- En
- Fr
- عربي
النفط في لبنان: الإحتمالات، الإنعكاسات
يعود، مجدداً، الحديث على احتمالات وجود النفط في لبنان. الى أيّ حدّ يستند هذا الحديث الى مقوّمات علمية، وما هي انعكاسات أي اكتشاف محتمل على المعطيات الاقتصادية العامة و هذا البحث يحاول الإجابة عن هذين السؤالين، وسواهما، بما توافر من أدلة وعناصر.
الطبيعة، الإحتمالات
يقوم النفط على طبيعة خاصة، معقدة، ويستند البحث عنه، بالتالي، الى فهم هذه الطبيعة والى متابعة نشأتها وتطورها منذ القدم.
اولاً: في الطبيعة
1- في منشأ النفط مراجعة مبسّطة:
بعد اكتشافه (في النصف الثاني من أواخر القرن التاسع عشر)، في مفهومه العصري كمصدر للطاقة، خضع النفط للبحث والتحليل والدراسة من جميع الوجوه والجوانب العلمية تفصيلاً وتدقيقاً. وقد تبيّن منذ اللحظة الأولى أن النفط، في تركيبته الكيميائية، هو نتاج تحلل عناصر عضوية، هيدروكربونية[1] واستمر هذا الرأي سائداً حتى مع تقدم علوم التحليل الكيميائي في أواخر القرن العشرين، على رغم ظهور عناصر شاذة في سياق عملية الاستكشاف النفطي. وتعزز الشك في هذه العناصر الغريبة بعد اكتشاف بعض الجيوب النفطية في صخور نارية (تشكلت بفعل تبلور من الصهارة -الماغما- التي تحتل النطاق الثاني من باطن الأرض)، لا يبدو أثر تحلل المادة العضوية ظاهراً فيها. إلا أن هذا الشك في أصل النفط، وسيطرة النظريات التي تتحدث عن النفط كنتاج عمليات باطنية، لم تبلغ درجة كافية من الحسم لتلغي طغيان العنصر العضوي في تشكل النفط وسيطرة هذه النظرية شبه المطلق. وقد تتابعت الأبحاث في طرق تشكل النفط وزمن تكونه في شكله النهائي وظروف هذا الشكل الفيزيائية منها والكيميائية، حتى توصلت هذه الأبحاث إلى اكتشاف بعض العناصر ذات الأصل العضوي، كالأبواغ على سبيل المثال (Spores et pollens) ، لتؤكد بشكل قاطع على أن هذه المادة التي في أيدينا نتجت عن تحلل نباتات. وتجدر الإشارة هنا الى ان الأبواغ هي عناصر هيدروكربونية شديدة التعقيد[2] ، مقاومة لعوامل التحلل، وهي تعمر في اقسى الظروف الطبيعية دون أن تتحلل، وقد وجدت بعض الأبواغ سليمة في طبقات صخرية تعود إلى 600 مليون سنة.
ونتيجة لهذه المعلومات أصبح بالإمكان تصوّر مراحل نشوء النفط من بقايا النباتات والحيوانات الدقيقة المجهرية اللا فقرية منها والفقرية، وبالطبع بكميات هائلة، بعد موتها وطمرها وتعرضها لظروف محددة من الضغط والحرارة والبعد عن عوامل التأكسد[3] بحيث تصبح بعد فترة معينة، بقايا عضوية متحللة، تأخذ في مراحل تحولها الأولية شكل الفحم إذا بقيت دون تفتت واندثار وتجزئة، وقد تتطور ظروف تحولها وتحللها، بحيث تتحول إلى جزيئات أولية من العناصر الهيدروكربونية وعند ذاك، وضمن بعض الظروف الطبيعية، يصبح بالإمكان تحولها إلى هذه المادة الشديدة التعقيد والتركيب، اي النفط، وبالطبع، لم تتوضح كلياً كيفية هذا التشكل وميكانيكية اتحاد العناصر الكيميائية، وإلا لأمكن تركيب النفط الخام في المختبر وهو الأمر الذي لم يحدث بعد. إلا أنه من الواضح أن تنوع العوامل التي تلعب دوراً بارزاً في تشكل النفط، يمنع تحديد الأولويات في عملية النشوء بوضوح ولكنه لا يمنع القول أن العامل الأول والذي لا ريب فيه حتى الآن، هو الزمن، اذ لا توجد معلومات حتى الآن عن مادة نفطية تشكلت بطريقة طبيعية قبل 10 مليون سنة، وهو النفط الخام المكتشف في طبقات الطور الجيولوجي الثابت (وقد اصطلح على تسميته باللغة الجيولوجية بالطور الثالث الذي بدأ منذ نحو 60 مليون سنة والذي يأتي بعد الطور الثاني أو الوسيط الذي بدأ منذ نحو 250 مليون سنة ، والذي يسبقه بالطبع الطور الأول الذي يبدأ منذ نحو 600 مليون سنة وهو الطور الذي نشأت فيه الحياة الأولية على الأرض)[4].
2- في تراكم العناصر الهيدروكربوناتية:
إن هذا البعد الموغل في الزمن يدعو إلى التوقف أمام بعض الحقائق الناتجة عن وقع الزمن وتأثيره على الطبيعة. وثمة حاجة، هنا، للعودة إلى بعض الوقائع الأساسية في تكوين الأرض: فشبه الكرة التي هي الأرض تتألف من عدة مناطق بدءاً من المراكز، حيث توجد النواة الداخلية، تليها النواة الخارجية ثم الصهارة التي هي مزيج من المواد الأولية المكونة للأرض بكامل عناصرها والتي توجد بشكل سائل شديد اللزوجة[5]. وتلف هذه المنطقة القشرة الأرضية الصلبة والتي تتعرض للتفسيخ والتكسر أحياناً مما يؤدي إلى خروج الصهارة بشكل براكين، وهذه القشرة الرقيقة نسبياً بالمقارنة مع قطر الأرض تصل سماكتها الى ما بين 80 و100 كلم، وضمن هذه القشرة، أو الطبقة الخارجية للأرض، تتكون الصخور الرسوبية من نتاج عمليات الحت والتعرية وتتراكم تدريجياً وخلال سنين طويلة، لتكوّن الغطاء الرسوبي، الذي يحوي عملياً كل المواد والعناصر الاستراتيجية لتطور الحياة ومنها الماء.وفي هذا الغطاء ايضاً تم اكتشاف النفط المادة الاستراتيجية التي ساهمت في التطور اللاحق من خلال الطاقة الناتجة عنها. وفي هذا الغطاء الرسوبي تجري عمليات محددة، تبعاً لنوع التراكم الرسوبي وظروف نشوئه، وطبيعة المادة المكونة له. وعلى سبيل المثال فان الغطاء الرسوبي للأرض اللبنانية يتكون من المواد الآتية:
صخور كلسية صلبة ذات منشأ كيميائي نتجت عن عمليات كيميائية بين العناصر الطبيعية وأدّت إلى نشوء المادة الكلسية المعروفة بـ- كربونات الكالسيوم- (CaCo3).
وقد تكون هذه الصخور نشأت من عنصر عضوي من بقايا عظام الحيوانات أو الصدف أو حتى من عضويات حياتية مجهرية. وتتراكم هذه البقايا وتترسب فوق بعضها البعض لتؤدي بعد زمن طويل الى تراكم الرسوبيات والذي قد يصل احياناً إلى عدة آلاف من الأمتار. وتتعرض هذه الصخور بعد بروزها على سطح الأرض إلى مجمل عوامل التعرية والحت وربما أو غالباً إلى عوامل الجيوديناميكية الداخلية وأحياناً إلى عوامل التحلل الكيميائي، فتصاب بنتيجة ذلك كله بالتكسر والتخلع وذوبان بعض أقسامها وتفتت جوانب منها وتتحول في النهاية إلى كتلة صخرية منخورة أو مجوّفة أو حتى مشققة (وتدعى صخور حاملة) وتصلح بشكل عام لاحتواء السوائل الجارية من سطح الأرض إلى الداخل (كالماء) أو من الداخل والأعماق إلى داخل هذه الخزانات (مجازاً) وتدخل في ثناياها[6] (كالنفط) وتدعى في نهاية الأمر بالخزانات.
ومن صخور صلصالية أو طينية (يقال لها أحياناً دلغانية أو مرليه نسبة إلى الصخر الكلسي الفتاتي الهش). وهذه الصخور تتكون عملياً من جزيئات ما تحت المجهرية، وهي جزيئات دقيقة جداً. ان تراكم هذه الجزيئات قرب بعضها البعض لا يترك فراغاً، وهي لذلك تدعى مانعه (أي انها لا تسمح للسوائل بالدخول إليها إلا بقدر محدد، ولا تسمح للسوائل التي بداخلها بالخروج إلا بقدر محدد). وقد تكون هذه الصخور الفتاتية (كونها تأتي من تفتت صخور قاسية) قليلة السماكة وقد تكون عالية السماكة إلى أن تصل الى عدة مئات من الأمتار وأحياناً اكثر.
3- في هجرة النفط
ضمن هذا النوع من الصخور تتداخل الجزيئات ذات المنشأ العضوي وتأخذ ببطء شديد بالتحول من أصلها النباتي أو الحيواني إلى شكلها الجديد كهيدروكاربونات، على شكل جزيئات صغيرة(goutelettes) تصلح مع الوقت للتحول إلى قطرات نفط. في هذه اللحظة بالذات وبعد عدة ملايين من السنين، تبدأ هذه المكونات الجديدة بالهجرة من مكانها القديم بفعل الضغط (Compaction) وتتجمع خارجاً إما إلى الطبقات التي تتبع أدنى منها في التراتب الطبيعي، أو اعلى منها والتي يصلح أن تكون خزانات لكميات كبيرة شرط أن تكون محصورة بطبقة مانعة من فوق واخرى من تحت، الأمر الذي يشكل وعاءً قادراً على احتوائها.
