جيشنا

تسليح الجيش واستراتيجية الحرب على الإرهاب في ندوة
إعداد: نينا عقل خليل

نظّمت حركة التجدد الديمقراطي ندوة في مقرّها بعنوان «تسليح الجيش اللبناني واستراتيجية الحرب على الإرهاب»، حضرها ممثل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي العميد فوزي حمادة، النائبان فؤاد السعد وأحمد فتفت، نواب سابقون، ممثلون عن قادة الأجهزة الأمنية، أعضاء اللجنة التنفيذية في حركة التجدد الديمقراطي، ملحقون عسكريون وحشد من الشخصيات السياسية والفكرية والأكاديمية.
استهلت الندوة التي شارك فيها النائب جان أوغاسبيان والرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (Inegma) السيد رياض قهوجي، بالنشيد الوطني اللبناني، ثم بكلمة حركة التجدد ألقاها منسّق برنامج ندوات السياسات العامة كميل منسى الذي عرّف بنشاطات البرنامج، وأهدى هذه الندوة لذكرى عضو الهيئة الوطنية في الحركة الراحل الدكتور جورج القصيفي، الذي كان من أبرز الناشطين في لبنان والمحافل العربية والدولية لتمكين الجيش اللبناني والقوى الشرعية اللبنانية.
ثم كانت كلمة للصحافي أمين قمورية، قال فيها: «عندما تتلاشى هيبة الدولة تعمّ الفوضى، وعندما تنهار مؤسساتها تطرق الحرب الأهلية الأبواب، فهيبة الدولة في الحضيض منذ زمن، بعدما جعلت قوى الأمر الواقع المنبثقة من الطوائف، الدولة مجرد هيكل خال من أي مضمون، والجيش اللبناني هو آخر المؤسسات الرسمية التي لا تزال صامدة وتمثل كل الوطن، وهو آخر مظاهر الدولة، وإذا ما ذهب الجيش أو اندثر، اندثرت الدولة».
بعد ذلك، كانت مداخلة للسيد رياض قهوجي اعتبر فيها أن لبنان «يواجه اليوم أشرس معركة في تاريخه ضد الإرهاب وهي تأتي في سياق ظهور غير مسبوق لحركات جهادية متطرّفة، استغلت ضعف الحكومات المركزية وثورات الربيع العربي والتوتر المذهبي لفرض نفسها على الساحة وهي تسيطر على مساحات جغرافية كبيرة».
وأضاف: «بغض النظر عن أسباب صعود هذه القوى المتطرّفة ووصولها إلى الحدود اللبنانية، فالتهديد أصبح كبيرًا، وعليه، يجب النظر إلى واقع الجيش اللبناني وحاجاته للتعامل مع خطر الإرهاب الذي لم يعد تهديده أمنيًا وإنما بات استراتيجيًا ووجوديًا بالنسبة إلى لبنان.
فالجيش اللبناني يواجه اليوم عدوًا شرسًا مسلّحًا بشكل جيّد ويمتلك خبرة قتالية في حرب العصابات، ويحاول نقل هذا الواقع إلى لبنان من أجل نشر الفوضى والسيطرة على أجزاء منه وفتح معركة داخل أراضيه، ولذلك فإن الحرب على الإرهاب تشكّل أولوية تسبق أي شيء آخر، وتحتّم على الجيش اللبناني وضع سياسة تسلّح تتماشى مع حاجات الحرب، مع تعزيز قدراته في تنفيذ مهمات أساسية أخرى، مثل حماية منشآته الاستراتيجية الحالية والمستقبلية (النفط) وحماية حدوده».
ثم تحدث السيد قهوجي عن واقع الجيش اللبناني وإمكاناته العسكرية، وعن حيثيّات معركة عرسال ووقائعها، لافتًا إلى أنّ، وبحسب المصادر العسكرية، «الهجوم على مواقع الجيش اللبناني كان مدبّرًا، إذ أن جميع مواقع الجيش المتقدمة – شرق وجنوب وشمال عرسال – هوجمت في وقت واحد من دون سابق إنذار». وعرض الأساليب العسكرية التي اعتمدها المسلّحون، وما رافق هذه المعركة من تطوّرات سياسية.
