بطاقة ملونة

بطاقة ملونة
إعداد: محمد سلمان

تتعدد الأراء، وتتنوع المواقف، وتتباين الإحتمالات، بشأن مسألة من هنا، وقضية من هناك في مسيرة حياتنا اليومية.
غير أن التقريب بين الآراء المتباعدة، والتوفيق بين المواقف المتناقضة، والواقعية في الاحتمالات، كل ذلك، هو السقف للسلامة العامة والأساس للطمأنينة وصناعة الاستقرار.

 

المغالاة في التفاؤل كالمغالاة في التشاؤم، والمغالاة في التحبّب كالمغالاة في الكراهية، والمغالاة في الثقة كالمغالاة في الإحباط.

 

من يلتحف الرياح، تذهب به العواصف، ومن يأنس بالكسل، تذهب به البطالة، ومن يألف الضجيج يذهب به الصمم، ومن يسرق رغيف غيره، يذهب به الجوع، ومن يتكئ على الأوهام، تذهب به الأحلام.

 

الطامحون في الحياة يستعذبون الصعاب لصناعة النجاح. والقاعدون في الحياة، يستعذبون الفشل في صناعة الفشل. واللاهثون وراء الطمع، يستعذبون الضياع في الدروب. والمتسكعون على الأبواب، يستعذبون المهانة في النفوس.

 

سئلت: ما هي حكمة اليوم؟
قلت: أن أعمل بقدر ما أعلم، وأن أفي أكثر مما وعدت به، وأن أقرأ أكثر مما أكتب، وأن أسمع أكثر مما أتحدث.
وسئلت: ما هي أعذب الذكريات لديك؟
قلت: أيام الطفولة وأنا على مقعد دراستي الأولى في ضيعتي شمسطار التي زودتني القلم والكتاب وحب الوطن.
وسئلت: بما تقاس الأعمار؟
قلت: لا تقاس بعدد السنوات، إنما بحجم الأعمال والمطامح والاستقامة في العلاقات.
فالأعمار من دون أعمال هدر للسنوات، ومن دون استقامة اعوجاج في الحياة.

 

قالت السنديانة للريح: تتلاعب بأوراقي وتلوي أغصاني، لكنك العاجز عن تطويع عنادي، واقتلاع جذوري، فالأرض مسكني، وفي التيه مسكنك.
وقالت الأقلام للسطور: من دون سوادك لا بياض في أفكاري، ومن دون كتابك لا موطن لكلماتي، ففي السطور حضوري وفي الصفحات سطوعي.
وقالت الأرض للفلاحين: أستقي عرق جباهكم سواعدكم، فينبت اخضرار المواسم، وتصدح أغاني الحصّادين، ويتلألأ ذهب البيادر، وتغمر الخيرات المنازل.
أليس صحيحًا، أن في الزرع حصادًا للجفاف، وفي الحصاد حصارًا للعوز والقحط؟

 

كتب إليها يقول:
تستظل رسالتي حنين الوصول إلى أناملك المعطّرة بقطف الورود، ورائحة الياسمين، والمحمولة فوق أجنحة فراشات ملونة بابتسامة الصباح، واخضرار السهل.
وكتبت إليه يقول:
تتفيأ الكلمات موعد لقائنا، وتزهر القصائد معاناة ومعاني شوق ينبض به قلبانا، فلا رسائل من دون حبّ أنت مسكنه، ومن دون وعد أنت موعده.