إن الهيدروكاربونات عموماً هي ذات ثقل نوعي خفيف (أقل من 1) أي أنها اخف من الماء، لذلك فانها تطفو على سطح الماء، مما يعني أن الوعاء إذا كان مسطحاً وافقياً فإن القطرات النفطية تنتشر على سطح الماء على شكل طبقة رقيقة (film) لا يؤدي وجودها إلى تراكم كبير.
وبفعل العوامل الديناميكية الداخلية وتعرض الطبقات الصخرية بأنواعها إلى عوامل ضغط جانبي (Compression) ، وقوى دفع عمودية، تتغير أشكال الطبقات الصخرية (الصلبة، والهشة، الكلسية والطينية) وتتحول من طبقات أفقية إلى تعاقب طيات محدّبة ومقعّرة (طيات إيجابية وطيات سلبية Anticlinal et Synclinal) تسمح للسوائل إما بالركود في ثناياها أو الإنزلاق على أطرافها. وفي حال وجود المواد النفطية، والتي تطفو على سطح الماء بسبب من ثقلها النوعي الخفيف، تتراكم هذه المواد في نطاق الطيات المحدبة، بين طبقتين قائمتين إحداها في الأسفل والثانية إلى الأعلى، ويرقد الماء في قبّة الطبقة المحدبة حاملاً النفط إلى القسم الأعلى من الطبقة المقابلة. وبهذا نحصل على المصيدة أو الخزان النفطي.
ثانياً: وجود النفط في منطقة الشرق الأوسط
1- الوضع الجيولوجي
يقع لبنان جغرافياً في أقصى غرب القارة الأسيوية كما هو معروف إلا أن هذا الموقع يتميز بكونه يقوم بشكل أدق في القسم الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية التي تضم كلاً من اليمن والسعودية وعمان والإمارات والبحرين وقطر وفلسطين المحتلة وسوريا والأردن ولبنان والكويت والقسم الأكبر من العراق. وهذا الواقع يؤدي الى ضرورة الالتفات الى الوضع الجيوديناميكي لشبه الجزيرة العربية كونها تقع بين بحرين: الأحمر من الغرب والخليج العربي من الشرق، مع وجود أطرافها الجنوبية على ضفاف بحر العرب، والقسم الشمالي الغربي منها، على امتداد البحر المتوسط، وهي في هذا الموقع تنتمي إلى آسيا ولكنها تتصرف جيولوجيا بشكل مستقل. وبتأثير من انفتاح البحر الأحمر وتوسعه، بسبب الفالق الافريقي العظيم، تتجه شبه الجزيرة العربية إلى الشرق، وبتأثير الفالق المشرقي الكبير (فالق البحر الميت واليمونة) تتحرك شبه الجزيرة هذه على طول هذا الخط بحركة افقية نحو الجنوب.[7]
هاتان الحركتان تؤديان إلى حركة محورية شبه دائرية، الأمر الذي يجعل القسم الغربي (الواقع إلى الغرب من فالق اليمونة والبحر الميت) يتحرك شمالا بعكس حركة باقي شبه الجزيرة[8] (mouvement senestre). الا أن الاتجاه العام للحركة هو تقدم قارة افريقيا نحو أوروبا واتجاه شبه الجزيرة العربية إلى الاقتراب من آسيا من ناحية الجنوب الشرقي، ويقع لبنان في إطار هذه الحركة على خط الفالق المشرقي الكبير مع ما يعني هذا الوضع من تبعات وآثار.
2- الغطاء الرسوبي
تظهر الدراسات الديناميكية أن حركة التكسر، ابتدأت في أواسط العصر -الأوليغوسيني- أي منذ حوالي 25 مليون سنة، وهي حركة حديثة العهد بالمفهوم الجيولوجي. بمعنى آخر فأن أكثر الأحداث أهمية كانت قد تمت قبل هذا العصر وقد تكونت بفعل الظروف الجيولوجية التي أعطت شبه الجزيرة العربية طابعها المميز والمعروف حالياً، وأهم تفاصيل هذا الطابع هي كالآتي:
أ - تتميز شبه الجزيرة العربية بوجود صخور قديمة متبلورة، تشكل عادة الطبقة السفلى من مجمل الغطاء الصخري تحت الرسوبي في معظم مناطق العالم، ولكن وجودها محصور في غرب شبه الجزيرة العربية على ضفاف البحر الأحمر، وعلى طول الساحل الغربي اليمني وجزئياً على الساحل الجنوبي وغربي شبه جزيرة سيناء. وتميل صخور هذه الطبقة نحو الشرق ويشكل تكثّفها على سطح الأرض، سبباً لتعرضها لعوامل التعرية والحتّ وبالتالي إلى انتقال الفتات الناتج عن التعرية إلى المناطق الشرقية بفعل بعض الطبقات، وبفعل وجود منحدرات (أو أحواض ترسب) تتجمع فيها الرسوبيات الناتجة عن التعرية نتيجة العمليات الكيميائية أو الحياتية وبالتالي نتيجة بدء تراكم طبقة من الروسبيات المتنوعة والمختلفة الشكل والخصائص.
ب - في أوائل الحقبة الثلاثية (Tertiaire) تشكلت طبقة رسوبية سميكة توسعت إلى الشرق والشمال الشرقي لتشمل شمال اليمن وعمان ومنطقة الإمارات وكامل المملكة السعودية، وكذلك الى الشمال الشرقي لتشمل العراق والكويت وكذلك الشمال الغربي (تشمل أيضاً لبنان وسوريا). وتختلف سماكة هذه الطبقة من بضع عشرات من الامتار حتى عدة الآف من الامتار. ويتميز هذا الاختلاف في المناطق تبعاً لموقعها في شبه الجزيرة العربية ولطبيعة العمليات اللاحقة على تشكلها، ولكنها من الناحية الليتولوجية (طبيعة الصخر) تتكون من نوعين أساسيين: صخور مشققة صلبة وتحوي كمية كبيرة من الفراغات والشقوق، وصخور حبيبية الطابع تحتوي ايضاً كمية كبيرة من الفراغات بسبب طبيعة التصاق الحبيبات بعضها ببعض. وهذا النوع من الصخور يحوي فراغات كبيرة ويمكن أن يتحول إلى خزانات للسوائل بما فيها الماء والنفط. والنوع الثاني صخور طينية صلصالية وهي صخور فتاتية أيضأ ولكنها ذات مسامية خفيفة جداً والفراغات فيها قليلة جداً أو شبه معدومة وأحياناً معدومة. ونطلق بشكل عام اسمين على هذين النوعين من الصخور: صخور حاملة وصخور مانعة، وبهذا المعنى فإن النوع الأول يمكن أن يلعب دور المصيدة أو الحاضنة إما لكميات المياه المتساقطة كخزانات مياه جوفية أو خزانات احتضان لكميات النفط المتنقلة والتي تولّدت في مناطق قريبة وهي تهاجر حتى تقع في مصيدة من نوع مما أشرنا إليه وتكون صالحة لاستقبالها. وهذه الظروف الحقيقية الموجودة في شبه الجزيرة العربية، اظهرتها عمليات الاستكشاف والتنقيب ومن ثم الاستثمار والاستخراج لحقول النفط التي باتت معروفة في جميع انحاء الجزيرة العربية[9].
ج بفعل الحركات الجيوديناميكية السائدة في المنطقة، تعرضت الطبقات الرسوبية ببطء وفي وضع هادىء نسبياً إلى عمليات طي ورفع، وهو ما جعل شكل الطبقات المذكورة يأخذ وضعاً ملائماً لكي يكون خزاناً أو مصيدة أو وعاءً يحتمل ملؤه بالماء من جهة وبالنفط الأخف وزناً فوقه من جهة أخرى . وبالتالي فان توافر الأشكال التي نتجت عن الحركات الديناميكية ادت الى الهجرة البترولية من أماكن نشوء المادة الأساسية ضمن الصخور المانعة، وهو ما يدعى بتضافر الشروط والظروف لتوافر النفط في جزء من العالم.
3- موقع لبنان
في سياق الدراسات السابقة عن الإمكانات النفطية في شبه الجزيرة العربية، كان التركيز على لمنطقة المغطاة بغطاء رسوبي سميك والتي تتمتع بنشاط ديناميكي أقل. ونظراً لبعد شروط وظروف التكسر عن المنطقة الجنوبية الشرقية والشمالية من شبه الجزيرة العربية وهي المعروفة بهدوئها الجيولوجي انصرفت الأنظار فعلاً لاكتشاف مكامن للنفط في هذه المنطقة، وكل الدلائل كانت تشير إلى ذلك عبر الشروط التي أصبحت محددة بوضوح وهي:
1- غطاء رسوبي كثيف.
2- تنوع الغطاء الرسوبي من صخور صلبة مشققة أو ذات مسامية عالية وصخور طينية ذات وجود عضوي عال.
3- هدوء جيولوجي لا يسمح بتغيير التوازن الهيدروليكي مما لا يحرك ولا يدع السوائل المحبوسة في الطبقات الرسوبية تهاجر أو تتسلل عبر الكسور والفوالق التي تنشأ عن الديناميكية العنيفة.
وبالفعل فقد أكدت العملية التنقيبية وجود النفط بكميات كبيرة في المنطقة وانشغلت الدوائر العلمية بهذا الواقع وتابعت وعلى مدى عشرات السنين إمكانية الكشف عن أماكن وجود النفط والاحتياطي الاستراتيجي. وكان العلماءً يتجنبون دائما- الإشارة إلى لبنان وسوريا وبالطبع إلى فلسطين، ذلك أن هذه الدول تعرضت بحكم وقوعها تحت تأثير الحركة الفالقية المشرقية العنيفة إلى تكسر كبير[10]، وكان الرأي السائد بسبب ذلك أن النفط لو وجد فيها لهاجر الى أماكن أخرى، علما " ان ظروفا" عدة كانت تدعم احتمال وجود النفط في لبنان وسوريا، ومنها:
1- وجود غطاء رسوبي كثيف في لبنان يتجاوز الثلاثة الآف متر بكثير.
