في ثكناتنا

بحث للواء المشاة الحادي عشر وفوج المدرعات الأول
إعداد: ريما سليم ضوميط

النفايات السائلة والصلبة في الجيش وكيفية معالجتها
قدّم لواء المشاة الحادي عشر وفوج المدرعات الأول بحثًا بعنوان «معالجة النفايات السائلة والصلبة في الجيش»، في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، وذلك في حضور رئيسة قسم التعاون الإقتصادي والتنمية في السفارة الألمانية الدكتورة حنان عبد الرضا، وعدد من المتخصصين والباحثين، إضافة إلى ضباط من مختلف قطع الجيش.
تم تقسيم البحث  إلى قسمين، عرض القسم الأول منه قائد لواء المشاة الحادي عشر ورئيس أركانه، ورئيسا القسمين الأول والثالث، حيث تناولوا مكونات النفايات السائلة في الجيش وكيفية معالجتها. أما القسم الثاني، الذي تناول النفايات الصلبة وطرق معالجتها، فعرضه قائد فوج المدرعات الأول ورئيس أركانه، إضافة إلى رئيس القسم الرابع، وقائد سرية الدعم.  
في ما يلي ملخص عن أبرز النقاط التي تناولها البحث.


أنواع النفايات
النفايات هي مخلفات الأنشطة الإنسانية، المنزلية منها والزراعية والصناعية والإنتاجية. وهي المواد المتروكة التي يسيء تركها من دون معالجة بطرق علمية إلى الصحة العامة.
هناك نوعان من النفايات، السائلة والصلبة، لكل منها خصائص طبيعية مختلفة، كما أنها تنتج عن مصادر متباينة.

 

النفايات السائلة
هي الفضلات السائلة ومصدرها المنازل والفنادق والمصانع والمستشفيات. من بينها الزيوت والشحوم ومواد التنظيف ومبيدات الحشرات والدهانات، وغيرها من المواد ذات التركيبات الكيميائية المختلفة.
تشكّل النفايات السائلة خطرًا على البيئة والإنسان لا سيما عند حدوث تغيير في خواصها، حيث تؤدي إلى إنتاج الغازات الضارة التي تلوّث الهواء كثاني أوكسيد الكربون، كما تحمل عناصر كيميائية سامة تؤدي إلى تلويث المياه عند تسرّبها إلى مصادر المياه الجوفية. وتؤدي النفايات السائلة إلى تكاثر الحشرات وانتشار الأمراض المعدية من خلال الجراثيم الموجودة فيها، إضافة إلى الرائحة الكريهة النتنة التي تخلفها وراءها.

 

• مياه الصرف الصحي المنزلي:
تعتبر المياه المبتذلة المنزلية من النفايات السائلة، وهي تمثّل المصدر الأهم لمشكلة تلوّث المياه الجوفية في لبنان. فعلى طول المناطق الساحلية تصبّ جميع شبكات الصرف الصحي محتوياتها في البحر من دون أي معالجة. وفي المناطق الجبليّة، تنتهي شبكات المجارير عادة عند بعض السواقي في المنخفضات والأودية لتنتهي في مجاري الأنهر والجداول وأيضًا من دون معالجة، أو توجّه هذه الشبكات نحو شقوق صخريّة عميقة، بحيث تلوث المياه الجوفية. الجدير بالذكر، أنه في الكثير من المناطق الجبلية لا وجود لشبكات المجارير، حيث لا تزال «الجور الصحية» تستخدم لتجميع مياه الصرف الصحي.
عندما تصب مياه الصرف الصحي في البحار تسبب ظاهرة تسمى  التشبع الغذائي وتتمثل بنمو الطحالب والنباتات المختلفة التي تطفو على سطح المياه، وتعمل على حجب ضوء الشمس ومنعه من الوصول إلى الأعماق، مما يضر بالثروة السمكية ويؤدي إلى القضاء عليها في بعض المناطق البحرية.

 

النفايات الصلبة
تعَدُ مشكلة النفايات الصلبة من المشاكل البيئيّة الرئيسة التي لا بد من إيجاد الحلول المناسبة لها، خصوصًا وأن أضرارها تتفاقم ودائرة مخاطرها على الإنسان وعلى البيئة تتسع.

