- En
- Fr
- عربي
النظام الآحادي القطبية...هل يستمر؟
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 حتى اعلان نهاية الاتحاد السوفياتي مطلع عام 1992، عاش العالم في ظل نظام ثنائي القطبية توزع فيه النفوذ بين الجبارين، الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي. وانضوت الدول المتقدمة، وخصوصاً أوروبا، في حلفين عسكريين متقابلين، حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو، فيما تجمعت الدول النامية الضعيفة في مجموعة عدم الانحيار. وشهدت هذه الحقبة ما سمي بالحرب الباردة، وهي حرب تخاض نيابة عن الجبارين من قبل دول أو حركات تحرر. كانت كل ثورة وكل تغيير وكل انقلاب وكل نزاع اقليمي، محط اهتمام شديد من الجبارين، وكان كل منهما يراقب الآخر ويقف ضد محاةلة توسيع نفوذه.
اليوم، وبعدما أعلن جورج بوش ولادة النظام العالمي الجديد، وهو نظام آحادي القطبية تهيمن فيه الولايات المتحدة وتفرض نفوذها على العالم، يتوقع البعض أن يشهد عالمنا فترة سلم الروماني الذي ساد العالم عندما كانت روما هي الوحيدة لمئات السنين.
لكن لا يبدو أن هذا السلم قد تحقق تماماً حتى يعيش أو يعمر طويلاً. فالأزمات التي نتشب تستمر ولاتنتهي ولاتثير اهتمام أحد إلا من الوجهات الاعلامية والانسانية المحدودة. في أفريقيا نزاعات لم تحسم بعد في الصومال ورواندا وليبيريا، ومشروع نزاع طويل بين أثيوبيا وأريتريا.
وفي آسيا حرب افغانستان لا يبدو في الاقف المنظور أي أمل بانتهائها. وفي البلقان المتفخر أزمات تتلاحق إلى ما لا نهاية. أما في الشرق الاوسط، فالجبار الوحيد، راعي عملية السلام، لا يجرؤ على تنفيذ كلمته والبر بوعوده. ننتياهو يهدد ويرفض دعوات السلام‘ حتى المجتزا منه، والنظام الجديد لا يحرك ساكناً. نمور آسيا الاقتصادية هوت بقدرة قادر معروف وجياع آسيا فجروا قنابل نووية والنظام الجديد يتحرك بخجل.
هل أفلتت الأمور من زمام هذا النظام؟ هل تحسم أزمات العالم، وفق مفاهيم الآباء المؤسسين والتطهيريين Puritans الذين أطلقوا مفهوم الحرية والديمقراطية؟ هل يخوضون حرباً، إذا تطلب الأمر ذلك، دفاعاً عن الحق والحرية، كما خاض أجدادهم حرباً أهلية دفاعاً عن حرية العبيد؟ متى يضع النظام العالمي الجديد حداً للغطرسة والنزعة العنصرية التوسعية العدوانية في اسرائيل؟ سؤال يطرح نفسه، وفي اجابته يمكن الخيار بين أن يعيش سلم النظام العالمي الجديد، في ما لو تحقق، عمر السلم الروماني أم عمر الحمار القبرصي. هذا النظام الآحادي القطبية هل يستمر؟