازعة، وإلى توسيع إمكانيات الصداقة والسلام وبناء الثقة بين الدول والشعوب. وعرّفنا (غالتونغ Galtung) في كتابه (قانون حل النزاعات) باثنتي عشرة آلية لحل النزاعات تتوزع ما بين المحنة والوساطة وما بين المحاكم والاقتراع. وبعض هذه الآليات هي آليات تكتيكية والبعض الآخر هي أعمال قمعية([22]).

ووضع (لاتور Latour) قائمة أسماها (حلول أوتوقراطية) لتسوية النزاعات ومن بينها التحكيم، والمناظرة، والمساومة. وهي تعتبر كستراتيجيات لتسوية النزاعات([23]).

وعندما نتحدث عن حل النزاع، فالنزاع غير القانوني المتفاقم هو الموجود. والتسوية تعني، انتهاء مثل هذا النزاع غير القانوني، وإعادة العلاقات بين الأطراف المتنازعة إلى حظيرة الشرعية الدولية. من هنا، يمكننا أن نعرّف حل النزاع على أنه عملية اتصال وتبادل للرأي بين أطراف متورطين في نزاع غير قانوني، مع أو بدون، وسيط، وتبحث هذه العملية في إنهاء النزاع غير القانوني، وإعادة العلاقات بين الأطراف المتنازعة.

 

ثالثاً: قمع النزاع:

عرّف (ولف Wolfe) في كتابه (منطق الإخفاق) قمع النزاع بأنه "عندما تعتقد الأمم المتحدة، بأن المبادئ الدولية قد انتهكت، وأن الأمن والسلم الدوليين قد هدّدا، بواسطة دولة أو عدة دول، فإن الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن ستتخذ تدابير وإجراءات لقمع العدوان وإنهاء التهديد"([24]).

أما أشكال قمع النزاع فهي:

أ- إكراه مادي:

          1- هجوم بأسلحة فتاكة.

          2- هجوم بأسلحة رادعة غير فتاكة.

          3- فترة هدوء ودخول بمقدمات منطقية.

          4- تدمير أو حجز ممتلكات.

ب- تدخل قسري.

ج- تسلل وتنسيق.

د- الدعاية.([25]).

 

ملحق رقم (1)

  ستراتيجية النزاع

أولاً: عامل مشترك، مهاجم، أو جماعة مناهضة

          أ- باعث مشترك:

                   1- تجديد أو نزع.

                   2- الاعتقاد بأن التغيير ممكن.

                   3- رغبة في تعويض أو مكافأة إجمالية.

          ب- مستوى الأهداف:

                   1- وسائل النزاع (قوة، هيئات، أفراد، الخ).

                   2- تغييرات بنيوية (تسوية مراكز، قوة).

                   3- رغبة في تعويض أو مكافأة.

 

ثانياً: ستراتيجية: وسائل

          أ- خطط ستراتيجية:

                   1- خطوات عملية ناجحة.

                   2- امتلاك تكتيك للنزاع.

                   3- خطط طارئة لتطورات غير متوقعة.

          ب- شروط الستراتيجية:

                   1- خصائص أطراف النزاع.

                   2- قوة التدخل للطرف الثالث.

                   3- معلومات مناسبة.

                   4- الوضع الثقافي والاجتماعي.

                   5- التماسك الداخلي والحالة النفسية للجماعات أو الدول الأخرى.

 

ثالثاً: مقاومة، عوائق، دفاع، معارضة

                   1- إدارة للموارد المطلوبة (معدنية، أفراد، هيئات).

                   2- عوائق في طريق الأهداف المرجوّة من النزاع.

                   3- هجوم مضاد.

المصدر:Joseph Hi, Conflict and Conflict Management, Athens, 1980.

 

ملحق رقم (2)

ستراتيجية منع النزاع

أ- أعمال تمهيدية:

          قراءة وتفسير الإشارات التحذيرية.

 

ب- تحقيقات:

          1- التحقيق في أسباب النزاع.

          2- المقارنة مع ظروف مماثلة.

          3- الموارد التي يمكن الاستفادة منها.

 

ج- برنامج عمل لمنع النزاع:

          1- تخفيف الأسباب (أعمال على المدى القصير).