 

• النفايات المنزلية في الجيش:
هي المواد الصلبة أو شبه الصلبة التي يتم التخلص منها كمخلفات لا قيمة لها. ويقصد بها النفايات الناتجة عن المطاعم والمكاتب وغرف المنامة وبيوت الجندي والنوادي الميدانية وغيرها في الثكنات والمراكز العسكرية. وهي تضم مكونات عضوية كبقايا الطعام، مكونات بلاستيكية، الورق والكرتون، إضافة إلى القطع الزجاجية والمكونات المعدنية والمنسوجات والألبسة غير الصالحة. ترمى هذه النفايات في المستوعبات المخصصة من دون أي عملية فرز، فتختلط مع النفايات العضوية مما يؤدي إلى تحللها وبالتالي يصعب الإستفادة منها من خلال عملية إعادة تدويرها. وتتولى البلديات وبعض الشركات الخاصة نقلها وتجميعها لمعالجتها وفرز المواد الصلبة القابلة للتدوير عن النفايات العضوية التي يتمّ تسويخها وتحويلها إلى سماد للمزروعات، بينما يصار إلى طمر النفايات غير القابلة للتحلّل أو إعادة التدوير.

 

مشكلة النفايات المنزلية وأخطارها على الصحة والبيئة
يؤدي تراكم النفايات المنزلية من دون معالجتها بالأساليب والطرق الحديثة، إلى تخمرها بواسطة بلايين الكائنات الحيّة منتجة كميات هائلة من غاز الميثان الناتج من التحلل اللاهوائي للمواد العضوية بواسطة الكائنات الحية الدقيقة. كما يؤدي حرقها عشوائيًا إلى تلوث الهواء من خلال غازات النيتروجين وأول وثاني أوكسيد الكربون وغازات حمضيّة وديوكسينات، وهي مواد بالغة السمّية قد تسبب السرطان والتشوهات الخلقية.
كذلك تنتج النفايات المنزلية المتراكمة المحترقة أطنانًا من الرماد السام و28 نوعًا من الغازات الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والزئبق شديدة السّمية، فتتسرب محاليل القمامة من الرماد إلى المياه الجوفية فتلوثها، وتصيب المواطنين بالتسمم والفشل الكلوي وإختلال الجهاز العصبي المركزي.
يؤدي تراكم النفايات المنزلية المرمية عشوائيًا إلى جذب الإطفال للعب بها مما يعرضهم لإصابات مباشرة بجروح، أو إلى تلوث أيديهم أو شرابهم أو غذائهم، مما يصيبهم بأمراض تلوث الماء والغذاء.
كذلك يوفّر تراكم النفايات المسكن الآمن والغذاء المجاني للحشرات (الذباب والصراصير، والبعوض والفئران) التي تنقل العديد من الأمراض.

 

النفايات الطبية
تعدّ النفايات الطبية في لبنان إحدى أكبر المشكلات البيئية والصحيّة التي تواجه الأفراد العاملين في الحقل الطبي الخاص والعام وحتى العسكري، نظرًا الى مخاطرها، والتي يتطلب التعامل معها طرقًا خاصة لمنع إنتقال العدوى ولتجنب آثارها الخطيرة على الإنسان والبيئة.
وتعتبر 15% إلى 25% من نفايات الرعاية الصحيّة في المؤسسة العسكرية خطرة قد تسبب ضررًا متنوعًا. والمجموعات الأكثر عرضةً للخطر تتمثل بالأطباء العسكريين، إضافة إلى عمال خدمات المساندة (مناولة النفايات- النقل)، والعاملين في مراكز التخلّص من النفايات، ويمكن حصر هذه المخاطر كما يلي:

 

•  النفايات المعدية:
 التي يمكن أن تحتوي على أي من الأصناف العديدة للميكروبات المسببة للمرض، ويمكن لهذه الميكروبات الدخول إلى جسم الإنسان عن طريق الجرح أو الإستنشاق أو الإبتلاع أو من خلال الأغشية المخاطية.

