تحقيق عسكري

بحرنا في عهدة الجيش والتعاون مع اليونيفيل مثمر وناجح
إعداد: ريما سليم ضومط - ندين البلعة
تصوير: شربل طوبيا

الزمان: التاسعة صباحاً.

المكان: مرفأ قاعدة بيروت البحرية.

الحدث: دورية مراقبة واستطلاع للخافرة «البترون» التابعة للقوات البحرية في الجيش اللبناني.

في تمام التاسعة صباحاً اطلق ربان الخافرة «البترون» البوق ثلاث مرات متتالية معلناً الاستعداد للانطلاق في دورية أمنية مدتها 24 ساعة، وذلك بناء على توجيهات غرفة العمليات العسكرية الخاصة بالقوات البحرية.

بسرعة ونشاط تم رفع المرساة، وانطلقت «البترون» من الحوض الاول حاملة طاقمها المؤلف من عدد من الرتباء والأفراد يترأسهم آمر الدورية النقيب أنطوان كميد ومساعده الملازم فادي كريم، ومجهّزة بالأسلحة والمعدات العسكرية التي تقتضيها المهمة.

بعد ساعتين من المراقبة والاستطلاع، كشف الرادار مركباً مدنياً يبحر على مسافة من الخافرة العسكرية، فسارت الاخيرة باتجاهه إلى أن بلغته وبدأت عملية التفتيش وفقاً للقوانين والأصول المتعارف عليها، فعرّف آمر الدورية أولاً عن نفسه ونادى المركب باسمه طالباً التحدث مع قبطانه، ثم كانت أسئلة وأجوبة تتعلق بمصدر المركب ووجهته وحمولته وطاقمه، إلى ما هناك من أسئلة تفرضها ضرورات المهمة. بعدها أعطى الامر بتوقف المركب للتفتيش، حيث توجه فريق التفتيش بواسطة «زودياك» (موجود على سطح الخافرة) إلى متن المركب ونفذ مهمته بنجاح، لتواصل بعدها الخافرة دوريتها ماخرة عرض البحر في عملية إستطلاع ومراقبة لضبط أي مخالفة من اي نوع كانت.

آمر الدورية النقيب كميد أكد لمجلة «الجيش» أن هذه الدورية (التي تسنى لنا مراقبة جزء منها) هي نموذج للدوريات المتواصلة التي تقوم بها القوات البحرية يومياً بهدف حماية المياه الإقليمية ومنع عمليات التهريب او المخالفات او التعديات مهما كان نوعها.

حول هذا الموضوع تحديداً ومواضيع أخرى ذات صلة، كان لنا حديث مع قائد القوات البحرية العميد الركن البحري بطرس أبي نصر الذي أكد أن القوات البحرية تضطلع بدور بارز في منع التهريب عبر البحر، من وإلى الشاطئ اللبناني من ممنوعات أو هجرة غير شرعية، مشيراً إلى «إقفال» البحر أي منع أي تهريب، خصوصاً في ما يتعلق بتهريب الأسلحة إلى لبنان، وأكد أن جميع المنافذ البحرية مضبوطة من خلال دوريات مستمرة على طول الشاطئ اللبناني ضمن محورين، يمتد الأول من الجنوب حتى نهر الكلب،  ويتواصل الثاني من نهر الكلب حتى الحدود اللبنانية - السورية.

 

مقفل في وجه التهريب ومفتوح للتواصل

بحرنا في عهدة الجيش والتعاون مع اليونيفيل مثمر وناجح

 

عمليات المراقبة والرصد

في بداية اللقاء، سألنا قائد القوات البحرية العميد الركن البحري بطرس أبي ناصر:

 

• كيف تتم بالتفصيل عمليات المراقبة والرصد؟

- تحقق القوات البحرية المراقبة والمتابعة والتدقيق والتوجيه والملاحقة من خلال قاعدتين: قاعدة بيروت البحرية وقاعدة جونية البحرية. هذا بالاضافة إلى مراكز منتشرة من الناقورة جنوباً وحتى القليعات شمالاً. وتقوم القوات البحرية اللبنانية بدوريات انطلاقاً من هذه المرافئ سواء عبر زوارق لبنانية يؤازرها عدد من المراكب الخاصة بالقوات الدولية التابعة للأمم المتحدة العاملة مؤقتاً في لبنان (يونيفيل)، في إطار التعاون اللبناني - الدولي في مراقبة الشواطئ اللبنانية تطبيقاً للقرار 1701، أو من خلال مراكز مراقبة رادارية منتشرة على طول الشاطئ.

