اقتصاد ومال

تعزيز الصادرات الزراعية: عودة البطاطا اللبنانية إلى الأسواق الأوروبية خطوة على الدرب الطويل
إعداد: تريز منصور

بعد حظر دام منذ ستينيات القرن الماضي، فُتحت الأسواق الأوروبية أمام البطاطا اللبنانية التي باتت بشهادة الاتحاد الأوروبي تتمتع بالمواصفات المعتمدة عالميًا.
فبعد جهد وعمل ومتابعة جماعية على مدى نحو ثمانية عشر عامًا، تمكّن لبنان من إثبات أن البطاطا اللبنانية خالية من الأمراض وتحديدًا العفن الحلقي، والنيماتودا الذهبية أو الدودة الثعبانية، وأنها مطابقة لمواصفات أفضل المنتجات العالمية.


نيماتودا الذهبية، فباشرت وزراة الزراعة اللبنانية العمل في هذا الاتجاه بالتعاون مع الدولة الإيطالية، وضمن مشروع GREEN COREDOOR.
وافقت إيطاليا على التعاون وتمّ تقديم طلب أمام اللجنة الأوروبية للسماح لإيطاليا باستيراد البطاطا من لبنان. وبناء
يوضح مدير الثروة الزراعية في وزارة الزراعة المهندس محمد أبو زيد لمجلة «الجيش» مراحل العمل الذي أنجزته وزارة الزراعة مع الاتحاد الأوروبي، لإبطال قرار منع تصدير البطاطا اللبنانية إلى الأسواق الأوروبية، فيقول: صدر هذا القرار في ستينيات القرن الماضي، بناء على دراسة علمية أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت بيّنت وجود مرض «العفن البني» في منتجات البطاطا اللبنانية، التي باتت منذ ذلك التاريخ ممنوعة من الدخول إلى أوروبا.
ويضيف المهندس أبو زيد: بدأت المفاوضات حول هذا الشأن بين وزارة الزراعة وسفارة الاتحاد الأوروبي في لبنان منذ العام 2000. فالبطاطا منتج زراعي استراتيجي للبنان، إذ ينتج منه نحو 400 ألف طن في محافظتي البقاع وعكار. وبموجب إتفاقية الشراكة الأوروبية يمكن للبنان تصدير نحو خمسين ألف طن سنويًا إلى أوروبا وهنا تكمن القضية، فالإنتاج الذي يصدّر من سهول عكار في شهر نيسان مؤاتٍ جدًا للأسواق الأوروبية، من جهة، لناحية جودة الإنتاج التي تُسهم فيها برودة الطقس وعدم وجود، الحشرات، ومن جهة أخرى لعدم توافر البطاطا في الأسواق الأوروبية في هذا الوقت من السنة.
وبالتالي فإن عملية التصدير إلى أوروبا تحقّق الجدوى الاقتصادية. ويتابع أبو زيد قائلًا: بنتيجة المفاوضات صدر عن الاتحاد الأوروبي قرار أو تدبير حمل الرقم 2000/29 يسمح بدخول منتجات البطاطا من معظم دول العالم إلى أوروبا ومن بينها الدولة اللبنانية، شرط أن تكون خالية من العفن الحلقي و نيماتودا الذهبية، فباشرت وزراة الزراعة اللبنانية العمل في هذا الاتجاه بالتعاون مع الدولة الإيطالية، وضمن مشروع GREEN COREDOOR.
وافقت إيطاليا على التعاون وتمّ تقديم طلب أمام اللجنة الأوروبية للسماح لإيطاليا باستيراد البطاطا من لبنان. وبناء على ذلك، تمّت المساعدة في تحضير ملف شامل عن زراعة البطاطا اللبنانية، بهدف الموافقة على تصديرها إلى إيطاليا من جديد.
أجرت وزارة الزراعة بالتعاون مع مصلحة الأبحاث الزراعية، مسوحات زراعية ضمن شروط الاتحاد الأوروبي فأخذت عيّنات من التراب والماء والمحصول وتمّ فحصها. استغرقت هذه المسوحات نحو السنتين، وصدر بتيجتها تقرير بيّن خلوّ البطاطا اللبنانية من الأمراض، وقُدّم التقرير إلى اللجنة الأوروبية في العام 2005.
في العام 2006 أرسلت اللجنة المختصّة في الاتحاد الأوروبي خبراء زراعيين إلى لبنان للتأكدّ من صحة نتائج التقرير، وأصدرت تقريرًا يؤكدّ خلوّ الأرض ومنتجات البطاطا من الأمراض التي سبق ذكرها.
في المقابل، تابعت وزارة الزراعة إجراء المسوحات الدورية وإرسالها إلى اللجنة المختصّة في الاتحاد الأوروبي. وفق الشروط المحدّدة في العام 2013 وبعد زهاء 18 عامًا من المتابعة والجهد الجماعي، أصدرت اللجنة قرارًا يحمل الرقم 2013/413، يُسمح بموجبه بتصدير البطاطا اللبنانية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
حتى الآن لم يتمّ تصدير سوى كميّة صغيرة إلى هولندا وذلك خلال الربيع المنصرم، ضمن مشروع تقدّمت به السفارة الهولندية بالتعاون مع مؤسـسة معوّض في عكار ومجموعة من مزارعي المنطقة. والغاية من التصدير لم تكن اقتصادية بحّتة وفق ما يوضح أبو زيد، إنما كان الهدف، الإثبات للجميع أن لبنان قادر على التصدير إلى الاتحاد الأوروبي وبمواصفات عالية، ولا سيّما أنه ساد في المرحلة الأخيرة التشكيك بجودة البطاطا اللبنانية في الأسواق العربية، التي تُعتبر الأسواق الأساسية بالنسبة للمنتجات اللبنانية وذات منفعة اقتصادية كبرى. وبالتالي فإن هذه الخطوة أعادت للبطاطا اللبنانية مكانتها في الأسواق.
جدير بالذكر، أن لبنان يصدّر إلى أوروبا نحو 500 ألف طن من العنب والتفاح والموز واللوزيات والحمضيات في أوقات مناسبة وتنافسية وفق ما يفيدنا أبو زيد الذي يأمل أن يتمّ التغلّب على العقبات التي تحول دون تصدير المزارعين اللبنانيين منتجاتهم إلى البلدان العربية والأوروبية. وهو يقول أخيرًا، إنّ أمامنا تحدي تصدير منتجات زراعية أخرى ذات جدوى اقتصادية عالية.
فنحن نصدّر الليمون إلى بريطانيا مثلًا لكن ثمّة أصنافًا جديدة منه باتت مطلوبة أكثر، وعلينا أن نشجّع المزارعين على زراعتها. لذلك تسعى وزارة الزراعة إلى شراء شتول متنوّعة وموثّقة الأصل والنوع، تتناسب مع المطلوب في الأسواق الخاجية وتحقّق المنفعة الاقتصادية القصوى.