وشرح قهوجي حاجات الجيش، حيث أظهرت المواجهات الأخيرة ضد الإرهابيين بأنه بحاجة الى تعديل برامج تسلّحه لإعطاء أولوية لعتاد وآليات وأنظمة دفاعية تواكب مقتضيات الحروب، وذلك على صعيد وسائل النقل والاتصال والمروحيات للمراقبة والإسناد، كما على صعيد السلاح البحري، إضافة إلى عربات النقل والمصفحات والدبابات والأجهزة المتخصّصة بكشف المتفجّرات. وقال: «إن تنويع مصادر السلاح قد يزيد من فرص حصول الجيش على ما يريده من دون التعرّض لاحتكار جهة واحدة».
ولفت إلى «ضرورة زيادة عديد الجيش اللبناني وهيكليته والتركيز على تطويع عناصر إضافيين في القوات الخاصة، لتشكّل ما لا يقل عن ربع عدد عناصر الجيش اللبناني، وإعادة العمل بالخدمة العسكرية الإلزامية، لحماية السلم الأهلي ومكافحة الإرهاب».
وختامًا، تقدّم السيد قهوجي بمجموعة توصيات جاء فيها: ضرورة تحكّم الجيش اللبناني في مكان المواجهات مع الإرهابيين وزمانها، وقيام حملة إعلامية مضادة تواكب العمليات العسكرية، إلى توفير غطاء سياسي قوي للجيش وعملياته، وتعاون الحكومة اللبنانية مع التحالف الدولي بايجابية، لأن ذلك سيساهم في ضرب الإرهابيين على حدود لبنان وسيسهل حصول الجيش على الدعم العسكري من دول التحالف، وسيعزز التعاون الاستخباراتي معها.
كما شدد على ضرورة إعطاء حصّة جيدة للجيش من ميزانية الدولة.
النائب جان أوغاسبيان قال في كلمته: «إن مسألة عرسال لم تنته، وما زالت في بداياتها، ونحن أمام مشكلة في غاية الخطورة والحل ليس سهلًا، فالجيش بجزء كبير منه يعاني ضعف التجهيزات وقدمها، والخوف أن تنجر الحكومة إلى معركة تقليدية في عرسال بما يؤدي إلى استنزاف القوى الفاعلة في الجيش في رمال عرسال، ونحن لا نعرف أين يوجد الإرهاب وأين ينفجر، ربّما في طرابلس أو عين الحلوة، وبالتالي يجب أن لا نغرق في عرسال.
والسؤال هل تستطيع الحكومة اللبنانية تلبية حاجات الجيش، فالتسليح يجب أن يكون بحسب المخاطر وبحسب قدراتنا المالية، فكل من يحمل سلاحًا غير سلاح الشرعية يشكل خطرًا على لبنان وعلى الميثاقية في لبنان، وكل المسؤولية تقع على عاتق التركيبة السياسية.
ولا شك في أننا اليوم أمام وضع في غاية الخطورة، والأمر الأهم في مكافحة الإرهاب هو في قدرة الإستعلام، وفي التنسيق بين مختلف القوى الأمنية، وفي التنصّت الذي يجب أن يكون متاحًا أمام الأجهزة الأمنية بشكل دائم وليس بشكل موسمي، وعلينا تأمين كل حاجات الجيش من دعم مالي وأمني وعتاد، وتأمين المظلّة السياسية وداتا المعلومات، فعندما نطلب من الجيش الأمن علينــا إعطــاؤه كــل حاجاتــه».
وختم أوغاسبيان، أنه لا يوافق على مقولة أن الجيش هو الحل، بل «الجيش هو الضمان لأي حل والحامي الأمني لأي حل في لبنان الذي يبقى في يد القوى السياسية والسلطة السياسية».
تلا ذلك حوار مع الحضور.