وتتيح الرادارات تقديم صورة واضحة عن المسطح المائي، بحيث يمكن رصد أي تحرك على سطح البحر. عندما يطل مركب على مشارف المياه الإقليمية اللبنانية يعرّف الربّان عن المركب ومواصفاته للقوات البحرية، عبر الإتصال الراديوي. بدورها تعمد القوات الى المقارنة بين المعلومات التي أدلى بها والمعلومات المتوافرة لديها بموجب طلب تقدمت به وكالة بحرية بخصوص المركب والبضائع التي ينقلها وموعد الوصول.

إذا تطــابقـــــــت المعلومات، فهذا يعني أن هذا المركب هو المنتظر، ويُسمح له بالمرور تحت المراقبة، وعبر ممرات حددتها القوات البحرية للوصول الى المرفأ المقصود.

أما إذا لم تتطابق المعلومات، ولم يكن لدى البحرية أي علم أو خبر بالمركب، فلا نسمح له بدخول المياه الإقليمية قبل التأكد منه. نطلب منه البقاء في مكانه بانتظار توضيح الصورة، فيحصل اتصال بالوكالة فإما يتبيّن أن المركب شرعي، وإما أن لا إذن له بدخول لبنان، وهذا يعني أنه مشبوه، فنعمد الى تفتيشه ونطبّق عليه القوانين المرعية وصولاً الى مصادرته.

 

• كيــف يتــم التنسيق بين القوات البحرية اللبنانية وقوات اليونيفيل؟

- تشارك قوات اليونيفيل في مراقبة حركة الملاحة ضمن المياه الإقليمية اللبنانية التي حددت بـ12 ميلاً بحرياً وذلك بموجب مرسوم جمهوري بعد أن وقّع لبنان إتفاقية مونتيغوباي - قانون البحار.

قُسمت المياه الإقليمية اللبنانية الى مناطق عمليات. وحُصرت مسؤولية تطبيق القوانين في البقعة الممتدة من صفر وحتى 6 أميال بالقوات البحرية اللبنانية. أما البقعة الممتدة من 6 الى 12 ميلاً فهي من مهام قوات اليونيفيل ولكن مع الإبقاء والتأكيد على مسؤوليات القوات البحرية اللبنانية وصلاحياتها على كامل المياه الإقليمية.

فدور القوات الدولية إستعلامي، وهي تضع كل المعطيات الناتجة عن المراقبة، بتصرف القوات البحرية اللبنانية التي تتدخل بدورها للمعالجة. التدخل هو حصراً من صلاحيات البحرية اللبنانية.

ويتم تنفيذ المهمة، أي تطبيق القرار 1701، بالتعاون مع القوات البحرية اللبنانية وبإشرافها، إما بشكل مباشر أو عبر جهاز الإرتباط. هذا الجهاز يضم عمليات بحرية في الناقورة ويعمل فيه ضباط من البحرية اللبنانية وآخرون من قيادة البحرية الدولية (MTF) التابعة لليونيفيل.

وهنا يجدر بالإشارة أن أي قرار في تفاصيل تنفيذ المهام يعود لقائد الجيش عبر أركان الجيش للعمليات.

وأضاف قائلاً: أود أن ألفت الى أن التعاون مع اليونيفيل مثمر وناجح، ويعود ذلك لسببين رئيسين، الأول كفاءة عناصر القوات البحرية اللبنانية في تنفيذ مهامها، هذه الكفاءة التي اتصفت بالإحتراف، وذلك بشهادة البحريات الأجنبية التي تشاركها هذه المهام والتي أبدت، وفي عدة مناسبات، إعجابها بأداء القوات البحرية اللبنانية على الرغم من إمكاناتها المحدودة خصوصاً على مستوى التجهيز.

