عبارة

الواجب الكامل
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

حين ينطلق العسكري، أيّ عسكريّ، من لحظة تخرّجه إلى الخدمة بعد نهاية فترة تدريبه الأوّل، يقسم بالفم الملآن، والصّوت الجاهر، والرّأس المرفوع: «أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي كاملًا...»، والواجب الكامل هو أن يكون مستعدًا لتنفيذ أيّ مهمّة، وفي كلّ ظرف، وبعيدًا عن أيّ اختيار شخصي، وذلك انطلاقًا من واجب الدّفاع عن الوطن، وانتهاءً بضمان أمن مواطنيه واستقرار مؤسّساته، مع المرور بكلّ ما من شأنه الحفاظ على بيئته وثرواته الطبيعيّة وقيمه الإنسانيّة والحضاريّة.
والدّفاع عن الوطن يتوزّع في الظّرف الرّاهن على مهمّتين اثنتين: الأولى هي الاستمرار في التصدّي للعدوان الإسرائيلي مع ما يرافق ذلك من أطماع ومحاولات تخريب وإشعال للفتن، والثّانية هي مواجهة الإرهاب، العدوّ الآخر الذّي لا يقلّ خطرًا عن العدوّ السّابق، والذي لا بدّ أن يخدم مصالحه الخبيثة كيفما توجّهت شياطينه.
 إنّ الوقوف في وجه أيّ من هذين العدوّين، لا يلغي ولا يخفّف من اندفاعة محاربة العدوّ الآخر، وهذا يمثّل القيام بالواجب كاملًا كما جاء في القسم. ليس من أولويّات هنا، وليس من تذرّع بعدم كفاية الإمكانات، وليس من افتراض بأنّ هذا العدوّ أو ذاك منكفىء الآن أو ساكن، ويجب أن ننصرف للثّاني. إنّ العدوّين على السوّاء يرفعان راية الحرب ضدّنا، غدرًا وظلمًا وهمجيّة، ومسرح تطاولهما على حقوقنا وحاضرنا ومستقبلنا كبير ومترامي الأساليب، و«كواليسه» تحمل الكثير من المفاجآت ولا بدّ من اليقظة الدّائمة.
لقد أعلن قائد الجيش أمام العسكريين وهو يتفقّد الحدود الجنوبيّة أنّ مواجهتنا للإرهاب عند الحدود الشّرقيّة، لم تحملنا أبدًا على التخّفيف من جهوزيّتنا في التّصدي للعدو الإسرائيلي، لحماية إنجاز التحرير الذي سطع فجره من رحم تضحيات اللبنانيين واستبسالهم في مقارعة هذا العدو، ولا في تفعيل الوقوف إلى جانب المواطنين الصامدين في أرضهم والمحافظين عليها خضراء خيّرة، تحتلّ مكانتها المميّزة في خريطة الوطن.