2- أشكال الطي والمسامية والفراغات في الصخور الحاضنة.
3 - طبقات سميكة من الصخور المائية أو الصخور الطينية التي تحوي مواد عضوية بنسبة عالية.
إن هذا الأمر يؤكد أن احتمالات وجود النفط في هذه المنطقة قد تصل إلى نسبة عالية جدا، ويشهد تاريخ التنقيب في المنطقة عن مفاجآت عديدة، وخصوصاً عندما حاولت سوريا استكشاف هذه الامكانيات وفوجئت بوجود نفط في مناطق لم تكن تحسب له حساباً فيها، وعلى هذا الأساس دخلت نادي الدول النفطية.
كذلك اكتشف المصريون مثل هذه الحقيقة، كما وجدت اسرائيل الغاز في المناطق الساحلية في البحر[11] وتحديداً في الطبقة الطينية الرسوبية القريبة من الشاطئ على رغم قربها من أماكن الحركة والتكسر.
ثالثاً: الظروف الجيولوجية التي تحكم احتمال وجود النفط في لبنان
1- لبنان الطبيعي:
يقع لبنان في أقصى غرب شبه الجزيرة العربية وما دون الزاوية الشمالية منها. ويمتد على طول الشاطىء الشرقي الشمالي للبحر الابيض المتوسط محصوراً بين خطوط العرض 32 ، 31 ، 34 و41 شمالاً، وخطوط الطول 35 36 و34 شرقاً. ويبلغ امتداده الآقصى باتجاه شمال و شمال شرق وجنوب و جنوب غرب حوالي 223 كلم. ويبلغ هذا الامتداد حوالي 91 كلم في أوسع نقاطه عرضاً عند امتداد منطقة حام ومعربون أما في اضيق نقاطه فلا يتجاوز ال 56 كلم.
أما منطقة الجرف القاري فتنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأوسط ما بين الزهراني جنوباً والبترون شمالاً، وتمتد إلى حوالي ثلاثة كلم في أعرض نقاطها، والقسم الجنوبي الذي يصل عرض الجرف القاري يتجه إلى حوالي 12 كلم، أما في الشمال فيبلغ هذا الجرف حوالي 20 كلم عرضاً. وتتخلل القسم الأوسط مجموعة من الوديان تحت البحرية أهمها: الوادي قبالة الرملة البيضاء والوادي قبالة نهر الموت.[12]
من الناحية المورفولوجية ينقسم لبنان إلى ثلاثة أقسام طبيعية: سلسلة جبال لبنان الشرقية وسلسلة جبال لبنان الغربية اللتان تمتدان بشكل شبه متواز ويفصل بينهما وادي البقاع وهو واد ذو منشأ بنيوي جيولوجي.
وبالفعل يغلب التأثير الجيولوجي الواضح الملامح على الطبيعة ويشكل البنى المورفولوجية، فتظهر سلسلة جبال لبنان الغربية في قسمها الشمالي والأوسط على شكل طية محدبة صندوقية الشكل مع تكسرات عديدة شبه عرضية متوازية تقريباً، وتنكشف في قمتها صخور كلسية دولوميتية يعود عمرها إلى حوالي 160 مليون سنة خلت (Jurassique)، الأمر الذي يدل على تعرض تدريجي وارتفاع مستمر لهذه الجبال (حتى يومنا الحاضر). أما القسم الجنوبي فيبدأ في التمايز عن باقي السلسلة ابتداءً من انعطاف وتفرع فالق روم عن فالق اليمونة، إلى الغرب من أطراف طية كفرحونة المقعرة(Synclinal) ويتحول إلى خفوض بنيوي قليل الارتفاع مع انحدار خفيف نحو الغرب مع استمرار الطبيعة المحدبة (Anticlinal) والتي تعتبر امتداداً طبيعيا لمنطقة الجليل الأعلى. ويتخذ وادي البقاع شكل طية مقعرة (Synclinal) تبدأ من فالق اليمونة إلى الغرب[13] وتنتهي في الشرق عند فالق سرغايا ومجموعة من الفوالق الصغيرة ذات الاتجاه شبه العرضي (Sublongitudinal)، الأمر الذي يحوّلها بسبب ذلك إلى انهدام بنيوي (Graben) وهي بذلك تحمل في بنيتها طبيعة الأولى والثانية.
أما في الشرق فتعتبر السلسلة الشرقية بطبيعتها المحدبة اقل بروزاً من جارتها الغربية وبارتفاع أقل وامتداد أكثر في العرض مما يجعل القلب منها أقل تأثراً بعوامل التربة في قسمه الشمالي، أما القسم الجنوبي فينهض بحدة وتنكشف في أعلاه الصخور الجوراسية القديمة حتى 175 مليون سنة أي أقدم قليلاً من القسم الشمالي من السلسة الغربية وهو ما يجعل التماثل بين السلسلتين يتقاطع عند شمالي السلسة الغربية وجنوبي السلسلة الشرقية، وكذلك بين جنوبي السلسلة الغربية وشمالي السلسلة الشرقية حيث تلاحظ بداية انعطاف نحو الشرق خاصة في امتدادها داخل الأراضي السورية.
2- الغطاء الرسوبي
تثبت الدراسات أن لبنان يتميز بغطاء رسوبي كثيف تلاحظ على أطراف السلسلتين الجبليتن تفاصيل جذوره وطبيعتها الليتولوجية بوضوح وتحمل في ثناياها كل المعلومات المتعلقة بظروف ترسبها وتاريخ تكونها. ويستدل من هذه المعطيات أن هذا الغطاء الذي لا يتجاوز تاريخ تكونه ال 180 مليون سنة (اسفل الجوراسي الأوسط)[14] ، يتكون من ثلاثة انواع من الصخور هي:
أ- صخور كلسية صلبة مشققة.
ب- صخور رملية متوسطة إلى كبيرة الحبيبات.
ج- صخور طينية وصلصالية مع مقاطع مارلية، مجهرية الحبيبات. وتبلغ سماكة هذه الصخور في تشكيلاتها المختلفة حوالي 3 الآف متر تقريباً. ونستنتج من هذا الأمر خاصتين اثنتين:
أ- ان الصخور الرسوبية في نطاق لبنان تتمتع بالخصائص الأساسية الضرورية لتشكل النفط (صخور مانعة) Roche mère و(صخور حاملة) Roche réservoir
ب- تتميّز هذه الصخور بكونها قد تعرضت لعمليات الطيّ والضغط ، وهذا ما نتج عن العمليات الديناميكية على امتداد شرق المتوسط مما أعطى هذه الصخور إمكانية أن تكون موقعاً صالحاً كخزانات احتواء أو لوقف حركة السوائل النفطية وإبقائها في مكانها. بالاضافة إلى هاتين الخاصيّتين نذكر أن الغطاء الرسوبي الذي تنكشف بعض ملامحه في الأراضي اللبنانية [15]ضمن وعلى أطراف سلسلتي الجبال، تبلغ سماكة طبقاته بمعظمها ما قد يتجاوز الثمانية الآف متر. لذا تجدر الإشارة الى انه حتى لو ثبت أن المرحلة الأولى من الغطاء والتي تبلغ سماكتها حوالي ثلاثة الآف متر، والتي أشرنا إليها سابقاً، لا تحوي أيّ من المشتقات النفطية (وهو ليس صحيحاً بالمعنى العلمي)، فثمة توقع أن تحوي الطبقات المتبقية والتي قد تبلغ سماكتها ما يزيد على خمسة الآف متر، ما لم نجده في المرحلة الأولى. ولو قفزنا بالاستنتاج إلى نهايته في هذه النقطةبالذات نشير إلى أن أمر اكتشاف النفط لم يبتّ بعد حتى الآن في لبنان لا سلباً ولا إيجاباً.
3- التنقيب عن النفط في لبنان
أ - مراحل التنقيب
إبتدأ التنقيب عن النفط في لبنان بالمعنى السائد، في مرحلة حمّى النفط في منطقة شبه الجزيرة العربية والتي طالت على ما يبدو كل مناطق شبه الجزيرة. وفي هذا السياق ابتدأت الدراسات الفعلية في أواسط الأربعينات ولا سيما وأن استخراج النفط كان قد بدأ فعليا- في أواخر الثلاثينات. وقد تم حفر الآبار الأولى في لبنان (والأخيرة) ما بين أواسط الأربعينات وحتى العام 1955، وتمّ في هذه المرحلة حفر سبعة آبار عميقة موزعة حسب الخريطة (المرفقة رقم 2). إلا أن هذه الآبار وإن أعطت بعض الدلائل النفطية[16] إلا أنها كما يبدو لم تكن منتجة. ولا يمكن اليوم ولا بأي شكل من الأشكال التكهن بمعطيات هذه الآبار.الا اننا نستند اليها كمرجع ونتعرف عليها مما نشر حولها من تقارير. اما معطياتها المادية فلا نجد لها اثراً وبالتالي لا يمكن مراجعتها واعادة قراءة تقاريرها الخاصة.
