- En
- Fr
- عربي
بإختصار
تتنوّع الآراء حول تقدير حجم الوحدات العسكريّة المرابطة في الجنوب، دفاعًا عن التّراب الوطني، في هذه الظّروف، وفي الظّروف كلّها. لكنّ تلك الآراء تلتقي في معظمها على أنّ للمهمّات الداخلية، في البقاع والشّمال وفي العاصمة وما يجاورهما، تأثيرًا سلبيًّا في الموضوع، خصوصًا لجهة زيادة الأعباء والجهود، واستهلاك العتاد أكثر وأكثر.
والجميع يعلم أنّ الجيش لا يغيّر في سلّم أولويّاته، فالجهد الرّئيس هو في مواجهة العدوّ الإسرائيلي، إلاّ أنّ القيادة تعلم علم اليقين أنّ أمن المواطن، واستقرار الوضع الداخلي، والحفاظ على الصّورة النّاصعة للبنان، أمور يجب الحرص عليها، والتّضحية في سبيلها، خصوصًا أنّ أيّ تصدّع في الدّاخل لا بدّ أن يفيد العدو، ويخدم أهدافه الخبيثة، كما أنّ هذا العدو ليس بعيدًا على الإطلاق ممّا يجري من خروقات أمنيّة داخليّة، ومن يدري ما طول يده وحجم مساعيه الشرّيرة، لتحويل التشنجات الحاصلة إلى أحداث تعيد إلى الذّاكرة الوطنيّة ما مرّ بهذه البلاد من صراعات وويلات ومعارك بين أهل البيت الواحد وذوي المصير المشترك؟ القيادة تدرك ذلك، وتؤكّد عدم العودة إلى الوراء، وهي تحصر الماضي في زاوية استخلاص العبر، ومهما استدعت الأمور من تضحيات، فلن يكون من المسموح إحياء براكينه، وحمل الأجيال الجديدة على تجرّع مرارته.
من هنا فإنّ المعركة واحدة، إنّها معركة الدّفاع عن الوطن في الدّاخل وفي الخارج. معركة تجتمع أخطارها وتتنوّع الأسلحة والأساليب الّتي تستخدم في خوضها. ولعلّ الخبثاء قد أدركوا ذلك فحاولوا إحراج المؤسّسة العسكريّة في أكثر من ظرف ومن مكان، لكنّ الثّابت أنّ الجيش لن يلجأ في الدّاخل إلى سلاح يستخدمه في المواجهة المباشرة مع العدو، والقيادة لن تنظر إلى طرف داخلي، كائناً ما كان حجم تهوّره، نظرتها إلى العدو.
ولا بدّ من التّوضيح لأصحاب النوايا الحسنة أيضًا، ممن يقولون لم لا يؤدّب الجيش فلانًا ويضرب فلانًا ويلغي فلانًا، ويبعد فلانًا... إنّ الجيش هو جيش كل الوطن وهو لن يساوي بين مبنى يسكن فيه مواطن، ودشمة يرفعها العدوّ استعدادًا للاعتداء على بلادنا والنّيل من كرامتها.
إنّها مهمّات عديدة، وأيّ منها لا تلغي الأخرى، والجيش لن يستحضر الأعذار في معرض التّنفيذ، لحذف مهمّة واحدة من قاموسه اليومي، وإلاّ حصلت ثغرة في أداء الواجب الوطني الذي لا يحتمل خللًا أو نقصانًا.