أما العامل الثاني فهو التدريب المكثف بين مراكب البحريتين، إذ لا يمكن إنجاز المهام المشتركة من دون تدريبات مشتركة.

 

دعم الجيش وتطبيق القانون

• الى جانب المهام الأمنية، هل من مهام أخرى تقوم بها القوات البحرية؟

- تشمل مهام القوات البحرية عدة توجهات، عسكرية، بيئية، أعمال إغاثة وغيرها... فهي تدعم الجيش اللبناني لوجستياً وعملانياً تجاه البحر.

فمثلاً خلال إنتشار الجيش في الجنوب بعد حرب تموز 2006، وحين كانت الطرقات مقطوعة ودُمّرت الجسور، تمّ دعم الجيش لوجستياً من خلال نقل بعض الوحدات بحراً. إضافة الى هذا الدعم، تُنفذ تدريبات مشتركة مع وحدات قوى البر وبصورة خاصة مع الأفواج الخاصة (التدخل، مغاوير البحر والمجوقل).

تعمل القوات البحرية أيضاً على تطبيق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء على مسطح المياه الإقليمية. ونعني بذلك القوانين الصادرة عن الوزارات المتخصصة التي تُعنى بالشأن البحري (وزارة البيئة، الداخلية، النقل...).

وفـي هـذا الإطـار أُعيد تفعيـل غرفـة العمليـات البحريـة المشتــركـة حيـث تتمـثـل هـذه الــوزارات كافـة. هـذه الغرفــة دورهــا التنسيــق بيــن المعـنـيين كلهم لتطبيق القوانين اللبنانية أو الدولية التي ترعى شأن الملاحة.

 

مكافحة التلوث ومهام الإغاثة

تكافح القوات البحرية عملية التلوث، إن من ناحية ضبط المخالفات أو من خلال المشاركة في معالجة أي تلوث.

ويشير العميد الركن أبي نصر الى أهمية المشاركة التي قامت بها القوات البحرية لمعالجة رواسب حرب تموز 2006. إذ دُمرت خزانات الفيول في الجية وأدت الى كارثة بيئية لوثت الشاطئ اللبناني بشكل دراماتيكي. فكان للبحرية الدور الأساسي في معالجة هذه الكارثة، بالتنسيق مع المعنيين كافة من هيئات رسمية وشعبية، إضافة الى تنظيم المساعدات العينية والمادية التي تقدمت بها الدول في هذا الإطار.

وتتولى القوات البحرية مهام الإغاثة، ومساعدة المواطنين عند حصول أي حادث بحري. وهنا تنقسم عمليات الإنقاذ الى وجهتين: إنقاذ اللبنانيين الذين يمارسون النشاطات الرياضية البحرية من سباحة وغطس ونزهات في الزوارق، وإنقاذ صيادي الأسماك.

وأوضح: يُحظر على الصيادين الخروج من المياه الإقليمية من دون ترخيص. أما الوقت المسموح لهم حالياً للخروج في البحر فهو 24 ساعة.

كما تتدخل البحرية عند حصول أي حادث لمراكب تجارية نتيجة أعطال فنية أو حالات تقنية صعبة. وهنا يستذكر قائد القوات البحرية تدخلهم مع باقي أجهزة الدولة لإخماد حريق في حاملة النفط «Geovanna» العام 1998، كاد يشكل كارثة لو تفاعل وانفجر المركب.

 

الكفاءات الخاصة

• يقتضي عمل القوات البحرية كفاءات خاصة، فهل هي متوافرة بالشكل المطلوب؟

- جميع عسكريي القوات البحرية متخصصون في الشأن البحري. الى جانب ذلك ثمة تدريبات خاصة بالقوات البحرية اللبنانية وهي تقسم الى ثلاثة أنواع:

- التدريبات ضمن دورات في مدرسـة القوات البحرية اللبنانية، على المستويات كافة من ضباط، تلامذة ضباط، تلامذة رتباء وأفراد.