وفي المرحلة اللاحقة استمرت الدراسات والنشرات العلـمية تتعاطى مع موضوع النفط ولو بشكل غير منتظم. الا ان ذلك يدل على عدم فقدان الإهتمام (والأمل) بتوقع اكتشاف النفط وان كنا وما زلنا نعتقد ان توقف هذه العمليات بشكلها المكثف قد يحمل في طياته بعداً سياسياً من قبل الشركات والمؤسسات العلمية الأجنبية التي تتعاطى هذا الشأن. ومع ذلك تشير كتابات البحاثة اللبنانيين[18][19] على وجه التحديد الى متابعة البحث والنظر في بعض المسائل العلمية بحيث ان الأمل في العثور على النفط يبقى وارداً في سيرة لبنان الجيولوجية.
ب- تحليل الوضع الجيولوجي الراهن
دراسة التشكيلات الجيولوجيية المتكشفة
يضم السلم الستراتيغرافي للبنان التشكيلات الجيولوجية الظاهرة على سطح الأرض في مناطق مختلفة من لبنان، والتي تؤلف بمجملها سيرة جيولوجية محددة تبدأ من العصر الجوراسي(Jurassique) الأوسط (اوري الأسفل) وتنتهي مع البليوسين (pliocene)، ومع حضور واضح للعصر الرباعي(quaternaire) وتتميز هذه اللوحة بغياب بعض العصور (عدم ترسب الصخور خلالها) كما تتميز مثل هذه المرحلة بعدم التوافق(uncomformité) الا ان هذه الصورة تكتمل من خلال فهم الظروف الجغرافية القديمة والتي كانت تعود خلال هذه المراحل (paléogeographie) تطبع السيرة الجيولوجية ببعض الخصائص الدالة بالطبع على طبيعة المرحلة ودورها اللاحق في تشكيل العناصر الضرورية للثروة الباطنية (الماء، الحديد وباقي المعادن، والنفط وغيرها).
- الجوراسي:
يتميز العصر الجوراسي القديم (قبل 195 مليون سنة) بصخور كلسية صلبة، متأثرة بعوامل المناخ وبالمحاليل التي تلعب دوراً كبيراً في اذابة قسم من هذه الصخور وتحويلها الى فراغات متصلة ومجاري جوفية (اي ضمن الكتلة الصخرية) وهو ما يعرف بظاهرة الكارست. وتبلغ سماكة هذه الصخور الظاهرة حوالي 1000 متر.
الكريتاسي:
وفي نهاية هذه المرحلة تتقطع عملية الترسب وتمر المنطقة بحالة عدم توافق،(uncomformité) وحتى بداية القسم الأعلى من الكريتاسي (Cretacé) الأسفل، حيث تترسب الصخور الرملية والمزيج من الصخور الرملية والصلصالية مع مقاطع كثيفة من الفحم الحجري(Lignite) وتبقى هذه الصخور التي تدل على مناخ رطب([20]) وحوض ترسب ضحل، نتاج عمليات الدلتا وأطراف الشواطئ.
وفي القسم الأعلى من الكريتاسي الأسفل تتكون أولى الرسوبيات الكلسية بعد غياب طويل مشكّلة طبقة صخرية كلسية صلبة متجانسة، تعرف بما يدعى اليوم بالجدار الأبيض (falaise blanche)[21].
ويبدأ العصر الكريتاسي الأوسط بتشكيلات مهمة . فللمرة الأولى يمكن ملاحظة ترسب صخور مارلية (Marne) تتجاوز سماكتها ال200 م. (عصر الآلبيان Albien) وهذه الصخور تلعب دور الطبقات المانعة، أي انها غير قابلة للإمتصاص ولمرور السوائل وتتميز بفراغات قليلة وحتى معدومة، وهذا النوع من الصخور يمكن ان يتحول في حال وجود البقايا العضوية فيه الى طبقة من الصخور الأم (roche mère) تلي عصر الألبيان تشكيلات مهمة جداً في لبنان وهي تشكيلات عصر التورونيان والسينومانيان (Turonien) (Cenomanien) ، وهي صخور كلسية واحياناً دولوميتية صلبة متأثرة بظاهرة التحلل (الكارست) وتحوّّل في قسمها الأوسط الى تتابع ما بين الصخور الكلسية والصخور الكلسية المارلية وتبلغ سماكتها حوالى 900 م. وتلعب هذه الطبقة دور الخران المائي الأساسي في لبنان، وتنتشر على سطح الأرض اللبنانية مغطية ما نسبته 60% منها.
اما الكريتاسي العلوي فيمكن القول انه العنصر الأكثر إشارة الى العناصر النفطية في لبنان. وتبلغ سماكة هذه الطبقة حوالي 500 م. وتتكون من صخور مارلية (مانعة) وصخور طبشورية وأحياناً صلصالية دلغانية وجميعها من الصخور المانعة، وتعرف في لبنان باسم صخور ال سينونيان(senonien) وفيها اكتشفت أولى الدلائل النفطية على شكل إسفلتي وقد استخرجت على مدى 20 عاماً في لبنان وصدّرت الى الخارج بما كان يعرف باسم "الحّمر". ولا زالت مكامنها قائمة حتى اليوم، وتوجد فيها بالاضافة الى ذلك العناصر العضوية الهيدروكربونية المعروفة بالـ"Bitume" ووجود هذه الطبقة يشير الى الظروف الجيولوجية الأولى لنشوء النفط في الصخور الأم (roche mère).
السينوزويك (Cenozoique) الحقبة الثلاثية:
في نهاية هذه المرحلة نشهد مرة اخرى ملامح عدم توافق واختفاء الرسوبيات لزمن طويل طوال النصف الأسفل للعصر البليوسيني(paleocene). وفي بداية النصف الثاني تبدأ بالظهور والترسب صخور مارلية عموماً وكلسية أحياناً مع بعض المقاطع الطبشورية. وفي أعلى الطبقة تبدأ بالظهور بعض المقاطع الصوانية (Calcedoine) مشكّلة هنا صخورالعصرالايوسيني (Eocene). ويمكن مجازاً ضمّ هذه الطبقة الى الطبقة الأخيرة من العصر الكريتاسي (Senonien) لتشكلا معاً طبقة مائية وحاجزاً ما بين القسم الأسفل بأكمله وما بين صخور العصر الثلاثي مجتمعة.
وتلي هذه الطبقة مرة اخرى طبقة كلسية صلبة مشققة، يمكن ان تكون خزاناً وهي بالفعل خزان مائي مهم رغم ضيق المساحة التي تضمّها. وفي هذه الطبقة تحديداً نجد العديد من الدلائل على التجمعات النفطية. وتمتلىء الشقوق في الطبقة الصخرية وتظهر بشكل اسفلتي. وفي نهاية هذا العصر الأيوسيني تمر فترة مهمة من السكون وعدم التوافق وعدم ترسب صخور معينة وفي منتصف هذه المرحلة تتعرض المنطقة لحدث جيولوجي ديناميكي عنيف وهو تكسر الارض بتأثر من الفالق (الصدع) الافريقي العظيم و الذي امتد الى خليج العقبة والبحر الميت[22] وامتد أيضاً الى لبنان ليشكل فالق اليمونة وليطبع المرحلة اللاحقة بتأثيراته العديدة وأهمها تغيير النسق الستراتيغرافي (التحركات الارضية)، وليساعد على بلورة الشكل النهائي لعمليات الطيّ والتكسر في كل لبنان.
وبعد فترة الهدوء التي تلي العاصفة تعود المنطقة الى عمليات الترسب ويبدأ العصر الميوسيني(Miocene) ويلي العصر النيوجيني(Neogene) وحيث تظهر بقايا هذين العصرين على السطح من خلال تتابع مارلي كلسي مع صخور فتاتية كبيرة الحجم(conglomerat) وتعلوها في أعلى السلم الستراتيغرافي بعض الترسبات المارلية والشاطئية والنهرية مغلقة بذلك السلم الستراتيغرافي المثير للتساؤل.
ج - عمليات الاستكشاف الحديثة:
الدراسات الجيولوجية التقليدية
في زمن الانتداب الفرنسي، اخذت السلطة الفرنسية قراراً بدراسة جيولوجية المنطقة التي تخضع لسلطتها، اي لبنان وسوريا والقسم الجنوبي من تركيا. وبالفعل قام المهندس الجيولوجي الفرنسي لويس دوبـرتريه منتدباً من ادارة المناجم في فرنسا ومن المتحف الوطني للتاريخ الطبـيعي، باطلاق مشروع المسـح الجيولوجي . وعلى امـتداد خمسة وعشـرين سـنة عمل دوبـرتريه ومجموعة من المساعدين على تنظيم خريطة لبنان الجيولوجية بمقياس 200000/1 تدريجياً وحتى بعد الاستقلال. وخلال هذه الفترة كان الباحثون ينظمون قسائم مستقلة بقياس 50000/1 للبنان بأكمله، وقد تم انجازها جمــيعها بحلول عام 1955. ومنذ ذلك التاريخ استمر الجيولوجيون بدراسة لبنان من مختلف الجوانب الجيولوجية ونشر الباحثون اعمالاً جيدة في مجالات الجيولوجيا التركيبية والجيوفيزياء والتكتونيك (علم حركات الأرض) والستراتيغرافيا والليثولوجيا والتنقيب عن الماء (الهيدرولوجيا) والتنقيب عن النفط والباليونتولوجيا (علم الأحافير) ... وغير ذلك. ولقد أغنت هذه الأبحاث المكتبة الجيولوجية بالعديد من المعلومات المثيرة والتي يمكن ان تضيف الكثير في مجال البحث عن الثروات الدفينة[23][24][25][26][27].