          2- إزالة الأسباب (أعمال على المدى الطويل).

المصدر: المرجع السابق.


المراجع

أ- المراجع العربية:

1- دليل مرجعي ومادة تعليمية في مجال حل النزاعات، باريس، 1994.

2- شارل روسو، القانون الدولي العام، بيروت، 1982، معرّب.

3- أحمد سرحال، قانون العلاقات الدولية، بيروت، 1990.

4- أحمد يوسف أحمد، الصراعات العربية-العربية 1945-1982،بيروت 1996.

5- إسماعيل صبري مقلد، الستراتيجية والسياسة الدولية، بيروت،1979.

6- كمال حماد، النزاع المسلح والقانون الدولي العام، بيروت،1997.

7- كمال حماد، القانون الدولي العام المعاصر، بيروت،1995.

 

ب- المراجع الإنكليزية:

1- R.J.Barnet, The Lean Years, Politics in the Age of Scarcity, N.Y. 1980.

2- Baumgartner T., Relational Control: The Human Structuring of Cooperation and Conflict, N.Y. 1975.

3- Boulding, K., Conflict and Defense, N.Y. 1962.

4- Cantril H., Public Opinion in Flux, U.S.A, 1942.

5- Joseph H., Conflict and Conflict Management, Athens, 1980.

6- Wernette, D., Creating Institutions for Applying Peace Research, N.Y. 1972.

7- Galtung, J., Institutionalized Conflict Resolution, U.S.A.,1965.

8- Latour, S., Some Determinants of Performance for Modes Of Conflict Resolution, N.Y., 1976.

9- Wolfe, C., The Logic of Failure, Vietnam Lesson, U.S.A.,1972.         

 


[1]- دليل مرجعي ومادة تعليمية في مجال حل النزاعات، باريس 1994، صفحة 11.

[2]- آلة للتحقق من مركز السفينة بالنسبة إلى خطوط الطول والعرض.

[3]- H.Joseph, Conflict and Conflict Management, Athens, 1980, P.13.

[4]- المرجع السابق، صفحة 12.

[5]- دليل مرجعي، مرجع سابق ذكره، صفحة 12.

[6]- أحمد سرحال، قانون العلاقات الدولية، بيروت، 1990، صفحة 283.

[7]- أحمد يوسف أحمد، الصراعات العربية - العربية، 1945-1982، بيروت 1996، صفحة 162.

[8]- إسماعيل صبري مقلد، الستراتيجية والساسة الدولية، بيروت، 1979، صفحة 100-101.

[9]- المصدر السابق.

[10]- أحمد يوسف أحمد، مرجع سبق ذكره، صفحة 161.

[11]- R.J.Barnet, The Lean Years, Politics in the Age of Scarcity, NewYork, 1980

[12]- كمال حمّاد، القانون الدولي العام المعاصر، بيروت 1995، صفحة 42-45.

[13]- كما حمّاد، النزاع المسلح والقانون الدولي العام، بيروت، 1997، صفحة 64-65.

[14]- غسان رعد، النزاعات الانثية في الدول التعددية، بيروت، 1997، صفحة 31-40.

[15]-Joseph, Himes, Conflict and Conflict Management, Athens, 1980, Wright Q, International law and the United Nations, Bombay, 1960.

[16]- المرجع السابق، صفحة 166.

[17]- Cantril, Hadley; public opinion in Flux, U.S.A, 1942, p. 136-150.

[18]- Boulding, Kenneth E. , Conflict and Defense, A general theory, NewYork, Harper, 1962.

[19]- Baumgartner T. , Relational Control: The Human Structurting of Coorperation and Conflict, N.Y. 1975.

[20]- Joseph, Himes, op.cit, P.224.

[21]- Wernette, Dee, Creating Institutions for applying Peace Research, NewYork, 1972.

[22]- Galtung J., Institutionalized Conflict Resolution, U.S.A., 1965, PP.348-397.

[23]- Latour S., Some Determinants of Performance for Modes of Conflict Resolution, N.Y. 1976, PP.319-355.

[24]- Wolfe C., The Logic of Failure: VIETNAM Lesson ,U.S.A , 1972 , P. 927-937.  

[25]- Joseph, Himes. , op.cit. P.230.