 

• النفايات السامة للجينات:
يمكن التعرض لها في أثناء الإعداد أو المعالجة بعقاقير وكيماويات خاصة، والطرق الرئيسة للتعرض هي استنشاق الغبار والرذاذ (الأيروسول) والإمتصاص من خلال الجلد، أو الإتصال المباشر بالسوائل الجسدية والإفرازات للمرضى الخاضعين للعلاج الكيميائي. وأي إطلاق لمثل هذه النفايات في البيئة يمكن أن يكون له عواقب إيكولوجية كارثية.

 

• النفايات الكيماوية:
يعتبر الكثير من هذه النفايات خطرًا حارقًا وسامًا للجينات، وهي سريعة الإلتهاب ومتفجرة وحساسة للصدمات، ويمكن العثور على كميات كبيرة منها عندما يتم التخلص من الكيماويات والمواد الصيدلانية والمواد المطهرة غير المرغوب فيها أو المنتهية الصلاحية.

 

• النفايات المشعّة:
يتحدد نوع المرض الذي تسببه هذه النفايات بنوع المادة المشعة ومدى التعرض لها، وتراوح هذه الأعراض بين الصداع والدوخة ومشاكل أكثر خطورة. ولأن النفايات المشعة أسوة ببعض النفايات الصيدلانية سامة للجينات فإنها قد تؤثر على المادة الجينية. كما أن تداول المصادر عالية النشاط الإشعاعي قد يؤدي إلى تدمير الأنسجة مما يحتم ضرورة البتر. أما مخاطر النفايات قليلة النشاط الإشعاعي فيمكن أن تنشأ عن طريق تلوث الأسطح الخارجية للعبوات، أو طريقة تخزينها أو مدته.

 

• الأدوات الحادة:
هناك اهتمام خاص بالنسبة للعدوى بفيروس نقص المناعة (HIV) وفيروسات إلتهاب الكبد الوبائي CوB، حيث يوجد دليل قوي على أن هذه الفيروسات تنتقل عن طريق نفايات الرعاية الصحية وخصوصًا من خلال الإصابات التي تحدثها إبر المحاقن الملوثة بالدم.

 

معالجة النفايات السائلة والصلبة
يقضي الحد من تلوث المياه الجوفية إنشاء 12محطة تكرير ساحلية تعالج مياه الصرف الصحي لنحو 2،3 مليون شخص يعيشون في المنطقة الساحلية. كما يجب معالجة المياه المبتذلة في المراكز والتجمعات العسكرية من خلال محطات تكرير خاصة بذلك.
أما بالنسبة الى النفايات الصلبة، فتتم معالجتها عبر خطوات هي الآتية:
- تخفيض كميتها من خلال إعادة استعمال بعض المواد وتخفيض استهلاك المواد غير الضرورية.
- اعتماد نظام جمع النفايات وفرزها وإعادة تدوير المواد غير العضوية.
- تحويل النفايات العضوية إلى معامل التسبيخ حيث يتم تحويلها إلى أسمدة للمزروعات.

 

معالجة النفايات الطبية
بغية التخفيف من الآثار السلبية للنفايات الطبية يجب اعتماد عدة خطوات، أولها تصنيف المخلفات الطبية وغير الطبية وفرزها، ومن ثم جمع كل منها في الأكياس المخصصة لها (الأحمر للمخلفات الطبية للمرضى، والأسود للمخلفات العامة). إضافة الى تعقيم الإبر والحقن بعد استعمالها مباشرة بواسطة المحارق قبل التخلص منها نهائيًا. كذلك يجب اعتماد التعقيم البخاري كطريقة بديلة عن الحرق لدى التخلص من عبوات الزرع البلاستيكية. كذلك يجب وضع وحدات الدم غير الصالحة للإستخدام في أكياس حمراء سميكة وغير منفذة للسوائل يتم التخلص منها بواسطة الحرق.
أما بالنسبة إلى الأدوية المنتهية الصلاحية فيجب إعادتها للشركة الموردة للتخلص منها وعدم رميها في المكبات العامة.

 

استثمار النفايات السائلة على صعيد الجيش
يمكن الإستفادة من النفايات السائلة في الجيش في عدة مجالات، فالمازوت غير الصالح مثلًا يمكن استعماله في أفران الطهي وأجهزة تسخين المياه. أما البنزين فيستعمل في تنظيف المحركات والقطع الميكانيكية للآليات العسكرية.