في اي حال فان هذا البحث استطاع ان يضيء بعض جوانب عمليات الإستكشاف النفطي، وإن كان ذلك بشكل غير مباشر، كما انه ساعد على الإستنتاج والتحليل وخصوصاً في مجال البنى التركيبية. وقد تبيّن ان الارض اللبنانية بسبب نوع الطيات الموجودة فيها، تعطي املاً واضحاً في احتمال اكتشاف النفط في غير الاماكن التي تم استكشافها! كما تبين وبعد دراسة شملت لبنان وسوريا ان احتمال وجود الصخور الأم(roche mère) في الصخور الرسوبية العميقة يبدو محتملاً. كذلك الأمر بالنسبة الى الصخور الحاملة(réservoirs) التي تظهر امكانات احتواء النفط . وقد دلّت على ذلك دراسات عديدة جرت على مجموعة من المواضيع المتعلقة بهذا المجال، نذكر منها أعمالSaint-Marc وAlain Guerre ومشاريع التنقيب الفعلي والتقارير[28] والدراسات والأبحاث للعديد من العلماء الذين قد لا يتّسع المجال لذكرهم وقد ساهموا بشكل مباشر وغير مباشر في زيادة معارفنا وتقريبنا من فكرة متابعة البحث الدراسي في ما يخص التنقيب عن النفط.
- الدراسات الموجهة في الاسكشاف النفطي:
في العصر الحديث وبتأكيد من المجتمع الجيولوجي ودفعاً من جميع العاملين الاكاديميين في ميدان النفط، وبتأثير مباشر من العالم زياد بيضون في بداية التسعينات قامت الدولة اللبنانية بأول محاولة للإستكشاف النفطي في البحر، وقد تم اختيار المنطقة الشمالية الممتدة من طرابلس جنوباً حتى الحدود اللبنانية شمالاً، وهي المنطقة التي اشرنا اليها على انها قليلة الانحدار نحو البحر وتمتد على مسافة 20 كلم من الشاطىء. وبالفعل قامت وزارة النفط في حينه باستخدام شركة دراسات جيوفيزيائية قامت بالمسح السايزمي للمنطقة المذكورة. وتشير الدلائل غير المباشرة ومنها تقرير زياد بيضون نفسه (من خلال محادثة شفهية معه) ان المسح أثبت وجود تراكيب وبنى صالحة لاحتواء النفط في حال وجوده في المنطقة. غير انه ومع تغيير الحكومة ذهبت سدى كل المحاولات لإيجاد هذه التقارير بل والمعطيات السايزمية الأولية لمحاولة مراجعتها. ولم يجد الباحثون اية امكانية لمتابعة البحث حتى بعد الاتصال بالشركة التي انتدبت للمشروع والتي اعلنت انها لا تملك المعطيات المذكورة. وقد تشكلت لجنة لدراسة هذا الملف من الباحثين اللبنانيين[29] الا اننا لم نعثر على ما يفيد في هذا الميدان في شيء.
في سنة 2000 قامت احدى الشركات بمسح الشاطىء اللبناني بنفس الطريقة ولكن خارج الحدود الاقليمية. ان الدارس والمتابع لهذه المعلومات والمتقصّي والمحلل للبيانات ولو بالاستدلال، يستطيع ان يرجّح ان النتائج التي توصلت اليها هذه الشركة كانت إيجابية. وبدفع مباشر من اللجنة المشار اليها، تم الاتفاق على اعادة المسح الزلزالي للمنطقة الشمالية، مع ضرورة إكمال المسح على اليابسة. وبالفعل تم الاتفاق على تشكيل لجنة اخرى لمتابعة هذا الموضوع[30]. وقد اتخذت السلطات اللبنانية بناء على تقارير اللجنة قراراً قضى بإعادة دراسة الآبار المحفورة في الخمسينات والستينات لدراستها من جديد وإعادة النظر بمجمل المعارف الحديثة الناتجة عن هذه الاعمال. وكانت الاعمال العلمية الاخرى والتي كانت مثمرة بشكل مؤثر تعطي دائماً الانطباع بأن الدلائل على وجود النفط اصبحت عديدة، منها اكتشاف آثار نفطية في أحد الآبار المحفورة من اجل مياه الشرب[31].
وفي 2002، تم الانتهاء من المسح الزلزالي الجديد الذي تبنته وزارة الطاقة والمياه وخرجت النتائج لتعطي انطباعاً ايجابياً آخر حول إمكانية وجود النفط في البنى المكتشفة (ربما للمرة الثانية تأكيداً للمسح الذي جرى تكراراً منذ 1994).
وباختصار فإن الاستكشاف النفطي عملية طويلة ومعقدة من الناحية الحقلية والمخبرية وتحتاج الى زمن طويل وجهود انسانية مضنية وتحتاج بالاضافة الى هذا كله الى أموال طائلة تفتقد اليها الخزينة اللبنانية.
من الواضح ان السبيل الى هذا كله هو اللجوء الى طريقة B.O.T . ولكن المعطيات الحالية (لم تستكمل حتى اليوم كامل المعطيات للمسح الأخير)، تتلازم مع ضرورة اقتناع الشركات النفطية العالمية بالقيام بالعمليات التنقيبية الحقلية (اي الحفر والقاء نظرة مباشرة على باطن الارض) لاستصدار قرار رسمي بقبول وجود النفط وباستكمال هذا القرار بعمل حقلي آخر لا يقل كلفة. لكن هذا القول بوجود النفط بكميات تجارية يستحق عناءالجهد والمال المبذول في سبيل الحصول عليه، ونحن اليوم في هذه المرحلة بالذات اي اننا نحمل آمالاً كبيرة واحلاماً واعدة، يجب ان نثبتها بالوقائع الميدانية بشكل قاطع.
في أي حال، ومع تقدّم الحديث على احتمال وجود النفط في لبنان، بدأ كلام (مبكّر اساساً) عن انعكاسات مثل هذا التطور على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية العامة. وذهب بعض الكلام الى حدود التفاؤل المفرط. ونحاول في القسم التالي من البحث مقاربة الإنعكاسات المحتملة مع افتراض منطقي، استناداً الى المعطيات المتوافرة، ان النفط يمكن أن يكون موجوداً فعلاً بكميات تجارية في لبنان. (وكذلك الأمر بالنسبة للغاز).
النفط في لبنان: الإنعكاسات المحتملة
يرتبط التحليل المنطقي للإنعكاسات المحتملة لإمكان وجود واستغلال النفط، بكميات تجارية، في لبنان بمجموعة من المعطيات والمؤشرات الأساسية أبرزها تقنيات الإنتاج والتسعير، في السوق العالمية، وشروط التنمية والإنماء، على المستوى العام المطلق او على المستوى الوطني المحلي البحت، اضافة الى المضمون المالي المباشر للعملية المتمثل، خصوصا-، في تطور الفاتورة النفطية.
اولاً: في تقنيات الإنتاج والتسعير
يخضع النفط، انتاجاً وتسويقاً واستهلاكاً، الى حد بعيد، لاعتبارات السوق العالمية الواحدة. وتتجه هذه السوق، منذ سنوات، الى بناء أشكال صور جديدة تؤثر، مباشرة، على اتجاهاتها الحاضرة والمستقبلية.
-1 اتجاهات الانتاج والاستهلاك
لعل بعض أبرز ما يلفت في سوق النفط العالمية ان هذه السوق باتت، منذ الثمانينات، سوقاً معروضة بعدما كانت، ولفترات طويلة سابقة، وفي السبعينات خصوصاً سوقا مطلوبة على المستوى العالمي. والثابت ان الصدمة النفطية الاولى (1973) والثانية (791980) دفعتا الدول المستهلكة، بقوة، الى اعتماد برامج قاسية أدّت، عبر عقلنة استهلاك الطاقة والضغط لزيادة الانتاج وبناء المخزون الاستراتيجي الكبير واستعمال المصادر البديلة عن النفط، أدت الى اتجاه جديد ما زال مستمراً، تمثل خصوصاً في فائض في الإنتاج وثبات نسبي، بل ربما تراجع فعلي للاسعار.
وقد زاد انتاج النفط العالمي من 56.2 مليون برميل يومياً في [32]1981 الى 65.5 مليوناً في 2001 (+16.5%) منها نحو 41 % حصة الدول الاعضاء في منظمة "اوبيك" (40% في 1981 ). لكن انتاج الغاز ارتفع من 1.55 مليون متر مكعب قياسي في 1981الى 2.56 مليونين في 2001 (+65.2%) كانت حصة مجموعة "اوبيك" متدنية بوضوح فيها (16.3%). وفي شكل مطلق وشامل ارتفع انتاج الطاقة، من مصادرها المختلفة، من 6.90 مليار طن متري لمماثل النفط في 1980 الى 9.7 مليارا" في [33]1999(الجدول رقم 1 ادناه).
وزادت الصادرات النفطية العالمية من 25.84 مليون برميل يومياً في 1981 الى 37.33 مليونا" في 2001 (22.6 في 1987[34] ). اما استهلاك المنتجات النفطية المكررة فارتفع ، عالمياً ، من 57.55 مليون برميل يومياً الى 71.14 مليوناً في 2001 كانت حصة "أوبيك" منها 7.2 %[35]. وارتفع حجم الطاقة المستهلكة من 6.92 مليار طن متري لمماثل النفط في 1980 الى 9.63 في 1999 اي بمعدل نمو سنوي، بين 1980 و 1990 قدره 2.9 % ، وبحيث زاد الانتاج من الطاقة، وبوضوح، على استهلاكها بعدما كانت الحصيلة معكوسة في بداية الثمانينات (وقبلها).
وجنباً الى جنب مع زيادة الانتاج (والاستهلاك) تضاعفت بوتيرة أوضح، الكميات المكتشفة المؤكد وجودها كاحتياطي، وقدرت هذه الكميات بنحو 1074.8 مليار برميل في 2001 ، مقابل 438 ملياراً في 1981 اي بزيادة نحو 145.4 % حصة اوبيك منها (78.7 %) ولا سيما الأطراف العربية في المنظمة وهي الاكبر[36]. ويعكس الاتجاه العالي لاكتشاف الاحتياطيات الاضافية، معطوفاً على فائض العرض، مجدداً، حقيقة ان السوق باتت تميل الى كونها معروفة وانها ستبقى، كذلك، لسنوات عديدة مقبلة، الأمر الذي يضغط على الأسعار وعلى مدى امتلاك القرار النفطي في الدول المنتجة وعلى العائدات الفعلية لتلك الدول.
