عبارة

مِن أهمّ المهارات التي يملكها القائد العسكريّ ويسعى لنقْلها إلى وحدته القدرةُ على تنفيذ مهمّاتٍ متعدّدةٍ في وقتٍ واحد. فنادرًا ما تقتصر واجبات الوحدة على مهمّةٍ واحدةٍ أو اثنتين، بل إنّ متابعة شؤون العسكريّين تتضمّن بحدّ ذاتها مجموعةً واسعةً من الواجبات، تشمل التدريب والتسليح والتجهيز وتعهّد العتاد والتغذية والاهتمام بالأوضاع الشخصيّة الفرديّة لكلّ عنصر. تُضاف إلى ذلك بطبيعة الحال المهمّات التي تُكلَّف بها الوحدة عبر الرؤساء التراتبيّين. تلك قد تتضمّن، في ما خصّ جيشنا، التصدّي لأعداء الوطن وعلى رأسهم العدوّ الإسرائيليّ والإرهاب، وحفظ الأمن والاستقرار، وحماية التجمّعات ومواكبة الاستحقاقات الانتخابيّة، فضلًا عن الأعمال الإنمائيّة والإغاثيّة.
تُقدّم لنا الأنشطة المختلفة التي قام بها الجيش مؤخَّرًا فكرةً واضحةً عن تعدُّدِ المهمّات ومدى تعقيدها والجهد الكبير اللازم لمتابعتها وتنسيقها على مستوى القيادة. فقد أطلقت المؤسّسة العسكريّة الخرائط البحريّة اللبنانيّة في خطوةٍ ستُساهم في تسهيل حركة الملاحة والتجارة البحريّتين، بالتزامن مع افتتاح دوراتٍ متنوّعةٍ في القتال الجبليّ حيث تتمركز سرايا متخصّصة في العمل ضمن التضاريس الجبليّة القاسية، ودورات مكافحة الفساد في إطار سعي المؤسّسة الدائم إلى تعزيز الشفافية وإكساب الضباط والعسكريين الخبرات القانونية والإدارية اللازمة لتجنُّب الوقوع في الفساد وتحصين مختلف مديريات الجيش ووحداته من هذه الآفة.
يتمّ ذلك في ظلّ مرحلةٍ استثنائيّةٍ تَستلزم مضاعفة الجهود ورفع الجهوزيّة إلى حدّها الأقصى لحماية السلم الأهليّ، نظرًا لاستمرار أعدء الوطن في مساعيهم لزعزعة استقرارنا، وصعوبة الضائقة الاقتصاديّة الاجتماعيّة التي قد تنعكس توتُّرًا في بعض المناطق.
لكنّ تعدُّد المهمّات لم يكن يومًا عائقًا أمام عسكريّي الجيش، وهم الذين يجدّدون العهد يوميًّا، بتضحياتهم وعطائهم غير المحدود، ويضعون قَسَمَهم نصب أعينهم ويقدّسونه ويعملون به كواجبٍ وطنيّ ونهج حياة. يبقى أن يواظب اللبنانيّون على إيمانهم ببلدهم وجيشهم ريثما تنقضي الأزمة وتتبدّل الظروف نحو الأفضل، الأمر الذي نأمل تحقّقه في أقرب وقتٍ ممكن.