- التدريبات ضمن القواعد البحرية وفقاً لتوجيهات التعليم الصادرة عن أركان الجيش للعمليات - مديرية التعليم.

- متابعة عسكريي القوات البحرية بمختلف الرتب، دورات في الخارج سواء في المعاهد والمدارس الأجنبية، أو على متن مراكب البحريات الصديقة.

 

• وهل تتوافر لديكم التجهيزات اللوجستية والمعدات اللازمة لتنفيذ المهام المطلوبة؟

- على الرغم من إمكاناتها المحدودة، يتم تحقيق مراكب للقوات البحرية للقيام بمهامها. كما لدى هذه القوات مصلحة مخازن عتاد البحر التي تقوم بإدارة تخزين العتاد. هذا العتاد تؤمنه ميزانية سنوية تلحظ من ضمن ميزانيـة قيادة الجيـش، وذلك من خلال توجيهات قيادة القوات البحرية. تضاف الى ذلك التسليفات التي توضع من قبل قيادة الجيش بتصرف قيادة  القوات البحرية لتأمين صيانة المراكب، فتبقى جاهزة لتنفيذ مهامها العملانية. وفي هذا الإطار تملك البحرية مشاغل للقواعد لصيانة العتاد.

ويشير قائد القوات البحرية الى أنه «عبر التعامل مع الأسواق المحلية اللبنانية، تبين أن لدى السوق المحلية طاقات ومعارف وإمكانات فنية قادرة على تلبية حاجات القوات البحرية في صيانة مراكبها بشكل يجعلها بغنى عن الخارج.

 

المركب الجديد والمساعدات

في إطار تعزيز القوات البحرية، توصلت الصناعة الوطنية اللبنانية الى تعمير مركب عسكري حربي، بمواصفات وتقنيات تضاهي المواصفات العالمية الصناعية لمثل هذا الأنموذج من المراكب، وبتكلفة أقل. من المرتقب، أن يوضع هذا المركب في الخدمة خلال شهرين كحد أقصى، وسيحمل إسم إحدى المدن اللبنانية.

هذا المركب تبنيه شركة لبنانية خاصة. الأنموذج الأول صنعته الشركة لمصلحة إحدى الدول، وقد واكبت قيادة البحرية كل مراحل التصنيع. ثم اقترحت الفكرة على قيادة الجيش وكانت النتيجة، الموافقة على أنموذج مماثل لمصلحة البحرية اللبنانية.

الى جانب ذلك، تقدمت جمهورية ألمانيا الإتحادية بمساعدة للبحرية اللبنانية هي عبارة عن شبكة مراقبة رادارية حديثة ومركبين عسكريين. ومن المرتقب وصولها الى لبنان خلال شهر.

كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدمت بهبة الى البحرية اللبنانية، قوامها عشرة زوارق سريعة للإعتراض والدوريات بمحاذاة الشاطئ اللبناني.

وبعد ستة أشهر من العمل بالتعاون مع قوات اليونيفيل، تأمل قيادة البحرية اللبنانية أن تتابع الدول الصديقة مساعدتها من خلال تجهيزها بمراكب وعتاد ذات مواصفات تسمح لها بتولي المهام بنفسها، فيكون ضبط البحر ومراقبة المياه الإقليمية اللبنانية، عملاً وطنياً بحتاً يثبت قدرة هذه القوات البحرية ومسؤوليتها. 

 

مدرسة القوات البحرية

في جولة على مدرسة القوات البحرية في جونيه، كانت لنا مقابلة مع قائد المدرسة بالوكالة، المقدم الركن البحري نقولا رعيدي. وقد ألقى الضوء على هيكلية المدرسة ومهماتها والتدريبات التي تتم فيها.

حول هيكلية المدرسة قال:

المدرسة البحرية قطعة إدارية غير مستقلة، ترتبط مباشرة بقيادة القوات البحرية، بدأت نشاطها العام 1972. تتألف من قيادة المدرسة، مجموعة تعليم تلامذة الضباط، مجموعة تعليم تلامذة الرتباء، مجموعة تعليم مكاتب الدراسة والدورات الخاصة، وصولاً الى سرية الإدارة والخدمة.