2- مستويات الأسعار
شهدت اسعار النفط تقلبات حادة في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي. واذا كانت الصدمة النفطية الاولى (1973) قد لعبت دوراً في تصحيح جذري اول للسعر ، فان هذه الصدمة أدّت ايضاً، ومن خلال ردود الفعل التي احدثتها، في التمهيد للصدمة الثالثة (1987) وبالتالي في عودة الاسعار الى الانخفاض، ثم الهدوء، لاحقاً. لكن حصيلة التطور كانت، منذ 1971، وحتى اليوم، ايجابية لمصلحة النفط اذ ارتفع السعر الرسمي للبرميل من 1.67 دولار وسطياً في 1971 الى 23.12 دولاراً في 2001 الا ان المضمون الحقيقي للسعر، محتسباً من قبل منظمة "أوبيك" بحسب معدلات التضخم وتطور اسعار سلة من السلع الرئيسية الاخرى، زاد فقط من 2.38 دولار الى 6.56 دولارات[37]. ويستدل على تقلص القيمة الحقيقية لسعر النفط من خلال متابعة مؤشر السعر محتسباً من قبل البنك الدولي جنباً الى جنب مع أسعار سلة من السلع المختارة تعرضت، هي الاخرى، وكما مواد أولية وزراعية تنتجها دول نامية، الى الإنخفاض.
باختصار فان اسعار النفط، وإن كانت ما تزال جاذبة نسبياً، فهي اتجهت منذ سنوات الى حلقة "الجاذبية المحدودة" بما يوحي ان درجة الإفادة منها تتقلص بخلاف ما كانت عليه الحال قبل نحو ثلاثين سنة. وهذه الحقيقة مرشحة للإستمرار في العقد المقبل على الاقل وهو ما يفترض ان تبني عليه كل الدول المنتجة او المرشحة للانتاج ومنها لبنان. وتترافق هذه الحقيقة مع ضغوط عوامل اخرى تتحكم بمعظمها الدول المستهلكة الكبرى، وفي طليعة هذه العوامل دور شركات التنقيب والتسويق.
3- دور الشركات
تخضع سوق النفط ايضاً، لتأثير مباشر واسع للشركات النفطية العملاقة. وعلى رغم ان دور هذه الشركات بات، ظاهرياً ربما، اقل وهجاً لمصلحة المؤسسات الحكومية والوطنية لكن المرتبطة، بشكل او بآخر، بالمجموعات الأم العالمية، إلا أن الشركات الكبرى ما زالت تحكم، بدرجة او بأخرى، بصورة او بأخرى، زوايا عدة رئيسية من سوق النفط العالمية.
ويكمن" سر" هذه الشركات في عدة عناصر من اهمها، حجم الإستثمارات والإمكانات المالية الضخمة التي تمتلكها او التي يمكن ان تحصل عليها،إضافة الى التقنيات المتقدمة والتي يقتصر تسويقها او تسويق اهمها على الدول والمجموعات الاعضاء في "نادي" هذه الشركات. ولا يخفى ما لهذه الشركات من فعل مباشر في السياسات العالمية (والمحلية) عبر "رجال" مخلصين في شتى الدول المستهلكة منها والمنتجة، كما لا يخفى دور هذه الشركات في مجالات اقتصادية عدة منها ، على سبيل المثال لا الحصر، سوق القطع وسوق الإستثمارات المباشرة والإعلام والسياحة والتسلح [38]...
ولتعزيز قدراتها، ولمحاولة جبه تحدّيات السوق، اتجهت الشركات العملاقة اساساً الى التوحد في السنوات الأخيرة بما ضاعف من قدراتها وحدّ من امكان منافستها وقلل، بالتالي، من هامش حرية المناورة الوطنية ازاءها. وتعكس موازنات هذه الشركات والأرباح المعلنة (وليس بالضرورة الحقيقية) التي تجنيها، جانباً من عظمة هذه الشركات.
وللتدليل على اهمية هذه الشركات، مجددا"، يتبين ان حجم مداخيلها يمثل، في 2001، نحو 91% من حجم الناتج القومي (839.6 مليار دولار ) ونحو 243% من حجم صادرات (314 ملياراً) دول "أوبيك" مجتمعة.
وتعكس هذه الحقيقة جانبا" من سوء توزيع عائدات النفط بين الدول المنتجة وسائر أطراف السوق. وتبيّن هيكلية الأسعار ان هامش ارباح الشركات يصل الى أضعاف كلفة الإنتاج، وان هذه الكلفة تتراجع، خصوصاً مع إدخال تقنيات جديدة ومع توحد الشركات، في الدول الغنية بالمادة، خصوصاً وأن سعر النفط الخام يظل يمثل 25 الى 40 % من مستوى مبيع المشتقات النفطية المكررة في الدول المستهلكة الرئيسية[39].
وباختصار، فأن هذه الصورة لا تعني ان لبنان، كما سائر الدول المرشحة لأن تكون نفطية، المضطر، بفعل هذه المعطيات وبفعل خصائصه المالية والاقتصادية والسياسية والتقنية المعروفة ، للتعامل مع هذه الشركات ومع عناصر السوق الاخرى المرتبطة بها ان لبنان لن يفيد مطلقاً من هذه الشروط، بل ان الصورة تعني ان هامش الإفادة من المعطيات الدولية الحالية، كما هامش المناورة ازاءها، لن يكون كبيراً. ويزيد في تضييق اطار التوقعات عناصر عدة من المعطيات اللبنانية خصوصا- على مستوى الانتاج (المحدود على المدى القصير على الاقل ) والاستهلاك والصعوبات المالية والأخرى المختلفة.
ثانياً : في بعض المعطيات اللبنانية
ان تقييم "الجهد النفطي" اللبناني يفترض ان يقرأ، ايضاً، من خلال معطيات اساسية تتصل بشروط الانتاج وبفاتورة الاستهلاك ومقوماته .
1- شروط الانتاج
يصعب، بالتأكيد، الخوض في حجم الإنتاج المتوقع اذا افترضنا، فعلا-، ان لبنان يتجه وهو في اعتقادنا كذلك في طريق انتاج اصناف نفطية مستقبلاً، لكن، وعلى رغم ذلك، يمكن الإستناد في التحليل الى بعض المبادىء المؤيدة في العلم والمراقبة والواقع ، او المستقاة من مضمون القسم الاول من هذا البحث، ومنها :
أ - ان لبنان دخل، فعلاً، دائرة الترشيح للانتاج وان الخطوات اللاحقة تقرر، سلباً او إيجاباً وفق عمليات الإستكشاف والتنقيب الحقلية التي لا بد آتية.
ب- ان موقع لبنان الجغرافي وطبيعته الجيولوجية قد لا يكونان يشجعان، كما اشرنا في القسم الاول، إلى توقع وجود احتياطات كبيرة علما- ان الإحتياطات المؤكد توافرها في دول محاذية هي محدودة. وعلى سبيل المثال فإن الإحتياطات السورية المؤكدة بلغت، في 2001 ، نحو 2.5 مليار برميل (112.5 ملياراً في العراق ، و2.947 مليار في مصر [40]).
ج - ان الانتاج المتوقع ، نظرياً حتى الآن ، لا يجوز ان يقتصر على النفط الخام، بل ان ثمة ادلة، قد تكون اكثر جدية بل هي كذلك على احتمال وجود ثروة من الغاز الطبيعي في لبنان. وتشرح دوائر حكومية، استناداً الى تقارير خبراء، ان تكون هذه الثروة المحتملة ملموسة خصوصاً ان الخط الذي تجري مراقبته في المياه الاقليمية يمتد، حتى الساحل المصري حيث اكتشف الغاز بكميات تجارية عالية[41]. ويبلغ الإحتياطي المؤكد اكتشافه في مصر في العام 2001 نحو 1.557 مليار متر مكعب قياسي.
د- ان الانتاج، اذا تأكد وجود كميات تجارية فعلاً، لن يتم قريباً جداً. ويتفق، عموماً، على ان الهامش التقني الضروري بين تأكد وجود كميات وبدء الانتاج يمكن ان يمتد بين سنتين وثلاث سنوات[42].
ه - ان كلفة الانتاج اللبناني متى تأكد فعلاً لن تكون، مبدئياً، هي الاخرى محدودة بالمقياس العالمي نتيجة اعتبارات عدة أقلها الخريطة الجيولوجية اللبنانية. وقد يكون صحيحاً التصور ان هذه الخريطة جعلت عمليات الإستكشاف تتأخر حتى الآن باعتبار ان شركات التنقيب تتجه، عموماً، حيث العمليات أقل تعقيداً وكلفة. ويمكن ان يكون لبنان منتمياً، بالتالي، الى فئة الاراضي ذات الأكلاف الأعلى من الوسط بالمقارنة مع مناطق محدودة الكلفة (الخليج) واخرى عالية الكلفة (الولايات المتحدة، بحر الشمال)[43].
و ان ارتفاع الكلفة، الى الخصوصيات اللبنانية ومنها الصعوبات المالية المعروفة ، تجعل لبنان مرتهناً اكثر لشروط الشركات الكبرى بكل ما يعنيه ذلك على المستويات التقنية والسياسية والادارية، وعلى مستوى العائدات الفعلية لعمليات التنقيب المحتملة ايضاً .
وتلك "فاتورة" اضافية يجدر التنبه اليها .
2- "الفاتورة" النفطية
ارتفعت "الفاتورة" النفطية للبنان بقوة خلال السنوات الاخيرة. وقدّرت المديرية العامة للنفط حجم المستوردات النفطية بنحو 4.822 مليون طن متري من المشتقات المختلفة للعام 2002 بلغت قيمتها التقديرية نحو 1.250 مليار دولار في مقابل 4.392 مليون طن في 2000 ونحو 1.136 مليار دولار[44]، و 4.96 ملايين طن في 1999 ونحو 809 ملايين دولار[45].
وعلى رغم ان عبء هذه "الفاتورة" بدأ يكون ثقيلاً خصوصاً انه تجاوز حدود 7% من التقديرات الرسمية للناتج القومي، فان الاتجاهات العامة لوتيرة الاستهلاك، ولحركة النمو المسجلة او المتوقعة في المستقبل المنظور، تؤكد ان هذه "الفاتورة" تتجه الى ازدياد واضح، وربما بلغت مستوى مليار ونصف مليار دولار، بالأسعار الحالية للنفط، في خلال عامين، قبل ان تمضي ارتفاعاً، خصوصاً اذا عادت حركة الانتاج الى الدوران العالي مستقبلاً.
ويزيد في احتمال تعزيز هذا الاتجاه ان الطاقة المستهلكة للفرد في لبنان ما زالت ادنى بوضوح من المستوى العالمي وكذلك من المستوى المعروف في الدول المشابهة، لجهة الدخل، عالمياً[46]، وان وتيرة النمو السنوي لاستهلاك الطاقة في لبنان عالية، نسبياً، وان الهدر المحلي للطاقة كبير ايضاً في شتى المقاييس.
ويمكن ان يستدل الى كل ذلك ، أكلاف وشروط انتاج و"فاتورة" عالية و...هدر، من خلال قراءة المثل الأبرز في مؤسسة كهرباء لبنان. وقدرت "فاتورة" المحروقات للمؤسسة وحدها بنحو 400مليون دولار[47]، وبعيداً عن الخوض في هموم هذه المؤسسة (الكثيرة ) يلفت ان لبنان ما زال يركز على دورات انتاج تقليدية وغالية للطاقة ، ومنها الكهربائية ، بينما كان يمكن ان يلجأ ، منذ سنوات ، الى خيارات اخرى اقل كلفة وتلويثاً، وهو ما تفعله دول عدة في العالم .
ومن الطبيعي ان تترك هذه المعطيات اثراً مباشراً على شروط التنمية والإنماء كما على المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية والعامة الاخرى في لبنان .
ثالثاً : في الآثار الإقتصادية العامة
يحلو لبعض المحللين ان يذهب بعيداً في المغالاة بالآثار الإيجابية نظرياً لاحتمال اكتشاف وانتاج النفط في لبنان. ومثل هذا الموقف ينطوي، حتماً، على مبالغة، لكنه يظل يعكس جزءاً من الحقائق المفترضة خصوصاً على مستويي الاقتصاد الحقيقي والمؤشرات المالية.
1- في الاقتصاد الحقيقي
تعاني القطاعات الاقتصادية المنتجة للسلع أزمة هيكلية ساهمت الطاقة في تفاعلها وتضخمها. ومن الادلة على ذلك ان ارتفاع اسعار الطاقة (نسبياً) يشكل احد العناصر الرئيسية في هيكلية كلفة الانتاج الصناعي، وبالتالي في الحدّ من القدرة التنافسية للصناعة اللبنانية[48]. وقد جعلت جمعية الصناعيين اللبنانيين مسألة الطاقة في رأس جدول مطالبها مركزة على وجوب مدّ المؤسسات بعناصر الطاقة بأسعار تفاضلية.
وكما الصناعة، كذلك الزراعة التي تضغط كلفة الطاقة سلباً على مكونات تسعيرها خصوصاً عبر النقل. ويعتبر النقل ، اساساً، رافعة اساسية للتضخم في لبنان خصوصاً ان السيارات الخاصة (وأسطولها قديم نسبياً) تمثل العمود الفقري لحركة النقل في ظل هزال القطاع المشترك. وليس أدل على ذلك من ان هذا الباب يأتي في مقدمة ابواب الانفاق في موازنة الاسرة اللبنانية (بنحو 9% من انفاق الاسرة)[49].
وفي المطلق، ارتبط مستوى اسعار النفط بمستوى التضخم في الدول المستهلكة ولا سيما الغربية الرئيسية منها، وكانت مرحلة السبعينات والثمانينات معبرة الى حد بعيد حيث شهد الاقتصاد العالمي، انطلاقاً من الغرب، موجة تضخمية حادة عادت تتجه الى التقلص مع اتجاه اسعار النفط نفسها الى التراجع.
في المقابل تظهر علاقة عكسية بين ارتفاع اسعار النفط (النسبية) وحالات محددة من مستويات التشغيل وبالتالي النمو، على رغم ان الطلب على النفط هو نفسه طريق الى النمو، ونتيجة له. ويرتبط الأمر بشيء من التوازن الفعّال بين العنصرين، فاذا زادت الاسعار بقوة تراجع النمو (والتشغيل)، واذا نما الطلب بهدوء، أمكن الحفاظ على معدلات نمو متصلة كما مستويات تشغيل عالية.
وثمة دعائم نظرية للعلاقة بين استهلاك الطاقة ونمو الناتج المحلي الإجمالي خصوصاً وان الطاقة (والنفط تحديداً) هي مدخول اساسي من مداخيل الانتاج (وهو ما يتبين من قراءة الناتج من زاوية العرض)[50]، كما انها عامل اساسي من عوامل الاستهلاك (لدى قراءة الناتج من زاوية الطلب)، وهي تؤثر مباشرة على شروط التوزيع العادل (لدى معالجة الناتج من زاوية الدخل)[51].
وانطلاقاً من ذلك، وبالعودة الى الحالة اللبنانية، ثمة ما يشجع على الاعتقاد ان استهلاك الطاقة يتجه الى زيادة ، وان هذه الزيادة يفترض ان تتعزز في حال الاكتشاف المؤكد لثروة ممكنة وفي حـال استغـلال هـذه الثروة . وفي هـذه الحال او الأصح في إحدى هاتين الحالتين يصبح توقع إنتعاش النمو امراً طبيعياً، وربما تحوّل هذا النمو الى حال من النمو العالي لاحقاً، خصوصاً، اذا أحسن لبنان استغلال الفرصة[52].
ويرتبط الامر، الى حد بعيد، بتطوير آلة الانتاج المتآكلة في قسم كبير منها، وكذلك باعادة رسم سياسة التسعير خصوصاً بالنسبة للطاقة الموجهة الى القطاعات الإقتصادية[53]، علماً ان اسعار الطاقة ما زالت، في مقارنة مطلقة مع دول قريبة او بعيدة، شبيهة او اقل شبهاً بلبنان، غير مرتفعة دائماً على المستوى الوطني العام لكنها اي هذه الاسعار تبقى مرتفعة نسبياً خصوصاً للمؤسسات، اذا قيست ببعض المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية وخصوصاً هيكلية أكلاف الانتاج ومستوى الدخل.[54]
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي ايضاً ، وفي جانب آخر هام من جوانب الطلب ، وبالتالي النمو ، تجدر ملاحظة الصعوبات المستمرة على مستوى جذب الاستثمار الى لبنان ، وهي صعوبات يمكن تصوّر بعض وجوهها في مرحلة لاحقة من مراحل الاستكشاف والتنقيب ، وفي اي مفاوضات لن تكون سهلة مع الشركات العالمية. ويصنف لبنان غالبا- في موقع مرتجّ نسبياً لجهة معايير جذب الاستثمار الخارجي.
وتنعكس كل هذه المعطيات مباشرة على النتائج المالية المتوقعة وخصوصا- على عدد من مؤشرات المالية العامة.
2- في المؤشرات المالية
ينتمي لبنان ، كما بات معروفاً، الى فئة الدول المرتفعة الاستدانة . ويبدو ذلك جلياً من خلال المؤشر الرئيسي الذي يقيس الدين العام ( 31.3 مليار دولار في آخر 2002) الى الناتج القائم (نحو 190 %). ويصعب، عموماً، تحديد الأثر المباشر لاحتمالات اكتشاف واستغلال النفط، بكميات تجارية، على هذه الصورة المالية العامة، لكن مراجعة الخصائص اللبنانية، وقراءة تجارب دول مماثلة، تسمح بالاعتقاد، في ظل افتراض ان اي انتاج محتمل لن يكون متوافراً بشكل ملموس قبل أقل من سنتين من انطلاق العمل الجدي الفعلي، ان النتائج الايجابية المنتظرة لن تكون كبيرة على المدى المنظور.
ويشجع على هذا الاعتقاد ان دور القطاع العام لن يكون حاسما-، في السنوات القليلة المقبلة على الاقل، في عمليتي الإنتاج والتسويق، وان الكميات المنتظرة، نفطاً او غازاً، لن تكون واسعة، وان الحاجات الإنفاقية هي، في القريب، الى توسع. لكن الامر لا يعني، طبعاً، سلبيات بل إيجابيات محدودة وربما سمحت الثروات النفطية النظرية بزيادة في الواردات العامة تنشأ خصوصاً عن النمو وعن تعديل جوهري في الميزان الجاري وعن خفض أكلاف اقلها، مثلاً، ما يتعلق بانتاج الطاقة الكهربائية.
ويزيد في محدودية النتائج، ايضاً، ان ثقل المديونية العامة يلقي بعبئه الهائل على الإحتمالات المستقبلية ويعرقل مسيرة التنمية والإنماء، لكن افتراض الثروة النفطية، ولو كان ضيقاً، يساعد، طبعاً، على ازالة العديد من العوائق، كما هي الحال في العديد من دول العالم الثالث، علماً ان بعض هذه الدول، ومنها دول نفطية عربية، جعلت، احياناً من الافراط في الاعتماد على النفط، سبباً اضافياً معرقلاً للنمو (والتنمية طبعاً).