 

وأضاف قائلاً:

تؤمن مدرسة القوات البحرية التنشئة الأساسية في المواد البحرية والعسكرية والعلمية والعامة، للتلامذة الضباط والتلامذة الرتباء (سنة ثانية وثالثة) لتأهيلهم وتمكينهم من العمل في وحدة بحرية عملانية. وهذه الوحدة مؤلفة من آمر (ضابط) وطاقم والمركز الحربي بحدّ ذاته.

يخضع التلامذة الرتباء لامتحان يخوّلهم الانتساب للمدرسة البحرية في حال النجاح.

ويتم اختيار عشرة تلامذة سنوياً، فالمدرسة تستوعب حالياً 150 تلميذاً تقريباً. وحتى الآن تمّ تخريج 21 تلميذاً ضابطاً وعشرة رتباء.

العام 1997 تمّ تخريج دفعة من 9 ضباط من الوحدات، حائزين إجازة، خضعوا لامتحان وتخرجوا من البحرية. والعام 2002، بدأت المدرسة استقبال التلامذة الضباط وفي الـ2004 التلامذة الرتباء. وهناك توجّه هذه السنة لاختيار عدد أكبر من التلامذة بالاضافة الى مشروع بناء قاعات تدريس ومدرسة جديدة تكون أوسع وتضم مختبرات أكثر للاختصاصات كافة، ما زال قيد الدراسة.

والأهم هي المواصفات التي يتحلى بها البحري، إذ بالاضافة الى الانضباط العسكري، يجب أن يكون ملمّاً بالنواحي الإنسانية وحسن التصرّف واللياقة، كما يجب أن يملك فكرة عن القوانين اللبنانية للنقل. فتوجه المدرسة البحرية هو رفد القواعد والقطع البحرية بأشخاص شبه محترفين أخلاقياً، علمياً وانضباطياً.

 

الدروس النظرية

حول مكاتب الدراسة والدورات قال:

تؤمّن المدرسة البحرية مكاتب للدراسة لمختلف اختصاصات القوات البحرية (مكتب رقم 1 حتى مكتب رقم 5) بالاضافة الى دورات الغطس على أنواعها كالغطس بالهواء الذي يضم غطساً أساسياً ودورة مدرّب غطس.

كما تؤمّن دورات تقنية بحرية خاصة مثل دورة منقذ بحري، وبحث وإنقاذ... الى جانب دورات لغة إنكليزية وفرنسية للقوات البحرية والعناصر في مختلف قطع الجيش ووحداته تحددها القيادة، وذلك لتسهيل التواصل مع القوات الأخرى.

وفي نظرة على جدول إختصاصات المدرسة، يعدّد قائد المدرسة التوجهات التي تضمها بدءاً من: إختصاص بحري مشاة، إختصاص إدارة مالية وتموين، إختصاص بحري تقني إلكترونيك، الكتروتكنيك، ميكانيك، مناورة أسلحة وذخائر، حيطة وهياكل سفن، غطس وأخيراً إختصاص بحري لوجستي.

ويتابع: لقد خصصنا لهذه الإختصاصات مدرّبين متخصّصين. فالمدرسة تضم مدربين من ضباط ورتباء القوات البحرية، وضباطاً من الجيش في ما يخصّ تدريب سلاح المشاة والمدرعات والمدفعية، وتدريب الهندسة. هذا بالاضافة الى أساتذة جامعيين لتدريب بعض المواد العلمية والعامة (هيدروليك، ميكانيك، الكترونيك، تاريخ، إقتصاد، علم نفس...)، وأساتذة لغـات من المركز الثقافي الفرنسي.

إضافة الى هذه الإختصاصات، يدرس التلامذة القوانين الدولية للإبحار لتجنب الاحتكاك مع مراكب من دول أخرى، مع قواعد الاشتباك، قواعد الحيطة والحذر، بالاضافة الى مذكرات القيادة التي تتعلق بكيفية التعامل مع المدنيين.

كما تتضمن المدرسة صالة خاصة لتدريب التلامذة على استعمال أجهزة التأليل ومختلف برامج المعلوماتية.