وتختلف تجارب دول عدة ازاء التعامل مع اكتشافات نفطية ، ونكتفي بأمثلة دالة، من حيث بعض جوانب الهيكلية او المديونية، ومنها مثلاً اليمن (حيث بدأ الانتاج حديثاً) إذ لم ترتفع الواردات العامة على نحو جوهري ، ونيجيريا(حيث ضغطت الاضطرابات) إذ تراجع الناتج نحو 50% بين 1981 و 2001 ، وتركيا (حيث الانتاج ما زال محدوداً) إذ زاد الدين الخارجي نحو13,5 % بين 1990 و 2000 ، وفنزويلا - في المقابل- حيث تضاعف الناتج تقريباً (من 66.4 ملياراً الى 124.9 ملياراً) بين 1981 و 2001.
ويسجل ايضاً, في اطار وزن العائدات الضريبية من صحون نفطية ان العبء الضريبي اللبناني على بعض المشتقات كبيرة وربما تجاوز, على البنزين مثلاً, حدود 5560 احياناً من السعر النهائي للمستهلك, على رغم انه يبقى محدودانسبياعلى مشتقات اخرى. وهذا يعني ان هامش المناورة الضريبية في هذا المجال بدأ يضيق لأسباب اقتصادية وكذلك وخصوصاً لأسباب اجتماعية. ويشرح الجدول رقم 7 هيكلية بعض اسعار النفط ووزن الضرائب عليها.
وفي اختصار , واستناداً الى المعطيات المتوافرة , سواء على المستوى المحلي او على المستوى الدولي, يصعب تصور تحول جذري عجائبي اقتصادياً لأي احتمال اكتشاف واستغلال النفط في لبنان, لكن, وفي المقابل, يصحّ تصوّر إيجابيات, لا بد ان يؤدي أيّ استغلال نفطي الى تعظيمها, خصوصاً على مستويي النمو والواردات العامة.
وكل النتائج تبقى مرتهنة بحسن الإدارة, وهو شأن طبيعي ... حتى بدون نفط.
[1] K.E. Chapman 1976, Elsevier/Netherland, Petroleum geology.
[2] G. Bignot 2001, GIB/France, Intoduction la mocropaleontologie.
[3] J.L Wilson 1975, Springer/USA, Carbonate facies in geologic hostory
[4] S.M Stanley 1999, Freeman/USA, Earth System History.
[5] B.J. Skinner-S.C.Porter 1989, John Wiley/USA, The Dynamic Earth.
[6] G.M. Friedman-J.E. Sunders 1987, John Wiley/USA, Principles of sedimentology.
[7] M. Mroueh - G.Ashgirei 1983, Intصl symposium on the geology of the Taurus Belt-Ankara, Turkey. The position of Lebanon and adjacent area as the northwest border of Arab platform, according to the Taurus belt.
[8] A.J. Vromen 1957, XXe congres gologique internationale, Section V / Mexico. Strike-slip movements, their associated Features and their occurence in Israel.
[9] Z. Beydoun-H. Dunnington 1975, Scientific Press/England, The petroleum geology and resources of the Middle-East.
[10] G. Friedman-A. Barzel-B. Derin 1971, (Geological survey of Israel) . Paleoenvironment of the Jurassic in the coastal Belt of Northern and Central Israel and their significance in the search for petroleum.
[11] T.R. Geodicke 1999, CNRS No P 61378, Submarine canyons on the central continental shelf of Lebanon.
[12] J. Angenieux 1951, Bull. Soc. Geol. de fr. / T. 1f.4-6. Une combinaison de mouvements verticaux et de mouvements tangentielle dans lصvolution structurale du Liban.
[13] L. Dubertret 1947, Bull. Soc. de fr. / T. 17, 5me Sect. Problme de gologie du Levant.
[14] G. Renouard 1955, Bull. of the American Petroleum geologists / N. 11 V. 39. Oil prospects of Lebanon.
[15] Z. Beydoun 1974, AUB department of geology/ unpublished. A re-evaluation of the Petroleum prospects of Lebanon,
[16] Z. Beydoun 1976, Marine geology/21. Observation of geomorphology, transportation and distibution of sediments in western Lebanon and its continental shelf and slope region.
[18] Z. Beydoun 1981, Journal of Petroleum geology/ 3;3. Some open questions relating to the Petroleum prospects of Lebanon.
[19] Z. Beydoun - J. Habib 1995, Journal of Petroleum geology/ V.18(1). Lebanon Revisited: New insights into Triassic Hydrocarbons prospects.
[20] M. Mroueh - S. Svirnova 1984, 27th Intصl geological congress/Moscow. Quelques indices palocologiques du au Sud Liban.
[21] L. Dubertret, Notice explicative de la carte gologique du Liban 1/50000 (Feuille de Jezzine) .
[22] L. Dubertret 1971, Notes et Mmoires sur le Moyen Orient / T.XII. Sur la dislocation de lصancien plaque sialique Afrique -Sinai- peninsule Arabique.
[23] P. Saint-MArc 1969, C.R. Som. Sean. Soc. Geol. fr. Fasc.3, sance 17. Niveau repre dans le campanien suprieur du Liban Nord (rgion de Ras Baalbeck) .
[24] P. Saint-Marc 1964, Bull. soc. geol. fr (7) XI. Etude glogique de la rgion dصHermel (Liban septentrional) .
[25] P. Saint-MArc 1971, Notes et Mm. sur le Moyen Orient XII. Le Crtac infrieur et moyen du bord occidental du Jabal Sannine (Liban).
[26] P. Saint-Marc 1972, Revista Esp. de micropalontologia. Contribution la connaissance des ostracodes crtac du Liban.
[27] P. Saint-Marc 1980, Glogie Mditerran T. XII-3. Le passage Jurassique crtac et le crtac infrieur de la rgion de Ghazir (Liban Central) .
[28] عدنان الشهال (مغفل من التاريخ), تقرير مطبوع ومنشور للمؤلف/منشوراته البترول في لبنان مؤشرات ايجابية.
[29] قرار تشكيل لجنة للتنقيب عن البترول صادر عن وزير الطاقة والمياه (أحد كاتبي هذا السطر عضو فيها) 1999.
[30] قرار تشكيل لجنة للتنقيب عن البترول صادر عن وزير الطاقة والمياه (أحد كاتبي هذا السطر عضو فيها) 2001.
[31] مصطفى مروة, تقرير غير منشور. الإشراف على حفر بئر زلايا (أرشيف مجلس الجنوب).
[32] التقرير السنوي لمنظمة )وبيك(2001, فيينا 2002, ص 26.
[33] البنك الدولي, "World development indicators 2002", ص160 .
[34] المرجع في (1) ص 38.
[35] المرجع في (1) ص 34.
[36] تقرير )وبيك(السنوي لعام 2001, ص 2122.
[37] تقرير )وبيك(ص 131 0 يمكن, ايضا, في موضوع مواكبة الاسعار مراجعة تقرير INSEE conjoncture, information rapide",122 ,Avril 2003
[38] تقارير عدة, سياسية واقتصادية, تناولت بتفصيل هذا الموضوع. يمكن, على سبيل المثال لا الحصر, مراجعة كتابLioubomir MIHAILOVITCH و Jean-Jacques PLUCHART بعنوان Les compagnies petrolieres internationals PUF, coll Que Sais-je N1973,Paris 1981. )
يمكن ايضا, في الجانب السياسي وفي الجانب الاقتصادي, النسخة العربية, المجلس الوطني للثقافة والعلوم و الاداب, الكويت 1998.
[39] راجع ورقة عمل عادل خليل المؤيد مدير عام التسويق في شركة بنوكو, ندوة العولمة و اثارها الاقتصادية والاجتماعية, البحرين 46كانون الاول 1999.
[40] تقرير اوبيك2001
[41] من حديث د.غازي يوسف, امين عام مجلس الخصخصة,في المجلس الاقتصادي و الاجتماعي,أيلول 2002.
[42] المرجع في 8 ص 7.
[43] يمكن مراجعة موضوع الكلفة في ورقة عادل خليل ص8.
[44] تقديرات منشورة في )لسفير(بتاريخ 27كانون الثاني 2003.
[45] تقديرات للمديرية العامة للنفط نشرت في النهار في 19/2/2001. يمكن ايضا متابعة الكميات (لا المبالغ ) على صفحة مصرف لبنان على الانترنت.
[46] راجع الجدول رقم (1) اعلاه.
[47] حديث لمدير عام المؤسسة الى )لسفير(, 27/1/ 2003.
[48] من ورقة عمل المؤتمر الصناعي العام, بيروت 2000.
[49] الاوضاع المعيشية للاسر عام 1997, ادارة الاحصاء المركزي, شباط 1998, ص 72.
[50] من المفيد في هذا المجال مراجعة اندرو اوزوالد في الفاينينشل تايمز, 10 ايلول 1999.
[51] يمكن مراجعة العديد من المراجع العلمية في الاقتصاد الكلي بهذا الشأن. يمكن ايضا قراءة ورقة علي صادق وحمدي صالح ومحمد البدراوي الى مؤتمر الطاقة العربي الاول, ابو ظبي, 48 آذار 1979 صفحة 13 وما يليها.
[52] (حسب التقدير الرسمي للناتج), مصرف لبنان.
[53] يمكن , في هذا الاطار, مراجعة كتاب Pierre DHONTE ,
La Dette des pays en developpement
الصادر عن La documentation Francaise, Numero 4521-22, Paris .1979
[54] تقرير البنك الدولي 2003.