وكل هذه الاختصاصات تُتوّج بشهادات رسمية.

 

المهمات العملانية

يوضح المقدم الركن البحري نقولا رعيدي أن توجه المدرسة وفقاً لتعليمات قائد القوات البحرية هو صوب البحر. و«الوحدة العملانية البحرية»، أي المركب الحربي التابع للقوات البحرية اللبنانية، ينفذ مهمات عملانية ذات أبعاد ستة:

 

- البعد الأمني العسكري:

في المياه الإقليمية اللبنانية التي تمتد من الشاطئ اللبناني (خط الأساس) وحتى عمق 12 ميلاً بحرياً، يتم فرض القانون وضبط الأمن في البحر ومكافحة تهريب الأشخاص (المهاجرين غير الشرعيين) والأسلحة والذخائر وتهريب الآثار والممنوعات ومكافحة الإرهاب.

 

- البعد البيئي والصحي:

في المياه المتاخمة التي تمتد من الشاطئ اللبناني وحتى عمق 24 ميلاً تقوم مراكب القوات البحرية اللبنانية بفرض الأنظمة الدولية البيئية والصحية. كما تمنع رمي النفايات السامة الكيميائية أو النووية والتي تلوث البيئة لسنوات طويلة وتقضي على الثروات الحية في المياه اللبنانية.

 

- البعد الإقتصادي:

يتمثل بمهمات القوات البحرية في المياه الإقتصادية الخاصة والتي تمتد حتى عمق 200 ميل بحري. حيث تتم المحافظة على الثروات الحية وغير الحية (المعدنية) في هذه المياه ويمنع استثمارها من قبل أي دولة أخرى. ويشمل هذا البعد أيضاً فرض أنظمة الدولة الضريبية في المياه المتاخمة.

 

- البعد الإجتماعي:

مؤازرة أسطول الصيد اللبناني والأسطول التجاري اللبناني وحمايته. فهناك عائلات بالآلاف تعتاش من الصيد.

 

- البعد الإنساني:

مهمات الخدمة العامة كمهمات البحث والإنقاذ، ومساعدة زوارق النزهة... إضافة الى البعد الحضاري  كالزيارات التي تقوم بها مراكب القوات البحرية الى دول صديقة وشقيقة في حوض البحر المتوسط.

 

دورات وتدريبات متجددة

الى جانب التدريبات النظرية والتطبيقية، تنظم زيارات ثقافية للتلامذة الى عدة أماكن منها، المتحف الوطني، شركات تصنيع المراكب، معمل الجيّة الحراري، زيارة مركز الاتصالات الدولية - جورة البلوط، تلفزيون لبنان، مديرية الشؤون الجغرافية - عاريا. هذا بالاضافة الى تمارين مع الدفاع المدني ودورات ينظمها الصليب الأحمر لصالح المدرسة.

ويتم إرسال التلامذة للقيام بدورات في الخارج حيث يعمّقون خبرتهم بالمواد البحرية في المدارس الأجنبية. وفي هذا الإطار تمّ إرسال تلامذة في مهمة مؤالفة الحياة البحرية على متن فرقاطتين بحريتين فرنسيتين.

ويبقى التدريب متجدداً ومستمراً حتى بعد التخرج من المدرسة البحرية، بحيث يواصل المتخرجون التدريبات على متن الوحدات البحرية في القواعد. إذ من خلال التدريب والاحتكاك المباشر مع الوحدات العملانية والبحر، يكتسبون الخبرة والمعرفة الضرورية والحسّ البحري. فالوحدة العملانية في البحر وظيفتها مهمة جداً من حيث الحضور وإظهار العلم اللبناني وتطبيق القانون.

ويختتم قائد مدرسة القوات البحرية كلامه بالقول: لقد أبدى الكثيرون تقديرهم للتدريبات في القوات البحرية اللبنانية. فقد أشاد قائد القوات البحرية الألمانية والإيطالية وقادة السفن الفرنسية، بعمل البحارة اللبنانيين من ضباط ورتباء وأفراد وجهوزيتهم، وبإنتاجيتهم المميزة على الرغم من العتاد المحدود.